آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 23 أكتوبر 2016

- الإسلام والطفولة

عدد المشاهدات:
شكلت نظرة الإسلام إلى الإنسان نظرة متكاملة، ومتوازنة في كلياتها وجزئياتها، فالإنسان وفق هذه الرؤية هو كيان مستقل يبدأ تدرجه العمري من مرحلة الطفولة؛ ومرحلة الشباب ثم مرحلة الشيخوخة، أي أن الله تعالى قد رتب عمر الإنسان على ثلاث مراتب: الطفولة، وبلوغ الأشد والشيخوخة، وهذا ترتيب مطابق للعقل كما يقول بذلك الإمام الرازي، وبذلك تكون المراحل التي يمر منها جسم الإنسان متعددة ومتباينة؛ حيث تدشن حياته بخروجه من بطن أمه طفلاً، لا يعلم شيئاً، فيبدأ في تدرجه في اكتساب الحواس التي من خلالها يتم اكتشاف محيطه وبيئته، ثم بعد ذلك يكبر الجسم ويصير الإنسان شاباً ويافعا وقويا، ومؤهلا للانخراط الكلي في الحياة العامة، ثم تتوالى عليه السنوات فيتناقص شبابه وقوته فيصل به المطاف إلى سن يصبح معه كهلا غير قادر على إتيان ما كان يأتيه في مرحلة الشباب، وهو ما يسمى بمرحلة الهرم أو الشيخوخة.

إنها دورة الحياة ومراحلها التي يقطعها جسم الإنسان، فيبدأ بالضعف في مرحلة الطفولة، ثم مرحلة القوة في مرحلة الشباب ثم يعود مرة أخرى إلى مرحلة الضعف وهي مرحلة الشيخوخة، وفي هذا يقول الله تعالى: " الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير" [سورة الروم/الاية54]، ويقول أيضا: "هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون" [سورة غافر/الاية67].

أهتم الإسلام بموضوع الطفولة وخصه بعناية بالغة، انطلاقا من نص القرآن الكريم نفسه، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، واجتهادت الفقهاء والعلماء من خلال مصنفاتهم الفقهية وكتبهم العلمية، ومبعث هذا الاهتمام يعود الى اعتبار الأطفال عُدة الحياة في المستقبل؛ وأن حلقة الطفولة هي التي تصنع وتشكل ملامح مستقبل الأمة والمجتمع، فالعناية بالطفولة تعني العناية بالمستقبل والاستثمار فيه، وإهمالها يعني إهمال مستقبل الأمة وتفويت فرصها مع التاريخ الذي لا ينتظر الأمم والأجيال.

اشتقت كلمة الطفولة من كلمة طفل، وهي لغةً تعني الصبي، وتقع على الذكر والأنثى والجماعة، ويقال : طِفلة وأطفال، والطِّفْلُ والطِّفْلَة هما الصغِيران، والطفل: الصغير من أولاد الناس، والصبي يدعى طِفلا حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم.

وفي التعريف الاصطلاحي، تطلق كلمة الطفل على الصبي حين يخرج من بطن أمه إلى أن يحتلم، حيث أن الشريعة الإسلامية بينت الحد الفاصل للمرحلة التي يكون فيها الإنسان طفلا، أي تلك التي تنتهي بالبلوغ بالنسبة للذكر والأنثى، حتى وإن لم يصل سن الثامنة عشر من عمره، ومن الناحية القانونية، تعتمد تشريعات مجموعة من الدول المفهوم الذي جاءت به اتفاقية حقوق الطفل للأمم المتحدة والمصادق عليها سنة 1990، حيث حددت وثيقة هذه الاتفاقية أن الطفل هو: "كل إنسان لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة، ما لم تحدد القوانين الوطنية سنا أصغر للرشد"، وفي ذلك تكون تشريعات أغلبية دول العالم تبنت هذا المعيار العمري، أي أن كل من هم دون سن الثامنة عشرة يعتبرون أطفالا،   ونظرا للطبيعة الحدية لهذا المعيار، فإنه مازال يكشف عن بعض النقائص في تحديد دقيق لمواصفات مرحلة الطفولة.

أما المعيار الذي اعتمده الإسلام في التمييز هو معيار البلوغ لتحمل التكاليف الحياتية والتشريعية والقدرة على التمتع بالحقوق وأداء الواجبات التي حددتها الشريعة الإسلامية.

وردت كلمة الطفل واشتقاقاتها أربع مرات في القرآن الكريم:

ـ "... أوالطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون "[سورة النور/ الآية 31].

ـ "واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستاذنوا كما استاذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم اياته والله عليم حكيم " [سورة النور/ الآية 59].

ـ "... ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا"[سورة الحج/الآية5].

ـ "ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا اجلا مسمى ولعلكم تعقلون"[غافر/الآية67]

تبدأ محورية الطفولة في الإسلام من كون أن الطفل يكون صاحب حق قبل وجوده، حيث تدشن وتحدد ملامح حياته منذ اللحظة التي يقرر فيها والداه " الأب والأم " تكوين أسرة منسجمة، وهذه أولى الخطوات التي يركز الإسلام عليها، حيث يعتبر أن من أهم حقوق الطفل هو إتيانه للحياة عن طريق زواج شرعي بين رجل وامرأة، أي أن توفر له ظروف العيش في حضن أسرة تربيه وترعاه وتنشئه على قيم المجتمع وأخلاق الجماعة، حتى يصير شابا بالغا معتمدا على نفسه ومنخرطا في تدبير شؤون مجتمعه، أي أن مرحلة الطفولة تكون بطبيعتها أخاذة ـ أي تأخذ أكثر مما تعطي ـ لحاجتها إلى الرعاية والاعتناء بها من قبل المجتمع.

رغب الإسلام في الزواج وحض عليه بشكل كبير، خصوصا من المرأة الولود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " تزوجـوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" [رواه ابن حبان عن أنس بن مالك]، ولم يفرق بين جنس المولود، ما دام الولد "الذكر والأنثى" يعتبر من هبات الله تعالى للإنسان، يقول الله تعالى: "يَهَبُ لِمن يَشَاءُ إِناثاً ويَهَبُ لِمن يشاءُ الذُّكور"[سورة الشورى/الآية49]، بل إن القرآن الكريم نبه إلى بعض المواقف الخاطئة التي كانت تمارس من طرف بعض الناس قبل مجيء الإسلام، من قبيل تفضيل الولد الذكر على الأنثى، واستقبال الأول بالشكر والفرح، والثاني بالضجر والسأم وإبداء السخط، يقول الله تعالى: "وإِذَا بُشّر أحدُهُم بالأُنثى ظلَّ وجْهُهُ مُسْودَّاً وهُو كظيم، يتوارى من القوْمِ مِن سُوءِ ما بُشر به أيُمْسكه على هُونٍ أمْ يدُسُّه في التُّرابِ ألا سَاءً ما يَحْكُمُون"[سورة النحل/الآية58].

بل إن شريعة الإسلام، ورغبة منها في مزيد من البيان لمكانة الولد، خصوصا الأنثى وما يحتمل من تعرضها لبعض أنواع التمييز، تعتبر أن تربية البنات والإحسان إليهن تكون سببا في دخول الجنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم له ثلاث بنات، يكفيهن، ويرحمهن، وينفق عليهن إلا وجبت له الجنة، فقال رجل: يا رسول الله ، فمن كانت له ابنتان؟ فقال: ومن كانت له ابنتان حتى ظنننا لو قال الرجل من كانت له واحدة ، لقال له مثل ذلك" [رواه البخاري عن جابر بن عبد الله]، وفي حديث آخر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه"[رواه مسلم عن أنس بن مالك].

ورعاية لهبة الله تعالى للإنسان، ذكر القرآن الكريم مجموعة من الآيات الدالة على عدم الاعتداء على الطفل وتمتيعه بحقوقه التي أوجبها الله له، من قبيل احترام حقه في الحياة، خصوصا في مراحل تشكله الأولى، إما في بطن أمه أو بعد خروجه الى الحياة:

يقول الله تعالى:

"ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم واياهم" [سورة الانعام/الاية 151]، ويقول أيضا: "ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقهم واياكم، ان قتلهم كان خطءا كبيرا" [سورة الاسراء/الآية31]، ويقول أيضا: "قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين" [سورة الأنعام /الآية140]

"لا تقتلوا أولادكم" يعني أن الإسلام تشدد في تحريم الإعتداء على حياة الطفل، سواء كان جنينا في بطن أمه، أو حتى بعد ولادته، وذلك إما لرغبة أحد الوالدين في التخلص من الجنين عن طريق اجهاضه، أو قتله بسبب الفقر والإملاق أوالخوف من المجتمع وغيرها من الأسباب، فكان التغليظ في التحريم تبعا لخطورة الجرم المرتكب في حق الطفولة ووأد حقها في الوجود، أيا كانت مبررات هذا الوأد، لأنه يوم القيامة ستسأل كل موؤودة عن سبب وأدها وإغتيال وجودها في الحياة، يقول الله تعالى":وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت " [سورة التكوير/الآية 8-9] .

وبخصوص العناية الاجتماعية بالطفل، يأتي نظام الإرث في الإسلام ليقوم بتوزيع الثروة على مستحقيها، لا سيما منهم النساء والأطفال، وحتى الجنين في بطن أمه، يناله حقه من الإرث، فإن ذلك يكون بهدف ضمان ما يؤمن لهم حياة ومعيشة لائقة بهم . ولكي لا يصبحوا عالة على مجتمعهم وواقعهم. ومن شدة فرط الإسلام بأهمية الطفولة، أثبت للمولود حديث الولادة حقه في حصته من الميراث، وكل الاشكال الاخرى التي بموجبها تتم عملية نقل ملكية التصرف، من قبيل الوصية، والوقف، والهبة من الوالدين أو الأقرباء أو الغير، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استهل المولود وُرِّثَ " [رواه أبو داود عن أبي هريرة]، فالاستهلال هو رفع الصوت، يذهب علماء الإسلام إلى أن كل ما يدل على الحياة فإنه يثبت به الإرث، فالاستهلال هو رفع الصوت، قد يكون بالصياح، قد يكون بالعطاس، وغير ذلك، فكل ما يدل على الحياة فإنه يثبت به الميراث، ويكون وارثا ويكون أيضا موروثا، فالمعول عليه هو الحياة الواضحة أو الأمارات التي تدل على الحياة، مما يدل على أن المولود حي؛ ويدخل في حكم الأحياء، ويرث من مورِّثه.

ومن عجيب اهتمام الشرع بموضوع الإرث، واعتباره وسيلة لتحقيق الدافعية في الإنتاج، نجد ان نصيب ابن الميت أكبر من نصيب أبيه، وذلك بسبب أن الابن هو مشروع عمل لتنمية الحياة والعمل فيها، لذلك فحاجته إلى المال تكون اكبر من حاجة أب الهالك الذي أصبح في عمومه يقارب نهاية مشواره الحياتي.

أما من جهة رعاية الطفل بالتربية والتأديب، فذاك يعتبر من الحقوق الأساسية للطفل، وهو في نفس الوقت يشكل واجبا كبيرا ملقى على عاتق الآباء والأمهات تجاه أبنائهم، وفي هذا ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه انه كان يقول دائما لأصحابه في شأن تعاملهم مع أبنائهم: علموهم وأدبوهم. وبالتالي هناك شقان من التعامل مع الأطفال: التعليم والتأديب.

ـ التعليم لا يكون إلا إذا انتقل الطفل إلى السن التي تؤهله للتربية والتعليم والتلقين، حيث وضع الإسلام أمام الأسرة المسلمة مجموعة من التوجيهات والآداب والقيم لتلقينها للأطفال، حتى يشبوا عليها منذ نعومة أظافرهم حتى تكون لهم الموجه والمعين في رسم ملامح حياتهم، وتستقر عليها عقولهم. إن الإسلام يؤكد على منح الأطفال تعليما متوازنا ومتكاملا، بدء من تعريفهم بحقائق الكون وأسرار الوجود، وما تقتضيه من حتمية وجود الإنسان على الأرض لعمارتها واستخلاف الله تعالى فيها، وصولا إلى تنمية شخصية الطفل ومواهبه، وقدراته العقلية، والبدنية بما يمكنه من أداء رسالته في الحياة، دون إغفال ثنائية الحق والواجب، أي أن التعليم يزاوج بين بيان الحقوق المشروعة والواجبات المترتبة، وذلك لإعداد الطفل لحياة مستقبلية يكون فيها حرا ومسؤولا.

ـ التأديب، ويتمحور حول تعليم الطفل مجموعة من الآداب والقيم التي تؤطر المجتمع الذي يعيش فيه، مثل أركان الإيمان، وتحبيبه على توحيد الله تعالى وعبادته، وطاعته، وتخليقه بآداب الإسلام، ومكارم الأخلاق، وتعويده على اجتناب المحرمات، وسائر السلوكيات والعادات السيئة، والبعد عن قرناء السوء، وتوجيهه إلى الرياضة المفيدة، ...

ولنا في سورة لقمان ووصياه لأبنه نموذجا للتربية والتهذيب والتأديب، قال تعالى : "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ، وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ، يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ،يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور، وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" [سورة لقمان/الآيات من 14 الى 18]، فنجد أن هذه الوصايا التربوية اللقمانية تتضمن مجموعة من القيم والآداب التي يتعين تنشئة الأطفال عليها وفي مقدمتها النهي عن الشرك وتحقيق التوحيد المطلق لله سبحانه، والتنبيه إلى أن الله يعلم السر وما يخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومراعاة الأدب مع الوالدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراعاة الالتزام بالصبر على المكاره، والنهي عن الكبرياء في معاملة الناس وعن الخيلاء...

ومن جملة ما ركزت عليه التربية في الإسلام؛ تعليم الصلاة للأطفال وتدريبهم عليها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع" [رواه أبو داود عن جد عمرو بن شعيب]، فإذا صار الطفل ابن عشر سنوات ازداد قوة وعقلا وتحملا للعبادات؛ فيُضرب على ترك الصلاة وهذا ضرب تأديب وتمرين، ويذهب بعض العلماء إلى أن ضرب الطفل وهو في سن العاشرة من عمره ليس إكراهه وإرغامه على الصلاة، بقدر ما هي إشعار له على جدية فريضة الصلاة، التي لن تكون إلا بوابة لتلقين مكارم الأخلاق، ومحامد الآداب والعادات.

ثم حين يصير الولد ما بين عشر سنوات وسن البلوغ يسمى" مراهقا" في الاصطلاح اللغوي المستعمل عند عامة الناس، ومناهزا للاحتلام عند كثير من العلماء، أي أنه في وسط هذه المرحلة يعرض له حال آخر يحصل معه الاحتلام ونبات الشعر الخشن وغلظ الصوت... والذي اعتبرته الشريعة الإسلامية من ذلك ـ كما يقول ابن قيم الجوزية ـ أمران: الاحتلام والإنبات؛ أما الاحتلام فقال الله تعالى" يأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم واللذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء، ثلاث عورات لكم "[سورة النور/الاية 58]، وقال أيضا: "وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم" [سورة النور/الاية59]   وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة:عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يعقل" [رواه البخاري عن عائشة]، وليس لوقت الاحتلام سن معتاد بل من الصبيان من يحتلم لاثنتي عشرة سنة ومنهم من يأتي عليه خمس عشرة وست عشرة سنة وأكثر من ذلك ولا يحتلم واختلف الفقهاء في السن الذي يبلغ به مثل هذا.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير