عدد المشاهدات:
ادع نفسك فإن أطاعتك فادع غيرك
الداعي إلى الله سبحانه، إنما يدعو إلى الإقرار والتصديق، والعمل والخلق والمعاملة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله سبحانه وتعالى، وبيَّنها بعمله وقوله وحاله صلوات الله وسلامه عليه، واقتدى به في ذلك كله خلفاؤه الراشدون، وأصحابه المخلصون، رضوان الله عليهم أجمعين .
فمن المكلف بالإقرار به والتصديق: الإيمان بالله تعالى، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى. وأن الله واحد أحد، فرد صمد، خالق رازق، حي عليم، قادر مريد، قريب مجيب، سميع بصير، يبصر عبده، وهو سبحانه مع عبده حيث كان، مطلع على السرائر وأخفى منها. وأنه سبحانه رغب في الآخرة، وجعلها هي دار النعيم، ودار الشهود والخلود والبقاء واللذة، وزهد في الدنيا وذمها، وشنع على أهلها، وقبح عملهم، ورد عليهم فعلهم، وجعل لهم في الآخرة عذابا أليما، وسخطا وغضبا دائمين. ثم جعل لكل عامل أجرا، إذا صدق في عمله، لا توازيه الدنيا، ولا ما فيها بأجمعها. وجعل لأهل الإخلاص في العقيدة والقول والعمل والحال جزاء عاجلا هو نور اليقين، ومشاهدة الآيات، ومكاشفة الملكوت، حتى يبلغ درجة اليقين الحق، والطمأنينة الحقيقية، التي متى بلغها السالك صارت الجنة مرأى عينيه، والجحيم مشهودة لبصيرته .
ثم يترقى إلى أن يكاشف بما هو أكمل وأجمل من ذلك، جمال الوجه العلي، وهذه المشاهدات تجعله يرى الدنيا جيفة قذرة، تشمئز منها نفسه، فيفر من نتنها وقبح ما يرا فيها، من سوء القطيعة عن النعيم المقيم، ودنس الأعمال الشيطانية التي يعملها أهل الدنيا، ورجس الأعمال البهيمية التي يتلذذ بها أهل الشهوات والحظوظ البدنية، وينزه نفسه عن تلك الدنايا ويعلو بها عن هذا الحضيض الأسفل الذي هو سجين البعد وهاوية المقت .
فإذا طالب نفسه أن تطيعه على تحمل المجاهدات والرياضات، في سبيل البعد عن الوقوع في مشتهياتها وحظوظها، والفرار عن الميل إلى تلك الدار الفانية، الغادرة الضارة، والبغض لزينتها، والتجافي عن ملاذها ومسراتها، وإجابته مسرورة بما لا يلائمها من الزهد والجد، والخشوع والذل والانكسار، والفقر والسهر، امتحنها بالدنيا، واختبرها بالميل إليها، فإن نفرت عنه، وفرت عنه إلى الحق، والفقر
والمسكنة، ورضيت بالابتذال, كان منها بعد ذلك على حذر, وراقبها أشد مراقبة, لتدوم على هذا الصفاء, وقام مسروراً أن ينجى غيره من هذا الهلاك, ويرفع إخوانه من حضيض الأرذلين, وعمل الضالين, لين الجانب معهم, زاهداً فيما في أيديهم, باذلاً ما في يده, يخصهم بملاذ الدنيا, ويرضى لنفسه الخشن والجوع, وتحمل مرارة المجاهدة, حتى يتعلموا بعمله جميل الأخلاق, مجداً في عمل النوافل بعد الفرائض, حتى يلين أبدانهم على أكمل الأعمال وأجملها وأدومها, غامضاً بصره عن عيوبهم, حافظاً لسانه عن الوقوع فيهم, ليتعلموا منه حسن المعاملة, ويتخلقوا بأخلاق رسول الله سبحانه وتعالى .
ثم يجدد أحوالهم بالحكمة, على قدر عقولهم, والموعظة على قدر أحوالهم ومعلوماتهم. يبغض أمامهم الفواحش والطمع, وسفه الغيبة, وسوء الخلق. ويبغضهم في كل عمل سئ, وحال قبيح, وخلق رديء, ليكون نوراً لأبدانهم, وطهوراً لأرواحهم, وكعبة لأنفسهم, يزدادون علماً بمجالسته, وقرباً من الله تعالى بمقاربته, وتزكية لنفوسهم بمعاشرته, ورغبة في الملكوت الأعلى بالرغبة فيه, وكشفاً لأسرار القرآن بعبارته, وتمكيناً في التوحيد بإشاراته, وتخلقاً بأخلاق الله تعالى وأخلاق رسوله بمحبته ومعرفته .
فيفيض الله سبحانه عليهم من سوابغ فضله, حلل المقربين, وشراب المحبوبين, فيكون من ورثة الرسل عليهم الصلاة والسلام, القائمين على الحق, والداعين إلى الله تعالى, والمجددين لسنة الله تعالى وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم, والمعلين لكلمة الله تعالى, والجامعين الخلق على الله تعالى. أولئك هم صفوة الله من خلقه, وأحباؤه من عباده, وخلفاؤه الراسخون في علم الله تعالى ومعرفته سبحانه .
من أنس من نفسه بهذا, فهو الداعي إلى الله تعالى, النائب عم الوارث لرسول الله تعالى. ومن لم يجد نفسه تطيعه, فليكن مع المريدين الذين هم في مراتب المجاهدات والإرشاد, ولا يتعرض للدعوة, فإنه يكون داعياً لغير الحق، ضالا مضلا أو كالشمعة يضيء لغيره ويحرق نفسه. أو داعيا من دعاة جهنم، نعوذ بالله من غضبه ومقته، وأسأله سبحانه نورا وهداية وتوفيقا لي، ولأولادي، وأهلي، وإخواني جميعا، آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وورثته آمين .
الداعي إلى الله سبحانه، إنما يدعو إلى الإقرار والتصديق، والعمل والخلق والمعاملة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله سبحانه وتعالى، وبيَّنها بعمله وقوله وحاله صلوات الله وسلامه عليه، واقتدى به في ذلك كله خلفاؤه الراشدون، وأصحابه المخلصون، رضوان الله عليهم أجمعين .
فمن المكلف بالإقرار به والتصديق: الإيمان بالله تعالى، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى. وأن الله واحد أحد، فرد صمد، خالق رازق، حي عليم، قادر مريد، قريب مجيب، سميع بصير، يبصر عبده، وهو سبحانه مع عبده حيث كان، مطلع على السرائر وأخفى منها. وأنه سبحانه رغب في الآخرة، وجعلها هي دار النعيم، ودار الشهود والخلود والبقاء واللذة، وزهد في الدنيا وذمها، وشنع على أهلها، وقبح عملهم، ورد عليهم فعلهم، وجعل لهم في الآخرة عذابا أليما، وسخطا وغضبا دائمين. ثم جعل لكل عامل أجرا، إذا صدق في عمله، لا توازيه الدنيا، ولا ما فيها بأجمعها. وجعل لأهل الإخلاص في العقيدة والقول والعمل والحال جزاء عاجلا هو نور اليقين، ومشاهدة الآيات، ومكاشفة الملكوت، حتى يبلغ درجة اليقين الحق، والطمأنينة الحقيقية، التي متى بلغها السالك صارت الجنة مرأى عينيه، والجحيم مشهودة لبصيرته .
ثم يترقى إلى أن يكاشف بما هو أكمل وأجمل من ذلك، جمال الوجه العلي، وهذه المشاهدات تجعله يرى الدنيا جيفة قذرة، تشمئز منها نفسه، فيفر من نتنها وقبح ما يرا فيها، من سوء القطيعة عن النعيم المقيم، ودنس الأعمال الشيطانية التي يعملها أهل الدنيا، ورجس الأعمال البهيمية التي يتلذذ بها أهل الشهوات والحظوظ البدنية، وينزه نفسه عن تلك الدنايا ويعلو بها عن هذا الحضيض الأسفل الذي هو سجين البعد وهاوية المقت .
فإذا طالب نفسه أن تطيعه على تحمل المجاهدات والرياضات، في سبيل البعد عن الوقوع في مشتهياتها وحظوظها، والفرار عن الميل إلى تلك الدار الفانية، الغادرة الضارة، والبغض لزينتها، والتجافي عن ملاذها ومسراتها، وإجابته مسرورة بما لا يلائمها من الزهد والجد، والخشوع والذل والانكسار، والفقر والسهر، امتحنها بالدنيا، واختبرها بالميل إليها، فإن نفرت عنه، وفرت عنه إلى الحق، والفقر
والمسكنة، ورضيت بالابتذال, كان منها بعد ذلك على حذر, وراقبها أشد مراقبة, لتدوم على هذا الصفاء, وقام مسروراً أن ينجى غيره من هذا الهلاك, ويرفع إخوانه من حضيض الأرذلين, وعمل الضالين, لين الجانب معهم, زاهداً فيما في أيديهم, باذلاً ما في يده, يخصهم بملاذ الدنيا, ويرضى لنفسه الخشن والجوع, وتحمل مرارة المجاهدة, حتى يتعلموا بعمله جميل الأخلاق, مجداً في عمل النوافل بعد الفرائض, حتى يلين أبدانهم على أكمل الأعمال وأجملها وأدومها, غامضاً بصره عن عيوبهم, حافظاً لسانه عن الوقوع فيهم, ليتعلموا منه حسن المعاملة, ويتخلقوا بأخلاق رسول الله سبحانه وتعالى .
ثم يجدد أحوالهم بالحكمة, على قدر عقولهم, والموعظة على قدر أحوالهم ومعلوماتهم. يبغض أمامهم الفواحش والطمع, وسفه الغيبة, وسوء الخلق. ويبغضهم في كل عمل سئ, وحال قبيح, وخلق رديء, ليكون نوراً لأبدانهم, وطهوراً لأرواحهم, وكعبة لأنفسهم, يزدادون علماً بمجالسته, وقرباً من الله تعالى بمقاربته, وتزكية لنفوسهم بمعاشرته, ورغبة في الملكوت الأعلى بالرغبة فيه, وكشفاً لأسرار القرآن بعبارته, وتمكيناً في التوحيد بإشاراته, وتخلقاً بأخلاق الله تعالى وأخلاق رسوله بمحبته ومعرفته .
فيفيض الله سبحانه عليهم من سوابغ فضله, حلل المقربين, وشراب المحبوبين, فيكون من ورثة الرسل عليهم الصلاة والسلام, القائمين على الحق, والداعين إلى الله تعالى, والمجددين لسنة الله تعالى وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم, والمعلين لكلمة الله تعالى, والجامعين الخلق على الله تعالى. أولئك هم صفوة الله من خلقه, وأحباؤه من عباده, وخلفاؤه الراسخون في علم الله تعالى ومعرفته سبحانه .
من أنس من نفسه بهذا, فهو الداعي إلى الله تعالى, النائب عم الوارث لرسول الله تعالى. ومن لم يجد نفسه تطيعه, فليكن مع المريدين الذين هم في مراتب المجاهدات والإرشاد, ولا يتعرض للدعوة, فإنه يكون داعياً لغير الحق، ضالا مضلا أو كالشمعة يضيء لغيره ويحرق نفسه. أو داعيا من دعاة جهنم، نعوذ بالله من غضبه ومقته، وأسأله سبحانه نورا وهداية وتوفيقا لي، ولأولادي، وأهلي، وإخواني جميعا، آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وورثته آمين .