آخر الأخبار
موضوعات

الاثنين، 31 أكتوبر 2016

- نظرية الخلق المباشر بين العلم والقرآن ‏

عدد المشاهدات:
ما هي أدلة الخلق المباشر من العلم ومن القرآن؟ ولماذا نرفض نظرية التطور؟ وما هو الدليل العلمي على أن التطور لم يحدث أبداً؟ دعونا نتأمل....


يسأل بعض الأحبة من المقتنعين بالتطور بتقدير الله تعالى، لماذا لا نقبل بنظرية التطور مع العلم أن كثيراً من الباحثين يؤكدون أن التطور أصبح "حقيقة علمية" ولماذا لا نحاول فهم آيات الخلق في القرآن بما يتفق مع هذه النظرية؟ وإذا كانت نظرية الخلق المباشر للكائنات صحيحة، فما هي أدلتها من العلم ومن القرآن؟

نقول: إن الذي يدرس نظرية التطور ويتعمق فيها يجد أنها مجرد فرضية تمثل وجهة نظر، وأن جميع الأدلة العلمية تؤكد خطأ هذه النظرية، ويكفي أن نقول: حتى الآن لم يستطع أحد من علماء التطور أن يأتي بدليل علمي يقيني على حدوث تطور بين الأجناس المختلفة.

هل هناك إمكانية لحدوث تطور؟

السؤال الذي أفكر فيه دائماً حول نظرية التطور، إذا كان التطور قد أصبح حقيقة يقينية كما يدعي بعض العلماء، فلماذا لا تحوي هذه النظرية أي قانون؟ فالقوانين الموجودة في النظرية هي مجرد افتراضات: اصطفاء طبيعي – طفرات... وهكذا القوانين الوحيدة التي تحويها هذه النظرية هي قوانين الوراثة وهي قوانين بعيدة تماماً عن التطور.

هل يستطيع علماء التطور أن يحسبوا لنا عدد الطفرات اللازم لنشوء مخلوق جديد؟ وهل يمكن أن يحسبوا لنا الزمن اللازم لحدوث هذه الطفرات الوراثية اللازمة لإنتاج كائن جديد من كائن قديم؟ وهل بالفعل يمكن حدوث هذه الطفرات مع مرور ملايين السنين؟

إنني أتوقع أنه لا توجد إمكانية أصلاً لحدوث مثل هذه الطفرات.. لأن المبدأ الذي وضعه داروين مبدأ باطل، وما بُني على باطل فهو باطل. إذ أن حدوث طفرات وراثية في جينات كائن ما مهما حدثت لن تؤدي لنشوء كائن جديد.. وبالتالي بناء النظرية خاطئ.

وسوف نضر مثلاً بسيطاً على الإنسان الذي يعتقدون أنه تطور ونشأ من كائن آخر (طبعاً كانوا يقولون إن الإنسان تطور عن قرد.. ولكن بعد أبحاث الجينات ثبت عدم إمكانية ذلك، فقالوا إن الإنسان والقرد تطورا من سلف مشترك.. ما هو ، وكم من الزمن مرّ، وما هي السلالة التي تطور منها... كل هذا غير معلوم حتى الآن.. هناك فرضيات فقط).

لنفرض جدلاً أن الإنسان تطور عن كائن آخر.. كم طفرة حدثت في هذا الكائن حتى أصبح إنساناً عاقلاً؟ لابد أن هناك ملايين الطفرات التي حدثت بشكل منظم وليس عشوائياً.. ولكن إذا حدثت هذه الطفرات فكم من الوقت سوف تستغرق.. إنني أتصور أن عمر الكون لا يكفي لحدوث مثل هذه الطفرات.. وعلماء التطور لن يستطيعوا إثبات العكس!

كذلك من الناحية الوراثية أقول إنه لا توجد إمكانية عملية لحدوث عدد هائل من الطفرات عبر ملايين السنين.. لأن ذلك سوف يعني وجود ملايين المخلوقات بين الإنسان والكائن الذي تطور منه.. وهذا غير موجود في عالم الواقع.


منذ البداية أدرك داروين أن نظريته غير دقيقة، حيث إن كل طفرة سوف تغير صفة ما في السلالة الجديدة.. وهكذا سوف يكون لدينا مليون مخلوق شبيه بالإنسان قبل نشوء الإنسان مثلاً!! فأين هذه الملايين من الأناسي؟؟ إن كل ما تم العثور عليه حتى الآن من بقايا عظام وجماجم كلها تعود إما لقرود أو لبشر..

حتى الآن لا يستطيع علماء التطور قياس الطفرات اللازمة لنشوء جنس جديد أو نوع جديد من الكائنات.. ولا يستطيعون حساب الزمن اللازم لنشوء هذا النوع... وبالتالي أين الحقائق العلمية التي يتحدثون عنها؟

كذلك لا توجد أي تجربة علمية أثبتت التطور حتى الآن.. كل ما يُجرى من تجارب تدخل في علم الهندسة الوراثية أو هندسة الجينات، وهذه لها قوانينها وقياساتها، وقد تمكن العلماء بالفعل من قياس الزمن اللازم لحدوث الطفرات بشكل تلقائي في أي كائن.. ولكن هذه الطفرات معظمها طفرات محايدة ولا تؤثر كثيراً على الأجيال الجديدة.. ولا تستطيع هذه الطفرات أن تنتج كائناً جديداً.

لذلك يجب أن نعلم بأن كلام الله تعالى هو أساس أي نظرية نريد بناءها.. قال تعالى: (وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ) [النحل: 101].. فهو أعلم بخلقه وأعلم بالطريقة التي ينزل بها آيات كتابه ولو كان التطور صحيحاً لأشار القرآن إليه صراحة.. فالقرآن كتاب بيّن واضح مفصل، وليس كتاب ألغاز أو طلاسم!

ولكن السؤال المهم: هل خلق الله كل كائن حي بشكل منفصل ومباشرة من عناصر الأرض؟ وما هي الأدلة من العلم ومن كتاب الله تبارك وتعالى؟

لكي نفهم التطور المزعوم يجب أن نأتي بمثال لتخيل هذه العملية التطورية، هل تتفق مع العلم؟

دعونا نتأمل المثال التالي:

إن أي جهاز كمبيوتر لا يمكن أن يعمل من دون برنامج تشغيل.. نعلم أن برنامج ويندوز مهمته تشغيل الكمبيوتر ويتضمن كافة المعلومات التي وضعها مصمم البرنامج لتلبية أهداف معينة. ولكن لو كان لدينا برنامج ويندوز 7 فمهما قمنا بتحديث هذا البرنامج فلن نحصل في النهاية إلا على البرنامج نفسه مع ميزات جديدة فقط أي ويندوز 7.. أي لن نحصل على برنامج ويندوز 8 لماذا؟

لأن تصميم النسخة 8 من البرنامج تختلف تماماً عن النسخة 7 وبالتالي لابد من حذف النسخة القديمة وتركيب النسخة الجديدة.. ومع أن قطع الكمبيوتر هي ذاتها إلا أن تغيير برنامج التشغيل أعطاناً مظهراً جديداً لشاشة الكمبيوتر وشكل الأيقونات وقائمة ابدأ... وغير ذلك.



إن إنتاج برنامج تشغيل جديد يحتاج لإجراء عملية برمجة جديدة، كذلك إنتاج كمبيوتر حديث يحتاج لتصميم جديد ومستقل، ولا يمكن تطوير البرامج أو الكمبيوترات القديمة.. بل يقوم المصممون بتصميم برامج وأجهزة جديدة.. وهذا هو المنطق العلمي..فأنت تعلم عزيزي القارئ أنك إذا أردتَ تحديث برنامج التشغيل لديك على الكمبيوتر من 7 إلى 8 عليك حذف البرنامج القديم وتنصيب برنامج جديد لتتمكن من العمل على البرنامج الجديد.. وإذا أردتَ أن تحدث جهازك فعليك أن تشتري واحداً جديداً بمواصفات أحدث، وهذا ما يعلمه كل واحد منا.. فلماذا نريد أن تتوالد الكائنات من بعضها وتعطينا مخلوقات أكثر ذكاء أو أكثر تعقيداً وبمواصفات جديدة دون الحاجة لتغيير المخلوق واستبداله بمخلوق آخر، أي تصنيع مخلوق جديد!!

وبالتالي فإن عملية تصميم مخلوق جديد ولو كان شبيهاً إلى حد ما بمخلوق سابق، إلا أنه لا يمكن تطويره (أو تحديثه) مهما فعلنا لأنه سينتج لدينا نفس المخلوق ولكن بشكل معدل قليلاً.. تماماً مثل ما يحدث في عالم الطيور... يبقى الحمام حماماً مهما تغير شكله ولونه وحجم منقاره وطريقة تكيفه مع البيئة وألوانه.... يبقى في النهاية عبارة عن حمام... لن يتحول إلى طير جارح مثل الصقر مهما حدث من تغيرات في جيناته.

فإذا كان هناك طائر بمواصفات جديدة مثل الصقر، فلا بد أن هناك برنامج تشغيل جديد مختلف تماماً عن القديم وتم وضع دفعة واحدة وليس بالتدريج... وكما قلنا فإن مصمم برنامج ويندوز 7 لن يستطيع أن يقدم نسخة مختلفة تماماً من حيث التصميم أي يعطينا برنامج ويندوز 8 بمجرد إجراء تحديثات متتالية للبرنامج ولو أجرى ملايين التحديثات... لن يحصل على برنامج تشغيل جديد يشبه الويندوز 10 ... لابد من برمجة جديدة.. وهذا يعرفه المبرمجون ولا يحتاج لإثبات علمي.

إذاً المنطق العلمي يفرض أن يتم وضع برنامج تشغيل جديد لكل كائن جديد! ويجب أن يتم وضع هذا البرنامج دفعة واحدة وليس بالتدريج أو عبر ملايين السنين... فإذا كان هذا التصور صحيحاً فهذا يعني أن التطور لم يحدث على الإطلاق.. ومن الخطأ أن نقول إن القرآن يشير إلى التطور.

فإذا اقتنعنا أن الله تعالى هو من يقوم بوضع برنامج التشغيل الخاص بكل كائن حي.. فهل يأتي بمخلوق ما لديه برنامج تشغيل جاهز، فيقوم الخالق عزّ وجل بنزع البرنامج القديم ووضع برنامج جديد يناسب الكائن الجديد.. هل الله بحاجة لذلك؟

لو كان هذا الكلام صحيحاً إذا لا يمكن أن يعبر عن هذه العملية بالخلق بل بالجعل أو التطور أو التغير أو أي تعبير آخر.. لأن هذه العملية ليس خلقاً.. طبعاً كل آيات القرآن تؤكد أن الله تعالى خلق الكائنات خلقاً وليس بالتطور أو بالتحول أو التغير... قال تعالى: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16].

