آخر الأخبار
موضوعات

الاثنين، 26 سبتمبر 2016

- البحث عن الحياة الطيبة

عدد المشاهدات:
يندر أن تجد أحدا منا، نحن المسلمين، لا يعاني من اضطراب في العلاقات سواء في الأسرة أو في دائرة الأصدقاء أو في العمل.. ويندر أن يعيش أحدنا بدون خلافات ونزاعات وخصومات يصل بعضها لدرجات مدمّرة نفسيا واجتماعيا..
وفي المقابل، يقول الله عز وجل في سورة النحل (آية 97): “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”. فلماذا نعاني في حياتنا اليومية من كثرة المشاكل والخلافات والقلق، رغم إيماننا وعملنا الصالح؟ وهل نحتاج لإعادة نظر وإعادة ترتيب في رؤيتنا للحياة لتحقيق معنى “الحياة الطيبة” المشار إليه؟
حياة الإنسان هي صيرورة من الزمن ومراحل متعاقبة تختلف من مرحلة إلى أخرى، طفولة وفتوة وشباب ثم كهولة ثم هرم، منا من يستكمل هذه المراحل، ومنا من يتعذر عليه ذلك، إثر نداء النهاية المؤقتة لأجل استئناف بداية أخرى بعالم آخر لا علم لنا به إلا ما علمنا من نبأ الغيب على لسان الوحي.

هذه الحياة غالباً ما يحياها الإنسان بين صراعات متعددة سواء في علاقاته الإنسانية في نطاق الأسرة أو الصداقة أو الزمالة أو في علاقاته بالموجودات من حوله ومتطلبات العيش اليومية، أو في علاقاته بذاته، وقليل منا من يحسن التعامل مع هذه الصراعات والجاذبات والتحديات، وأحياناً كثيرة المعيقات التي هي أشد ما يخشى الإنسان في سلوكه إلى أهدافه ومراميه التي يرسمها في مخططاته.
لكن الكل يتفق على فكرة أنه يسعى في خضم صراعاته اليومية وسعيه الحثيث وانشغاله الدائم ومخططاته يسعى إلى تحيق الحياة الطيبة، لكن نادراً ما ندرك معنى الحياة الطيبة.

فمنا من يلخصها في تحقيق الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي المادي، مما يسد حاجته من الغذاء واللباس والسكن والتعليم والتطبيب، ومنا من يرفع السقف قليلاً، فيضيف إلى ذلك رغبته بامتلاك بيت مجهز بأحدث الأثاث والأجهزة والغرف والواجهات و.. ومدخول شهري يكفيه على متابعة العيش بهذا المستوى أو أكثر.. وفئات أخرى لا تكتفي بهذا، بل تسعى إلى منافسة من يمتلكون أفخم المنازل وأحدث السيارات وكبرى الشركات والعقارات و... وفئات لم تعد تدرك قيمة الأشياء بسبب كثرة امتلاكها، ومنا من يرى الحياة الطيبة في شفائه من المرض الذي أنهك جسده، ومن يراها في خلاصه من الفقر والحاجة، بحيث يرى أنهما سبب تعاسته وأنه يحيا على هامش الإنسانية.

وفئات أخرى وأخرى وأخرى.. كل يرى الحياة الطيبة بحسب حاجاته.

إن ربط الحياة الطيبة بتحقيق الأهداف والغايات الدنيوية سلوك يجعل الإنسان لا يدرك المعنى الحقيقي للحياة الطيبة، بل يجعله يعيش على الانتظار وأن السعادة والرفاهية والراحة و... هي أمور تتحقق مع تحقق متطلباته ووصوله إلى أهدافه، وبذلك يفقد الإنسان سعادته الآنية وتفوته فرصة الحياة الطيبة التي تحملها ثنايا عيشه اليومية.

فيعيش منتظراً رافضاً الواقع الذي يحياه غاضباً منه، منزعجاً غير راغب فيه، وهذا لا ينفي أن متطلباته مشروعة، بل هي حقوق مكفولة له، لا حرج في السعي لتحقيقها، لكن فكرة ربطه للسعادة والطيبة في الحياة بها، تجني عليه وتجعل ذوق السعادة يغيب عنه؛ لأن السعادة عندما ترتبط بالأشياء، فإنها تفقد بريقها وقدرتها على رفع الإنسان من عالم الأشياء والموجودات إلى عالم الرقي والإحساس بالطمأنينة والارتياح والأمن.
هذه الأحاسيس التي يفقدها الإنسان عندما ينتابه القلق من ضبابية المستقبل أو الخوف من محيطه الذي كثيراً ما يظهر متكالباً عليه، أو فقدان الثقة في الذات والعجز عن خوض التجارب وأخذ القرارات، هذه التخوفات وغيرها تجعله يكد ويتعب ويشقى من أجل ضمان استمراريته في أحسن الظروف وتأمين ذاته.

إن حقيقة الحياة في القرآن الكريم، جاءت متكاملة بين ما هو مادي وما هو معنوي، قال تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾، لقد ربط القرآن الكريم بين العمل الصالح والحياة الطيبة، فهي إذن نتيجة للصلاح، فالعمل الصالح يعود أثره على الإنسان نفسه، بحيث ينسجم مع فطرته المحبة للخير، فتُبعث في قرارته سكينة وثبات وطيبة في حياته، فالنفس الإنسانية تجد حقيقتها وكنهها في سعيها لما يحييها حقيقة، إذ كثيراً ما يقف الإنسان مع نفسه فلا يدري أهو حي أم مييت، وليست الحياة هنا حياة التنفس واشتغال أعضاء الجسد، بل حياة الروح واشتغال الوجدان، فالقلب عضو من أعضاء الجسد عمله دلالة على حياة الإنسان وتوقفه دلالة على موته، لكن عطالته عن أداء مهمته في التمييز والحكمة، وجلب الخير ودفع الضرر يميت الإنسان بقدر أكبر مما يحييه.
إن الدعوة إلى الحياة في القرآن الكريم بارزة وموضِحة لمعنى الحياة الحقيقي ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ (الأنفال:24). ما يُحيي الإنسان حقيقة هو يقينه بوحدة خالقه وصدق رسالاته وصلاح شريعته، ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ (الأنعام:122). فحياة الإنسان الحقيقة هي في عمله وفق شرع الله.

إن الحياة الطيبة تستمد طيبتها من تلك العلاقة العمودية الرابطة بين الذات البشرية والإلهية والمنعكسة على العلاقة الأفقية بين الذات الإنسانية الفردية والجماعية وباقي الموجودات من حولها، فحضور الجلال الإلهي يشكل دعم نفسي واستقرار تصوري ينعكس على الواقع اليومي للإنسان
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ فالضنك هو بؤس الحياة ورتابتها.. وهو نتيجة مباشرة لغياب تلك الرابطة بين الخالق والمخلوق، فضلاً عن أنه نتيجة منطقية يثبتها العقل لإخفاقات أو فشل في تجارب أو مخططات أقدم عليها الإنسان، إلا أن القرآن الكريم يبين أن هذه الأسباب ما كانت لتؤدي بالإنسان للضنك لولا إعراضه عن من بيده ملكوت السماوات والأرض.

فالظنك هو العيشة القاسية الكئيبة التي لا ينفع معها مال ولا بنون ولا أحدث وسائل الرفاهية، فتكون النفس بائسة يائسة محزونة، لا تعرف للفرح دليلاً ولا للطمأنينة سبيلاً، معيشة همها الوحيد التوفير المادي، منغمسة في كل ما هو حسي، وهذه الحياة العادية ليست كل الحياة، بل إن اقتصار الإنسان عليها يجعلها بمنطق القرآن أشبه بالموت، فالإحساس الملموس المادي هو جزء من الحياة وليس كلها، بل لا بد من استحضار بعدها الروحي، ولسنا هنا نفرق بين الروح والجسد أو بين العقل والقلب فنجعل لكل منهما طريقاً ومنهجاً يخالف ويختلف عن الآخر، بل لا بد من التأكيد على أن الإنسان خُلق على مبدأ التكامل لا التجزيء، فكلما عمد إلى الأحادية وغيب التكاملية في ذاته، تخاصم مع فطرته وجبلته، وبدا غير منسجم مع محيطه والموجودات من حوله وكانت مآلاته في غير صالحه.

لقد أعطى القرآن الكريم للحياة مفهوماً أوسع، مما سيتناسب مع الغاية التي وجد لأجلها ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ (الجاثية:24). ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ (الروم). فالحياة حياتان أولى ظاهرة دنيا، وأخرى خفية عليا، واقتصار الإنسان على الحياة الدنيا، هو الذي يكرس لديه تلك المخاوف والتوجسات إلى ذكرنا سابقاً بينما يقينه في الحياة الأخرى يوسع مداركه ويعمق نظرته للحياة ويرسخ في قرارته الطمأنينة والثبات والتريث والأمن.

إن حقيقة الموت التي أمن بها الإنسان عن تجربة، جعلته يفقد أمله ورغبته وظنه بالخلود في هذه الحياة وهذا الإيمان بعدم الخلود مسؤول عن زرع الخوف لدى الإنسان، وفقدان الثقة كما أن يقينه بعدم العودة إلى الحياة مرة أخرى، يولد عنده خوفاً من الموت باعتباره في نظره نهاية ليس بعدها استمرار، بينما هي مجرد حدث لاستئناف استمرارية من نوع آخر بتصور آخر ومجال آخر، ومن عاش الطيبة بمفهومها الوجودي والقيمي أدرك الحياة الحقيقة، بينما من غابت عنه معاني الطيبة ودواعيها، فاتته مدركات بها تسمو آدميته وترتقي نحو حياة إنسانية حقيقية لا يتعارض فيها ما هو حسي وما هو روحي.
القرآن ماء الحياة الحقيقية
فبهذا القرآن إذن وحده تتم الحياة، ولا سبيل إلى الحياة الثانية بالمعنى الصحيح إلا بماء الحياة. والماء الذي يتم به الإحياء هو هذا القرآن الكريم النازل من عند الله عز وجل، ولا سبيل إلى إحياء الإنسان الفرد ولا الإنسان الأمة بغير هذا الماء.
إن الله تعالى جعل الماء سبباً للحياتَين: الحياة العادية المادية ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾(الأنبياء:30)، والحياة الروحية هي أيضاً من الماء الذي عبَّر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بالغيث بصريح العبارة: "مَثَل ما بعثني به اللهُ من الهدى والعلم كمَثَل غيثٍ أصاب أرضاً فكانت منها طائفةٌ طيِّبةٌ..." (رواه البخاري). فهذا الماء هو غيث الأرواح فعلاً، كما يفعل الماء في الأرض فتنتشر الرحمة ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾(الروم:50). وإذا نزل غيثُ القرآن في القلوب وامتزج بها وُلدت ولادة جديدة، وولد الإنسانُ الولادة الجديدة ليحيا الحياة الطيبة التي تسمى في منطق القرآن "الحياة الحقيقية".
وجميع أجزاء القرآن هي مُحْيِيات قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾(البقرة:179). هذا حُكْم من الأحكام فيه عنصر من عناصر الحياة. أما قوله تعالى: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾(الأنفال:24). فدعوة للحياة بصفة عامة. فكل ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنةٍ هو مما يحيي هذا الإنسان، ومما تجب الاستجابةُ إليه لنحصُل على الحياة.
إذا كان الماء يُحدِث الحياة في النباتات التي نراها في الأرض، فهو سبب الحياة أيضاً في الحيوانات والإنسان من جانبه المادّي، لكنّ سبب الحياة الإيمانية هو القرآن، ولهذا سماه الله عز وجل روحا ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾(الشورى:52). إذا كانت الروح بعد الشهر الرابع تُنفخ في الجنين الطيني فيصير الإنسان بهذه الروح خلْقا آخر كما قال الله عز وجل: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾(المؤمنون:14)، وخلقا آخر يتأهَّل بعدُ للتكليف، ويتأهَّل لعمارة الأرض، ويتأهل للخيرات في هذه الدنيا.. إذا كان بالروح يحدث له ذلك، وينشأ خلقا آخر، فإنه بروح القرآن يُنشأ الإنسان أيضا خلْقاً آخر بالمعنى الثاني للحياة. فتلك روحٌ وهذه روحٌ، روح إذا نُفخت في الفرد صار خلقاً آخر، وصار طاقة جبّارة متحرِّرة مما سوى الله عز وجل، فلم يعد عليه لغير الله سبحانه سلطان. ومثل ذلك يحدث للأمة، إذ لا يمكن أن تتخلَّق الأمة -أي أمّة الإسلام- لتصير أمة قوية متحررة من كل سلطان إلا سلطان الله إلا بالقرآن، أي بروح القرآن، بل وتصير أمة متماسكة متساندة كما تحدث عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد..." (رواه البخاري). فللجسد خصائص الوحدة مع التنوع الداخلي، لكن مع التنوع يوجد التداخل التام والانسجام التام بين الأجهزة المكونة له. فالجسد مع التنوع له خاصية الوحدة، وكذلك الأمة مع تنوع العناصر المكونة لها خصائص الوحدة والتلاحم. وليصير المسلمون جسدا، لابد لهم من هذه الروح ولابد أن يحيوا بهذه الروح أفراداً، ويحيوا بهذه الروح أمّة


خطبة الجمعة_المنهج القرآنى للحياة الطيبة
الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ فوزى محمد ابوزيد
------------------------------------------------------------
الحمد لله ربِّ العالمين، خلق الإنسان فسوَّاه، خلقه بيديه ليظهر فيه عظيم قدرته، وخلق للإنسان كل الأشياء الظاهرة والباطنة في أرضه وسمائه ليتجلى على الإنسان بجميع نعمه، فيكون له عزَّ وجلَّ من الشاكرين، وقد وعد الشاكرين سبحانه وتعالى بالمزيد من فضله: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ) (7الرعد). سبحانه . سبحانه، ما أوجد شيئاً إلا لحكمة إلهية عليَّة، جعل سرَّها في أكمل الكتب السماوية وهو القرآن الكريم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنيٌّ بذاته وصفاته عن جميع كائناته، لا يحتاج في عزِّته إلى تسبيح المسبحين، ولا عبادة العابدين، ولا ينتقص من كمال قدرته فجور الفاجرين ولا كُفر الكافرين، وإنما الأمر كما قال في كتابه ونوره المبين: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (15الجاثية). وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقه وخليلُه، أبرزه الله عزَّ وجلَّ بعنايته، وجعل معه معاليم هدايته، وجعله بعد تعلميه له أستاذاً للبشرية كلها ليكشف لهم عن جمال الله وكمال الله جلَّ في علاه.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد الذي إطاعته عين إطاعة الله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله) (80النساء)، ومخالفته إعلان حربٍ على من خالفه من الله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (63النور). صلَّى الله عليه وعلى آله الذين ساروا على منواله، وعلى أصحابه الذين شاركوه في تبليغ رسالة الله، وأعانوه على نشر كتاب الله، وخيار الأتباع من بعدهم إلى يوم الدِّين، واجعلنا معهم ومنهم أجمعين، آمين .. آمين، يا ربَّ العالمين.   أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
أعطى الله عزَّ وجلَّ نبيَّكم المبارك صلَّى الله عليه وسلَّم بصيرةً نورانية، قال فيها: (جُليتْ لي الأرض عياناً في كفِّي هذا)[1]، فرأى كلَّ شيء سيكون في أمته إلى يوم القيامة، وعندما نظر إلى الزمن الذي نحن فيه، وما نعانيه أجمعين في هذا العصر والأوان، بيَّن الداء ووصف الدواء، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثه الجامع الذي رواه الإمام التُرمذي عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه:
(ألا إنها ستكون فتنٌ كقطع الليل المظلم، قالوا: وما المخرج منها يا رسول الله؟، قال: كتاب الله تعالى؛ فيه نبأ ما قبلكم، وفيه خبر ما بعدكم، وفيه حُكم ما بينكم، وهو الجَدُّ ليس بالهزل، وهو الذي لا تنقضي عجائبه، ولا تنتهي غرائبه، ولا يخلق – أي: يبلى - مع كثرة الرد – أي: التكرار. من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه دعا إلى صراطٍ مستقيم، ومَنْ تركه مِنْ جبار قسمه الله عزَّ وجلَّ).
أيها الأحبة جماعة المؤمنين: خلق الله عزَّ وجلَّ الإنسان وسوَّاه، وجعل لكل عُضوٍ من أعضائه وظيفة إلهية وإنسانية قدَّرها الله جلَّ في عُلاه، وقدَّر للإنسان أن يعيش في جماعة، ولا يستطيع أن يعيش بمفرده أو في خلوةٍ أو عُزلة.
وقدَّر الله عزَّ وجلَّ الأمور التي إذا سار عليها الإنسان في حياته كان جسمه كله في عافية وصحة، وكان مجتمعه في أمنٍ ورخاءٍ وهناءٍ ويسر، وجعل ذلك كله في كتاب: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (42فصلت)، وأُبسِّط لكم الأمر:
إذا اشترى الإنسان منا سيارة، وأراد - بعقله وحُسن تفكيره - أن تستمر معه إلى وقتٍ طويل ولا تتعرض للأعطال، يتَّبع الكتاب الذي يخرجه مصنع هذه السيارة، ويقولون عنه الكتالوج، فلا يصنع أمراً بها إلا بالرجوع إلى توكيلها، أو الجهة المخصصة بتصنيعها أو بيعها، فتعيش معه إلى ما شاء الله. هكذا الأمر - ولله الحكمة البالغة، ولله المثل الأعلى، خلق الله عزَّ وجلَّ الإنسان لرحلة معينةٍ في زمن قدَّره القدير عزَّ وجلَّ، هذا الزمن مهما يطول في نظرنا يكون قصيراً جداً بمجرد خروجنا من هذه الحياة الدنيا.
نوحٌ نبيُّ الله؛ عاش حوالي ألفاً ومائتي عام، وعند خروجه من الدنيا سألته الملائكة الكرام: (يا نوح، كيف وجدت الدنيا؟ قال: كبيتٍ له بابان، دخلتُ من باب وخرجت من الباب الآخر). وينبئنا القرآن أن الكافرين - حتى الذين عمَّروا في الأرض آلاف السنين - عندما يستوقفهم بين يديه ربُّ العالمين يوم الدِّين ويقول لهم: (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الارْضِ عَدَدَ سِنِينَ) (112المؤمنون)، بعضهم يقول: (لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ) (113المؤمنون)، وبعضهم يقول: لبثنا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا، وبعضهم يقسم بأغلظ الأيمان: أنه ما عاش إلا ساعة واحدة: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) (55الروم).
أراد الله عزَّ وجلَّ وهو يحبُّنا - وأنبأ عن ذلك في كتاب قدرته، فقال عنا جماعة المؤمنين: (إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (222البقرة) – فجاءنا بكتاب جامعٍ لمنافع الدنيا وصحَّة الأبدان وصلاح المجتمعات والسعادة العُظمى يوم لقاء الرحمن في يوم الدين إن شاء الله، فبين الكيفية الصحيحة التي إذا سار عليها الإنسان كان في حياته في حياةٍ طيبة، وكان في الآخرة في فوزٍ وفلاح ونجاح، وأقرَّ هذا القانون الرباني وقال فيه ربُّ العزَّة عزَّ وجلَّ: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، هذا في الدنيا، أما في الآخرة: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (97النحل).
كيف نمشي بهذا الجسم؟، كيف نُطعم هذا الجسم؟، كيف نُنِيم هذا الجسم؟، كيف نجلس بهذا الجسم؟، كيف نستخدم حواسُّ هذا الجسم؟؛ البصر والأذن واللسان والفرج والبطن وغيرها، كل هذه الأشياء وصفها ربُّ العزَّة عزَّ وجلَّ في القرآن، وحتى لا نظن أن في تنفيذها إعجازاً أو غرابة أرسل إلينا رسولاً كريماً، جعله نموذجاً يُنفِّذ ما طلبه منا في القرآن لنمشي على هُداه، ونتأسى بحركاته وسكناته ومسعاه، ونقلده في كل أمورنا في هذه الحياة، وقال لنا أجمعين في شأنه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا) (21الأحزاب).
فإذا تعب الإنسان من أمرٍ في دنياه يُراجع نفسه، وينظر ما تركه من أمرٍ أمره به الله في كتاب الله، أو ما خالف في عمله سنة حبيب الله ومصطفاه، يرجع فوراً إلى الحال الطيب الذي وصفه لنا الله، لأن المؤمنين حياتهم طيبةً إذا اتقوا الله وكانوا في جوار الله متأسين بحبيبه ومصطفاه على الدوام.
دخل عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى مصر فاتحاً، وأحاط ومعه جنده - وكانوا أربعة آلاف جندي - بحصن بابليون في موقع القاهرة الآٍن، واستمر الحصار لمدة ستة أشهر، وجلس القادة يتباحثون عن سرِّ هذا التأخر في الفتح، ولم يكن ذلك عهد الله مع المؤمنين، فإنهم كانوا ينتصرون دائماً - مع قلة عددهم وعُددهم - في أقل من لمح البصر على الكافرين - مع كثرة جموعهم وشدة أسلحتهم وعتادهم.
فلما راجعوا أنفسهم على كتاب الله وعلى سنة رسول الله وجدوا أنهم قصَّروا في أمرٍ ربما لا يخطر لنا على بال!!، قالوا: لقد نسينا استخدام السواك الذي أمرنا به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم!!، فاستخدموا السواك، نظر القوم من فوق الأسوار فقالوا: إن المسلمين جاءهم مددٌ يأكلون الأخشاب، وإذا كنا لم نقدر على هؤلاء، فكيف نستطيع أن نتغلب على من يأكلون الأخشاب؟!!، يا قوم، هيا سلمُّوا واستسلموا. فاستسلم أهل الحصن جميعاً بعد تنفيذ سُنَّةٍ كانوا قد تركوها من سُنن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
هكذا كان أصحاب النبي، كان الرجل منهم يقول: لو استعصت عليَّ دابتي، أو لم تطعني زوجتي، أنظر في أمري؛ ماذا عساي تركت سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، لأن الإنسان لو مشى على هدي كتاب الله، وتمسَّك بسنة حبيب الله ومصطفاه، فإن الله يُسخِّر له من السماوات ومن في الأرض جميعاً بقدرة من يقول للشيء كن فيكون، إسمع إلى قرار الله وهو يقول لنا أجمعين: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ) (13لقمان). كل شيءٍ في السماوات وفي الأرض مسخَّرٌ للإنسان إذا كان الإنسان مطيعاً لحضرة الرحمن ومتبعاً للنبي العدنان صلوات ربي وتسليماته عليه.
مشى على ذلك أصحاب النبي، فلم يكن لديهم مشكلات صحية، ولا في مجتمعاتهم مشكلات قضائية، ولذلك عندما أرسل إليه ملك مصر - المقوقس - الطبيب ردَّه الحبيب وقال: (نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع)[2] - فمن أين يأتينا المرض.
المدينة المنورة وما جاورها لم يكن فيها وحدة صحية ولا مستشفى، وإنما كان الإستشفاء من كتاب الله وباتباع التعاليم التي أنزلها الله. جعل الله عزَّ وجلَّ الطبَّ كله في كلمتين أنزلها في كتابه الكريم: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) (31الأعراف). ثمانين في المائة من الأمراض سببها الإسراف في الطعام، وسببها النهمة في الشراب الذي نهى عنه الكريم الوهاب عزَّ وجلَّ.
وجلسوا في المدينة لمدة عام بعد أن تولي أبو بكر الخلافة بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى، وعيَّن لهم عمر قاضياً للمسلمين بكل درجات التحاكم، ولم يكن له حاجباً أو سكرتيراً، أو قلم محضرين أو حتى مدافعين ومحامين، وكان الراتب يُعطى كل عام، وبعد إنقضاء عام في هذه المهنة استدعاه الخليفة ليعطيه راتبه، فقال: لا حق لي فيه يا خليفة رسول الله، قال: ولِمَ؟، قال: لم تُعرض عليَّ قضية واحدة في خلال هذا العام، قال: ولِمَ؟ قال: (إن قوماً آمنوا بربِّهم، وصدَّقوا بنبيِّهم، وجعلوا كتاب الله حَكَماً بينهم، لا يحتاجون إلى قاضي يحكم بينهم).
عملوا جميعاً بقول الله: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِين) (47الحجر). جهاز المناعة في الدولة الإسلامية كان كل همِّه المناعة القلبية من الحقد والحسد، والغِلِّ والكُره، والشح والأثرة، والأنانية وحب الذات، وغيرها من الصفات التي لا ينبغي أن تكون في مسلمٍ خالصِ الوجه لله عزَّ وجلَّ.
فلما شُفِيُوا من هذه الصفات، أصبحوا كما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)[3]. حتى أن رجلاً منهم ذهب إلى أخيه يطلب منه قرضاً لشدةٍ وقع فيها، فإذا بأخيه يبكي، قال: لم تبكِ؟!!، قال: لأني لم أشعر بحالتك حتى جئت وشكوت إليَّ، وقد سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلَّم: (لا يؤمن أحدكم وقد بات شبعان وجاره جائع ولا يشعر به)[4].
قال صلى الله عليه وسلَّم: (تركتُ فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي)[5]، أو كما قال: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة).
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الذي أكرمنا بهداه، وملأ قلوبنا بتقواه، وجعلنا من عباده المسلمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تُنجِّي قائلها من المهالك في الدنيا وتجعله من السعداء يوم الدين. وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، الصادق الوعد الأمين. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هداه، ووفقنا للعمل بشرعه في الدنيا يا الله، وارزقنا جواره وشفاعته أجمعين يوم الدين.
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
من أراد أن يعيش في الدنيا في أرغد عيش وأسعد حالٍ وأهنأ بال، فعليه أن لا يعمل عملاً إلا إذا سأل القرآن عن صحة هذا العمل، إن كان حلالاً سارع في تنفيذه، وإن كان حراماً سارع في الإنتهاء عنه، ولا يُخضع الفتوى لهواه، ولا يسمح لنفسه في أن يُفتي بغير علمٍ في كتاب الله جلَّ في علاه، وإن كان لا يعرف فليعمل بقول الله: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (43النحل).
يسأل العلماء أهل خشية الله الذين يراقبون الله، ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله، وهم الذين حثنا على الإتصال بهم وسؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فقال: (عليكم بالجماعة)، أي: الذين تمسكوا برأي الجماعة الإسلامية، ما أجمع عليه علماء المسلمين، ما أجمع عليه العلماء العاملين، (عليكم بالجماعة، ومن شذَّ فهو في النار)[6].
الذي شذَّ في فتواه، أو شذ في رأيٍ يخالف فيه إجماع المسلمين لا نسمع له، ولا نُلقي له أذناً صاغية، ولا نتناقش حتى في كلامه، ولا نفتح حواراً معه، حتى نعمل بقول الله أجمعين: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (103آل عمران).
إن الأمر الشديد الذي أصاب المسلمين في زماننا: كثرة المفتين بغير علم، يفتون على حسب أهوائهم، إن كان يريد منصباً سياسياً وظَّف الدِّين للحصول على هذا المنصب، إن كان يريد عرضاً دنيوياً سيَّر الدَّين على ما يحب لينال غرضه الدنيئ الدنيوي، إن كان يريد أى أمرٍ من أمور الدنيا الفانية، يحوِّل الفتوى ويلوي الآيات والأحاديث ليُصدر فتوى تُبيح له ما أراد.
هؤلاء لا ينبغي أن نسألهم، ولا نتعرض حتى لسماع كلامهم، فقد قيل: (لا تسأل إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله عزَّ وجلَّ)[7]. الأمين على كتاب الله والأمين على سنة رسول الله هو الذي يقول الحق ولا يخشى إلا الله جلَّ في علاه، ولا يقع ولا يخوض في أعراض العلماء السابقين أو المعاصرين.
فقد قال شيخنا الشعراوي رحمة الله عليه: (إذا رأيت عالماً يسُبُّ غيره من العلماء فلا تأخذ منه علماً فإنه جاهل)، لأنه لو كان عالماً ما سبَّ عالماً مثله، وإنما يذكره بأحسن ما عنده، لأن هذه أخلاق الإسلام التي علَّمها لنا كتاب ربِّ العالمين، وسار عليها نبيُّنا المصطفى صلوات ربي وتسليماته عليه.
عباد الله جماعة المؤمنين:
اسمعوا بآذان قلوبكم إلى حديث نبيِّنا الكريم، لعلنا نعمل به أجمعين حيث يقول: (إذا أحب الله عبداً فقهه في الدين)[8]. فعليكم بالتفقه في الدين من أهل العلم، أهل الوسطية الذين قال فيهم ربُّ العالمين: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (143البقرة).
اللهم فقهنا في ديننا، وعلمنا من العلم ما ينفعنا، وأعنَّا على العمل بما علمنا، وارزقنا في قلوبنا خشيتك، واجعلنا من أهل مراقبتك في الليل والنهار، في السرِّ والعلن.
اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل زاهقاً وهالكاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم وفقنا أجمعين لعمل الخيرات، والمحافظة على الطاعات، واستباق النوافل والقربات، واجعلنا ممن تتوفاهم مسلمين وتُلحقهم بالصالحين.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات يا ربَّ العالمين، اللهم احفظ مصر وأهلها من مكر الماكرين؛ من أهل أمريكا وإنجلترا واليهود ومن عاونهم أجمعين، وأرسل عليهم نقمتك وعذابك، ودمِّرهم تدميراً يا أرحم الراحمين.
اللهم تولَّى أمورنا، ولا تكلنا إلى سواك طرفة عينٍ ولا أقل، وكثِّر خيرنا، واجعل خيراتنا مباركات، واغننا بخيرك وبرِّك عن جميع المساعدات،اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى، واجعلهم بشريعتك عاملين، وبسنة حبيبك آخذين، وارزقهم البطانة الصالحة، واحفظهم من البطانة السيئة، يا أكرم الأكرمين.
عباد الله، اتقوا الله: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (90النحل). اذكروا الله يذكركم، واستغفروه يغفر لكم، وأشكروه على نعمه يزدكم، وأقم الصلاة
[1]خطبة الجمعة بمسجد الرحمن– مدينة 6 أكتوبر – 20/11/2015 الموافق 7 صفر 1437 هـ
[2] السيرة الحلبية، و (سيدنا محمد) للشيخ رشيد رضا.
[3] البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه.
[4] روى الطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به)، وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه).
[5] أخرج البزَّار واللفظ له، والعُقيلي وابن عدي والدارقطني والحاكم عن أبي هُرَيرة رضي الله عنه: (إنِّي قد خَلَّفتُ فيكم اثنين، لن تضلُّوا بعدهما أبدًا: كتاب الله، وسُنتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوض).
[6] روى الترمذي عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي، أَوْ قَالَ: أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ).
[7] أخرج البيهقي عن عمر رضي الله عنه قال: (اعتزل ما يؤذيك ، وعليك بالخليل الصالح ، وقل ما تجده ، وشاور في أمرك الذين يخافون الله).
[8] روى البزار عن ابن مسعود‏ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين)، وروى البيهقي عن أنس رضي الله عنه: (إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين ، وزهده في الدنيا ، وبصره عيوبه).


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير