آخر الأخبار
موضوعات

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

- بيان حديث: {كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بدْعَةٍ ضَلالَةٌ}

عدد المشاهدات:
: بيان حديث: {كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بدْعَةٍ ضَلالَةٌ}.[1]
إن المحدثات هي الأمور التي حدثت في الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى نوعان:
النوع الأول من المحدثات: هو ما يدخل تحت ما أمر الله به ورسوله، وقد استحسنه المسلمون من أعمال القربات والبرِّ والخير، فهو من السنَّة، وهو بدعةٌ حسنة قال صلى الله عليه وسلم :{مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بها كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أجْر مَنْ عَمِلَ بها لا يَنْقَصَ مِنْ أجُورهِمْ شَيئًا}.[2]
وذلك مثل الأمور الآتية:
أولا: صلاة التراويح في جماعة، فقد جمع سيدنا عمر رضي الله عنه، المسلمين عليها في المسجد، وقد كانوا يصلونها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرادى في المسجد، وفي بيوتهم، وقال عنها سيدنا عمر رضي الله عنه:(نعمة البدعة هذه).
ثانيا: ذكر الله في جماعة قيامًا وقعودًا كما فعل سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في مصلى العيد، فقد جلس مع أصحابه بعد انصراف الناس يذكرون الله تعالى، ولم يكن ذلك الذكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية.
ثالثا: الآذان الثالث يوم الجمعة، في عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه حيث أمر المنادى ينادى بالصلاة قبل الجمعة بساعة، في مكان يقال له الزوراء، وهو سوق المدينة حينئذ، لتنبيه الناس إلى فض البيع والشراء، والتجهز لصلاة الجمعة، ولم يكن هذا الآذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعا: كتب سيدنا عثمان مصحفًا واحدًا وجمع عليه المسلمين في جميع الأمصار، وأمر بحرق ما عداه من المصاحف التي فيها التفاسير، حتى لا يختلط القرآن بالتفسيرات التي وضعها الصحابة في مصاحفهم.
خامسا: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عقب الآذان بصوت مرتفع من المؤذن فوق المسجد فقد استحسنه المسلمون ورأوا أن ذلك مزيدا في تذكير الناس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الآذان فإنها سنة من سنن الإسلام.
فقد ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا الله لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله وَأرْجُوا أَنْ أكُونَ أنا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ  لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفَاعَةُ}.[3]
والمؤذن أولى المؤمنين بالصلاة على النبي لأنه فرغ من الآذان ومكلف بما كلف به باقي المسلمين في هذا الحديث الشريف غير أنه يرفع صوته بالأذان ومن يسمعه يخفض صوته به.
سادسا: الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم بالصورة التي يقوم بها المسلمون الآن، فإنما هو لتذكير المسلمين بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالآيات والكرامات التي أكرم الله بها العالم الإنساني في زمان مولده عليه الصلاة والسلام وبالإرهاصات والبشائر التي كانت بين يدي مولده صلى الله عليه وسلم حتى يزداد المسلمون معرفة بعناية الله تبارك وتعالى بحبيبه ومصطفاه من لحظة ميلاده الشريف إلى ما شاء الله، ولم تكن مثل هذه الأحفال تقام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه لاستحضارهم ما تفضل الله به على البشرية بميلاده صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا في حاجة إلى تذكير أو تنبيه.
سابعا: كتابة حديث رسول الله وتدوينه، فإن الأئمة قد اهتموا بتدوين حديث رسول الله بعد تحصيله من صدور الصحابة بالأسانيد الموثوقة حرصا على الحديث من الضياع، ولم يكن ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الذي ذكرناه من البدعة الحسنة إنما هو على سبيل المثال لا الحصر لأن البدعة الحسنة التي استحدثها المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة ولا يكفي لحصرها هذا الكتاب الصغير.
ثامنا: قيام سيدنا أبو بكر رضي الله عنه بجمع القرآن في مجلد واحد وقد كان القرآن مكتوبا في صحف كثيرة متفرقة وعلى ألواح متعددة من الخشب والجلد والعظم والحجارة وجريد النخل وغيرها وهذه البدع كانت خيرًا وبركة على المسلمين في الدين والدنيا.
النوع الثاني من المحدثات هو كل عمل خالف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو خالف نصا صريحا من كتاب الله عزَّ وجلَّ، أو حديث رسوله صلى الله عليه وسلم وهو بدعة الضلالة التي ضلَّ بها مخترعها، وضلَّ عن سبيل الله كل من عمل بها.
وإن من يعمل بهذه البدعة يعذب في نار جهنم حتى يتطهر منها، وهذا إذا لم يتب إلى الله منها في الدنيا، ومات مصرا عليها أما من تاب فقد تاب الله عليه، وعفا عنه والله عفو كريم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وزْرُهُ وَمِثْلُ وزْر مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارهِمْ شئ}.[4]
                                                                      
 وسنسوق إليك يا أخي المؤمن أمثلة كثيرة من بدعة الضلالة، حتى تكون على بينة منها:
أولا: تبرج النساء، وهو إظهار مفاتنهن للرجال الأجانب بقصد إغرائهم.
ثانيا: اختلاط النساء بالرجال الأجانب لغير الحاجة.
ثالثا: تجمل المرأة لغير زوجها، وتجمل الرجل لغير زوجته.
رابعا: استعمال الملابس التي تحدِّد العورة أو تصفها سواء في ذلك الرجل أو المرأة.
خامسا: الخروج على الحكام والأمراء بالكفر والفسوق.
سادسا: رمى الحكام والأمراء بالكفر أو الفسوق.
سابعا: تكفير المسلم المخالف لبعض أحكام الشريعة.
ثامنا: فتح الحانات والخمارات والتصريح بها.
تاسعا: إقامة المسارح للرقص الخليع.
عاشرا: فتح حوانيت للقمار والميسر والتصريح بها.
حادي عشر: فرض الضرائب المتصاعدة على من يريد الحج والعمرة.
ثاني عشر: التفرقة بين المسلمين ولو باسم الدين وهى شرُّ البدع.
ثالث عشر: الإعجاب بالرأي والانتصار له.
رابع عشر: غناء المرأة في المجتمعات بصوت يثير الغرائز.
خامس عشر: ترويج الإشاعات ضد الدولة.
سادس عشر: إذاعة الأفلام الهابطة والتمثيليات اللا أخلاقية.
سابع عشر: الدعوة إلى الله من غير معرفة بآدابها.
ثامن عشر: تشريع القوانين التي تخالف أحكام الإسلام وتنفيذها.
تاسع عشر: تعذيب المسلم أو إهانته بدون سبب موجب لذلك.
عشرون: الجدال حول الفروع التي اختلف فيها الأئمة.
الحادي والعشرون: رفع الأصوات في المساجد بالمهاترات والمنازعات.
الثاني والعشرون: جشع التجار واحتكارهم السلع.
الثالث والعشرون: جور الحكام وظلمهم للناس.
الرابع والعشرون: التملق للحكام وعدم تقديم النصيحة لهم.
الخامس والعشرون: التطاول على الحكام بالطعن عيهم والنيل منهم بالسبِّ والشتائم.
السادس والعشرون: عدم دعوة غير المسلمين إلى الله.
السابع والعشرون: حرمان أحد الورثة من الميراث.
الثامن والعشرون: الإسراف في المناسبات وغيرها.
التاسع والعشرون: رمى أولياء الله بالطواغيت أو الأصنام.
الثلاثــون: لعن المسلم وسبُّه.
الحادي والثلاثون: منع النسل أو تحديده.
وهذه الأمثلة ليست هي كل البدع، وإنما هناك أمور كثيرة ابتدعها الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى ليست من الدين في شئ وهى محرمة ولكن المسلم الذي يأتيها ليس بكافر ولا مشرك، وإنما يكون شأنه في الدين بحسب تأثير بدعته على آداب الإسلام وأحكامه، وبقدر المضار التي تصيب المسلمين من ورائها.
وعلى الأئمة والعلماء توجيه من يأتي شيئا من هذه البدع وردُّه عنها بالأسلوب اللين وتكرار النصيحة له مع الرحمة والشفقة عليه حتى يستقيم حاله.
وعلى الدولة محاسبة كل صاحب بدعة، وإعادته إلى الطريق المستقيم حتى لا تستشري بدعته وتضر غيره من أفراد الأمة، قال رسول صلى الله عليه وسلم:{وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيّئَةً فَعَلَيْهِ وزْرُهَا وَوزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَومِ الْقِيَامَةِ}.[5]
وقال صلى الله عليه وسلم:  {شرُّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثةٌ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بدْعَةٌ ضَلالَةٌ، وَكُلُّ ضَلالَةٌ فِي النَّار}.[6]
يعنى ان كل ضلالة تورد صاحبها النار، وتوبقه فيها، ما لم يتب إلى الله منها، ويرجع عنها، ثم يخرج من النار بعد التطهر من بدعته أو بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بعفو الله عزَّ وجلَّ عنه.
سادسا: تغييـر المنكـــر
بيان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: {مَنْ رأي منكم منكرًا فليغيره بيده، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمان}.[7]
هذا الحديث الشريف موجَّهٌ بادئ ذي بدء إلى من يستطع تغير المنكر من الأمراء والحكام والعلماء الذين يقدرون على تغير المنكر:
·       مرَّةً بالحكمة.
·        ومرَّةً بالموعظة الحسنة.
·       وثالثًا بالتخويف والزجر.
·       ورابعةً بالأخذ على يد صاحب المنكر.
·       وخامسة بالمداراة والستر حتى يستقيم هذا الإنسان المعوج على الصراط المستقيم.
وإن الذي لا يمكنه تغير المنكر بلسانه أو بيده يجب عليه أن ينكره بقلبه:
·       يعنى لا يرضى به؛ ولا يرضى عن فاعله.
·       ويحزن ويتألم لوقوعه.
·       ويدعو الله أن يغيَّره.
·       ويبلِّغ الذين يمكنهم تغييره.
وعلى ذلك يكون المسلمين قد اشتركوا في تغيير المنكر كلٌّ بحسبه وعلى قدر طاقته.
وهذا هو المعنى المراد من الحديث الشريف. حسب ما تحتمله ألفاظه من المعاني.
ثمَّ ما هو المنكر الذي يجب تغييره؟.
هو كل أمر توعَّد عليه الشارع الحكيم مرتكبه بالعذاب والخسران في الدنيا والآخرة.
وهى الأمور المحرَّمة شرعا، والمنصوص على حرمتها في كتاب الله، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع على حرمتها أئمة المسلمين. وليس من المنكر الأمور المختلف في حرمتها بين علماء المسلمين وأئمتهم وليس من المنكر ترك المسلم لبعض السنن والمندوبات والنوافل والمستحبات وإنما المنكر هو تركه لفريضة من الفرائض الواجبة عليه لله عز!َ وجلَّ أو إرتكاب إثم من الآثام المحرمة شرعا.
أما من يترك السنن والنوافل فالواجب على العلماء والمرشدين أن يرغبوه في الإتيان بها، وأن يشوقوه إلى عملها بتذكيره بالثواب المنوط بها، وبالجزاء الذي أعده الله لفاعليها، وبالحرمان الذي يصيب من قعد عنها وتهاون فيها، مع عدم مؤاخذة المسلم عليها. وعدم التشديد عليه في شئ منها حتى لا ينفر من العلماء والداعين إلى الله ولا ينفر من أعمال البر والصالحات والقربات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{يَسِّروا ولا تُعَسِّروا وبَشِّروا ولا تُنَفِّروا}.[8]
وقال الله تعالى: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾.[83، البقرة].                                                                                                                      
وكذلك من يفعل المكروهات أو الأمور المشتبه فيها فإن على الأئمة والعلماء:
·       أن يتلطفوا له في القول.
·   وأن ينبهوه إليها برفق. من غير أن يجرموه أو يثيروا ضجة حوله لأن هذه الأمور يتعفف عنها الكاملون من المؤمنين أهل الورع والتقوى. قال صلى الله عليه وسلم: {لا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لا بَأس به، حَذَرًا لِما بهِ البَأسُ}.[9]
. أما عامة المسلمين فإنهم يأتون هذه المكروهات لجهلهم بحكمها أو لحاجتهم إليها وفي كلتا الحالتين يبصرون بالحسنى، ويذكِّرون باللين والشفقة. قال صلى الله عليه وسلم ما معناه:{يؤخذ باللين ما لا يؤخذ بالشدة}.[10]
وقال أيضا ما معناه:{جربت السيف وجربت اللين فوجدت اللين أقطع}.
فإنه لا يجوز أمر بمعروف يؤدى إلى جدال وشقاق كما لا يجوز النهى عن المنكر بغلظة وفظاظة فيكون الشر الذي يجلبه على الناس أكثر من الشر الذي ينهاهم عنه، إن الشر لا يأتي بالخير أبدًا قال الله تعالى لسيدنا موسى وهارون عليهما السلام عند دعوتهما فرعون إلى الإيمان: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾.  [44، طه].
وإن أفجر مسلم خير من فرعون لأنه لم يكفر بالله ولم يشرك به شيئا


[1] رواه أحمد عن ابن مسعود.
[2]  رواه الترمذي عن جرير.
[3]  رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
[4]  من حديث جرير برواية الترمذي.
[5]  رواه الترمذي عن جرير بلفظ ( ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم من شئ).
[6]  رواه أحمد عن ابن مسعود.
[7]  رواه الترمذي عن أبي سعيد.
[8]  رواه الطبراني الكبير عن ابن عباس.
[9]  رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم عن عطية السعدي.
[10]  روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه.

منقول من كتاب التوحيد فى الكتاب والسنة
 لفضيلة الشيخ محمد على سلامة
 مدير اوقاف بورسعيد سابقا



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير