عدد المشاهدات:
الميراث النورانى
هناك ورثة النور ......منهم من يرث الرؤيا الصادقة ... ومنهم من يرث الفراسة: { اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ }
(سنن الترمذي والطبراني عن أبي سعيد الخدري)
لا ينظر بهاتين العينين فقط .. وإنما ينظر بنور الله الذي آتاه الله له ميراثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
- ومنهم من يرث علوم المكاشفة ... والمكاشفة لا بد لها من نور، - منهم من يُكاشف بما في مملكته ...... ومنهم من يُكاشف بما في صدور غيره، - ومنهم من يُكاشف بالمعاني العلية التي استودعها الله عزَّ وجلَّ القرآن
ولا يبيحها إلا لأهل الخصوصية ويقول فيها في كتابه: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) (17هود)
أي: الذي على بينة ويتلو القرآن وهو مشاهد لأسرار القرآن، هل يستوي مع الذي يتلو ولا يشاهد إلا حروف القرآن؟!
فهذا ميراث النور الإلهي الذي اختص به حضرة النبي، أعطاه الله عزَّ وجلَّ للورثة الذين ورثوا حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، - ومنهم من يُكاشفه الله عزَّ وجلَّ بعالم الملكوت ....
- ومنهم من يُكاشفه الله بالأسماء والصفات الربانية،
- ومنهم من يُكاشفه الله بـ (حَضَرَاتِ) ذاته العلية ....
- ومنهم من يُكاشفه الله عزَّ وجلَّ بألواح الأقدار،
- ومنهم من يكاشفه الله بخزائن الأسرار، ......
مكاشفات لا عدَّ لها ولا حدَّ لها تحتاج إلى النور.
- كيف تفتح عين البصيرة؟
غُضَّ عين الحس واشهد بالضمير **** تشهدن يا صـبُّ أنوار القدير
إذا لم تنشغل بالمناظر الكونية، فإن عين البصيرة تُمتعك بالمناظر الملكوتية، أو المناظر الجبروتية، أو المناظر النبوية، أو المناظر الإلهية، لأنك ستصبح من أهل الخصوصية.
كيف يصل الإنسان إلى ذلك؟ من يرث الإنسان من ميراث الدنيا؟ ابنه لأنه شبيهه، فقد ورد فى الأثر واشتهر وقيل حديث وليس بحديث: {الولد سرُّ أبيه} وكذلك من يتشبه بالحبيب في أخلاقه، وفى سمته، وفي هديه، وفي إقباله على ربه، وفي ذكره لربه، وفي مشيه بشرع الله، وفي شغله بأمور الخلق لأنه يريد أن يأخذهم إلى مراد الله، وإلى درجات الجنة التي أعدها الله، لو عاش الإنسان في هذا الحال لا بد أن يكون له ميراث. لكن كيف يأخذ الإنسان ميراث من غير مشابهة؟! لا يكون ذلك أبداً
فميراث رسول الله لمن أحسن التشبه ظاهراً وباطنا برسول الله صلى الله عليه وسلم .. والأساس التشبه بالباطن
لكن لو تشبهت به في الظاهر فأطلقت اللحية واستخدمت السواك ولبست العمة وقصرت الثوب وأنا فظ غليظ في معاملة المؤمنين،
هل كان على هذه الشاكلة حضرة النبي؟! لا، وقد أتهم المؤمنين الذين لا يستنون بهدي ولا يمشون على نهجي بالكفر والتشريك!! ومن أين لي هذا؟! هل أباح لى الله عزَّ وجلَّ أن أحكم بين الأنام وأدَّعي أن هذا مشرك وهذا كافر؟!!!
(إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ) (67 يوسف) وهل يستطيع مؤمن كامل الإيمان في الدنيا أن يحكم لنفسه بأن يتوفاه الله على الإيمان؟!
إذا كان أنبياء الله أهل العصمة كان يقول الواحد منهم: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (101يوسف)
هذا نبي يتمنى أن يموت مسلماً ويلحق بالصالحين لأن الخاتمة لا يعلمها إلا العليم عزَّ وجلَّ فلذا إذا كنت لا أضمن لنفسي حسن الخاتمة فكيف أحكم على غيرى؟!! وأدَّعى أن هذا مشرك وأن هذا كافر وأن هذا ضال وأن هذا مبتدع .. وأنا لا أعلم من أمر نفسي قليلاً ولا كثيراً؟!!. بل إن ما أتباهى به بين الخلق من الأعمال قد آتي يوم القيامة وأجده غير مقبول من الواحد المتعال!!!!
فكلنا نعمل الأعمال لكن من يضمن منا القبول على أي عمل منها؟! (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (60المؤمنون)
السيدة عائشة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت: { أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ } (سنن الترمذي وابن ماجة ومسند الإمام أحمد)
ماذا كان يفعل أصحاب رسول الله في الليل؟ (كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (17، 18 الذاريات) كانوا لا ينامون إلا قليلاً من الليل .. ثم يستغفرون الله ويقولون لا تؤاخذنا بالحضور،
من يستطيع منا أن يحضر في صلاة كاملة من بدءها إلى ختامها؟!! إذا كان الله لا يقبل هذه الأعمال بعيوبها فلن يتقبل عملاً من أحد. ولذلك كان الإمام أبو العزائم رضي الله عنه يقول:
(والله لو حاسبتنا على أرجى عمل عملناه بعدلك لهلكنا جميعاً)
لأنه لو حاسبنا بالعدل ... فأين الحضور؟ وأين الخشوع؟ وأين عدم الغفلة؟ وأين الإخلاص؟ .... أمور كثيرة لا نقدر عليها، ولكننا نطمع أن ندخل في قول الله عزَّ وجلَّ: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ)
(16الأحقاف) يأمر الله بأن تقبل أعمالهم بما فيها من عيوب ... ويلتمس في سيئاتهم الأعذار ولا تعتبر أنها أوزار.
إذن إذا كنت لا أضمن نفسي .. أين أنا؟ وإلى أين أذهب؟ فكيف أحكم على غيرى؟!! وأتهم غيري؟
وأشتط وأشتد وأتعامل مع غيري بفظاظة وغلظة ربما تجعله ييأس من رحمة الله عزَّ وجلَّ!! المؤمن دائماً يُرَجِّي إخوانه في رحمة الله، ولا يوئسهم أو يُقنطهم من عفو الله عزَّ وجلَّ في أى أمر من الأمور،
وهذه علامةُ الوَرَثَة فالذي يرث رسول الله هو الذي يمشى على هذا المنهاج، الذي يفتح أبواب الأمل للخلق، والذي يفتح لهم أبواب الفضل والرجاء، والذي يجعلهم لا ييأسون من رحمة الله ... ولا يقنطون من الإقبال على الله مع ارتكاب الذنوب، لماذا؟ لأننا نريد أن نشدهم من يد الشيطان ونحولهم إلى حضرة الرحمن عزَّ وجلَّ.
من كتاب: (شراب أهل الوصل)
لفضيلة الشيخ/ فوزي محمد أبو زيد
رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله - جمهورية مصر العربية
هناك ورثة النور ......منهم من يرث الرؤيا الصادقة ... ومنهم من يرث الفراسة: { اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ }
(سنن الترمذي والطبراني عن أبي سعيد الخدري)
لا ينظر بهاتين العينين فقط .. وإنما ينظر بنور الله الذي آتاه الله له ميراثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
- ومنهم من يرث علوم المكاشفة ... والمكاشفة لا بد لها من نور، - منهم من يُكاشف بما في مملكته ...... ومنهم من يُكاشف بما في صدور غيره، - ومنهم من يُكاشف بالمعاني العلية التي استودعها الله عزَّ وجلَّ القرآن
ولا يبيحها إلا لأهل الخصوصية ويقول فيها في كتابه: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) (17هود)
أي: الذي على بينة ويتلو القرآن وهو مشاهد لأسرار القرآن، هل يستوي مع الذي يتلو ولا يشاهد إلا حروف القرآن؟!
فهذا ميراث النور الإلهي الذي اختص به حضرة النبي، أعطاه الله عزَّ وجلَّ للورثة الذين ورثوا حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، - ومنهم من يُكاشفه الله عزَّ وجلَّ بعالم الملكوت ....
- ومنهم من يُكاشفه الله بالأسماء والصفات الربانية،
- ومنهم من يُكاشفه الله بـ (حَضَرَاتِ) ذاته العلية ....
- ومنهم من يُكاشفه الله عزَّ وجلَّ بألواح الأقدار،
- ومنهم من يكاشفه الله بخزائن الأسرار، ......
مكاشفات لا عدَّ لها ولا حدَّ لها تحتاج إلى النور.
- كيف تفتح عين البصيرة؟
غُضَّ عين الحس واشهد بالضمير **** تشهدن يا صـبُّ أنوار القدير
إذا لم تنشغل بالمناظر الكونية، فإن عين البصيرة تُمتعك بالمناظر الملكوتية، أو المناظر الجبروتية، أو المناظر النبوية، أو المناظر الإلهية، لأنك ستصبح من أهل الخصوصية.
كيف يصل الإنسان إلى ذلك؟ من يرث الإنسان من ميراث الدنيا؟ ابنه لأنه شبيهه، فقد ورد فى الأثر واشتهر وقيل حديث وليس بحديث: {الولد سرُّ أبيه} وكذلك من يتشبه بالحبيب في أخلاقه، وفى سمته، وفي هديه، وفي إقباله على ربه، وفي ذكره لربه، وفي مشيه بشرع الله، وفي شغله بأمور الخلق لأنه يريد أن يأخذهم إلى مراد الله، وإلى درجات الجنة التي أعدها الله، لو عاش الإنسان في هذا الحال لا بد أن يكون له ميراث. لكن كيف يأخذ الإنسان ميراث من غير مشابهة؟! لا يكون ذلك أبداً
فميراث رسول الله لمن أحسن التشبه ظاهراً وباطنا برسول الله صلى الله عليه وسلم .. والأساس التشبه بالباطن
لكن لو تشبهت به في الظاهر فأطلقت اللحية واستخدمت السواك ولبست العمة وقصرت الثوب وأنا فظ غليظ في معاملة المؤمنين،
هل كان على هذه الشاكلة حضرة النبي؟! لا، وقد أتهم المؤمنين الذين لا يستنون بهدي ولا يمشون على نهجي بالكفر والتشريك!! ومن أين لي هذا؟! هل أباح لى الله عزَّ وجلَّ أن أحكم بين الأنام وأدَّعي أن هذا مشرك وهذا كافر؟!!!
(إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ) (67 يوسف) وهل يستطيع مؤمن كامل الإيمان في الدنيا أن يحكم لنفسه بأن يتوفاه الله على الإيمان؟!
إذا كان أنبياء الله أهل العصمة كان يقول الواحد منهم: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (101يوسف)
هذا نبي يتمنى أن يموت مسلماً ويلحق بالصالحين لأن الخاتمة لا يعلمها إلا العليم عزَّ وجلَّ فلذا إذا كنت لا أضمن لنفسي حسن الخاتمة فكيف أحكم على غيرى؟!! وأدَّعى أن هذا مشرك وأن هذا كافر وأن هذا ضال وأن هذا مبتدع .. وأنا لا أعلم من أمر نفسي قليلاً ولا كثيراً؟!!. بل إن ما أتباهى به بين الخلق من الأعمال قد آتي يوم القيامة وأجده غير مقبول من الواحد المتعال!!!!
فكلنا نعمل الأعمال لكن من يضمن منا القبول على أي عمل منها؟! (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (60المؤمنون)
السيدة عائشة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت: { أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ } (سنن الترمذي وابن ماجة ومسند الإمام أحمد)
ماذا كان يفعل أصحاب رسول الله في الليل؟ (كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (17، 18 الذاريات) كانوا لا ينامون إلا قليلاً من الليل .. ثم يستغفرون الله ويقولون لا تؤاخذنا بالحضور،
من يستطيع منا أن يحضر في صلاة كاملة من بدءها إلى ختامها؟!! إذا كان الله لا يقبل هذه الأعمال بعيوبها فلن يتقبل عملاً من أحد. ولذلك كان الإمام أبو العزائم رضي الله عنه يقول:
(والله لو حاسبتنا على أرجى عمل عملناه بعدلك لهلكنا جميعاً)
لأنه لو حاسبنا بالعدل ... فأين الحضور؟ وأين الخشوع؟ وأين عدم الغفلة؟ وأين الإخلاص؟ .... أمور كثيرة لا نقدر عليها، ولكننا نطمع أن ندخل في قول الله عزَّ وجلَّ: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ)
(16الأحقاف) يأمر الله بأن تقبل أعمالهم بما فيها من عيوب ... ويلتمس في سيئاتهم الأعذار ولا تعتبر أنها أوزار.
إذن إذا كنت لا أضمن نفسي .. أين أنا؟ وإلى أين أذهب؟ فكيف أحكم على غيرى؟!! وأتهم غيري؟
وأشتط وأشتد وأتعامل مع غيري بفظاظة وغلظة ربما تجعله ييأس من رحمة الله عزَّ وجلَّ!! المؤمن دائماً يُرَجِّي إخوانه في رحمة الله، ولا يوئسهم أو يُقنطهم من عفو الله عزَّ وجلَّ في أى أمر من الأمور،
وهذه علامةُ الوَرَثَة فالذي يرث رسول الله هو الذي يمشى على هذا المنهاج، الذي يفتح أبواب الأمل للخلق، والذي يفتح لهم أبواب الفضل والرجاء، والذي يجعلهم لا ييأسون من رحمة الله ... ولا يقنطون من الإقبال على الله مع ارتكاب الذنوب، لماذا؟ لأننا نريد أن نشدهم من يد الشيطان ونحولهم إلى حضرة الرحمن عزَّ وجلَّ.
من كتاب: (شراب أهل الوصل)
لفضيلة الشيخ/ فوزي محمد أبو زيد
رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله - جمهورية مصر العربية