آية رائعة تؤكد الخلق المباشر

الله تعالى يقول: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) [السجدة: 7]. هذه الآية تؤكد أن الله تعالى قد أحسن خلق كل شيء وبدأ خلق الإنسان من الطين.. لم يقل (جعل) بل قال (خلق) لأن الجعل تعني التحويل من شكل لآخر، ولكن الخلق للإنسان هو إيجاد شيء جديد من الطين أو الماء أو عناصر الأرض.

هل يمكن أن نأتي بعبارة أخرى تحل محل هذه العبارة؟ أي لو كان التطور صحيحاً والآية تعني أن الله تعالى خلق كل شيء في الأرض.. وبدأ خلق الخلية الأولى من الطين ثم تطورت حتى ظهر النبات ثم ظهرت الأسماك ثم الحيوانات والطيور... إلى أن ظهر الإنسان..

الآن لو قلنا (الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق النبات من طين) هل هذه العبارة صحيحة حسب التطور؟ نعم ، ولو قال: (وبدأ خلق الطيور من طين) أيضاً هذا صحيح لو كان التطور صحيحاً.. كذلك لو كان التطور صحيحاً يمكن أن نستبدل الآية بعبارة أخرى مثلاً (وبدأ خلق الحيتان من طين)... وهكذا فإنه يمكننا أن نبدل كلمة مكان كلمة ولا يضر بالمعنى.. وهذا يخالف قوله تعالى: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود: 1]. فالقرآن كما نعلم جميعاً كلام الله، ولا يمكن لبشر أن يأتي بكلمة ويضعها مكان كلمة ويبقى المعنى صحيحاً، فلا يمكن إبدال كلمة بأخرى.

أي أن نظرية التطور لو كانت صحيحة فإن صياغة الآية بهذا الشكل (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) غير دقيق علمياً، فلماذا يخص الإنسان بالذات بهذا الخلق من الطين؟ إن هذه الآية لتشهد على أن الله قد خلق جميع المخلوقات قبل الإنسان ثم بدأ بخلق هذا الإنسان خلقاً مباشراً من الطين..



من الناحية العلمية كم يتطلب الوقت لإحدات عدد هائل من الطفرات الجينية لكائن حي حتى يتحول لكائن جديد بمواصفات جديدة مثل هذه السمكة الطائرة، كيف تطورت لديها القدرة على الطيران لأكثر من 200 متراً في الهواء؟ وكم من الزمن تطلبت هذه الأجنحة لتتطور وكم تطلبت من معلومات جديدة لوضعها في دماغ هذه السمكة لتتمكن من استعمال أجنحتها... سوف يحتاج مئات الملايين من السنين على أقل تقدير.. وإذا كان التطور حقيقة علمية فليقم علماء التطور بحساب هذا الزمن.. وطبعاً لم ولن يستطيعوا، لسبب بسيط وهو أن التطور لم يحدث أبداً إنما خلق الله تعالى هذه الأنواع خلقاً مباشراً من دون الحاجة لملايين السنين!

استحالة حدوث التطور علمياً

من الناحية العلمية يستحيل إحداث طفرات جينية متدرجة لإنتاج كائن جديد.. مثلاً الأسماك التي تعيش في الماء تطورت إلى زواحف على اليابسة.. لو قمنا بمقارنة الزواحف بالأسماك سوف نجد آلاف الطفرات الجينية التي حدثت في خلايا الأسماك حتى تطورت إلى زواحف... والسؤال: كيف يمكن أن تنمو للأسماك أرجل بدلاً من الزعانف، وهي في الماء؟ إذاً لابد أن تنمو هذه الأرجل في اليابسة..

ولكن دقيقة! كيف انتقلت الأسماك إلى اليابسة من دون تطور جهاز التنفس لديها ليتناسب مع الهواء بدلاً من الماء... فإذا تطور هذا الجهاز التنفسي في الماء فهذا مستحيل لأنها ستموت.. ولو تطور هذا الجهاز التنفسي على اليابسة ستموت أيضاً لأنه لا يمكنها الخروج إلى اليابسة إلا بعد امتلاكها لجهاز تنفس "هوائي"...

أين تطور جلد السمكة ليناسب الحياة البرية.. هل حدث هذا في الماء؟ طبعاً مستحيل لأنها لن تتمكن من العيش بجلد غير جلدها لفترات طويلة، لاسيما أن التطور يقول بأن العملية تتم عبر ملايين السنين..



هناك شيء اسمه الانفجار الكامبري الذي أنتج عدد هائل من الكائنات الجديدة التي ظهرت لأول مرة وخلال زمن قصير نسبياً.. كيف استطاعت هذه المخلوقات أن تتطور من بعضها بهذه السرعة الفائقة وإحداث هذا التنوع الهائل دفعة واحدة... إن التنوع الذي ظهر في العصر الكامبري حسب قوانين التطور، سوف يتطلب مئات الملايين من السنين حتى يحدث... ولكن الكائنات جاءت دفعة واحدة وخلال عدة ملايين من السنين فقط.

مراحل خلق سيدنا آدم

دعونا نتأمل المراحل التي مر بها الإنسان حسب القرآن:

المرحلة الأولى: قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) [السجدة: 7]. هذه الآية تتألف من قسمين القسم الأول (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) وهذا القسم يتضمن خلق الكائنات الحية قبل الإنسان.. ولا يمكن أن يتحدث فقط عن خلق السموات والأرض كما يعتقد البعض، لأن الآيات الستة الأولى من سورة السجدة تناولت قصة خلق السموات والأرض وما بينهما.. وليس من المنطقي أن يتكرر الكلام هنا، لذلك فإن قوله تعالى (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) تعني خلق السموات والأرض والجبال والبحار... وكذلك الكائنات الحية من نبات وطيور وأسماك وحيوانات وحشرات...

القسم الثاني من الآية تناول خلق الإنسان: قال تعالى: (وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) أي أن الله تعالى بعدما خلق الكائنات الحية على اختلاف أنواعها بدأ خلق الإنسان من طين خلقاً مباشراً مستقلاً.. ولو كان الإنسان قد نتج عن التطور من مخلوق سابق فليس لهذه الآية معنى بهذه الصيغة، كان الأفضل أن يقول: وجعل بدلاً من خلق، بل أكد على حقيقة الخلق المباشر من خلال قوله (بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ) أي أن الإنسان لم يكن موجوداً ولا بأي شكل من الأشكال.. فأوجده الله تعالى بشكل مستقل.

المرحلة الثانية: ولكن خلق الإنسان لا يعني أنه أصبخ بشراً عاقلاً سميعاً بصيراً... بل الخلق هو التكوين الأولي للإنسان وإعطائه الشكل المناسب الذي أراده الله تعالى. هذا الشكل الطيني يحتاج لمعلومات حتى يتمكن من الحركة والتكاثر والعيش.. ولذلك قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ) [السجدة: 8]... حتى الآن ليس هناك إنسان كامل، بل هناك بداية لخلق إنسان، وتقدير لنوع النسل (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) أي تم وضع كل المعلومات وبرامج التشغيل اللازمة لحياة هذا الإنسان وتكاثره ونسله قبل نفخ الروح، أي لا يزال الإنسان غير مكتمل حتى هذه اللحظة.

المرحلة الثالثة: ولذلك قال تعالى في الآية التالية قال تعالى: (ثُمَّ سَوَّاهُ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصَارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) [السجدة: 9]. وهذه الآية فيها مراحل عدة.. (ثُمَّ سَوَّاهُ) هنا تتم عملية التسوية والتشكيل وإعطاء الإنسان الصورة التي أرادها الله لنا نحن البشر. أي الشكل الخارجي.



قال تعالى: (وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) هنا تأتي أهم عملية في تكوين الإنسان وهي نفخ الروح، فمن دون هذه الروح لا يمكن أن يكون هناك إنسان.. ونظرية التطور لا تعترف بشيء اسمه الروح.. وهذا خطأ علمي، فكيف يمكن للإنسان أن يتمتع بكل هذه المواصفات من مشاعر وحب وكره وتعلم وإبداع وضحك وبكاء وتعلم ونطق واختراع وبناء وووو... ثم يقول أصحاب التطور إن نسبة التشابه بين الإنسان والقرد أكثر من 98 % !!!

طبعاً هم أغفلوا أهم عنصر في الإنسان وهو الروح.. فكيف يمكن لنا أن نؤمن بنظرية تنكر الروح وقد أثبتها القرآن صراحة؟؟

قال تعالى: (وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصَارَ وَ الْأَفْئِدَةَ) هذه مراحل لم يقل فيها البارئ تعالى: وخلق لكم السمع.. بل قال: وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ... ليدل على أن عملية تشكل السمع والبصر وغيرها من أجهزة الجسم يتم عن طريق انقسام وتكاثر الخلايا في الرحم..

إن القرآن لا يتحدث عن خلق السمع أو خلق البصر أو خلق العين! بل قال مثلاً: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) [البلد: 8]. فلم يقل: ألم نخلق له عينين.. لأن عملية تشكل الأعين جاءت كنتيجة لعملية الخلق الأولى التي تمت من الطين. لذلك كلمات القرآن دقيقة جداً والله تعالى أعلم بما يقول وهو أعلم بما خلق.. قال تعالى: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) [النجم: 32].

لنتأمل من جديد: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصَارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ * وَ قَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ) [السجدة: 7-10].

هذا النص القرآني لا يمكن أن نفهم منه أن الإنسان تطور من كائن آخر قبله... فالقرآن نزل باللغة العربية ونزل واضحاً بيناً والله تعالى لا يحتاج لمن يعلمه كيف يكتب كتابه الكريم. لقد أنزل الله هذا القرآن بهذه الصيغة وهو يعلم أنه سيأتي زمن وتنتشر فيه نظرية التطور... فهل الله تعالى لم يكن قادراً على صياغة آيات الخلق بأسلوب يُفهم منه التطور؟

كذلك فإن نظرية التطور تنكر إعادة الخلق لأن قوانين التطور تسير باتجاه واحد ولا تسمح بإعادة الخلق من جديد، ولذلك هذه النظرية تخدم الملحدين الذين يقولون: (وَ قَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)، ولذلك نحن المسلمون ننكر نظرية التطور لأنها تنكر إعادة الخلق وهذا تعارض واضح مع القرآن.

لماذا (خلق) وليس (جعل)؟

لماذا نجد آيات كثيرة تتحدث عن الرتق والفتق والحبك والرجع والصدع وأوتاد الجبال... وكلها آيات مطابقة مئة بالمئة لما كشفه العلماء حديثاً من أسرار الكون... بل يأتي التعبير القرآني مطابق تماماً للمصطلح العلمي مثل: البناء الكوني، الدخان الكوني، المصابيح الكونية...

فالقرآن دائماً يأتي مطابقاً للحقيقة العلمية، ولكن نظرية التطور لو كانت حقيقة علمية لرأينا آيات الخلق مطابقة لها، والله تعالى لا يمنعه شيء أن يتحدث صراحة عن تطور الكائنات، كيف لا وهو خالقها، فهل الله تعالى لا يعرف كيف يعبر عن خلقه قال تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14].

إن الله أعلم بخلقه وأعلم بكيفية خلق الكائنات.. قال تعالى: (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ) [البقرة: 140]. ولذلك كل من يدعي أن القرآن ليس كتاب فيزياء أو كيمياء أو طبيعة... نقول: إنه كتاب خالق الكون ولا يمكننا أن نعلم الله تعالى لأنه يعلم كل شيء!! قال تعالى: (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحجرات: 16]. كما قال تعالى: (وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ) [الإسراء: 55].



القرآن الكريم غالباً ما يستخدم كلمة (جعل) مع العمليات التي فيها تطور، مثل نشوء الجبال من اصطدام الألواح الأرضية.. فعبر عن هذه العملية بقوله تعالى: (وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) [النحل: 81].. فالظلال ليست مخلوقة إنما هي نتيجة لمخلوق، فالظل يتشكل كنتيجة لحجب ضوء الشمس.. كذلك البيوت في الجبال هي نتيجة النحت أو نتيجة عوامل طبيعية... وهكذا القرآن دقيق جداً في استعمال كلمة (خلق).

الله تعالى لم يذكر خلق الجبال أو البحار أو الأنهار... لأن تشكل الجبال تم عبر تغيرات حدثت على الألواح الأرضية.. وكذلك الماء لم يُخلق خلقاً بل جاء نتيجة عمليات فيزيائية وكيميائية حدثت في الكون.. ولكن عندما يتحدث عن الإنسان يقول (خلقنا) أما الجبال فيقول (جعلنا).. قال تعالى: (وَ جَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [الأنبياء: 31].  وعن الماء (أنزلنا) وكذلك الحديد....

إذاً كلمات القرآن دقيقة جداً فعندما يتحدث عن السموات والأرض يقول (خلق) أما عندما يتحدث عن الظلام والضوء فلا يقول خلق بل (جعل) لأن النور هو نتيجة احتراق الوقود النووي في النجوم.. فالظلام مثلاً ليس مخلوقاً لأنه نتيجة غياب الضوء، ولذلك قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام: 1]. فقد استخدم القرآن كلمة (خَلَقَ) للتعبير عن خلق السماء.. أما كلمة (جَعَلَ) فقد استخدمها القرآن للتعبير عن الظلام!

الآن تأملوا معي هذا النص الرائع:

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ نُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَ تَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [الحج: 5].

هنا تصريح واضح ومباشر أن الله خلقنا من تراب، وهذا يؤكد أن الله سيعيد خلقنا يوم القيامة من تراب، فهو يبدأ الخلق ثم يعيده، وهذا ينسجم مع حقائق القرآن أكثر بكثير مما لو قلنا إن الكائنات تطورت عن بعضها.. قال تعالى: (وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَ صِهْرًا وَ كَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) [الفرقان: 45].

فالإيمان بنظرية التطور يعني الإيمان بالمصادفة والعشوائية والطبيعة... الإيمان بالتطور يعني إنكار إحياء الموتى يوم القيامة.. لأنه حسب قوانين التطور لا يمكن إعادة الخلق بعد فنائه.. والله يقول: (وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الروم: 27]، فكيف يمكن القول بأن التطور لا يتناقض مع القرآن؟

احتمالات الخلق

هناك نظريتان للخلق، الأولى تعتمد على النشوء والارتقاء والتطور، والثانية تعتمد على الخلق المباشر.. دعونا نناقش كلتا النظريتين أو الاحتمالين.

الاحتمال الأول أن الله تعالى خلق المخلوقات وفق التطور.. وبالتالي فإن آيات الخلق في القرآن يجب إعادة تفسيرها بما يتناسب مع نظرية التطور.. وهذا سوف يوقعنا بمشكلات كثيرة مع كتاب الله، فكتاب الله ليس مجالاً للتجربة والقول بالرأي وتحميل آياته ما لاتحتمل من المعاني، ونكون بذلك قد وقعنا في خطأ كبير..

وماذا لو أثبت العلماء بعد مدة أن نظرية التطور خاطئة مئة بالمئة؟ ماذا سيكون رد فعل من يؤمن بالتطور؟ لذلك أحب أن أطمئن كل أخ مسلم أن نظرية التطور لن تصبح حقيقة علمية، لأن علماء الغرب منذ أكثر من 150 عاماً يحاولون إثباتها ولم يفلحوا.. أتوا بجماجم مزورة، وبمتحجرات وهمية، وأوهموا الدارسين وطلاب الجامعات أن التطور حقيقة علمية... وفعلوا الكثير ولم يتمكنوا حتى الآن من تقديم دليل علمي واحد فقط على صدق التطور إلا دليل ظاهري هو التشابه بين الكائنات.. لذلك التطور لم يحدث على الإطلاق.

الاحتمال الثاني أن يكون الله تعالى قد خلق الكائنات خلقاً مباشراً.. وهذا ما تؤيده المعطيات والدلائل العلمية من علم المتحجرات وعلم الوراثة وعلم التشريح وعلم تصميم الكائنات وعلم الاحتمالات وعلم المنطق أيضاً... وعلوم كثيرة أخرى... وتؤيده الآيات الصريحة في القرآن.. فمالذي يمنع أن نعتقد بهذا الاحتمال الذي يطابق العلم والقرآن؟!

أيهما أفضل بالنسبة لله تعالى، أن يخلق المخلوقات بشكل مستقل أم بالتطور؟

الله تعالى قادر على كل شيء.. والأقرب للعقل والمنطق أن الله تعالى يخلق الكائن الحي من الماء مثلاً خلقاً مباشراً... لأن تطوير كائن ما ليتحول إلى كائن آخر جديد يعني أن الله تعالى مثلاً يأتي بسمكة ويغير المعلومات المخزنة في جيناتها لتتحول إلى حيوان بري له أرجل وبشكل مفاجئ.. لماذا يقوم الله تعالى بذلك ثم يعبر عن هذه العملية التطورية بكلمة (خلق)؟ هذا مخالف للقرآن وللعلم أيضاً..

الانفجار الكامبري كما قلنا أنتج عدداً هائلاً من الكائنات الحية في نفس الوقت.. ولذلك هل الله تعالى قام بعمليات تطوير في نفس اللحظة.. ولماذا يقوم بذلك وهو يملك القدرة على الخلق من الماء.. الله يقول: (وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ) [النور: 45].. فهذه الآية تؤكد أن الله خلق جميع الدواب من حشرات وحيوانات من ماء.. فلماذا أساساً نفترض أن المخلوقات تطورت من بعضها؟ وما الفائدة من هذه الفرضية؟ هل زادت فهمنا لسر نشوء المخلوقات، أم زادت الأمر تعقيداً وزادت العلماء حيرة؟

لو كانت هذه الدواب تتطور من بعضها لقال: والله جعل كل الدواب من الماء.. ولكن قال: كل دابة، كأنه يريد أن يحدد لنا أن كل جنس من أجناس هذه الحيوانات إنما خلق من الماء خلقاً مباشراً.

تخيّل أن أحد مصممي الكمبيوتر طور جهازاً بمظهر جديد ومزايا جديدة وتمت إضافات كثيرة على الكمبيوتر القديم مثل تطوير الشاشة العادية إلى شاشة لمس، تطوير الأزرار العادية إلى أزرار لمس مثلاً، تطوير الغلاف البلاستيكي إلى غلاف معدني،... بالإضافة لتطوير المعالج البدائي القديم إلى معالج سريع جداً... تطوير أسلوب التبريد وتقليل استهلاك الطاقة... وأخيراً تطوير برنامج التشغيل القديم إلى برنامج تشغيل حديث ويناسب هذه المواصفات الجديدة...

الآن لو طلبنا من المصمم أن يأخذ الكمبيوتر القديم ويجري تعديلات عليه لينتج لنا الكمبيوتر الجديد.. إنه سيقول على الفور: هذا مستحيل تماماً، لأن الشاشة القديمة ذات الدقة المنخفضة لا يمكن أن تصبح Full HD مهما فعل المصمم.. الغلاف البلاستيكي لا يمكن أن يتحول إلى غلاف معدني مهما قمنا بتطويره، المعالج القديم لا يمكن تطويره ليصبح سريعاً مهما فعلنا..

حتى أسوأ مصصم سوف يقول لنا: من الأفضل والأكثر كفاءة أن نقوم بتصميم كمبيوتر جديد وتصنيعه بشكل مستقل عن القديم.. هذا سيعطينا جهازاً أكثر كفاءة وأقل تكلفة وينمكن إنتاجه بشكل أسرع! لذلك عملية التطوير مستحيلة من الناحية العملية.

هذا ما يحدث أثناء خلق المخلوقات.. فالأفضل أن يتم تصمصم مخلوق جديد بمواصفات جديدة وخلقه بدءاً من عناصر الأرض، وتزويده ببرنامج تشغيل مناسب لهذا الكائن الجديد، وإعطائه التصميم المناسب للبيئة التي سيعيش فيها.. هذا من الناحية العملية أفضل بكثير من تطوير كائن قديم!!



لو كان التطور صحيحاً وبفعل الطفرات والاصطفاء الطبيعي وقوانين الطبيعة الصارمة.. إذاً لماذا بقيت البكتريا الأولى  Stromatolites التي نشأت قبل 3.5 مليار عام على حالها طيلة هذه المليارات من السنين ولم تتغير!! لماذا لم يؤثر عليها الزمن وعوامل الطبيعة والتغيرات المناخية والاصطفاء الطبيعي وقوانين الوراثة... إن وجود بكتريا تعيش منذ 3.5 مليار سنة ولم تتطور وهي تعيش وتتكاثر بطريقة عادية جداً وتشكل هذه المناظر الرائعة التي نراها في الصورة.. ولم يؤثر عليها الزمن، لهي دليل صارخ على أن التطور غير موجود أصلاً بل هو مجرد وهم!

التغير وليس التطور

هناك تغيرات مستمرة تخضع لها جميع المخلوقات في هذا الكون.. فالجبال ليست ثابتة إنما تتغير وتتحرك وتغير شكلها عبر ملايين السنين.. وكذلك الأنهار والبحار والنباتات... وحتى جميع الكائنات تتغير باستمرار.. حتى البشر يخضعون لقانون التغير، فعبر آلاف السنين يتغير شكل البشر قليلاً وتتغير ألوانهم وأحجامهم وقدرة نظامهم المناعي وحتى حجم الدماغ يتغير مع الزمن.. ولكن في النيجة النيات يبقى نباتاً والسمكة تبقى سمكة والقرد يبقى قرداً...

إذاً يمكنني القول بأن فكرة التطور أصلاً فكرة غير علمية ولا تمت للعلم بصلة! لأنه ليس هناك إمكانية لدى أي كائن أن يكتسب صفات جديدة تحوله وتطوره لكائن مختلف.. هذا الكلام مناقض لمبادئ العلم ولذلك عندما نوجه سؤالاً للتطوريين: أثبتوا لنا أن الكائنات تتطور.. يلجأون لخدعة الزمن.. ويقولون: إن التطور يحتاج لملايين السنين ولا يمكن تجربة ذلك عملياً!!



غالباً ما يلجأون لخدعة تطور الفيروس ويقولون إن الفيروسات تتطور بسرعة ويمكن رؤية ذلك في المختبر.. ويقدموا تجارب وصور تثبت أن الفيروس يتطور ويغير شكله.. ولكنه في النهاية يبقى فيروس!! وعندما نقول لهم إن الفيروس لم يتحول لكائن آخر، يعودون لخدعة الزمن ويقولون إن التطور يحتاج لملايين السنين! فكيف بكم تصدقون أن هذه الكائنات نشأت من بعضها وتطورت على الرغم من الاختلافات الهائلة بينها، وعلى الرغم من أنه لا يوجد أي دليل علمي على ذلك سوى بعض التشابهات!!

نحن نعلم علمياً أن الطفرات التي تحدث بشكل طبيعي في الكائن الحي لا تحدث كل يوم بل عبر آلاف السنين.. ولذلك يمكننا مراقبة النملة عبر ملايين السنين ونرى أن هناك تغيرات تحدث باستمرار تتعلق بشكل النملة وحجمها ولكنها تبقى نملة.. هذه التغيرات يمكن رصدها خلال ملايين السنين...

فالحيوانات التي ظهرت في العصر الكامبري قبل من 570 مليون عام، ظهرت بشكل مفاجئ.. ثم ظهرت بعد ذلك حيوانات أخرى عبر ملايين السنين.. ولكن هذه الحيوانات منها ما هو يعيش حالياً على الأرض ولم تحدث فيه إلا تغيرات طفيفة من حيث الحجم والشكل وبعض الخصائص.



هناك كائنات عملاقة مثل الديناصورات ظهرت وانقرضت خلال ملايين السنين ويجهل العلماء حتى الآن سبب انقراضها.. وهناك كائنات كثيرة ظهرت في نفس الفترة ولم تنقرض حتى اليوم، وهي تعيش وتتكاثر ولم تتغير إلا قليلاً.. فحسب نظرية التطور يجب أن يعمل الاصطفاء الطبيعي على تطوير هذه الحيوانات وعدم تركها من دون تغيير!!

الطفرات لا يمكن أن تنتج مخلوقاً جديداً

كذلك الطفرات التي تحدث في مخلوق ما لا يمكنها أن تنتج مخلوقاً آخر بمواصفات جديدة ويعمل بكفاءة عالية، ولذلك مبدأ الطفرات الوراثية هو مبدأ خاطئ من أساسه.. وهذه التغيرات أو الطفرات تتم على الجنس الواحد ولا تستطيع تحويل جنس إلى آخر..

وإننا نقول لكل من يؤمن بنظرية التطور أرجوكم أعطونا دليلاً علمياً واحداً على تطور كائن إلى كائن آخر.. لا نريد أكثر من مثال واحد فقط وسوف نقتنع معكم بالتطور! ولكن الإجابة تكون دائماً بعض المتحجرات التي لا علاقة لها بالتطور.. وبعض الأمثلة من علم الهندسة الوراثية وبعض الصور لأجزاء متشابهة بين كائن وآخر... هذا كل ما يقدمونه..



كل ما يفعله علماء التطور أنهم يخدعون الناس وهم يعلمون بذلك.. فهذه صورة لإنسان نبراسكا Nebraska Man وهو مرحلة متوسطة بين القرد والإنسان.. تم بناء هذه الصورة على ضرس وُجد متحجراً عام 1917 في أمريكا الشمالية، وقد تم قبوله في المجتمع العلمي كاكتشاف عظيم يؤكد نظرية التطور عام 1922..



وقد ثار خلاف بين علماء التطور هل هذا الضرس يعود لإنسان أم لقرد.. وقرروا أنه شبيه إنسان وأطلقوا عليه مصطلحاً علمياً Hesperopithecus haroldcooki ولكن بعد سنوات قليلة وفي عام 1925 عثر على أجزاء أخرى تبين أن الضرس يعود لخنزير بري منقرض!! فلا هو إنسان ولا هو قرد، وهكذا يخدع التطوريون الناس بطرق بدائية جداً.

كذلك فإن إنسان نياندرتال الذي اعتبر كمرحلة متوسطة بين القرد والإنسان.. أثبتت التحاليل والدراسات أنه بشر مثلنا، بل أثبتت دراسة علمية جديدة أن هذا الإنسان كان يتزوج من الإنسان الحديث وهذا الاكتشاف يقدر أن هذا الإنسان عاش قبل أكثر 100 ألف سنة وأن التزاوج حدث قبل 65000 سنة؟ وهذا يعني أنه لا يوجد إنسان قديم وإنسان حديث.. بل يوجد نوع واحد من البشر (بألوان وأحجام مختلفة) ظهر فجأة على الأرض.. هذا ما يجب أن يعتقده أي إنسان يحترم عقله!



حتى الإنسان الذي يدعى نياندرتال Neanderthals والذي قالوا إنه بشر غير عاقل ورسموا له صورة تخيلية على أنه بين القرد والإنسان (طبعاً الصورة ليس لها علاقة بالحقيقة هي فقط لخداع الناس وتزوير الحقائق والانتصار لفكرة التطور)... تبين يقيناً أنه إنسان عاقل له نفس خصائص الإنسان العادي مع اختلافات قليلة في بعض الأحجام.. وهناك دراسة تؤكد أن هذا الإنسان كان لديه ثقافة عالية ويؤمن بالآخرة، أي أنه يشبه الإنسان الحديث، وأنه لا توجد أية مراحل متوسطة كما يدعي التطوريون!!

ماذا لو أثبت العلم التطور؟

لنفرض جدلاً أن الكائنات تطورت من بعضها وأثبت العلم هذا الأمر يقيناً.. فإن العلم لن يثبت أن الإنسان تطور من مخلوق سابق مهما توصل إلى حقائق وأسرار واكتشافات.. سوف تثبت الأيام القادمة أن الإنسان بالذات خُلق خلقاً مستقلاً من طين...

إنني متأكد أن العلماء لن يستطيعوا أن يثبتوا نظرية التطور مهما فعلوا.. وأنه يجب أن يكون لدينا علماء يقومون بأبحاث في مجال علم الأحياء لإثبات هذا الأمر علمياً.. وقد يسخّر الله لهذه القضية من يخدمها ويظهر الله الحق على يديه.. إنه قادر على كل شيء سبحانه وتعالى.

لذلك أرجو من كل أخ مسلم قد اقتنع بالتطور أن يسأل نفسه هذه الأسئلة: هل يوجد دليل علمي على حدوث التطور؟ هل يوجد تجربة علمية واحدة أثبتت تطور كائن لآخر؟ هل يوجد متحجرة واحدة لمخلوق كان في مرحلة التطور بين مخلوقين.. أم أن كل المتحجرات التي عثر عليها حتى الآن هي لمخلوقات كاملة بتصميم مثالي؟ هل يوجد عالم واحد استطاع حساب الطفرات التي حدثت لتطور كائن إلى كائن آخر؟ وهل يوجد عالم قام بحساب الزمن اللازم لحدوث تطور مخلوق إلى مخلوق آخر؟

وهل يوجد عالم واحد تمكن من تحديد كائن محدد تطور من كائن محدد آخر وخرج ببحث علمي يؤكد فيه هذا التطور؟ وهل يوجد باحث استطاع أن يحدد لنا سر الانفجار الكامبري الذي ظهرت فيه ملايين الكائنات بشكل مفاجئ؟

هل يستطيع أكبر عالم تطور أن يفسر لنا سر بقاء البكتريا التي خلقت قبل 3.5 مليار عام على الأرض دون تغير وهي لا تزال تعيش حتى الآن؟ هل يستطيع علماء التطور ولو اجتمعوا أن يكسفوا لنا كيف تشكلت الخلية الأولى على الأرض؟؟ وهل يستطيعون أن يخبرونا كيف تشكل الشريط الوراثي DNA من عناصر الأرض؟

وهكذا أسئلة كثيرة جداً لا نتنهي كلها تؤكد جهل علماء التطور بحقيقة الخلق، لذلك يا أحبتي اتركوا المخلوقات والجأوا إلى خالق الكون سبحانه وتعالى.. فالقرآن هو الكتاب الوحيد الذي يعطيكم الحقيقة الكاملة، وهو الكتاب الوحيد الذي يمنح أتباعه العقيدة الصحيحة.. هذه العقيدة هي التي ستلقون الله بها عز وجل.. ولن ينفعكم داروين ولا داوكينز ولا علماء الدنيا.. الذي سينفعكم القلب السليم والعقيدة السليمة.. هذه العقيدة هي التي مات عليها خليل الرحمن سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو الذي رأى كيف يحيي الله الموتى ورأى المعجزات وهو الذي علمه الله أسرار الخلق.. فقال: (وَ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَ لَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 87-89]. نسأل الله تعالى أن نلقاه بقلب سليم وعقيدة صحيحة، كما لقيه الأنبياء والصالحون والصديقون... وأن نكون معهك يوم القيامة.. وحسُن أولئك رفيقاً..

ــــــــــــ

بقلم عبد الدائم الكحيل
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير