عدد المشاهدات:
الآداب الأول: حسن الخلق معهن واحتمال الأذى منهم ترحماً عليهن لقصور عقلهن: قال الله تعالى: () سورة النساء آية 19، وقال فى تعظيم حقهن: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) سورة النساء آية 21، وقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) سورة النساء 36، قيل هى المرأة.
وآخر ما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث كان يتكلم بهن حتى خفى كلامه- جعل يقول: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون، الله الله فى النساء، فإنهن عوان فى أيديكم (يعنى أسراء) أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)وقال عليه الصلاة والسلام: (من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى أيوب على بلائه ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية امرأة فرعون).
وأعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل.
وراجعت امرأة عمر رضى الله عنه عمر فى الكلام فقال: أتراجعينى يا لكعاء-قالت: إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعنه وهو خير منك- فقال عمر: خابت حفصة وخسرت إن راجعته- ثم قال لحفصة: لا تغترى بابنة ابن أبى قحافة فإنها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخوفها من المراجعة.
وروى أن إحداهن دفعت فى صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزجرتها أمها- فقال عليه الصلاة والسلام: (دعيها فإنهن يصنعن أكثر من ذلك)وجرى بينه وبين عائشة كلام حتى أدخلا بينهما أبا بكر رضى الله عنه حكماً واستشهده- فقال لها رسول الله (تتكلمين أو أتكلم؟)فقالت بل تكلم أنت ولا تقل إلا حقاً-فلطمها أبو بكر حتى دمى فوها وقال: يا عدوة نفسها أو يقول غير الحق؟ فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره- فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: (لم ندعك لهذا ولا أردنا منك هذا)وقالت له مرة فى كلام غضبت عنده: أنت الذى تزعم أنك نبى الله- فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمل ذلك حلماً وكرماً وكان يقول لها: (إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية وإذا كنت عنى غضبى)فقالت: من أين تعرف ذلك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (إذا كنت عنى راضية تقولين"لا ورب محمد" وإذا كنت عنى غضبى قلت"لا ورب إبراهيم") قالت قلت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك.
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شىء فى الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج)وقال عليه الصلاة والسلام: (إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبة حجة الوداع: (إتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهم ألا يواطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف).
وعن أنس رضى الله عنه: آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وكانت انفكت رجله، فأقام فى مشربه تسع وعشرين ليلة ثم نزل فقالوا يا رسول الله آليت شهراً فقال إن الشهر يكون تسعاً وعشرين. وقال جابر: عزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين ثم نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) سورة الأحزاب آية 28، فبدأ بعائشة رضى الله عنها وقال: (يا عائشة إنى أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلى فيه حتى تستشيرى أبويك- فقالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلى عليها الآية فقالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوى؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذى قلت- قال: لا تسألى امرأة إلا أخبرتها أن الله تعالى لم يبعثنى معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثنى معلماً ميسراً).
وقالت عائشة رضى الله عنها: كنت أغار على اللائى وهبن أنفسهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله عز وجل: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فى قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا) سورة ألأحزاب آية 51 قلت: ما أرى ربك إلا يسرع فى هواك، عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى وإذا مات صاحبكم فدعوه)وعن أنس رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها فلتدخل من أى أبواب الجنة شاءت)وقال صلى عليه الصلاة والسلام: (لو كنت آمراً أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)وقال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح-وفى رواية-إلا كان الذى فى السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها)وقال أنس رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالنساء والصبيان.
الثانى: أن يزيد على احتمال الأذى بالمداعبة ومزاح والملاعبة، فهى التى تطيب قلوب النساء:
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن فى الأعمال والأخلاق حتى روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة فى العدو فسبقته يوماً وسبقها فى بعض الأيام فقال عليه الصلاة والسلام: (هذه يتلك).
وفى الخبر أنه كان صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس مع النساء، وقالت عائشة رضى الله عنها: كنت ألعب بالبنات عند النبى صلى الله عليه وسلم وكان لى صواحب يلعبن معى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقنعن منه فيسر بهن فيلعبن معى.
وقالت عائشة رضى الله عنها: سمعت أناس من الحبشة وغيرهم وهو يلعبون فى يوم عاشوراء فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتحبين أن ترى لعبهن؟)قالت قلت نعم- فأرسل إليهم فجاءوا وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين البابين فوضع كفه على الباب ومد يده ووضعت ذقنى على يده وجعلوا يلعبون وأنظر، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حسبك، وأقول: إسكت، مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: ( يا عائشة حسبك)-فقلت: نعم- فأشار عليهم فانصرفوا – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله)وقال عليه الصلاة والسلام: (خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائى)وقال عمر رضى الله عنه مع شدته: ينبغى للرجل أن يكون فى أهله مثل الصبى، فإذا التمسوا ما عنده وجد رجلاً.
وفى الخبر أن الله تعالى يبغض الجعظرى الجواظ (قيل هو الشديد على أهله المتكبر فى نفسه) وهو أحد ما قيل فى معنى قوله (عتل) قيل العتل هو الفظ اللسان الغليظ القلب على أهله، وقال عليه الصلاة والسلام لجابر: (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك).
الثالث: ألا ينبسط فى الدعابة وحسن الخلق والموافقة بإتباع هواها إلى حد يفسد خلقها ويسقط بالكلية هيبته عندها:
بل يراعى الاعتدال فيه، فلا يدع الهيبة والانقياض مهما رأى منكراً، ولا يفتح باب المساعدة على المنكرات ألبته، بل مهما رأى ما يخالف الشرع والمروءة تنمر وامتعض- قال سيدنا الحسن رضى الله عنه: والله ما أصبح رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلا كبه الله فى النار، وقال عليه الصلاة والسلام: (تعس عبد الزوجة)وإنما قال ذلك لأنه إذا أطاعها فى هواها فهو عبدها، فإن أرسلت عنانها قليلاً جمحت بك طويلاً وإن أرخيت عذارها فتراً جذبتك ذراعاً وإن كبحتها وشددت يدك عليها فى محل الشدة ملكتها، فينبغى أن تسلك سبيل الاقتصاد فى المخالفة والموافقة وتتبع الحق فى جميع ذلك لتسلم من شرهن فإن كيدهن عظيم والغالب عليهن سوء الخلق وركاكاة العقل، ولا يعتدل ذلك منهن إلا بنوع لطف ممزوج بسياسة، وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المرأة الصالحة فى النساء كمثل الغراب الأعصم بين مائة غراب- والأعصم يعنى الأبيض البطن)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يفلح قوم تملكهم امرأة)، فالخشونة والسياسة علاج الشر، والمطايبة والرحمة علاج الضعف، فلينظر الرجل أولاً إلى أخلاقها بالتجربة ثم ليعاملها لما يصلحها كما يقتضيه حالها).
الرابع: الاعتدال فى الغيرة:
وهو ألا يتغافل عن مبادىء الأمور التى تخشى غوائلها ولا يبالغ فى إساءة الظن والتعنت وتجسس البواطن، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتبع عورات النساء، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من الغيرة غيرة يبغضها الله وهى غيرة الرجل على أهله من غير ريبة)، لأن ذلك من سوء الظن المنهى عنه، أما الغيرة فى محلها فلا بد منها وهى محمودة وقال صلى الله عليه وسلم: (أتعجبون من غيرة سعد؟! أنا والله أغير منه، والله أغير منى)ولأجل غيرة الله تعالى حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى، ولذلك بعث المنذرين والمبشرين، ولا أحد أحب إليه المدح من الله، ولأجل ذلك وعد الجنة، وقال عليه الصلاة والسلام لأبنته فاطمة عليها السلام: (أى شىء خير للمرآة؟ قالت ألا ترى رجلاً ولا يراها رجل- فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض).
الخامس: الاعتدال فى النفقة:
فلا ينبغى أن يقتر عليهن فى الإنفاق، ولا ينبغى ـ أن يسرف بل يقتصد- قال الله تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) سورة الأعراف آية 31، وقال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الإسراء آية 29، وقال صلى الله عليه وسلم: (دينار أنفقته فى سبيل لله ودينار أنفقته فى رقبة ودينار تصدقت له على مسكين ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك)ولا ينبغى أن يستأثر على أهله بمأكول طيب فلا يطعمهم منه، فإن ذلك مما يوغر الصدور ويبعد عن المعاشرة بالمعروف.
