عدد المشاهدات:
الغيوب الإلهية
( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ
بِالْغَيْبِ):
تعريف الغيب
الغيب كل ما غاب عن حس
الإنسان، عن العين، وعن الأذن، وعن كل
الحواس، لا يراه الإنسان بالعين، ولا يسمعه بأذنه، ولا يلمسه ببشرته، وكل هذا يسمى
غيب.
أنواع الغيوب
يوجد غيب كوني ويوجد غيب ملكوتي، ويوجد
غيب إلهي، ويوجد غيب ذاتي فيك
الغيب الذاتى فى الانسان:
يوجد غيب ذاتي فيك، أين يوجد
العقل؟ الموجود في الرأس المخ، والعلم يسير مع الدين، فالمخ سنترال، فيه عشرة
بليون خط تليفوني لكل أجزاء المملكة، كل جزئية بسيطه لها خط تليفوني، إذا حدث أي
شيء يتصل السنترال مباشرة، فالمخ هو الذي يشرف على الجهاز العصبي للإنسان.
لكن العقل الذي يوجد فيه العلوم
التي حصَّلتها، والخبرات التي اكتسبتها، والتجارب التي مارستها، وما عرفته من
الخلق، وسكان الأرض، وعندما أحتاج أى معلومة من هؤلاء تأتي في أقل من لمح البصر،
أنا لم أعلم يا فلان أين رأيتك؟ في لحظه يرسل لي المعلومة وأتذكره، أنا كنت في
المكان الفلاني ورأيتك، وقلت لك كذا، وقلت لي كذا، أين هذه الشرائط؟ في العقل، أين
يوجد العقل؟ لا يعلم العقل إلا من خلق العقل، مع أنه في الإنسان، ولكنه غيب من
غيوب الإنسان.
الروح في الإنسان، عندما يتحرك
بيننا ويأتي ويذهب ويعمل ويأكل ويشرب تكون فيه الروح، فإذا توقفت أجهزة الإنسان
نقول خرجت الروح، كيف خرجت ولم نرها؟! ومن أين خرجت؟! وأين ذهبت؟! هذا غيب لا
يعلمه إلا عالم الغيب، هذه اسمها غيوب ذاتية في الإنسان.
الغيب الكونى
وتوجد غيوب في الأكوان التي نحن
فيها، فيها غيوب لا عدَّ لها، ولا حدَّ لها، حضرة النبي صلى الله عليه وسلم كشف عن
بعضها، وعن الغيوب المستقبلية وما سيحدث في الزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن
عليها، أليست هذه غيوب؟ اللحظة القادمة بالنسبة لي ولك غيب، لا أقول غداً، بل
اللحظة القادمة غيب، هل أنا أعلم ما أفعل فيها؟ أو أعلم ما يحدث لي، فهذه بالنسبة
لي غيب، لا يعلمه إلا عالم الغيب عزوجل، معي الكرام الكاتبين والحفظة:( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ
أَمْرِ اللَّهِ) (11الرعد) الذي يحفظه من
الأمام، والذي يحفظه من خلفه، والذي يحفظه وهو نائم، والذي يحفظه وهو مسافر، أين
هم؟ من فينا يراهم أو يعلمهم؟ أحدهم يحرر شيكات الحسنات، والآخر يسجل محاضر
المخالفات، وقبل أن يكتب المحضر يقول له الآخر انتظر قليلاً لعله يتوب، هل يوجد
فينا من يسمع هذا الهمس؟ هذا غيب.
معنا عوالم خفية لا يعلمها إلا رب
البرية، الجن منهم، إذا نظر أحد منا إلي أي بقعة من التي حولنا، أو حتى على جلدك
بمنظار مكبر تجد ملايين الكائنات، من ينجح أن يدخل يسبب المرض، هل أنت تراه؟ من
أين يدخل؟! غيوب لا يعلمها إلا علام الغيوب عزوجل.
الغيب الملكوتى:
وهناك غيوب ملكوتية، وهي الملائكة،
والجنة، والنار، وما جهزه الله عزوجل في الملكوت للأخيار والأطهار والصالحين
والأبرار، وهناك غيوب إلهية؛ الحضرات العلوية، حضرات العرش، والكرسي، واللوح،
والقلم، وحضره الهوية، وحضرة الإلهية، وأشياء ليس لها مثل ولا شيء قريب نستطيع أن
نقرب معانيها به، وإنما غاية ما يقال فيها:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )(11الشورى) فالمؤمن لا بد أن
يؤمن بكل الغيوب التي أنبأنا بها علام الغيوب في كلامه المكتوب، أو تفوَّه بها
وذكرها لنا الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ
أصحابه ذات مره يوضح لهم شيء من ذلك، أخذهم ذات مرة إلى المقابر، فمَرَّ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ::
{ إِنَّهُمَا
لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا
يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ }[1]
هل يوجد أحد فينا عندما يذهب إلى المقابر يرى هذه المناظر؟ لا، وإلا
ستتكدر المعيشة علينا، فمن رحمة الله بنا أن حجب عنا هذه الغيوب، حتى نستطيع أن
نحيا الحياة الطيبة في الدنيا، ونسعى لرضاء علام الغيوب عزوجل: ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وفصَّل الله عزوجل هذا الإجمال في آخر الملف
منقول من كتاب تفسير آيات المقربين
لفضيلة السيخ فوزى محمد أبوزيد
[1] البخاري ومسلم عن ابن
عباس y