آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 30 أكتوبر 2016

- عناية الله بشباب الاسلام

عدد المشاهدات:
عناية الله بأحبابه 
عناية الله بأحبابه هى البراق الذى يبلغ بهم أقصى غايات القرب من الجناب المقدس، والعناية الإلهية لا تحصر أنواعها ولا تتناهى آياتها- قال تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) سورة البقرة آية 257 وقال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) سورة آل عمران آية 164، وقال سبحانه: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) سورة الكهف آية 17، وقال تعالى مخبراً عن سيدنا شعيب عيه السلام: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ) سورة هود آية 88، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) سورة الانبياء آية 101 وقال تعالى: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ)النور آية 35، وقال سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) سورة النور آية 40.

والأحاديث النبوية فى بيان انفراد الحق جل جلاله بالعناية والتوفيق والمعونة أكثر من أن تحصى، وكفى المسلم المستبصر تحققاً بهذا المقام ما يتلوه كل يوم فى صلاته من قوله تعالى: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) سورة الفاتحة آية 5، فإن لهذه الآية الشريفة منازلات لو كوشف بها المصلى لتجلت له الحقيقة جلياً.. ولفر من حوله وقوته إلى جناب القدس الأعلى متحققاً بعجزه الحقيقى عن أن يقوم عابداً لله إلا بمعونة من الله ومنة منه سبحانه.

وليست هذه العقيدة فى العبادة خاصة بل هى فى كل شئون العبد، ولكل مسلم قسط بقدر مشاهدته لهذه الأنوار الربانية، ومنذ خفيت معالم طريق الله باختفاء أهل العلم بالله تشعبت الجماعة وتفرقت الأمة فصاروا شيعاً وفرقاً كل يرى الحق باطلاً لجهله، ومن جهل شيئاً عاداه.

لست فى مقام تقرير سبب تفرقة الأمة إلى شعوب ولا فى تركيب الداء لهذا المرض، فإنى سأبسط ذلك إن شاء الله تعالى فى رسالة خاصة تكون محلاً لتلك المواضيع الهامة، ولكنى أبين لإخوانى ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآداب التى أدبهم بها رسول الله ووفقهم الله للتأدب بها فرضى عنهم وأرضاهم عنه وأحبهم وأحبوه.. تظهر تلك العناية بالعبد من شبابه بل ومن صباه.

أنواع تلك العناية:

أعظم أنواعها أن يتفضل الله على العبد بتناسب أعضاء بدنه واعتدال مزاجه، وفى الأثر: العقل الصحيح فى الجسم الصحيح.. فإن الأعضاء آلات للنفس، لكل عضو وظيفة يؤديها، ومتى كملت الآلات والأدوات أمكن للنفس أن تقوم بواجبها وتسارع إلى كمالاتها، وهذا فضل يشهده العالم والجاهل من الله مباشرة بلا تدبر للعبد فيه ولا كسب، ثم أن يهبه الله تعالى نفساً زكية يجملها سبحانه بمعانى الخير فتميل إليه، ومن العناية أن ينشأ المسلم بين والدين تقيين عاملين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيكونان أعظم إمام له- قال تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) سورة الطور آية 21.

ومنها أن الله يمن على المسلم بالمرشد المتخلق بأخلاق رسول الله الممنوح لسان الحكمة. ومنها أن ينشأ محفوظاً من الفتن الخاصة والعامة، ومنها أن يرزقه الله تعالى الحياء من صباه فيستحى أن يتشبه بمن لا خلاق لهم فيشيب على التقوى، ومنها أن يجعل الله له أصدقاء يعينونه على الخير فتتجمل نفسه التى وهبها الله له بما هى مؤهلة له من جمال أخلاقهم كالرحمة والبر والصلة والشجاعة والمسارعة إلى عمل الخير واستنكاف عمل الشر حتى يبلغ أشده وقد حفظه الله تعالى مما يشين أهل السلوك.

من الشباب تظهر معانى النهايات، ومن لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، والشباب هو زمن التحصيل والمسارعة إلى نيل المقامات العلية لعدة معان:

1. منها أنه زمن مجاهدة النفس، فقليل الخير فيه يعد كثيراً بالنسبة لنزوع النفس فيه إلى فطرها ولميولها إلى ما جبلت عليه، فيكون عمل الخير فى الشباب كعملين: جهاد للنفس وعمل لله، أو جهاد للنفس نفسه وترك له، فالترك والعمل فى الشباب يقربان العبد إلى الله زلفى بخلاف الترك فى الهرم، فإن الترك فى الهرم ليس طاعة.. فتدبر!!


2. ومنها أن الشباب يعين العبد على القيام بعظائم القربات من الجهاد فى سبيل الله، وإعانة أهل الضرورات، وإعلاء كلمة الله، وتجديد سنة رسول الله، فمن صرف شبابه حتى أضاع زمان التحصيل فى غير كسب ولا نيل الخيرات وظن لجهله أنه يقوم يتلك المعانى فى هرمه فقد فاته الخير كله.


3. ومنها أن الشباب به تحصيل العلوم والمعارف، وبه مشاهدات معانى الصفات لتوفير أضدادها فى العبد، فلو أهمل نفسه فى الوقت الذى كان يمكنها أن تتكمل فيه لتوفير آلاتها وأدواتها وظن أنه يكملها بعد فقد تلك الآلات والأدوات فقد جهل سبل الخيرات، ولذلك فإن أئمة المالكية أوجبوا الحج على الفور، وجعلوا الاستطاعة القوة على المشى والحرفة التى تكون سبباً لقوته والرفقة، وجعلوا من أهمل ومات مع توفير تلك الاستطاعة مات موتة جاهلية، قال تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران 97.



الشباب عناية الله لمن سبقت لهم الحسنى، يجذبهم بها إلى حظيرة رضوانه الأكبر بما يوفقه لهم من جليل أعمال البر وعظيم القربات، فمن أضاع شبابه وظن أنه ناجى فقد جهل، لا أحظر على فضل الله فإن الله يتفضل على من يشاء، وإنما يثق بفضل الله كل عبد من عباد الله، وأهل العزائم يوفقهم الله لما يحب ويرضى، ويخافون على أنفسهم من عذاب يوم الحساب مع ما أقامهم الله فيه من مقامات حبه ومنازل رضوانه، وقد بين الله لنا سبل القرب منه فى كتابه فقال: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) سورة الحج آية 41، والتمكين فى الأرض أمر نسبى، فمن عافاه الله ومنحه شباب وقوة فقد مكنه فى الأرض بقدره، فإن كان من أهل الحسنى أقام الصلاة وآتى الزكاة وكان عاملاً من عمال الله.



آدابهم فى شبابهم

1. أكمل آدابهم فى شبابهم قهر النفس على الحسن من الأعمال ثم مجاهدتها حتى تنطبع على الأحسن، وهى منة من الله تعالى يعجز المؤمن عن شكرها.

2. ومنها أن يكثروا من مجالسة أهل الخشية من الله تعالى لتنكبح نفوسهم بما سيسمعونه منهم.

3. ومنها صحبة من منحهم الله لسان العبارة، فيبيونون جمال الآخرة وملاذها ونعيمها، فتقبح فى أعينهم زينة الدنيا، ثم يسمعون منهم عذاب الآخرة وآلامها وعذاب القبر وهول البعث والأسباب الموجبة له، فيتمثلون عند لمة الشيطان بقلوبهم وتنبهها للمعاصى هول يوم الحساب وآلام العذاب، وما يفقهدونه من النعيم والفضل العظيم، فيفرون من المعصية خوفاً مما يتمثلونه أن يحل بهم.

4. ومن آدابهم تعظيم الكبير والرحمة بالصغير واحترام النظير.

5. ومن آدابهم البعد عما يثير خواطرهم وما يهيج نار غضبهم، حتى إذا شهدوا مثل هذه الأشياء سارعوا إلى مفارقتها أو استرذلوا عامليها، واستنكفوا أن يتشبهوا بهم.

6. ومنها بذل ما فى الوسع لبر الوالدين وصلة الرحم وإكرام الجيران ومعاونة أهل الضرورات والسبق إلى الخير والبطء عن الشر.

7. ومنها أن الشباب إذا أغضبه أحد أسرع إلى الوضوء، فإذا اشتد غضبه قام فصلى، فإن لم يذهب غضبه فارق المكان معتقداً أنها توقعه فى نار جهنم إن لم يكظم غيظه، ثم يشكر الله تعالى الذى جعله من الكاظمين الغيظ، ثم يعفو عمن ظلمه ليكون ممن أثنى الله عليهم ومدحهم بقوله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران 134.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير