آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 20 أكتوبر 2016

- ما الطريقة والشريعة ؟

عدد المشاهدات:
  الحكمة
الحكمة لآهل الاستعداد الذين سبقت لهم الحسنى، وحصلت منهم الرغبة فى الحق، والشوق إلى ما عنده سبحانه، وهي بيان أسراره، وكشف غوامض آياته، وشرح مكنون حكمه سبحانه وتعالي،
الموعظة
والموعظة للمؤهل الذي سبقت له الحسنى، ولكنه ملتفت ببصره إلى غير من يجب أن يواجهه، والموعظة هي التنبيه إلى ما يجب على العبد، وهي الذكري، لآن من شهد شيئا، وتصوره، والتفت عنه، يذكره، ولذلك فإن الله تعالى قال: (والموعظة الحسنة) ولم يقل الحكمة الحسني، لآن الحكمة حسنة، والموعظة تذكير من شهد مشهدا وشغله غيره ليلتفت إلى مشهده الأول.
المجادلة
وأما المجادلة: فهي لمن لم يكن فيه أهلية ولا استعداد، فتقام عليه الحجة بالتي هي أحسن، حتى لا يحصل له النفور، وأشار الله تعالى بقوله: (بالتى هي أحسن) لتكون الحجة قائمة عليه، فإن وفقه الله تعالى أقبل مطمئنا، وإن لم يقدر له توفيقه أدبر، وقد قامت عليه حجة الله تعالى قال تعالى: (الأنعام:149).
الشيخ المربى
 فمن أسعده الله تعالى بمربى عالم بطريق الوصول، ورزقه الله التسليم له، كان ذلك أكبر دليل على سعادته فى الدنيا والآخرة. ولما كانت تلك الألفاظ كلها مترادفة، كان قولنا شريعة وطريقة، بمعني واحد. ولكن اصطلح السلف الصالح على أن يضعوا لفظ طريقة علما على تلاميذهم، الذين تفرغوا لتلقي العلوم، وللعمل بها، وأقبلوا بكليتهم على مجاهدة أنفسهم، ليتجاوزوا تلك المسافات الشاسعة. ولما كان لابد من أخذ العهد على عباد الله لله، وقد أخذ الله العهد على رسله الكرام بواسطة ملائكته، وأخذ العهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، وأخذ الرسل العهد على أممهم لله، ولما كان سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء،
العلماء الربانيون
قام العلماء الربانيون فى كل زمان، بالنيابة عن جنابه المحمدي صلى الله عليه وسلم لآخذ العهود من أهل زمانهم لله سبحانه وتعالى مبينين لهم سبل الله، موضحين لهم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصدقين القول فى العهد بالحال، فإن الحال يصدق المقال لذلك صار لفظة الطريق علما على طائفة مخصوصة، هم تلاميذ العلماء الربانيين، الذين يتلقون عنهم أسرارهم ويتشبهون بهم فى أقولهم، وأعمالهم، وأخلاقهم، وأحوالهم، ويسارعون فى العمل بما يعلمونه منهم ومن انتسب إلى الطريق ولم يكن مسترشدا على يد مرشد عالم رباني، عامل بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس من أهل الطريق، ولكنه مدعى.

الصريق

فالطريق إذن عمل بالعزائم فى الشريعة المطهرة، لأن الشريعة تجمع الرخص والعزائم، ولفظ الطريق صار خاصا بأهل العزائم، وهذا شيء معلوم من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن كثيرا من أصحابه صلى الله عليه وسلم عكفوا فى مسجده صلى الله عليه وسلم آخذين بالعزائم، متفرغين لتلقي الأسرار المحمدية، والأنوار القرآنية، وبهم-رضى الله تبارك وتعالى عنهم-اقتدي الخلف بعد السلف، فهم أئمة أهل الطريق وقادتهم. ودام الأمر على هذا حتى كان الرجل إذا رغب فيما عند الله، خرج سائحا على وجهه، يفتش عن المرشد، فلا يقر قراره إلا بعد أن يصل إليه، فإذا وصل إليه عكف عليه. ومن أحب أن يعلم سيرتهم فليقرأ تراجمهم عليهم افضل الصلاة والسلام، فانهم هجروا الأوطان، وفارقوا الأهل والأولاد، سعيا فى طلب الرجل الدال على الله، بقوله وعمله وحاله، ولا يخلو زمان من الرجال المجددين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القائمين بحجة الله. ولا خلاف بين الشريعة والطريقة، لأن أهل الطريق اهتموا بعمل القلوب، لأن أساس الخير كله عمل القلوب، ولعلك تعلم أن النفاق قد يخفى على كثير من العلماء، فقد يكون الرجل منافقا وهو يحسب نفسه من أكمل الموقنين، وذلك من عدم عنايته بعمل القلوب، واهتمامه بظاهره. وجلي أن القلب محل نظر الرب سبحانه ولذلك سارع رجال الطريق إلى صفاء قلوبهم، وتخليتها من النجاسات، لتخلص لهم الإرادة، ويكمل لهم القصد وتصح العزيمة، حتى يبلغوا درجة فقه القلب، وكم من فقيه اللسان جهول القلب، وكم من فقيه القلب جهول اللسان، وإنما هي مراقبة الله جل جلاله بالقلوب، تكسبها خشية، وخوفا ورهبة، وحبا وثقة به جل جلاله، وصبرا على مر قضائه وقدره، أو رضى عنه فى كل شئونه سبحانه.



ولعلك تسألني قائلا: إنك تقول لا خلاف بين الشريعة والطريقة. مع أنا نري الخلاف بين كثير من الناس، فتري أهل الطريق ينكرون على غيرهم، وغير أهل الطريق ينكرون على أهل الطريق إنكارا مرا، حتى يرموهم بالبدعة والضلالة، والخروج عن الشرع؟.



فأقول لك يا أخي: لا يلزم من حصول الإنكار وجود ما ينكر عليه، أو الاختلاف بين الشريعة والطريقة، ولكن ما تراه من الخلاف بين الناس فى مثل هذا، فهو للجهل بأصول الطريق ومآخذها، أما الإنكار من أهل الطريق على غيرهم، فلم يكن ذلك من علمائهم، ولكنه من بعض من يؤذيهم إنكار المنكرين، وإن كان ثم إنكار، فهو على الشخص المنسوب للطريق، الذي يخالف أحكام الشريعة، مدعيا أن ذلك من الطريق، وهو كاذب، لأن الطريق هو روح الشريعة، والأخذ بعزائمها.

وليس من أهل الطريق من خالف صريح السنة، ولجهل الناس صاروا ينكرون على الطريق إذا شهدوا رجلا من أهلها يعمل ما يخالف الشريعة، وكذلك إنكار أهل الطريق على العلماء، لأنهم رأوا من يدعي العلم يعمل بغير علمه، فالإنكار على عمل الأشخاص لا على الطريق، والطريقة منهاج المخلصين. والحقيقة أن الشريعة اسم جامع للعزائم والرخص، قال تعالى: (البقرة:194). وقال سبحانه: (الشورى:40)  فمن اعتدي على من اعتدي عليه عمل بالشريعة، ومن عفا واصلح عمل بالشريعة، ولكن من عفا وأصلح تميز عن غيره، لأخذه بالعزائم،وصلى الله على سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.

الشريعة والحقيقة

لا خلاف بين الشريعة والحقيقة، فإن الشريعة حقيقة، والحقيقة شريعة، فالشريعة فى الاصطلاح أمر بالقيام بواجب العبودية، والحقيقة شهود معانى الربوبية. ولا يكون المسلم مسلما كاملا إلا إذا وفقه الله، فالتزم العبودية، وتفضل الله عليه فأشهده معانى الربوبية، فشاهد فى الشريعة أسرار حكيم، وفي الحقيقة أنوار قادر، ومن أحاط بالشريعة علما، والتزم العبودية، ولم يشاهد معانى صفات الربوبية، فغير مقبول، وكل من شاهد معانى صفات الربوبية ولم يتقيد بالشريعة لم يفز بمحصول.


سبيل التحقق مسلك الأرواح                         هو الغيب محظور على الأشباح
منار معالمه خفي عن النهي                         وأسراره لم تبد بالإفصاح
نعم هي سبل الله يهدي بنوره                        أولي القرب والإخلاص سبل فلاح
ومن جاهدوا فى الله يبغون وجهه                             يناوله الوهاب صرف الراح
يريهم من الملكوت أي جماله                        وأسرار غيب بالضيا الوضاح
بها يعرف الإنسان رتبته التي                       بها يحظى بالبشرى ونيل سماح
ويعرف مولاه العلى تنزهت                         مكانته عن حيطة الأرواح
يجمل بالتحقيق بعد تمكن                                      من العلم بالأحكام والإصلاح
وتحقيقه بالعجز والعجز علمه                       وعجزي عن الإدراك كل نجاحي
وأما سبيل العلم بالحكم ظاهرا                       بكسب وتعليم فللأشباح
وشتان بينهما فهذا مدامة                                       وذاك على الإجمال كالأقداح


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير