عدد المشاهدات:
بيان حديث ابن عباس الذي يقول فيه سيدنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم:{إذا سألت
فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله}.[1]
ما أعظم هذه التوجيهات الكريمة التي صدرت من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، للمسلمين.
وفهمي في هذا الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يقل لابن عباس (ولا تسأل غير الله)، فقد أمره أن يسأل الله ولم ينهه أو
يحرِّم عليه سؤال غير الله ، وذلك لقول الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾. [43،النحل].
وقول الله تعالى: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ
تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾. [101،
المائدة].
وقوله صلى الله عليه وسلم:{سلوني ما بدا لكم ودعوني ما تركتم}.[2]
وكذلك قول الرسول لابن عباس رضي الله عنهما:{وإذا استعنت
فاستعن بالله}.[3]
فلم يقل له ولا تستعن بغيره فإن الاستعانة بغير
الله من صميم الدين، لقول الله تعالى على لسان سيدنا موسى: ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي
اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾. [29-32،طه].
وقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ
بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾. [153
البقرة].
وقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾. [2، المائدة].
يعنى ليُعِنْ بعضكم بعضًا على أعمال البر، وعلى
أعمال التقوى، وقد ورد في حديث شريف: {مَنْ أَعَانَ على
خَيْر فَلَهُ مِثْلُ أَجْر فَاعِلِهِ}.[4]
وقال صلى الله عليه وسلم: {أحَبُّ الخَلْق
إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيالِهِ}.[5]
وقال صلى الله عليه وسلم:{عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ
صَدَقَةُ. قِيلَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَجِدْ؟. قَالَ: يَعْتَمِلُ بِيَدَيْهِ، فَيَنْفَعُ
نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟. قَالَ: يُعِينُ ذَا
الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ}.[6]
من هنا يتبين أن الاستعانة بغير الله إنما هي
بأمر الله ورسوله، ولا حرمة ولا كراهية فيها، ولا كفر ولا شرك فيها، فقد جعل الله
كل شئ ليستعين به الإنسان في قضاء حاجاته ومآربه، ويصل به إلى منتهى غاياته
وآماله، وعليه أن يشكر الله عزَّ
وجلَّ على تسخيره الأشياء إليه وَجَعْلِها معينة له
على معاشه ومعاده.
ولقد استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور الدين والدنيا بأصحابه وبغيرهم وبكل ما حوله من أشياء تنفيذًا لأمر
الله وحكمته في إقامة الأسباب.
وقد آخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار،
ليعين كُلُّ واحد منهم أخاه على طاعة الله، وعلى شئون الحياة الدنيوية.
وهذا أكبر دليل على التعاون البنَّاء الصادق في
الإسلام فقد بلغ التعاون منهم أقصاه، حيث كان يقتسم الواحد منهم ماله مع أخيه،
ويطلق له إحدى زوجاته ليزوجها له. نسأل الله من فضله أن يعيد للمسلمين هذه الأمجاد
التي أسعد الله بها العباد والبلاد.
رواه الطبراني والبيهقي عن ابن عباس.
[2] رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة.
[3] رواه الطبراني والبيهقي عن ابن عباس.
[4] رواه مسلم عن عقبة الأنصاري.
[5] ورد هذا الحديث برواية الطبراني عن ابن عمر.
[6] متفق عليه من حديث أبي هرير
منقول من كتاب التوحيد فى الكتاب والسنة
لفضيلة الشيخ محمد على سلامة
مدير اوقاف بورسعيد سابقا