عدد المشاهدات:
الحس هو بريد المملكة
الإنسانية، وهو السمع والبصر والذوق والشم واللمس ، وله رئيس ؛ فالبصر للألوان والأشكال
والأبعاد والشم للروائح والسمع للأصوات والنغمات والذوق للطعام واللمس للحرارة والبرودة
والصلابة والرطوبة والخشونة والنعومة وتقريب المقادير، وله مدير للمعقولات ورئيس للمحسوسات
؛ فمدير المعقولات الوهم، ورئيس المحسوسات الخيال، ومركزها الرأس والوجه ، إلا اللمس
؛ فإنه منتشر في سائر البدن وانتشاره لحكمه هي الرحمة بالجسم الإنساني ؛ فإنه إذا فقد
اللمس وجلس على نار أو على ثلج أو على مفرق للأعضاء هلك.
.. إن مبدع الكائنات
جعل الحس لحفظ الجسد من الآفات، ولدفع المضرات وجلب الخيرات،
وإني أضرب مثلا تستبين به الحقيقة: إذا جلس الإنسان
ليأكل، سبقت العين اليد إلى الطعام، فإذا قبلته شكلا ولونا أذنت اليد بنقله، فإن تناولته
اليد سبق الشم إليه، فإن قبله رائحة أمر اليد بدنوه من الشفتين، فإذا قبلتاه توسطا
في الحرارة والبرودة سمحت بدخوله إلى اللسان، فإن قبله طعما رده إلى الأسنان، فإن أمكنها
طحنه سمحت للسان بتوصيله للمريء فيوصله إلى المعدة، فإن كان صالحا للبقاء فيها قبلته
وقامت بوظيفتها وإلا ردته وأخرجته،
وأهل الجهالة يقهرون
المعدة على بقاء الطعام فيها بتعاطي ما يبطل عملها الطبيعي حتى تقبل ما تكره، بشرب
الدخان أو بأكل التوابل أو الأملاح، فتقبل الطعام مكرهة ، وتضعف عن القيام بوظيفتها،
فقد يتغير فيها فيصير حامضا أو عفصا أو مرا أو حلوا بحسب الغالب عليه، فتحصل الأمراض
والأوجاع، هذا كله يا مولاي لمخالفة العقل، وترك العمل بالوصايا الشرعية، وإهمال البحث
عن حكمة إيجاد تلك الأشياء والنظر في خواصها ، هذه بعض وظائف الحس.
والحس هذا داعية
الشرور إذا لم يتطهر ، وهو كما أنه بريد النفس فهو كذلك بريد الشيطان، فإذا وفق الله
فأصلح بين تلك القوى المتضادة، والأنواع المختلفة، مال كل فرد من المسلمين إلى سعادة
الدنيا والآخرة، وفاز المجتمع الإنساني بما فاز به سلفه الصالح، وعم الخير والرشاد
بطاح الأرض والوهاد، وسهولها والأنجاد.
الامام محمد ماضى ابو العزائم
الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ فوزى محمد ابوزيد