آخر الأخبار
موضوعات

الجمعة، 28 أكتوبر 2016

- ما أوصاف أهل الطريق؟

عدد المشاهدات:
السالكون طريق الله سبحانه هم أهل النفوس الزكية، الذين يحفظ الله سبحانه بهم دينه، ويعلى بهم كلمته، ويجدد بهم سننه. وهم محل نظره، وأهل محبته، يستعملهم فيما يحب، ويمكن لهم فى الأرض بالحق، ويبين بهم آياته، و يوضح بهم مناهجه وسبله، وهم أهل الله فى كل زمان، وأهل معية رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل مكان، ذكرهم فى آخر سورة الفتح، ومدحهم وأثنى عليهم و بشرهم، وبين صفاتهم وأعمالهم وأحوالهم بمحكم الآيات ،وليست المعية معية جسما نية، لا، ولكنها معية أتباع و إقتداء وعمل وحب ومشابهة وتقليد وتمكين وعلم ومشاهدة وفهم. فإذا كانوا هم الأئمة للناس والسراج للخلق فى كل زمان؛ فصافاتهم أولاً الرحمة الحقيقية لكل مسلم بعطف يٌودِدٌه، وحلم يقربه، وكرم يحببه، وعمل يرغبه، وعلم يكمله، وزهد فيما فى أيدى المسلمين يؤلفهم، و بذل لهم ليجمعهم، وحنان بهم يهذبهم، وتباعد عما ينفرهم من عمل أو علم أو حال، أو تفضيل بعضهم على بعض؛ اللهم إلا بذكر علوم السلف وأعمالهم وصدقهم مع الله وصبرهم على بلائه سبحانه، و مجاهداتهم فى ذاته أعداءه، أو مجاهدة أنفسهم، من دون تفضيل لذواتهم على غيرهم من المسلمين، ولا ذكر لخصوصياتهم التى لا تقبلها العقول، أو إذا ذكرت أضرت أهل الجهل من لا يعلم قدر الإنسان أنه عبد مسكين لرب عظيم يهبه ما يشاء من فضله، وأن الفضل بيد الله، فتذكر الخصوصيات ليشتاق العاملون إلى نوال تلك المقامات؛ لا ليفرقوا بين جماعة المسلمين بتفضيل بعضهم على بعض، وقيام العداوة بسبب ذلك، فالسالك مريد محب لما يحبه الحق، عامل لنوال مرضاته و للفوز بنعيم الآخرة، وتلك الخيرات لا تنال إلا بما يحبه.


وأحب الأعمال إلى الله تعالى عمل يجمع عباده عليه، ويعرفهم مقامه سبحانه، ويدلهم على أنه هو الأحد الصمد، الفاعل المختار، وأن كل ما سواه ومن سواه مخلوق له سبحانه، مفتقر إليه تعالى، مضطر إلى جوده وبره، لا عمل لأحد، ولا نفع ولا ضر لأحد من أحد سواه. وبذلك تجتمع القلوب ويتحصل العامل على المطلوب.


السالك الذى يحفظ كرامات الرجال وخصوصياتهم وأحوالهم؛ ثم يقوم فيشغل المسلمين بالتفضيل بين أهل الخصوصيات، والاعتقاد فى بعضهم حتى ينسى الواجب عليه، ويتهاون بكمالات نفسه التى بها يصل إلى درجه الأفراد، حتى يوقع العداوة بين الشيع المتفرقة والنحل المتمزقة، لا أظنه سالكا طريق الرشاد. لأن الله تعالى أرسل نبيه سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم للخلق أجمعين.



وألف به صلى الله عليه وسلم– بين أهل الأديان المختلفة والمذاهب المتخاصمة–بنور الحق، مبينا سبل الحق ،موضحا طرقه، حتى شغل الخلق بالله، ونزع من نفوسهم حب الأصنام واتخاذ الأنبياء ألهه، أو أبناء الإله حتى عشقوا الحق ،وبذلوا أنفسهم فى نوال مرضاته، وشغلهم ذكره عن غيره، وطلبه عن طلب سواه، حتى بلغت درجة المحبة للحق والشوق إليه ومعرفة مقامه سبحانه ومقام رسوله صلى الله عليه وسلم؛ أنهم كانوا فى بعض المضايق يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشفق عليهم فيطلبون منه صلى الله عليه وسلم التشديد على أنفسهم، أو يرونه عند بعض الأعمال يراعى جانبهم ،فيطلبون منه صلى الله عليه وسلم ترك العمل، كل ذلك لعلمهم بمقام ربهم سبحانه، وما جمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم قلوبهم من علوم التوحيد واليقين، وما كان يشهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه أنه بشر وعبد ذليل مفتقر إلى الولى العظيم ،وما كان يهذبهم به من مساواته لهم بالمشورة، وبالبسط وفى الأكل والشرب والملبس والمجالسة، مما أذاقهم به حقيقة التوحيد وكمال مشاهدة الغيوب.


هكذا يكون السالكون بالنسبة لمشايخهم، فإنهم يلزمهم أن يبحثوا عن الرجل العالم العامل المؤلف ،المتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى منحه الله الحكمة البالغة فيتلقون عنه العلم النافع، والعمل الموصل، ويجتهدون فى تأليف قلوب المسلمين واجتماع كلمتهم، بدون تنفير ولا تعصب ولا ذكر لخصوصيات الرجال إلاَ ليعمل بعلمهم، لا ليفرق بين المسلمين، وبذلك تتحد القلوب على الحق، وتجتمع على الهدى، ويقوى المسلمون ويتحابون بروح الله فى كل بلد، وتتعاطف قلوبهم، ويكونون يداً واحدة على من عاداهم، فيعزهم الله ويذل أعداءهم، ويمكن لهم دينهم الذى ارتضى لهم، ويفتح لهم البلاد، وينشر بهم الإسلام فى بلاد الكفار حتى تكون لنا ألعزه والملك فى الأرض بالحق، وللكفار الذل والهوان، ويكونون أرقاء يباعون فى الأسواق كما كانوا ،وكل ذلك على أيدى أوليائه،ويظهر على يد أحبابه، والله سبحانه وتعالى يجدد بنا سنته، ويعلى بنا كلمته، ويجمع بنا قلوب عباده المسلمين بجاه حبيبه الأمين صلى الله عليه وسلم.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير