عدد المشاهدات:
السؤال التاسع والأربعون: هل يتمثل الشيطان فى
صورة شيخ صالح ليخدع الرائي له؟.
الجواب:
نعم وقد تمثل فى صورة شيخ عجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى ليلة الإسراء،
ووقف على جانب الطريق وأخذ ينادى رسول الله ويقول له يا محمد أنظرني أكلمك، فلم
يجبه رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم يلتفت إليه، فقال جبريل عليه السلام هذا إبليس
لعنه الله ولو أجبته لاتبعته أمتك.
وقد جاء في صورة شيخ نجدي، وحضر اجتماع قريش في دار الندوة
حيث تآمروا فيه على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هو
صاحب الرأي الذي اتفقوا عليه فى كيفية التخلص من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكثيرًا
ما كان يتراءى للعُبَادِ والصالحين في صورة ناسك متعمق فى العبادة، وزاهد متقشف
ورع ليغتر به من يتمثل له، ولقد أغوى خلقًا كثيرين بهذه الأساليب، ولكن أهل العلم
المتمكنين لم يقدر على فتنتهم.
السؤال الخمسون: نرجو توضيح قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم: {إن الشيطان لا يتمثل بى أبدًا}. [رواه الترمذي].
الجواب :
هذا الحديث الشريف دليل على تنزيه صورة رسول الله وهيئته من
أن يتشكل الشيطان الرجيم بشكلها، ودليل على عصمة جسمه الشريف من الشيطان، فلن
يستطيع أن يمسه أو يقترب منه أو يتزى به، لأن صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم صورة فردية فى الوجود كله، ليس لها مثل، وليس
لها ظل وليس لها خليل من البشر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا}. [متفق عليه].
وأن الشيطان قد عجز عن التمثل برسول الله مع قدرته على
التمثل بأي صورة كانت، لأن صورة رسول الله ظاهرها حق وباطنها غيب، فليس فيها ذرة
لغير الله عز
وجل،
وأن الشيطان إذا حاول أن يتمثل بصورة رسول الله احترق لأن رسول الله أخبر بأنه لا
يتمثل به يعني لا يقدر ولا يستطيع أن يفعل ذلك بحال من الأحوال، ولو اجتمع
الشياطين كلهم على ذلك لعجزوا، وتلك خصوصية لذات رسول صلى الله عليه وسلم قد اختصه
الله بها دون سائر العالمين.
هذا وقد ورد أن إبليس – لعنه الله – ينتحل لنفسه صفه
الربوبية وينادى على بعض العلماء بالله بقصد إغوائهم كما نادى على الشيخ عبد
القادر الجيلانى رضى
الله عنه وقال له : عبدى عبد القادر. فقال لبيك ربى. قال : قد ابحث
لك المعاصى فافعل ما تشاء فرد عليه الشيخ بقوله: اخسأ يا ملعون ما كان الله ليحرم
شيئا على لسان رسوله ويبيحه لولى من أوليائه ففر هاربًا.
السؤال الحادي والخمسون: ما هو نصيب ورثه رسول
الله من هذا الحديث الشريف:{إن الشيطان لا تمثل بي}؟.
الجواب:
يجب أن نعلم أن العصمة من الشيطان في كل شيء إنما هي لرسول
الله صلى
الله عليه وسلم وإذا كان سبحانه وتعالى قد جعل على أبواب
السموات شهبًا تصعق الشياطين وتحرقهم إذا اقتربوا منها إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم
كانوا من قبله يلجون من هذه الأبواب ويتسمعون أخبار السموات كما قال تعالى مخبرًا
عنهم: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن
يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا﴾. [9،الجن]. فكيف بذات
رسول الله صلى
الله عليه وسلم وجسمه الشريف، وأما ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله
قد حفظهم من الشيطان فلم يجعل له عليهم سبيلا، ولكن قد يتمثل الشيطان بشكلهم
وصورتهم ليضحك بهذه الصورة على ضعاف المؤمنين الذين يجهلون ألاعيب الشيطان، وإغرائه
نسأل الله السلامة منه، والحفظ من شره، إنه مجيب الدعاء.
وقد ورد عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال
وهو يجود بنفسه عند سكرات الموت، وقد سأله تلاميذه كيف أصبحت يا إمام؟.
قال أصبحت للدنيا مفارقًا ولإخواني مودعًا ولكأس المنون
شاربًا وعلى ربي مقبلاً وعلى أعمالي محاسبًا لا أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها أم
إلى النار فأعزيها ثم بكى وأنشأ يقول:
ولما قسى قلبى وضاقت
مذاهبى ........ جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعاظمنى ذنبى فلما
قرنته ......... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فلولاك لم يسلم من إبليس
عابد ....... وكيف وقد اغوى صفيك آدما
السؤال الثاني والخمسون: ما رأى فضيلتكم في قول
الإمام النووي رضي الله عنه أنه رأى شيخًا على شاطئ النهر فقال
له يابنى لا ترفع صوتك بالذكر فتقلقَ النائمين فلما سأله من أنت قال له أنا الناصح
للشارد عنى فعرف الامام النووى انه إبليس لعنه الله؟.
الجواب:
قد سبق أن أوضحنا أن الشيطان قد يأتى في صورة شيخ وقور
ليوهم الرائى له أنه ليس بشيطان فإذا تكلم معه من كلامه، وذلك لأن من رآه من المؤمنين
وهو على علم بالدين ومعرفة بآدابه وأحكامه، فإذا سمع منه أي حديث يتنافى مع آداب
الدين، عرف أنه حديث الشيطان، وفي هذه المرة كان حديثه مع الشيخ النووى فيه شبهة لأن
الذاكر إذا كان يذكر الله فى جوف الليل والناس نيام لزمه أن يخفض صوته حتى لا
يزعجهم، لأن الله جعل الليل لباسًا وسكنًا لعامة الناس، أما إذا جاء وقت الفجر فإن
الذاكر يرفع صوته بالذكر ليوقظ الناس لصلاة الصبح، ولذلك سأله الإمام النووي عن
هويته فعرفه بنفسه لعنه الله، وقال له: (انا الناصح لمن يشرد ويبتعد عنى) يعنى
ينصحه ليقترب منه ويدور فى فلكه ويغتر به ويظن أنه ناصح أمين، فعلم الشيخ النووى أنه
إبليس لعنه الله، وذلك لأن النائمين في ساعة صلاة الصبح قد عقد الشيطان على رؤوسهم
عقدًا ثلاثة ليستمروا في نومهم حتى تطلع الشمس لكن الذي قام إلى الذكر والصلاة فقد
شرد عنه، ونقض العقد عن نفسه، وابتعد عن حبال الشيطان وخدعه وقد سبق أن قلنا أن
الشيطان له مداخل كثيرة يدخل بها على العباد والزهاد والعلماء والتجار والصناع
والعمال والحكام والأمراء، وعلى السوقة والعامة، وله حيلة مع كل مؤمن ومؤمنة يحاول
بها إغرائهما وفتنتهما وهنا لطيفة يستحب ذكرها فى هذا المقام، وهى أن سيدنا أبا
بكر رضي
الله عنه كان إذا قام قبل الفجر أخذ يذكر الله تعالى بصوت خافت،
وكان سيدنا عمر رضي
الله عنه إذا ذكر الله فى هذا الوقت رفع صوته بالذكر وجهر به، فقال
رسول الله صلى
الله عليه وسلم لأبي بكر: لم تذكر الله بصوت خافت يا أبا بكر؟.
فقال: يا رسول الله لأسمع من أناجي، وقال رسول الله لعمر: لم ترفع صوتك بالذكر يا
عمر؟. فقال يا رسول الله لِأُوقِظَ الوسنان فأقر رسول الله كلاً منهما على حاله
هذا وإن بين كل منهما فى الدرجات كما بين مشهديهما فى ذكرهما رضى الله عنهما.
منقول من كتاب حوار حول غوامض الجن
لفضيلة العارف بالله الشيخ محمد على سلامة
مير اوقاف بورسعيد سابقا