عدد المشاهدات:
الأسس التي ربى عليها الإمام السالكين في طريق آل العزائم
أولا: المحبة
ذكر الإمام أن الأساس الأول في طريق آل العزائم هو المحبة، ولا ينال الإنسان المحبة إلا بعد العلم بثلاثة أصول :
1- العلم بصفات المحبوب.
2- العلم بأخلاقه.
3- العلم بما يحبه.
1- أما العلم بصفات المحبوب فلابد أن ينال من عارف رباني أمين على سر الربوبية، عالم بجواهر النفوس وأمراضها وقواها القابلة.
2- وأما العلم بأخلاق المحبوب فينال بتحصيل سير الرسل عليهم الصلاة والسلام مع أممهم، ومعرفة حكمة العالم علوا وسفلا وجعله إمدادا للإنسان بعد إيجاده، وسر صوغ الإنسان بيديه، وجعل نشأته الأولى من طين، وحكمة نفخ الروح فيه، ومعنى سجود الملائكة لـه وإباء إبليس، ورجوعه إلى الجنة، ومعصيته فيها، ورده منها، حتى إذا تحقق من كل تلك المعاني أمكنه أن يصبر مع الله تعالى بالمحبة، فإن من جهل أخلاق محبوبه انقلبت المحبة بالبغضاء. وهذا العلم لا يحصل عليه المسلم إلا بصحبة الربانيين أهل الخشية من الله تعالى والآداب معه، قال صلى الله عليه وسلم (العلم بالتعلم) .
3- وأما العلم بما يحبه المحبوب فتحصيله يكون بتلقي معرفة النفس، وبمعرفتها يعرف المسلم ربه ويعرف مراده جل جلاله في إيجاده الإنسان وهو أن يكون عبدا لمولاه سبحانه متجملا لـه سبحانه بالجمال الذي يحبه هو من عبيده، ولديها يكون ابن وقته، فإذا اقتضى الوقت محبوبا لـه ومحبوبا لله قهر نفسه على أن تفعل ما يحبه الله مهما ناله من الضرر والبلاء في سبيل ذلك، وليس من تقرب إلى الله بأكمل مهما ناله من الضرر والبلاء في سبيل ذلك، وليس من تقرب إلى الله بأكمل القربات بمحب الله، فإن الطاعة يعلمها البار والعاصي، وإنما دليل محبة الله البعد عما نهى الله عنه، وهذا أمر دقيق جدا، فكم من عابد يوالي عدو الله تعالى أو يفعل ما يكرهه الله مما نهاه عنه ويحتقر هذا العمل.
هذا الأساس وهو المحبة، هو الأصل الذي أسس عليه الدين، ولولاه ما صبر رسول في الدعوة إلى الله، ولا بذل الأنصار والمهاجرون نفوسهم وأموالهم وأوطانهم في سبيل محبة، ولا صبر عبد على صلاة ولا صيام ولا حج ولا بر ولا صدقة ولا جهاد. ومن لم يذق صافي شراب المحبة وملأ بطاح الأرض وصفاح السماء بالعبادة فإنما هو أجير سوء.
وما أثنى الله سبحانه في كتاب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالأعمال التي انتجتها المحبة، فلم يقل يصلون ولا يصومون ولا يحجون في مقام الثناء ، ولكنه قال (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )(الحشر: من الآية9)وقال (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )، وقال )مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب:23) ولقد وردت أحاديث كثيرة في الثناء على رجال من الصحابة بما قاموا به من الأحوال الدالة على كمال المحبة.
فكل رجل من رجال آل العزائم ينبغي أولا أن يحصل المحبة. ومتى عقد القلب على قدر حبه من المحبة جذبته العناية إلى الله تعالى فأحبه سبحانه. والمحب كيف يخالف محبوبه؟ فمن فعل مكروها أو ترك مندوبا من أحكام الشريعة وادعى أنه سالك في طريق آل العزائم فدعواه تحتاج إلى حجة. وكثير من الإخوان يدعون المحبة وتلوح عليهم أشرف علاماتها حتى يكونوا كالراح والريحان لغيرهم.. تعتريهم فترة فلا يزورون المرشد، ويزيدون على ذلك الاعتذار، والعاشق لا يعتذر.
ثانيا : المجــاهـدات
يقول الإمام رضوان الله عليه :
والأساس الثاني هو المجاهدات، والجهاد بذل ما في الواسع لدفع العدو أو قهره حتى يخضع، وهو الأساس الذي تقوم به الحجة على قوة الإيمان، والركن الذي تتضح به المحجة للسير إلى الفوز بالرضوان، وبدونه كل أعمال المؤمن دعوى تحتاج إلى دليل.
والمجاهد يجهد المملكة الفردية وهي مجاهدة السالك نفسه في ذات الله تعالى، وهذا هو الجهاد الأكبر الذي لا يصبر عليه إلا آل العزائم من كمل الصديقين.
والسالك بين جيشين عظيمين: جيش الحق وجيش الباطل، والجيشان في ميدان المنافسة للظفر بالملك، وجيش الباطل في الإنسان أقوى وأكثر من جيش الحق، فإن ما يجاهد عليه جيش الباطل ليناله محسوس ملائم للنفس وما يجاهد عليه جيش الحق غيب ينال غدا، وما كان محسوسا كان أقوى في الإغراء والرغبة فيه. لذلك يجب على السالك في طريق آل العزائم ألا يتهاون في أمر جهاد هذا العدو صابرا مصابرا مرابطا، وأن تكون يقظته أتم عند قهر هذا العدو وعند الهدنة، فإن للشيطان والحظ والهوى دسائس خفية قد تظهر في فضائل ومحاسن.
وقد يلتبس على السالك بحسب دسائس العدو العادة بالعبادة، والطمع بالمحبة، والرياسة بظن تجديد السنة، فيكون هاويا في مهاوي الضلال معتقدا أنه من عمال الله، لذلك لزم أن يهتم في حال المجاهدة بتخليص النوايا والقصود، فقد تكون المجاهدة بابا من أبواب الشيطان لجهل السالك بدسائس النفوس- كما يحصل لمن يحب الخلوة من الغرور- ووسوسة العدو وما يتولد في قلبه من حب الشهرة والسؤدد بذلك، أو نيل الكشف والمشاهد وعلم الضمائر واستخدام الأرواح لجلب الخير ودفع الضرر، أو الزهو بالنفس وكرامتها من التدنس بالاجتماع على العامة ، وتلك أمراض خفية. أما العلل الباعثة التي يقصدها أهل الغرور، فصاحبها ليس بسالك في طريقنا هذا.
وأنواع المجاهدة ثلاثة:
(1) مجاهدة الحس والنفس والعقل والجسم في التسليم لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما يكون السالك به أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع شئونه.
(2) ثم مراقبة السالك نفسه على نيل الكمالات التي لا تلائمها من مراقبة الله في كل أحوالها حتى يستحي أن يعصي الله في خلوة.
(3) ثم الرضا عن الله بالقليل من الضروريات، وهذا النوع يجب أن يكون المجاهد فيه محافظا على أيدي الأئمة الهادين المرشدين فلا يستظهر عليهم، حفظا على الوسط. وكفى المجاهد شرفا أن يكون منهم أو معهم، لأن هذا النوع مزالق أقدام السالكين، فقد يتجاوز آدابهم فلا يستطيع فينقلب والعياذ بالله، يقول الله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً )(البقرة:143).
أولا: المحبة
ذكر الإمام أن الأساس الأول في طريق آل العزائم هو المحبة، ولا ينال الإنسان المحبة إلا بعد العلم بثلاثة أصول :
1- العلم بصفات المحبوب.
2- العلم بأخلاقه.
3- العلم بما يحبه.
1- أما العلم بصفات المحبوب فلابد أن ينال من عارف رباني أمين على سر الربوبية، عالم بجواهر النفوس وأمراضها وقواها القابلة.
2- وأما العلم بأخلاق المحبوب فينال بتحصيل سير الرسل عليهم الصلاة والسلام مع أممهم، ومعرفة حكمة العالم علوا وسفلا وجعله إمدادا للإنسان بعد إيجاده، وسر صوغ الإنسان بيديه، وجعل نشأته الأولى من طين، وحكمة نفخ الروح فيه، ومعنى سجود الملائكة لـه وإباء إبليس، ورجوعه إلى الجنة، ومعصيته فيها، ورده منها، حتى إذا تحقق من كل تلك المعاني أمكنه أن يصبر مع الله تعالى بالمحبة، فإن من جهل أخلاق محبوبه انقلبت المحبة بالبغضاء. وهذا العلم لا يحصل عليه المسلم إلا بصحبة الربانيين أهل الخشية من الله تعالى والآداب معه، قال صلى الله عليه وسلم (العلم بالتعلم) .
3- وأما العلم بما يحبه المحبوب فتحصيله يكون بتلقي معرفة النفس، وبمعرفتها يعرف المسلم ربه ويعرف مراده جل جلاله في إيجاده الإنسان وهو أن يكون عبدا لمولاه سبحانه متجملا لـه سبحانه بالجمال الذي يحبه هو من عبيده، ولديها يكون ابن وقته، فإذا اقتضى الوقت محبوبا لـه ومحبوبا لله قهر نفسه على أن تفعل ما يحبه الله مهما ناله من الضرر والبلاء في سبيل ذلك، وليس من تقرب إلى الله بأكمل مهما ناله من الضرر والبلاء في سبيل ذلك، وليس من تقرب إلى الله بأكمل القربات بمحب الله، فإن الطاعة يعلمها البار والعاصي، وإنما دليل محبة الله البعد عما نهى الله عنه، وهذا أمر دقيق جدا، فكم من عابد يوالي عدو الله تعالى أو يفعل ما يكرهه الله مما نهاه عنه ويحتقر هذا العمل.
هذا الأساس وهو المحبة، هو الأصل الذي أسس عليه الدين، ولولاه ما صبر رسول في الدعوة إلى الله، ولا بذل الأنصار والمهاجرون نفوسهم وأموالهم وأوطانهم في سبيل محبة، ولا صبر عبد على صلاة ولا صيام ولا حج ولا بر ولا صدقة ولا جهاد. ومن لم يذق صافي شراب المحبة وملأ بطاح الأرض وصفاح السماء بالعبادة فإنما هو أجير سوء.
وما أثنى الله سبحانه في كتاب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالأعمال التي انتجتها المحبة، فلم يقل يصلون ولا يصومون ولا يحجون في مقام الثناء ، ولكنه قال (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )(الحشر: من الآية9)وقال (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )، وقال )مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب:23) ولقد وردت أحاديث كثيرة في الثناء على رجال من الصحابة بما قاموا به من الأحوال الدالة على كمال المحبة.
فكل رجل من رجال آل العزائم ينبغي أولا أن يحصل المحبة. ومتى عقد القلب على قدر حبه من المحبة جذبته العناية إلى الله تعالى فأحبه سبحانه. والمحب كيف يخالف محبوبه؟ فمن فعل مكروها أو ترك مندوبا من أحكام الشريعة وادعى أنه سالك في طريق آل العزائم فدعواه تحتاج إلى حجة. وكثير من الإخوان يدعون المحبة وتلوح عليهم أشرف علاماتها حتى يكونوا كالراح والريحان لغيرهم.. تعتريهم فترة فلا يزورون المرشد، ويزيدون على ذلك الاعتذار، والعاشق لا يعتذر.
ثانيا : المجــاهـدات
يقول الإمام رضوان الله عليه :
والأساس الثاني هو المجاهدات، والجهاد بذل ما في الواسع لدفع العدو أو قهره حتى يخضع، وهو الأساس الذي تقوم به الحجة على قوة الإيمان، والركن الذي تتضح به المحجة للسير إلى الفوز بالرضوان، وبدونه كل أعمال المؤمن دعوى تحتاج إلى دليل.
والمجاهد يجهد المملكة الفردية وهي مجاهدة السالك نفسه في ذات الله تعالى، وهذا هو الجهاد الأكبر الذي لا يصبر عليه إلا آل العزائم من كمل الصديقين.
والسالك بين جيشين عظيمين: جيش الحق وجيش الباطل، والجيشان في ميدان المنافسة للظفر بالملك، وجيش الباطل في الإنسان أقوى وأكثر من جيش الحق، فإن ما يجاهد عليه جيش الباطل ليناله محسوس ملائم للنفس وما يجاهد عليه جيش الحق غيب ينال غدا، وما كان محسوسا كان أقوى في الإغراء والرغبة فيه. لذلك يجب على السالك في طريق آل العزائم ألا يتهاون في أمر جهاد هذا العدو صابرا مصابرا مرابطا، وأن تكون يقظته أتم عند قهر هذا العدو وعند الهدنة، فإن للشيطان والحظ والهوى دسائس خفية قد تظهر في فضائل ومحاسن.
وقد يلتبس على السالك بحسب دسائس العدو العادة بالعبادة، والطمع بالمحبة، والرياسة بظن تجديد السنة، فيكون هاويا في مهاوي الضلال معتقدا أنه من عمال الله، لذلك لزم أن يهتم في حال المجاهدة بتخليص النوايا والقصود، فقد تكون المجاهدة بابا من أبواب الشيطان لجهل السالك بدسائس النفوس- كما يحصل لمن يحب الخلوة من الغرور- ووسوسة العدو وما يتولد في قلبه من حب الشهرة والسؤدد بذلك، أو نيل الكشف والمشاهد وعلم الضمائر واستخدام الأرواح لجلب الخير ودفع الضرر، أو الزهو بالنفس وكرامتها من التدنس بالاجتماع على العامة ، وتلك أمراض خفية. أما العلل الباعثة التي يقصدها أهل الغرور، فصاحبها ليس بسالك في طريقنا هذا.
وأنواع المجاهدة ثلاثة:
(1) مجاهدة الحس والنفس والعقل والجسم في التسليم لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما يكون السالك به أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع شئونه.
(2) ثم مراقبة السالك نفسه على نيل الكمالات التي لا تلائمها من مراقبة الله في كل أحوالها حتى يستحي أن يعصي الله في خلوة.
(3) ثم الرضا عن الله بالقليل من الضروريات، وهذا النوع يجب أن يكون المجاهد فيه محافظا على أيدي الأئمة الهادين المرشدين فلا يستظهر عليهم، حفظا على الوسط. وكفى المجاهد شرفا أن يكون منهم أو معهم، لأن هذا النوع مزالق أقدام السالكين، فقد يتجاوز آدابهم فلا يستطيع فينقلب والعياذ بالله، يقول الله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً )(البقرة:143).