عدد المشاهدات:
السؤال الخامس والخمسون: هل الشيطان يعلم خفايا
النفس الإنسانية؟.
الجواب:
إن الشيطان لا يعلم ما خفى فى جوانح النفس وطوايا الضمير،
وكذلك الملائكة لا تعلم شيئًا من ذلك ولا يعلم ذلك إلا الله وحده، أو من أطلعه
الله على الغيب، وعلى ما تخفية الصدور، وقد ورد فى الحديث القدسي عن الله عز وجل ما معناه:
﴿الإخلاص سر من اسرارى استودعته قلب من احب من عبادى فلا يطلع عليه ملك
فيكتب ثوابه﴾. [رواه القزويني].
وكذلك كل ما استتر فى القلب، إذ لو اطلع الشيطان على ما
يخفية الإنسان في نفسه من النوايا والقصود والفكر، لأفسد فيها وأخبر بها من تتعلق
بهم تلك النوايا من خير أو شر، وتفسد الحياة بين الناس بسبب ذلك، ونحن نعلم جميعًا
مدى عداوة الشيطان للإنسان، وأنه كان يسترق السمع من السموات فيضع على الكلمة التى
يسمعها عشر كلمات كاذبة ويخبر بها أولياءه وأصحابه، ويكذب عليهم وهم اتباعه وأولياءه،
فكيف بغيرهم الذين لا صله لهم به؟ إن كذبه عليهم يكون أكثر وأشنع فكيف لو اطلع على
ما فى نفس الإنسان وأخبر به؟ إذن لفسدت أمور الإنسان وضاعت عليه مصالحه ولم يستقم
له شأن. هذا وإن كل ما فى القلب قد حجبه الله عن الغير حتى لا ينكشف سر الإنسان لأحد
غير الله عزَّ
وجلَّ،
وحتى ينتظم شأن هذه الحياة الدنيا.
ولقد استأثر الله بعلم ما في القلوب لأنه من غيب السموات
والأرض الذي يقول فيه: ﴿وَلِلّهِ
غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ
فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾. [123،هود].
السؤال السادس والخمسون: إن كان الشيطان لا يعلم
ما في نفس الإنسان فكيف يسايره ويعينه على هواه؟.
الجواب:
إن هوى النفس هو ميلها إلى الشهوات واللذات والأطماع
والأماني واللهو واللعب وغير ذلك من المساوئ والمفاسد، وإن هذا الهوى هو من دسائس
الشيطان ووساوسه، وهو من إغواء الشيطان وإغرائه، وهو من تزيين الشيطان وألاعيبه
التي يخدع بها المسلم. وإن النفس في الحقيقة هي بنت الشيطان، وعن طريقها يتم ما
يريده الشيطان فلا غرابة إذن من دفع الشيطان للإنسان ومسايرته له فى تحقيق هواه
وميوله الباطلة، وإن الهوى أخو العمى، وقد يستبد الهوى بصاحبه فيتخذه إلها من دون
الله ولا حول ولا قوة الا بالله، قال الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ
إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ
أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾. [23،الجاثية].
وهنا إشارة يجب الالتفات إليها وهو أن المؤمنين لا تصل
وسوسة الشيطان إلى قلوبهم، ولكنها تكون فى دائرة الصدور فقط قال الله تعالى : ﴿مِن
شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾. [4-5،الناس] وهذا من
فضل الله على المؤمنين فإنه سبحانه وتعالى جعل قلوبهم منطقة
محرمة على الشيطان، وأن الصدر دائرة فوق القلب كغلاف بالنسبة له، ومن هنا كان
المؤمن دائمًا يطرد هذه الوسوسة بمجرد وقوعها من الشيطان لعنه الله، ولذلك يقول
الله تعالى: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ
فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾. [201،الأعراف]. فيدفع
المؤمن الشيطان بالاستعاذة منه كما قال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ
الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. [36،فصلت].
والنزغات الشيطانية هو مكره وكيده وشباكه التى ينصبها ليوقع
المؤمنين فى المحرمات والشبهات.
السؤال السابع والخمسون: كيف يتعامل الشيطان مع
القلوب على اختلاف أنواعها؟.
الجواب:
سبق أن قررنا أن قلوب المؤمنين والمؤمنات ليس للشيطان تعامل
معها لأنها مناطق محرمة على الشيطان لطهارتها بالإيمان، وعمارتها بتقوى الله وذكره
ولذلك يقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ
عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾. [99،النحل].
أما سلطانه فإنما يكون على الذين يستجيبون له،
ويتبعون وسوسته من ضعاف الإيمان، أو الذين يشركونه مع الله سيحانه وتعالى وهم الكفرة لعنهم الله، ولذلك قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ
عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾. [100،النحل].منقول من كتاب حوار حول غوامض الجن
لفضيلة العارف بالله الشيخ محمد على سلامة
مير اوقاف بورسعيد سابقا