عدد المشاهدات:
- تنفير الطفل من خلق البخل
ذم الله عزوجل البخل وتوعد عليه بالعذاب، وذلك لما فيه من خساسة في طبع صاحبه، وأنانية في نفسه، وعدم مبالاة بالمحتاجين وأصحاب الحقوق، فقال الله تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:180]، ويقول أيضاً: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن:16].
كما جاءت السنة بمثل ما جاء به القرآن الكريم من ذم البخل والبخلاء، فقال عليه الصلاة والسلام: (( إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا))، فنهاية الاسترسال في البخل وعدم إخراج الحق الذي عليه يسوق صاحبه إلى الفجور وغضب الله تعالى .
لهذا فإن محاربة الطبع القبيح منذ الطفولة أمر هام خشية أن يتأصل في نفس الطفل -إذا ظهرت علامته عنده- ويتشربه فيصعب تخلصه منه في الكبر، فالمحافظة على الطفل وحمايته من هذه الصفة واجب على الأب.
ومن الأسباب التي تسوق الطفل إلى اعتياد هذا الطبع القبيح: التعود على ادخاره لكل ما يملك دون أي إنفاق، فالطفل الذي لا يتعود العطاء والبذل منذ صغره يصعب عليه تعوده في كبره، ويمكن للوالد تعويد ولده الإنفاق عن طريق حثه للتبرع للجمعيات الخيرية، والهيئات الإسلامية - مثلاً- فتنمو عنده روح المسؤولية تجاه المجتمع، ويتدرب على الإنفاق فإن علاج أمراض القلوب - اياً كانت - إنما يكون بالمداومة على ضدها، فالبخل يعالج بضده من الإنفاق والبذل.
كما يمكن للوالد إشراك ولده في الإنفاق في بعض مشتريات البيت واحتياجاته الصغيرة، فيتدرب على الإنفاق ويتعود البذل. ويحاول الأب أن يذم أمامه البخل والشح ويمقته؛ ليتكون عند الولد التصور النظري لقبح هذه العادة وأهلها والولد يمكن أن يتعلم الإنفاق عندما يشاهد والده في بعض الأوقات يخرج من جيبه نقوداً فيعطيها فقيراً أو محتاجاً، فربما قلد أباه في ذلك، ولا بأس أن يعطي الوالد ولده بعض النقود ويكلفه بالتصدق بها على بعض المحتاجين في المسجد مثلاً أو الجيران، ويحاول الأب في كل هذا أن يظهر لولده أن هذا الإنفاق وإعطاء المحتاجين من الناس واجب وليس فضلاً من المنفق، وذلك لحماية الولد من الشعور بالزهو والافتخار لإنفاقه، فإنه إن خرج من صفة البخل بإنفاقه وقع في صفة الكبر الذميمة بزهوه وافتخاره.
فإن ظهر من الولد شيء من علامات البخل وحب جمع المال، فإن دور الأب في ذلك التخفيف من حدة هذا الحب شيئاً فشيئاً حتى يستأصله بالكلية من نفسه، فيذم عنده البخلاء، ويمتدح عنده المنفقين، كما تقدم. ولو فعل ذلك بطريقة غير مباشرة كان أفضل، كأن يمدح أمامه أخاه الكبير الذي أخرج بعض نقوده تبرعاً للمجاهدين في سبيل الله، أو أن يذكر عنده ابن الجيزان الذي أعطى أحد الفقراء بعض مصروفه اليومي، أو يقص عليه قصة ولد أعطى إخوته بعض ألعابه وهكذا، فهذه القصص والوقائع إذا ذكرت أمامه دفعته لأن يسلك سبيلهم ويقتدى بهم. فإن أظهر الولد شيئاً من الكرم- ولو كان يسيراً- فإن الوالد يثيبه عليه، ويمدحه عند أقاربه وأقرانه، فيحس الولد أن هذا العمل حسن، فيتعوده ويواظب عليه.
ولتشجيع الأولاد على أعمال الخير والإنفاق يمكن للأب في بعض الأحيان عندما يجلس لأولاده ويحدثهم أن يسألهم: "من تصدق منكم اليوم على مسكين"؟ ربما في المرة الأولى لن يجيبه أحد منهم، ولكن عندما يعلمون أن أباهم سوف يسألهم ثانية فإنهم عند ذلك يسارعون للإنفاق والبذل والعطاء.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه انتهاج هذا الأسلوب مع أصحابه الكرام فقد سألهم يوماً فقال: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناًَ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة"، ويمكن للوالد استعمال هذا الأسلوب مع أولاده ليس فقط في جانب الإنفاق والتخلص من البخل، بل في جميع أعمال الخير والبر التي نص الرسول r عليها في هذا الحديث وغيرها ليعودهم فعل الخير.
ويلاحظ الوالد في حث أولاده على الإنفاق أن لا يدفعهم ذلك إلى التبذير الممقوت والمنهي عنه، فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:27]، فكلا الطرفين قبيح؛ بل يؤديه بأدب القرآن الكريم في قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان:67].
ولا يقتصر تعويد الأب ولده على الإنفاق أن يكون فقط على الفقراء والمحتاجين؛ بل يعوده السخاء في جميع أحواله كأن ينفق على نفسه بشراء ما يحبه من الحلوى مثلاً، ولا يقتصر على ما يؤمنه الأب منها، كما يشمل إعطاء الإخوة والأخوات مما يملك من النقود أو الألعاب والحلوى وغيرها، فتعويد الولد السخاء في هذا يهذب نفسه ويحصل له الاعتدال، فلا يكون أنانياً لا يفكر إلا في ملذاته ونفسه، ولا يكون أيضاً مهملاً لذاته غافلاً عنها.
كما يعمل الأب قدر الإمكان على تركيز جانب الإخلاص لله في تعويد أولاده على الإنفاق، فيذكرهم دائماً بأن العمل يجب أن يكون لله خالصاً، حتى وإن طلب منهم أن يخبروه عن أعمال الخير التي عملوها؛ إذ إن ذلك لطلب التنافس بينهم وليس للرياء فإذا تعود الولد فعل الخيرات، وعلم بعد ذلك أن أفضلها ما كان في الخفاء بعيداً عن أعين الناس، اجتهد في سترها وإخفائها، فيورثه ذلك حلاوة، ولذة إيمانية يجدها في قلبه، وتظهر على سلوكه إذ إن فعل العمل الصالح أو اقتراف السيئ لا بد أن تظهر معالمه على صاحبه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائناً ما كان)).
ذم الله عزوجل البخل وتوعد عليه بالعذاب، وذلك لما فيه من خساسة في طبع صاحبه، وأنانية في نفسه، وعدم مبالاة بالمحتاجين وأصحاب الحقوق، فقال الله تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:180]، ويقول أيضاً: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن:16].
كما جاءت السنة بمثل ما جاء به القرآن الكريم من ذم البخل والبخلاء، فقال عليه الصلاة والسلام: (( إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا))، فنهاية الاسترسال في البخل وعدم إخراج الحق الذي عليه يسوق صاحبه إلى الفجور وغضب الله تعالى .
لهذا فإن محاربة الطبع القبيح منذ الطفولة أمر هام خشية أن يتأصل في نفس الطفل -إذا ظهرت علامته عنده- ويتشربه فيصعب تخلصه منه في الكبر، فالمحافظة على الطفل وحمايته من هذه الصفة واجب على الأب.
ومن الأسباب التي تسوق الطفل إلى اعتياد هذا الطبع القبيح: التعود على ادخاره لكل ما يملك دون أي إنفاق، فالطفل الذي لا يتعود العطاء والبذل منذ صغره يصعب عليه تعوده في كبره، ويمكن للوالد تعويد ولده الإنفاق عن طريق حثه للتبرع للجمعيات الخيرية، والهيئات الإسلامية - مثلاً- فتنمو عنده روح المسؤولية تجاه المجتمع، ويتدرب على الإنفاق فإن علاج أمراض القلوب - اياً كانت - إنما يكون بالمداومة على ضدها، فالبخل يعالج بضده من الإنفاق والبذل.
كما يمكن للوالد إشراك ولده في الإنفاق في بعض مشتريات البيت واحتياجاته الصغيرة، فيتدرب على الإنفاق ويتعود البذل. ويحاول الأب أن يذم أمامه البخل والشح ويمقته؛ ليتكون عند الولد التصور النظري لقبح هذه العادة وأهلها والولد يمكن أن يتعلم الإنفاق عندما يشاهد والده في بعض الأوقات يخرج من جيبه نقوداً فيعطيها فقيراً أو محتاجاً، فربما قلد أباه في ذلك، ولا بأس أن يعطي الوالد ولده بعض النقود ويكلفه بالتصدق بها على بعض المحتاجين في المسجد مثلاً أو الجيران، ويحاول الأب في كل هذا أن يظهر لولده أن هذا الإنفاق وإعطاء المحتاجين من الناس واجب وليس فضلاً من المنفق، وذلك لحماية الولد من الشعور بالزهو والافتخار لإنفاقه، فإنه إن خرج من صفة البخل بإنفاقه وقع في صفة الكبر الذميمة بزهوه وافتخاره.
فإن ظهر من الولد شيء من علامات البخل وحب جمع المال، فإن دور الأب في ذلك التخفيف من حدة هذا الحب شيئاً فشيئاً حتى يستأصله بالكلية من نفسه، فيذم عنده البخلاء، ويمتدح عنده المنفقين، كما تقدم. ولو فعل ذلك بطريقة غير مباشرة كان أفضل، كأن يمدح أمامه أخاه الكبير الذي أخرج بعض نقوده تبرعاً للمجاهدين في سبيل الله، أو أن يذكر عنده ابن الجيزان الذي أعطى أحد الفقراء بعض مصروفه اليومي، أو يقص عليه قصة ولد أعطى إخوته بعض ألعابه وهكذا، فهذه القصص والوقائع إذا ذكرت أمامه دفعته لأن يسلك سبيلهم ويقتدى بهم. فإن أظهر الولد شيئاً من الكرم- ولو كان يسيراً- فإن الوالد يثيبه عليه، ويمدحه عند أقاربه وأقرانه، فيحس الولد أن هذا العمل حسن، فيتعوده ويواظب عليه.
ولتشجيع الأولاد على أعمال الخير والإنفاق يمكن للأب في بعض الأحيان عندما يجلس لأولاده ويحدثهم أن يسألهم: "من تصدق منكم اليوم على مسكين"؟ ربما في المرة الأولى لن يجيبه أحد منهم، ولكن عندما يعلمون أن أباهم سوف يسألهم ثانية فإنهم عند ذلك يسارعون للإنفاق والبذل والعطاء.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه انتهاج هذا الأسلوب مع أصحابه الكرام فقد سألهم يوماً فقال: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناًَ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة"، ويمكن للوالد استعمال هذا الأسلوب مع أولاده ليس فقط في جانب الإنفاق والتخلص من البخل، بل في جميع أعمال الخير والبر التي نص الرسول r عليها في هذا الحديث وغيرها ليعودهم فعل الخير.
ويلاحظ الوالد في حث أولاده على الإنفاق أن لا يدفعهم ذلك إلى التبذير الممقوت والمنهي عنه، فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:27]، فكلا الطرفين قبيح؛ بل يؤديه بأدب القرآن الكريم في قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان:67].
ولا يقتصر تعويد الأب ولده على الإنفاق أن يكون فقط على الفقراء والمحتاجين؛ بل يعوده السخاء في جميع أحواله كأن ينفق على نفسه بشراء ما يحبه من الحلوى مثلاً، ولا يقتصر على ما يؤمنه الأب منها، كما يشمل إعطاء الإخوة والأخوات مما يملك من النقود أو الألعاب والحلوى وغيرها، فتعويد الولد السخاء في هذا يهذب نفسه ويحصل له الاعتدال، فلا يكون أنانياً لا يفكر إلا في ملذاته ونفسه، ولا يكون أيضاً مهملاً لذاته غافلاً عنها.
كما يعمل الأب قدر الإمكان على تركيز جانب الإخلاص لله في تعويد أولاده على الإنفاق، فيذكرهم دائماً بأن العمل يجب أن يكون لله خالصاً، حتى وإن طلب منهم أن يخبروه عن أعمال الخير التي عملوها؛ إذ إن ذلك لطلب التنافس بينهم وليس للرياء فإذا تعود الولد فعل الخيرات، وعلم بعد ذلك أن أفضلها ما كان في الخفاء بعيداً عن أعين الناس، اجتهد في سترها وإخفائها، فيورثه ذلك حلاوة، ولذة إيمانية يجدها في قلبه، وتظهر على سلوكه إذ إن فعل العمل الصالح أو اقتراف السيئ لا بد أن تظهر معالمه على صاحبه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائناً ما كان)).