آخر الأخبار
موضوعات

السبت، 19 نوفمبر 2016

- تدريب الطفل على تحمل المسؤولية

عدد المشاهدات:
- تدريب الطفل على تحمل المسؤولية
إن تدريب الطفل على تحمل المسئولية ومساعدته في ذلك أمر هام جداً خاصة إذا نجح الولد في تحمل بعضها، وأظهر براعة في ذلك، فإن هذا النجاح يدفعه إلى مزيد من الجهد، والثقة بالنفس، والاعتماد عليها.
فالطفل في صغره خال من المسؤوليات صغيرها وكبيرها، فيتدرج في تحملها شيئاً فشيئاً بدءاً بتحمل أعباء خلع الملابس وارتدائها، إلى قضاء الحاجة، إلى الأدب في مجالس الكبار والصمت، إلى التحكم في العواطف والانفعالات، إلى أن يؤهل لتحمل المسؤولية الكبرى والأمانة العظمى التي كلف بها البشر كما قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]، فهذه الأمانة لا يمكن أن يتحملها البالغ الراشد؛ إلا بعد أن يتدرب على تحمل المسؤوليات الصغرى، ويتدرج في تحملها من الأسهل إلى الصعب، لهذا كان دور الوالد هاماً في تدريب ولده على الثقة بنفسه، وتحمل الأعباء.
وللوالد في السلف الصالح القدوة في ذلك، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t سأل بعض الصحابة عن آية في القرآن الكريم فلم يعرفوا الإجابة، وكان بينهم عبد الله بن عباس وهو صغيرالسن فقال: "في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين، قال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك" فأجابه. ويعلق على هذا الحديث ابن حجر، فيقول: "وفي الحديث قوة فهم ابن عباس، وقرب منزلته من عمر، وتقديمه له من صغره، وتحريض العالم تلميذه على القول بحضرة من هو أسن منه إذا عرف فيه الأهلية لما فيه من تنشيطه، وبسط نفسه، وترغيبه في العلم"، والشاهد هنا هو تشجيع الولد على الإقدام، وإعطاؤه الثقة في نفسه، وهذا كان واضحاً من فعله t رغم وجود كبار الصحابة في مجلسه.
والأب المسلم الواعي يحاول قدر المستطاع أن يعطي الفرصة لولده ليبرز قدراته لحل مشكلاته الصغيرة في عالم الطفولة، فلا ينبري دونه لحل كل ما يواجهه من المشكلات المختلفة، فإن شخصية الولد الصغير تنمو بشكل أفضل من خلال مواجهة الولد للصعوبات المختلفة وتغلبه عليها فيكون ذلك دافعاً إلى مزيد من الجهد والعطاء.وليس معنى هذا أن يترك الولد وشأنه في مواجهة جميع المشكلات، بل يساعد ويؤخذ بيده للوصول إلى أفضل حل للمشكلة، خاصة إن كان حلها صعباً عليه لصغر سنه، وقلة خبرته.
ويمكن للوالد أن يبدأ في تحميل ولده المسئوليات في وقت مبكر، خاصة عندما يظهر الولد الرغبة في ذلك، فيشجعه عليها، ولا يمنعه أو يثبطه لصغر سنه، فإنه لا توجد سن معينة يبدأ فيها بتحميل الطفل المسؤوليات.
ويمكن للأب أن يدرب ابنه بعد سن التمييز على تحمل المسؤولية من خلال تكليفه إدارة ما يملك من النقود، كأن يتولى شراء بعض الحلوى مثلاً من دكان قريب من المنزل، فيتعلم حسن إدارة ما يملك، فيتأهل لواقع الحياة الاقتصادي، إلى جانب أنه يحس بنشوة عظيمة حيث تولى هو بنفسه شراء ما يريد، فترتفع معنوياته وتزيد ثقته بنفسه.
أما الطفل الصغير دون التمييزفيمكن تدريبه على تحمل المسؤولية من خلال أمر الأم بإعطائه فرصة تولي الأكل بنفسه مثلاً، فإن كثيراً من الأولاد يحاولون أن يتولوا هذه المهمة بأنفسهم كالكبار، فإذا طلب الولد أن يتولى إطعام نفسه فلا بأس بإعطائه الفرصة في بعض الأحيان وتدريبه على ذلك مع أخذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم اتساخ ملابسه، والمكان من حوله، فإن الولد الذي يتدرب على الأكل بنفسه منذ صغر سنه؛يمكن الاعتماد عليه في ذلك بعد فترة قصيرة من الزمن، فيسبق أقرانه من الأولاد الذين لم تؤهلهم أسرهم لذلك، فتكون تلك ميزة له، وتفوقاً يعتز به على أقرانه.
أما في مجال تحمل الولد أعباء أخطائه ليتدرب على تحمل مسؤولية ما يقوم به من أعمال ليؤهل للجزاء، فيستيقن أنه مجازى بما يعمل. فيمكن أن يبدأ معه من خلال تحميله مسؤولية تنظيف الموقع من السجادة الذي لطخه بالعصير أو الحلوى مثلاً، فيؤمر الولد بتنظيف ذلك المكان بكل جدية وحزم ويعطى الصابون والماء والليفة ليتولى ذلك بنفسه، فيتعلم أن أعماله التي يقوم بها هو المسؤول الأول عنها، فإذا قيل له مستقبلاً إنه مسؤول عن أعماله أمام الله، وأنه سوف يسأل عنها، سهل عليه اعتقاد ذلك والتيقن به، فإنه قد تدرب عليه من قبل في أمور سهلة بسيطة فكيف بالأمور العظام الجسام؟
كما يمكن تحميل الولد المميز أعباء خطئه فيشعر بالمسؤولية، ويحس بها من خلال تحميله مسؤولية تنظيف ألعابه وأدواته التي تركها في فناء المنزل فأصابها المطر، وأتلف بعضها، كما يتحمل تكاليف كسره زجاج النافذة بالكرة حيث أهمل ولم يلعب في المكان المخصص لذلك.
ويلاحظ الأب في تحميل الولد تبعات أخطائه أن يكلفه ويحمله الأخطاء التي ارتكبها عمداً، أو بتفريط منه، أما الأخطاء التي وقعت له بدون قصد، أو سابق إرادة، فإنه لا يعاقب على ذلك؛ بل يشرح له ويبين، ويؤمر بأخذ الاحتياط في المستقبل. كما يحاول الأب أن يثيب الولد بعد اعترافه بخطئه وتحمله تبعاته ونجاحه في ذلك، فيعطيه هدية، أو يظهر له الثناء على عمله، وأنه راض عنه؛ وذلك لئلا يشعر الولد بأن والده يكرهه، أو يحقد عليه؛ بل يتعلم أن خطأه هذا هو الذي جر عليه غضب والده، وأن تحمله أعباء خطئه وإصلاح ما أتلفه أعاد له رضا والده عنه مرة أخرى.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير