عدد المشاهدات:
السؤال الثالث والأربعون: ما هي حقيقة إدعاء
البعض أنه على صله بالجن؟.
الجواب:
هذا أمر صحيح لأن بعض الصالحين، الذين خَدَّم الله لهم
الكائنات، يتحكمون في الجن بأمر الله، وهناك بعض الناس الذين يشتغلون بالعلوم السفلية
أعني الخاصة بالجن، لهم صلة بهم على قدر ما علموا من شأن الجن، ولهم علم بكيفية
تحضيرهم وكيفية استخدامهم وكيفية صرفهم بعد ذلك. ولكن هذا الباب دخل فيه كثير من أهل
الشعوذة والضحك على الناس والاستخفاف بعقولهم، وكم لهم من فريسة وقعت فى شباكهم
وحبالهم، لقد أصبح الصادق في هذا المجال قليل، وذلك لأن الجن نفسه يضحك على أصحابه
ويسخر منهم فى كثير من الأحيان.
السؤال الرابع والأربعون: هل ينفث الجن فى روع أصحابه
من الإنس ويؤثر على فكرهم؟.
الجواب:
نعم قال الله تعالى : ﴿وَإِنَّ
الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ
أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ
لَمُشْرِكُونَ﴾. [122،الأنعام].
والإيحاء هو التأثر في الفكر، والإلقاء في الروع أي القلق،
والمعنى أن وسوسة الشيطان تقوى حتى تكون وحيًا يؤثر على النفس وعلى قوى الإنسان
ومشاعره، حتى أن أصحابه يجادلون الناس بما أوحاه الشيطان لهم ليضلونهم عن الحق
والرشاد، وإن من يطيع أولياء الشيطان ويتبعهم فقد أشرك بالله ولا حول ولا قوة إلا
بالله وقد ورد فى الحديث الشريف ما معناه: {إن على قلب
المؤمن ملكًا يلهمه وعلى قلب الكافر شيطان يضله}.
وعلى ذلك فالإيمان عصمة من وحي الشيطان وإضلاله، أما
الوسوسة بالنسبة للمؤمن فهي واردة وتكون فى إغرائه بالشهوات والأماني الزائفة
والوعود الكاذبة والوسوسة، وإن المؤمن يطرح عنه هذه الوسوسة ولا يستجيب لها ويتوب
إلى الله عزَّ
وجلَّ
منها.
السؤال الخامس والأربعون: هل يمكن تسليط الجن
على الإنسان فيصيبه في عقله أو جسمه أو يجعله يعدل عن عمل عزم على فعله أو ينحرف
عن الجادة أو يؤثر في الحب والكراهية بين الناس وبين الرجل وزوجته؟.
الجواب:
إن الذي يستخدم الجن ويتسلط عليه، يكون الجن بالنسبة له مقهور
على الأعمال التي يسخره فيها، ولذلك يجب على المسلم الذي يستخدمه، أن يلتزم بأحكام
الله وآدابه، لأن التبعة تكون عليه أولاً وأخيرا، وإن الجن بالنسبة لذلك كالإنسان
الذي يقهره غيره على فعل السوء والأذى، هذا مع أن الجن في ذاته وطبعه شديد الميل إلى
الشر والأذى بخلاف الإنسان، وإن الأضرار التي يلحقها الجن بالإنسان أكثر من أن
تحصى فهي تشمل كل ناحية فى الإنسان من النواحي المادية والمعنوية وإن كان الأمر في
حقيقته متعلق بمشيئة الله وإرادته قال الله تعالى: ﴿وَمَا
هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾. [102،البقرة]. وذلك بعد
قوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾.
وإن الجن والإنس أسباب فقط يجري الله على أيديهم ما يشاء من
الضر والنفع والخير والشر، وبحكم العادة وحسب سنة الله في الكون، أنه إذا وجدت الأسباب
وقامت بالفعل يترتب عليها وقوع المسببات والنتائج والآثار لهذه الاسباب.
السؤال السادس والأربعون: نرجو إلقاء الضوء على
قول رسول الله للسيدة عائشة رضى الله عنها حين سألته
ألك شيطان يا رسول الله قال: {نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم}.
الجواب:
إن العجب كل العجب أن يكون لرسول شيطان قرين، يعنى مصاحب،
ولكن رسول الله أراد أن يبين بذلك للمؤمنين أن الشيطان ضعيف، ويمكن التغلب عليه،
ويمكن أن يقوده المؤمن إلى الخير بعد طول المجاهدة والمصابرة لأن الشيطان عدو
يتربص بالمؤمنين دائما وهذا الحديث الشريف يدل على أن شيطان الجن وهو من ذرية إبليس
يمكن أن يسلم ويؤمن، وأيضًا فإن إسلام هذا الشيطان إكرام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث نعلم
أن كل شيء يعيش في ظله عليه الصلاة والسلام يسعد بصحبته ولو كان شيطانًا رجيمًا،
ويجوز أن يكون إسلام الشيطان خاصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره
من بقية المؤمنين وفي هذا الحديث إشارة قوية إلى تأثير الشيطان بصحبة الإنسان
الصالح لدرجة أنه يترك الكفر والشيطنة ويؤمن بالله ورسوله كما أن الإنسان الفاسق يتأثر
بصحبة الشيطان ويستجيب لايحائه ووسوسته.
السؤال السابع والأربعون: نرجو إفادتنا عن كيفية
تلبيس الشيطان على المسلم وكيفية التخلص منه و في أي مقام لا يقدر الشيطان على
المؤمن؟.
الجواب:
إن الشيطان لعنه الله له طرق كثيرة لإغراء المسلم، وذلك بأن
يحسن له المعاصى ويزين له الشهوات حتى يوقعه فى معصيه الله ورسوله، فإذا كان
المسلم يقظا ومتنبها لخداعه ودحره على عقبيه دخل عليه الشيطان من ناحية أخرى وهى
تلبيس الأمور عليه وخلط الباطل بالحق ويفتح على المسلم باب الشبهات، ويجره إليها
ثم يدخل عليه من باب حب السمعة والشهرة والظهور فيقع المؤمن فى الرياء والنفاق
العملي، ويقع المؤمن في العُجْبِ والفخر والركون إلى جاهه وماله وعلمه وسلطانه
وغير ذلك من الأمور الفانية، ويحرمه من الإخلاص الذي هو روح الإيمان.
هذا وإن الشيطان لا يزال يتعرض للمؤمن في جميع أطواره، فيدخل
على العابد فيقول له من مثلك في الناس يعمل كذا وكذا من أنواع العبادات التي تقوم
بها من صلاة و صيام وذكر وتسبيح وتقديس وغير ذلك ويدخل على الزاهد فيقول له من
يستطيع أن يجاهد نفسه مثلك في ترك اللذات والطيبات والمتع التي أباحها الله للناس
ويدخل الشيطان كذلك على العالم فيقول له أنت اليوم ألقيت درسًا أبهر السامعين وأخذ
بمجامع قلوبهم فأين العلماء الذين يستطيعون هذا الأداء الرائع، وكذلك فإن للشيطان
مداخل يُلبس بها على السالكين بل على الواصلين، ولكنه لا يقدر أن يدخل على
المتمكنين لكمال يقينهم وقوة تمكينهم سر قوله الله تعالى: ﴿إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾. [42،الحجر]. ولقد قال
رسول الله صلى
الله عليه وسلم فى شأن سيدنا عمر رضى الله عنه : {لو سلك عمر فجا لسلك الشيطان فجًا آخر}. [متفق عليه]. وذلك
ليقظة سيدنا عمر وشدة مجاهدته للشيطان.
هذا وقد دخل الشيطان لعنه الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي
في مسجده الشريف بقصد أن يسأل رسول الله عن أمور يشغله بها عن صلاته فأمره رسول
الله ان يلتزم مكانه بجوار عمود المسجد، وظل كذلك لم يستطع أي حركة حتى أفرج عنه
رسول الله وأطلقه وذلك لنعلم أن للشيطان (عليه لعنه الله) تلبسًا شديدا على المؤمنين
حتى يحذره كل مؤمن ومؤمنة، ويجاهد آناء الليل وأطراف النهار، وذلك هو الجهاد الأكبر
في ذات الله تعالى قال جل
شأنه:
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾. [69،العنكبوت]. جعلنا الله من المجاهدين إلى يوم الدين آمين، وصلى الله على
سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
منقول من كتاب حوار حول غوامض الجن
لفضيلة العارف بالله الشيخ محمد على سلامة
مير اوقاف بورسعيد سابقا