الامام محمد ماضى ابو العزائم
وآخر ما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث كان يتكلم بهن حتى خفى كلامه- جعل يقول: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون، الله الله فى النساء، فإنهن عوان فى أيديكم (يعنى أسراء) أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)وقال عليه الصلاة والسلام: (من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى أيوب على بلائه ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية امرأة فرعون).
وأعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل.
وراجعت امرأة عمر رضى الله عنه عمر فى الكلام فقال: أتراجعينى يا لكعاء-قالت: إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعنه وهو خير منك- فقال عمر: خابت حفصة وخسرت إن راجعته- ثم قال لحفصة: لا تغترى بابنة ابن أبى قحافة فإنها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخوفها من المراجعة.
وروى أن إحداهن دفعت فى صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزجرتها أمها- فقال عليه الصلاة والسلام: (دعيها فإنهن يصنعن أكثر من ذلك)وجرى بينه وبين عائشة كلام حتى أدخلا بينهما أبا بكر رضى الله عنه حكماً واستشهده- فقال لها رسول الله (تتكلمين أو أتكلم؟)فقالت بل تكلم أنت ولا تقل إلا حقاً-فلطمها أبو بكر حتى دمى فوها وقال: يا عدوة نفسها أو يقول غير الحق؟ فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره- فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: (لم ندعك لهذا ولا أردنا منك هذا)وقالت له مرة فى كلام غضبت عنده: أنت الذى تزعم أنك نبى الله- فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمل ذلك حلماً وكرماً وكان يقول لها: (إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية وإذا كنت عنى غضبى)فقالت: من أين تعرف ذلك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (إذا كنت عنى راضية تقولين"لا ورب محمد" وإذا كنت عنى غضبى قلت"لا ورب إبراهيم") قالت قلت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك.
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شىء فى الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج)وقال عليه الصلاة والسلام: (إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبة حجة الوداع: (إتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهم ألا يواطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف).
وعن أنس رضى الله عنه: آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وكانت انفكت رجله، فأقام فى مشربه تسع وعشرين ليلة ثم نزل فقالوا يا رسول الله آليت شهراً فقال إن الشهر يكون تسعاً وعشرين. وقال جابر: عزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين ثم نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) سورة الأحزاب آية 28، فبدأ بعائشة رضى الله عنها وقال: (يا عائشة إنى أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلى فيه حتى تستشيرى أبويك- فقالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلى عليها الآية فقالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوى؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذى قلت- قال: لا تسألى امرأة إلا أخبرتها أن الله تعالى لم يبعثنى معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثنى معلماً ميسراً).
وقالت عائشة رضى الله عنها: كنت أغار على اللائى وهبن أنفسهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله عز وجل: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فى قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا) سورة ألأحزاب آية 51 قلت: ما أرى ربك إلا يسرع فى هواك، عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى وإذا مات صاحبكم فدعوه)وعن أنس رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها فلتدخل من أى أبواب الجنة شاءت)وقال صلى عليه الصلاة والسلام: (لو كنت آمراً أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)وقال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح-وفى رواية-إلا كان الذى فى السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها)وقال أنس رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالنساء والصبيان.
الثانى: أن يزيد على احتمال الأذى بالمداعبة ومزاح والملاعبة، فهى التى تطيب قلوب النساء:
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن فى الأعمال والأخلاق حتى روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة فى العدو فسبقته يوماً وسبقها فى بعض الأيام فقال عليه الصلاة والسلام: (هذه يتلك).
وفى الخبر أنه كان صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس مع النساء، وقالت عائشة رضى الله عنها: كنت ألعب بالبنات عند النبى صلى الله عليه وسلم وكان لى صواحب يلعبن معى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقنعن منه فيسر بهن فيلعبن معى.
وقالت عائشة رضى الله عنها: سمعت أناس من الحبشة وغيرهم وهو يلعبون فى يوم عاشوراء فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتحبين أن ترى لعبهن؟)قالت قلت نعم- فأرسل إليهم فجاءوا وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين البابين فوضع كفه على الباب ومد يده ووضعت ذقنى على يده وجعلوا يلعبون وأنظر، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حسبك، وأقول: إسكت، مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: ( يا عائشة حسبك)-فقلت: نعم- فأشار عليهم فانصرفوا – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله)وقال عليه الصلاة والسلام: (خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائى)وقال عمر رضى الله عنه مع شدته: ينبغى للرجل أن يكون فى أهله مثل الصبى، فإذا التمسوا ما عنده وجد رجلاً.
وفى الخبر أن الله تعالى يبغض الجعظرى الجواظ (قيل هو الشديد على أهله المتكبر فى نفسه) وهو أحد ما قيل فى معنى قوله (عتل) قيل العتل هو الفظ اللسان الغليظ القلب على أهله، وقال عليه الصلاة والسلام لجابر: (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك).
الثالث: ألا ينبسط فى الدعابة وحسن الخلق والموافقة بإتباع هواها إلى حد يفسد خلقها ويسقط بالكلية هيبته عندها:
بل يراعى الاعتدال فيه، فلا يدع الهيبة والانقياض مهما رأى منكراً، ولا يفتح باب المساعدة على المنكرات ألبته، بل مهما رأى ما يخالف الشرع والمروءة تنمر وامتعض- قال سيدنا الحسن رضى الله عنه: والله ما أصبح رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلا كبه الله فى النار، وقال عليه الصلاة والسلام: (تعس عبد الزوجة)وإنما قال ذلك لأنه إذا أطاعها فى هواها فهو عبدها، فإن أرسلت عنانها قليلاً جمحت بك طويلاً وإن أرخيت عذارها فتراً جذبتك ذراعاً وإن كبحتها وشددت يدك عليها فى محل الشدة ملكتها، فينبغى أن تسلك سبيل الاقتصاد فى المخالفة والموافقة وتتبع الحق فى جميع ذلك لتسلم من شرهن فإن كيدهن عظيم والغالب عليهن سوء الخلق وركاكاة العقل، ولا يعتدل ذلك منهن إلا بنوع لطف ممزوج بسياسة، وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المرأة الصالحة فى النساء كمثل الغراب الأعصم بين مائة غراب- والأعصم يعنى الأبيض البطن)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يفلح قوم تملكهم امرأة)، فالخشونة والسياسة علاج الشر، والمطايبة والرحمة علاج الضعف، فلينظر الرجل أولاً إلى أخلاقها بالتجربة ثم ليعاملها لما يصلحها كما يقتضيه حالها).
الرابع: الاعتدال فى الغيرة:
وهو ألا يتغافل عن مبادىء الأمور التى تخشى غوائلها ولا يبالغ فى إساءة الظن والتعنت وتجسس البواطن، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتبع عورات النساء، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من الغيرة غيرة يبغضها الله وهى غيرة الرجل على أهله من غير ريبة)، لأن ذلك من سوء الظن المنهى عنه، أما الغيرة فى محلها فلا بد منها وهى محمودة وقال صلى الله عليه وسلم: (أتعجبون من غيرة سعد؟! أنا والله أغير منه، والله أغير منى)ولأجل غيرة الله تعالى حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى، ولذلك بعث المنذرين والمبشرين، ولا أحد أحب إليه المدح من الله، ولأجل ذلك وعد الجنة، وقال عليه الصلاة والسلام لأبنته فاطمة عليها السلام: (أى شىء خير للمرآة؟ قالت ألا ترى رجلاً ولا يراها رجل- فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض).
الخامس: الاعتدال فى النفقة:
فلا ينبغى أن يقتر عليهن فى الإنفاق، ولا ينبغى ـ أن يسرف بل يقتصد- قال الله تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) سورة الأعراف آية 31، وقال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الإسراء آية 29، وقال صلى الله عليه وسلم: (دينار أنفقته فى سبيل لله ودينار أنفقته فى رقبة ودينار تصدقت له على مسكين ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك)ولا ينبغى أن يستأثر على أهله بمأكول طيب فلا يطعمهم منه، فإن ذلك مما يوغر الصدور ويبعد عن المعاشرة بالمعروف.
الامام محمد ماضى ابو العزائم