عدد المشاهدات:
ومن شدة اعتناء الحبيب الأعظم بأمر الفرائض جعل لها لواحقا وهي السنن القبلية أو البعدية ونحن نعتبرها سنناً والصالحين عندما وضحوا وبينوا هذا قالوا{ما لا يتم الشيء إلا به فهو منه}والمعنى :أن الجلباب لو حدث فيه خرق وأعطيته للرفّا ليصلحها بقطعة ثانية فبعد أن يرفيها تصبح هذه القطعة من الجلباب فقبل أن يرفيها بهذه القطعة كانت ليست منه ولكن بعد أن رفاها بها أصبحت منه فلا يوجد منا من يستطيع أن يصلي الصلاة التي من بدئها إلى ختامها حضور مع مولاه فلا بد من وجود السهو والغفلة والتقصير ولذلك علَّم النبي أصحابه أن يستغفروا بعد الانتهاء من الصلاة ويقول كل رجل منهم : أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات مم يستغفرون ؟ لقد كانوا في طاعة ؟ كانوا يستغفرون من التقصير والقصور والفتور الذي انتابهم في الصلاة لعل الله يجبر ذلك ويتقبل منهم إذن ما الذي يجبر التقصير؟قال صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الطويل{إنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، وَإنِ إنْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ يَكْمُلُ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَله على ذَلِك }[1] وفى رواية تميم الدارى فى جامع الأحاديث والمراسيل{ فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلاَّ قِيلَ : انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ ؟ فَأُكْملتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ فَإِنْ لَمْ تُكْمَلِ الْفَرِيضَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَطَوُّعٌ أُخِذَ بِطَرَفَيْهِ فَيُقْذَفُ بِهِ فِي النَّارِ}إذن النوافل تجبر الفرائض وبذلك فهل تكون نوافلاً أم فرائض؟تكون فرائض إذن لمن تكون نوافل؟تكون للفذَّ الذي يقول النبي في شأنه{صَلاةُ الجَمَاعَة تفضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بسبع وعشرينَ درجة}[2]والفذُّ هو الذي ليس له نظير في عبادته ولا طاعته ولا تقواه ولا خشيته لمولاه وليس معنى الفذ من يصلي بمفرده فقط فالنوافل كلها بالنسبة لنا تعتبر فرائض إلى أن يمنَّ الله على الإنسان ويجبره ويشغل باله عن جميع المشاغل فيصلِّي صلاة العارفين هنا فقط تكون نوافله نوافل قرب من حضرة ربِّ العالمين عزَّ وجلَّ إذن الفرائض هي الباب الأول الذي يجب على الإنسان أن يوليه جلَّ اهتمامه وأكثر عنايته ومن قصّر ؟فإنما يكون تقصيره تقليلاً في مقامه وتقليلاً من شأنه عند ربه وبعد أن يؤدي الإنسان الفرائض يزيد في النوافل وما النوافل التى كان يتعهدها الصالحون لكي يحبهم الله؟[لا يزال عبدي يتقرَّبُ إلىَّ بالنوافل حتى أحبَّهُ]هي نفس النوافل التي كان سيدنا رسول الله يقوم بها ويعملها لله عزَّ وجلّ والنوافل التي مع الفرائض المفترضات ورد فيها قوله فى معنى الحديث الشريف{ من صلَّى عشْرَ ركعات في اليَومِ والليلة بُنِيَ لهُ قصرٌ في الجنة }فقد كان النبى يصلى ركعتين قبل الصبح وركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وأربع قبل العصر واثنين بعد المغرب واثنين قبل العشاء واثنين بعدها فلو صلى الإنسان عشرة من هذه الركعات يبنى له قصر في الجنة وقد ورد في العشر ركعات روايات عديدة أشهرها عن نافع رضى الله عن ابن عمررضى الله عنهما قال[3](عشرُ ركعاتٍ كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يداوم عليهنَّ: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر) وفى رواية أخرى مشهورة قال( حفِظتُ عن رسولِ الله عَشْرَ ركعاتٍ كان يصليها بالليلِ والنهارِ. - وذكر العشر ركعات)والسنن المؤكدة التى كان النبى يتعهدها ويوصي بها أصحابه ما هي؟يقول فيها سيدنا أبو هريرة{أوصاني خَليلي صلى الله عليه وسلم بثَلاثٍ: صيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كل شهرٍ ورَكعتَيِ الضُّحى وأنْ أُوتِرَ قبل أنْ أنام}[4] والوتر لا بد منه والنبي قال في شأنه مارواه عبد الله بن عمر رضى الله عنهما فى مستد الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه{فأوتر بواحدة }و فى الرواية الأخرى[ أوتروا ولو بواحدة ] فإن كنت مشغولاً فأوتر بركعة المهم ألا تدع الوتر فإما أن أصليه قبل أن أنام وأما إذا كنت متحققا وضامناً لقيام الليل أؤخره إلى ما بعد القيام وحتى لو صليته قبل المنام وفتح الله علي في قيام الليل فلي أن أبدأ بركعة واحدة وهذه الواحدة مع الواحدة التي صليتها وترا سيكون الإثنين شفعا وأصلي ما شئت ثم أختم بالوتر وذلك لكي لا يكون هناك تعارض بين الأحاديث فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث آخر قال ابن عمر رضى الله عنهما(من صلى بالليل فليجعلْ آخرَ صلاته وتراً فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فإذا كان الفجرُ فقد ذهبتْ كلُّ صلاة الليل والوتر) فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أوْتِرُوا قَبْلَ الفَجْرِ» [5]يعني آخر صلاة قبل الفجر هي الوتر وقال صلى الله عليه وعلى آله و صحبه وسلم في حديث آخر{ لا وتران في ليلة }[6] فلا يصحُّ أن أصلي الوتر مرتين أبيِّن ثانية وأقول : إن الصالحين جمعوا بين هذه الأحاديث بما يلي إذا كنت لن أقوم الليل فأوتر قبل أن أنام وإذا فتح الله علي أصلي ركعة ثم أصلي ما شئت ثم أختم بالوتر المهم أن يكون الوتر مرة واحدة ولا بد من صلاة الوتر ولذلك فإني أعجب من كثير من الناس الذين يتهاونون بصلاة الوتر ولا يصلونها إن الوتر من السنن المؤكدة وكان سيدنا رسول يوتر أحياناً بواحدة وأكثره ثلاثة عشر فكان أحياناً يصلي ثلاثة ركعات وأحياناً يصلي خمسة ركعات، وأحياناً يصلي سبعة وأكثر ما ورد عنه ثلاثة عشر ركعة .
وكان النبى يحافظ على القيام لأن الله قال له [وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً]
من يريد أن يكون له مقام محمود فعليه بقيام الليل وجعله الله عليه فرضا فقال له [يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً] ويقول في ذلك أحد الصالحين : "ركعتان في جوف الليل الآخر خير من ألف ركعة بالنهار" وسبحان الله إن العلم الحديث في أيامنا هذه كشف لنا عن سر صلاة التهجد وذلك في حديث {عليكم بقيام الليل} قال صلَّى الله عليه وسلَّم {عَلَـيْكُم بقـيامِ اللَّـيْلِ فإنَّهُ دأَبُ الصالـحينَ قَبْلَكُمْ وإنَّ قـيامَ اللَّـيْلِ قُرْبَةٌ إلـى الله تَعَالَـى وتَكْفِـيرٌ للسيئاتِ ومنهاةٌ عن الإثْمِ، ومَطْرَدَةٌ للدَّاءِ عن الـجَسَدِ }[1] وهذا الحديث من معجزات النبى فالأطباء أثبتوا ذلك وقد كتب أحد أساتذة الأطباء في جريدة الأهرام المصرية نقلاً عن كتاب ألفه مجموعة من الأمريكيين جاء فيه "إن القيام من الفراش في اثناء الليل والحركة البسيطة داخل المنزل أو القيام بتدليك الأطراف بالماء – انظر هذا يشبه الوضوء – والقيام ببعض التمرينات الخفيفة -وهذا يشبه الصلاة – والتنفس بعمق –وهذا يكون في المناجاة- له فوائد صحية كبيرة "...قال الأستاذ الطبيب "والمتأمل لهذه النصائح يجد أنها تماثل تماماً حركات الوضوء والصلاة عند قيام الليل وقد سبق النبي كل هذه الأبحاث في الإشارة المعجزة على فوائد قيام الليل وذكر الحديث"
وعن هذه الفوائد قال: ثبت أن قيام الليل يؤدي إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزول وهو الكرتيزون الطبيعي للجسم خصوصا قبل الإستيقاظ بعدة ساعات ، وهو ما يتوافق زمنياً مع وقت السحر الثلث الأخير من الليل ، مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوى سكر الدم والذي يشكل خطورة على مرضى السكر ويقلل كذلك من الإرتفاع المفاجئ في ضغط الدم مما يقي من السكتة المخية والأزمات القلبية ويقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي الذي يحدث نتيجة لبطئ سريان الدم في أثناء النوم وزيادة لزوجة الدم بسبب قلة السوائل أو زيادة فقدانها أو بسبب السمنة المفرطة وصعوبة التنفس ويؤدى قيام الليل إلى تحسن في حركة وليونة المفاصل خاصة في مرض إلتهابات المفاصل وهو علاج ناجح لما يعرف بمرض الإجهاد المزمن ويؤدى إلى تخلص الجسم من الجليسيرات الثلاثية – نوع من الدهون التي تتراكم في الدم وتزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية ويقلل من خطر الوفيات من جميع الأسباب وينشط الذاكرة وينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة لما فيه من قراءة وتدبر للقرآن وذكر للأدعية فيقي من أمراض الزهايمر وخرف الشيخوخة والإكتئاب وغيرها وكذلك يخفف من شدة مرض طنين الأذن لأسباب غير معروفة هكذا ذكر الطبيب وهناك ابحاث أخرى وصدق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم {...ومطردة للداء عن الجسم } وبالتالي في القيام دواء وشفاء ونور وجمال وكمال وبهاء ولذلك فسيدنا جبريل نزل في مرة لرسول الله بوصية عظيمة من حضرة الله قال فيها { يا محمدُ عِشْ مَا شِئْتَ فِانَّكَ مَيِّتٌ واعْمَلْ مَا شِئْتَ فَانَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ وأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَانَّكَ مُفَارِقُهُ واعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ وعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ}[2]بعدها ارسل الحبيب رسالة(فاكس)لجميع الصالحين السابقين واللاحقين من الذي يريد أن يكون من الوجهاء والعظماء يوم الدين فلبت أرواحهم :نحن وكان فحوى أو مضمون هذه الرسالة { من َصَلَّى باللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ رفعت له يوم القيامة الأعلام } وقال مرة أخرى{ بَشِّرِ الـمَشَّائِيْنَ فـي الظُلَـمِ إلـى الـمساجِدِ بالنورِ التَّامِّ يومَ القـيامةِ } [3] [كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ] فإن هذا هو الوقت الذي يتنزل الله فيه إلى السماء الدنيا والتنزل يعني يتنزل بفضله وكرمه وخيره وبره ورحمته وعنايته وليس معنى يتنزل أي يتنزل بذاته لأن الله لا يحيزه زمان ولا مكان وينادي فيه هل من تائب فأتوب عليه؟هل من مبتلى فأعافيه؟هل من مسترزق فأرزقه؟هل من كذا هل من كذا حتى مطلع الفجر
سهام الليل صائبة المرامي إذا وترت بأوتار الخشوع
وسهام الليل أي الدعوات التي في جوف الليل الآخر لأنها سهام تصيب في النحور
سهام الليل صائبة المرامي إذا وترت بأوتار الخشوع
يصوبها إلى المرمى رجال يطيلون السجود مع الركوع
إذا أوترن ثم رمين سهما ما يغني التحصن بالدروع
فهذا هو وقت الفتح
إلهي بالتجلي في ساعة الأسحار ... إذْ أضاءت شموسه للسارى
فهذه أوقات مناجاة ولذلك فإن جميع الصالحين ينادى عليهم معسكر الجمع على حضرة الله في وقت الليل الآخر ولذلك كانت أم سيدنا سليمان بن داود عليه السلام تقول له: يا بني لا يكن الديك أفقه منك فإنه يقوم لله عزَّ وجلَّ في جوف الليل الآخر وكان الصالحون يقومون عند سماع الديكة وكانت هذه المنبهات التى تنبههم إن لم تكن المنبهات في الصدور ، ولذلك قال أحد الحكماء" من لم يكن له في بدايته قومه لم يكن له في نهايته جِلسة"من يريد أن يكون له جلسه في مقعد صدق او مع الذين اتقوا والذين هم محسنون لا بد أن تكون له قومه بالليل لأن هذا هو وقت الجمع على الله وهذه هي السنة التي كان عليها سيدنا رسول الله فقد كنا نصلي القيام في رمضان فيلزم يا إخواني أن نحافظ على القيام والصلاة ذكر لأنها شاملة لكل شيء فيها ذكر وفيها تلاوة قرآن وفيها تفكر وفيها تدبر وفيها خشوع وفيها خضوع وفيها رياضة بدنية إنها عبادة جامعة فخير الذكر ما كان في الصلاة [وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي] وخير التلاوة ما كانت في الصلاة [إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ] والتلاوة هنا في الصلاة