آخر الأخبار
موضوعات

الجمعة، 9 سبتمبر 2016

- منازل أهل الجنة

عدد المشاهدات:
منزلة المقربين
وقد تفضل الله عليهم، بالمنزلة العالية، التي كشف القرآن عنها الحجاب بقوله: ﴿فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ﴾، [88-89، الواقعة]. والروح هو تجلي الحق تبارك وتعالى عليهم بمعاني الرضى والقرب والإيناس حتى يستروحوا بهذه المواجهات، ويتنعموا بتلكم التجليات.
أما الريحان فهو الشذى المحمدي والطيب النبوي الذي يهب عليهم من حضرة معيته صلى الله عليه وسلم لهم، حتى لا يجدوا عبير أضوع من هذا التعبير، ولا رائحة أذكى من ذلك الريحان.
وأما جنة النعيم التي أمتعهم الله بها من بعد هذا الروح والريحان فهي منتهى لذة الجسم والحس والنفس بحيث ينال الجسم شهوته، وينال الحس متعته، وتنال النفس آمالها وأمانيها.
منزلة الأبرار
وإن لهم منزلة في الجنة تسمى ب (عليين) وهي دون مقام المقربين، إلا أنها بلغت مكانًا من الرفعة والسمو تتضاءل دونه مقامات العالين من الملائكة والأرواح العالية.
وإن الأبرار هم الذين بروا أنفسهم بالنوافل والقربات والصالحات زيادة على الفرائض والواجبات. وإن لهم في هذه المنزلة الرفيعة كل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وتتهنى به الأفئدة من فرح وسرور وبهجة وحبور، وهم في هذه المنزلة خالدون. قال الله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾، [18، المطففين].
الشهداء
هم الذين أشهدهم الله غيب ملكوته في الحياة الدنيا، وأشهدهم أنوار قدسه في الآخرة، فرحين بما آتاهم الله من فضله، وهم في أنس وابتهاج ولذة واقتراب، لهم ما يشاءون عند ربهم لأنهم قدموا أعز ما لديهم من نفس ومال رخيصًا في سبيل مرضاة ربهم  فربح بيعهم وفازوا فوزًا عظيمًا. قال الله تعالى: ﴿وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾، [19، الحديد].
منزلة أصحاب اليمين
وهم أهل عافية الله وسلامته، الذين عفا الله عنهم، وسلمهم من الشرور والآفات، ومعنى أصحاب اليمين يعني أهل القلوب السليمة من الزيغ والضلال ومن أهل الغل والحقد والحسد والبغضاء ، وكانت صالحاتهم كثيرة، ومساؤهم يسيرة فعفا الله عنهم، ووهبهم السلامة والأمان. قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾، [90-91، الواقعة]. وهؤلاء هم أصحاب دار السلام وهي منزلتهم عند ربهم، وإن لهم فيها من كل المتع والشهوات والمنن والهبات ما يقصر عنه الوصف ويعجز عنه الحصر. قال الله تعالى: ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾، [127، الأنعام].
عامة المؤمنين
وهم الذين بشرهم الله عزَّ وجلَّ بقوله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾، [25، البقرة].
والبشارة من الله ورسوله هي وعد كريم من الله عزَّ وجلَّ لأهل الإيمان، وهذه البشارة جعلت الملائكة تغبطهم عليها لأنها فضل عظيم من الله سبحانه وتعالى منحه للمؤمنين، وكل منزلة من هذه المنازل المتقدمة تحتوي على درجات لا حصر لها ولا عد تتفاوت فيها مقامات أهلها على حساب أحوالهم وأعمالهم وأقوالهم وأخلاقهم، وعلى حسب مقامات إحسانهم ويقينهم وجهادهم وتمكينهم ومسارعتهم إلى الخيرات والمكرمات. قال الله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ﴾، [148، البقرة]. وقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا﴾، [19، الأحقاف].

هذا وإن الحقائق التي تتنعم في الإنسان هي السمع والبصر والشم والذوق واللمس والبطن والفرج والحس والجسم وبقية الجوارح والعقل ومداركه والقلب ومشاعره والروح وملكاتها والسر ومعالمه ولكل حقيقة من هذه الحقائق نعيم يقابلها ولذات تتهنى فيها، ومسرات تبتهج بها، حتى يسعد كل مؤمن في الجنة بنوال كل حظوظه وآماله ولذاته، ولهم من الله بعد ذلك المزيد الدائم المطرد في كل لحظة وحين. قال الله تعالى: ﴿لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾، [35، ق]. وهذا المزيد باستمرار من غير تأخر ولا انقطاع فسبحان الكبير المتعال، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول من كتاب قطرات من بحار المعرفة
للعارف بالله فضيلة الشيخ محمد على سلامة 
مدير عام أوقاف بورسعيد سابقا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير