آخر الأخبار
موضوعات

الأربعاء، 2 نوفمبر 2016

- النفس الملكية والنفس الحيوانية

عدد المشاهدات:
أولا: تزكية النفوس: 
قال الله تعالى: ) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ   تَزَكَّى ((1) النفوس على التحقيق عند العلماء خمسة أنفس: نفس قدسية، ونفس   ملكية، ونفس حيوانية، ونفس نباتية، ونفس جمادية.

- النفس الملكية : 

هي النور المضيء لأفق الحواس العاملة الذي به الإدراك والفقه والحركة في عوالم   الملكوت وكشف أسرار التجليات، وفهم غوامض العلوم، والتجمل بجميل الأخلاق  وكمال الصفات، ومتى صار لها السلطان على البدن، كان الإنسان ملكا وأكمل، لأن  الملائكة تتولى منفعته ودفع المضرة عنه، وتسخر له في مقعد صدق، وتلك النفس   الملكية هي المديرة لجميع النفوس، وإنما تكون قائمة بأمور الجسم إذا قهرت بقية  النفوس، وحبستها عن نزغاتها ورعوناتها، فإن تسلطت عليها النفوس الأخرى، كان    لها تدبير شئون تلك النفوس، وإعانتها على غاياتها، وبذلك يكون الإنسان حيوانا وأقل   أو شيطانا وأضر، نعوذ بالله تعالى من تسجيل سوء القضاء على الإنسان، والحكم عليه     بسابقة السوء.

وتزكية النفس الملكية يكون بمعونة من الله تعالى بإيجاد الأسباب المعينة على ذلك من  والدين وأخوة وإخوان، واعتدال مزاج، وتناسب جسم، وحفظ من فساد بمرض أو  غرض، وإعانة من الله تعالى بصحبة مرشد عارف بأمراض النفوس ورعوناتها، حتى   يكبح تلك النفوس ويخضعها للملكية، فتسارع في رغباتها من الفكر والذكر والقربات     والثقة بالله تعالى، وحسن معاملة الخلق، والانتهاج على منهج السيد ، وبذلك    تتجرد النفس الملكية للأعمال الخاصة بها من العروج إلى فسيح الملكوت، والشوق إلى       حضرة القدس، والتأله للحق بالحق، فيكون البدن منجذبا معها خاضعا لها مطيعا               .

لأوامرها، حتى يرد موارد المقربين، ويفوز بالقرب من رب العالمين، والتشبه بالأنبياء    والصديقين والشهداء والصالحين، ويتأهل بالتخلق بأخلاق ربه، وعندها يتفضل ذو     الفضل العظيم، فينفخ فيه من روحه، الروح التي بها العقيدة الحقة، والأخلاق     الفاضلة، والعبادات والمعاملات.

3- النفس الحيوانية وهي نوعان 

أ- نفس غضبية: 

وبها دفع المضار عن الإنسان، وجلب المنافع، فهي التي بها الشجاعة والإقدام،   والصبر وعلو النفس، والحلم وتحمل الشدائد في اكتساب الخيرات والمبادرة إلى عمل     القربات، إذا انقادت إلى النفس الملكية وبها الهلع والجزع والطيش والتهور والتعدي   والكبر والظلم والجور، إذا أهملت عن التهذيب والتزكية.

ب- النفس الشهوانية: 

وبها تحصل العفة والحياء والزهد، والورع والأمانة والخشية، والرهبة والرغبة  والرجاء والطمع في الفضائل، إذا تهذبت وانقادت للنفس الملكية. ويحصل بها الفجور   والفسوق والفحشاء والجبن، والمذلة والتملق والخداع، والشره والكيد والمكر وسوء الظن، والتطرف في الشهوات إذا أهملت، فالنفس السبعية والشهوانية يتحدان على    الشر، فتكون منهما قوة شيطانية تجذب الإنسان إلى المساخط والمقت، وينحط حتى     يكون أضل من البهائم سبيلا، وأضر من الشيطان عملا، ويتحدان على الفضائل حتى   يكونا قوة واحدة لمعاونة النفس الملكية، فيتشبهان بها في إطاعتهما أوامر الله سبحانه   وتعالى والعمل بما كلف، فلا يعصيان الله ما أمرهما، ويفعلان ما يؤمران به، حتى تتحد   تلك النفوس كلها فتصير نفسا واحدة، كما قيل لرجل: صف لنا بني فلان، فقال:  هم ألف وفيهم حكيم، فهم يصدرون عن رأيه فكأنهم ألف حكيم.

وهكذا تترقى النفس الغضبية والشهوانية إلى أن تكملا كمالا حقيقياً، وتتحدا بالنفس   الناطقة، فتنالان الفوز بالفردوس الأعلى في النعيم المقيم، مع النبيين والصديقين    والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

أما تدبير النفس النباتية والجمادية وتدبير الأجسام، فمبين في علوم الزراعة، وعلوم    التركيب والتحليل، وعلوم الطب الإنساني والبيطري، وقد اختص بكل علم من تلك             .

العلوم رجال لابد منهم لسعادة المجتمع الإنساني، ولا حاجة لنا بالخوض في هذه العلوم،  وقد بين الله لنا علوم الطب في أقصر آية، قال تعالى: )  وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا  تُسْرِفُوا ( وبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علوم الطب في حديث واحد وهو قوله صل الله عليه وسلم    » المعدة بيت الداء والحمية بيت الرأس « فمن فهم هذا الحديث عاش زكي الجسم، محفوظاً من الأمراض، وقوله صلى الله عليه وسلم :  للطبيب الذي أرسله المقوقس عندما رده: » إنا لا نأكل إلا إذا جعنا وإذا أكلنا لا نشبع « .

وهذا هو كمال الضوابط الصحية إذا اتصل بذلك النظافة الإسلامية، والتهجد ليلا،    والتبكير بصلاة الصبح، حصل للمسلم الغنى عن الطبيب والدواء، خصوصاً إذا تباعد    عما حرمه الشرع، وأدى الصيام كما أمر، وقلل أنواع المأكولات، كما أمر الشرع  الشريف، وعمل بيده للكسب كما أوجب الشرع، وترك الترف، فإنه يعيش في عافية    من الآلام، والله سبحانه وتعالى أعلم بما به حفظ صحتنا ونوال سعادتنا، فأمرنا ونهانا    وبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  والله أعلم.

المراقي للتلاقي  علمُ أنفسكم رفاقي
والمعارجُ للتداني  أن تسيرَ على وفاق
والمدارجُ للتنائي   أن تميلَ إلى الشقاق
والتحلي بالمعاني  محوُ أنت بنورِ باق
وارتشافُك من طهورى   أن تضيء بلا محاق
شمسُ أفقٍ في سمائي  مشرقاً أفق الأماق
مت مختارا فلاحت  فيك شمس نور باق
عبدُ ذاتٍ قد تحلى   بالمعاني والرقاق
لوحُ محفوظٍ وبيتٌ  عامرُ بالوصفِ راق
حيثما وليتَ ترأى    بالبصيرةِ وجهَ واق
تلك رتبُ السير ذُقْها  بعدها رشفُ الدهاق
بعدها قرب ووصلٌ   واتحادٌ عن تلاق
بدلُ أمُّ كتابٍ   وصراطٌ ومراق
وهدى نورٍ مبين   وسراجٌ للرفاق


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير