آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 8 سبتمبر 2016

- ذكر اللطائف النورانية

عدد المشاهدات:
اللطائف هي القوى المعنوية التي استودعها الله الإنسان، ولا يقدر على إدراكها ولا معرفة كنهها وهي مثل العقل والقلب والروح والسر، وإن كان يدرك آثارها ويعرفها بها.
وهذه القوى اللطيفة قد أعجز الله بها الإنسان عن إدراك أسرار الربوبية وعن معرفة أي شيء من كنه الذات الأحدية ويُلاحظ أن هذه اللطائف موجودة في ذات الإنسان وعجز عن إدراكها، فكيف يدرك حقيقة الذات العلية وهي في خفاء غيب الغيب، وفي عماء طمس الطمس، وقد أذن الله لهذه اللطائف أن تذكره جل جلاله، وأن تقدسه وتمجده وتثني عليه بما هو أهله سبحانه وتعالى وسأبين على قدري ذكر تلك اللطائف:
أولا : ذكر العقل:
وهو التفكر في المخلوقات كيف خلقها الله، وكيف أبدعها وصورها من محض العدم، أو من المادة، والله على كل شيء قدير. قال الله تعالى: ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾، [17-20، الغاشية]. ومعنى ذلك أن الإنسان يجب عليه أن يسبح بعقله، وينظر فيما حوله من الكائنات، ويستوضح كيفية إيجادها وإمدادها وكيفية تسخيرها وتذليلها، فقد خلق الله الإبل إبتداءًا من عناصر المادة زوجين ذكرا وأنثى بقدرته جلَّ شأنه ومحض إرادته، ثم تكاثر خلقها عن طريق التوالد والتزاوج ثم ينظر العقل إلى الهيئة التي كيفها الله بها من هذا الرسم البديع وذلك التركيب والصنع العجيب حتى تقوى على القيام بدورها في خدمة الإنسان بحيث لو كانت ناقصة عن هذه الصورة أو زائدة شيئًا ما عليها لتعطلت الحكمة من خلقها واحتاج الإنسان إلى كائن على هذه الكيفية لحمل أثقاله وتوصيل أسفاره في المسافات لبعيدة، ولكن الله كفى الإنسان وهيأ له كل شيء على صورة خَلْقِه التي أوجده الله عليها لإسعاده ومنفعته، فسبحان الخلاق العليم والمبدع الحكيم، وحقًا كما قال الله تعالى في شأن الإبل: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾، [7، النحل]. فالجمل سفينة الصحراء كالمراكب الشراعية والبخارية في البحار وهذا علاوة على الانتفاع بلحومها وشحومها وجلودها وأوبارها وعظامها وألبانها. وهكذا يتصفح العقل آيات الله في الكون حتى يقوى يقينه، ويزداد إيمانه في كل يوم ثم يتفكر ويتدبر به كذلك في الآيات القرآنية والتعرف على معانيها، وكذلك في البيانات النبوية من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يفهم معنى الدين الذي فرضه الله عليه وبذلك يكون قد ذكر الله بعقله ذكرًا حقيقيًا، وشكره به شكرًا واضحًا جليًا فإن عبادة العقل تتمثل في هذه الأعمال، وأيضا في غيرها من النظر في شئون كثيرة من الإيمان بالغيب والآخرة والإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته وبالقضاء والقدر، فقد ورد في معنى الحديث القدسي: ﴿أن الله عز وجل لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال له الله فبعزتي وجلالي لأحاسبن بك ولأجازين بك[1] .
فالعقل هو الجوهرة اللطيفة الربانية التي وهبها الله لكل من عوالم الإنس والجن والملائكة وعلى الإنسان أن يحافظ على هذه العطية، بل يجاهد في إنمائها وتزكيتها حتى تربو وتزيد فليس المعطي مسئولاً عن حفظ العطية، وإنما من أخذها لينتفع بها هو المسئول عن حفظها والانتفاع بها، وبقدر العناية بها والمحافظة عليها، تكون الإمدادات لصاحبها من المعطي لها جلَّ شأنه.
ثانيا: ذكر القلب:
وهو استحضار معاني الحق تبارك وتعالى، على قدر اتساع القلب ولو باستحضار معنى واحد من معاني أسماء الله وصفاته، ومراقبة هذا المعنى وملاحظته حتى يكون القلب متملقًا لهذا المعنى، ومتعلقًا به وضارعًا ومخبتًا إليه.
فإن ذكر القلب قربات يتقرب بها العبد المؤمن إلى الله عزَّ وجلَّ بمقدار ملازمته لهذا الذكر ومعايشته له، فمثلاً أَسْتَحْضِرُ معنى اسم الحي جلَّ جلاله على قدر علمي بمعاني هذا الاسم المعظم وعلى قدر استطاعتي وذلك بأن أتصور أن الحي عزَّ شأنه أحياني من العدم كما أحيا جميع هذه الكائنات، وأنه أمدني بهذه الحياة في كل طرفة عين وأقل، كما أمد بذلك جميع الأحياء وأن تلك الحياة سر من أسرار هذه الاسم المعظم، وهذا السر سرى بحكمة وبقدرة في كل الكائنات وأتصور كذلك أن كل الأحياء قد قامت بهذا الاسم الأكرم، فإن استحضار هذه المعاني وارتسامها على جوهر القلب هو ذكر هذه اللطيفة الروحانية، وكلما استغرق المؤمن في هذا الاستحضار كلما ازداد قربًا من العزيز الغفار، لأن القلب هو بيت الرب فطهره له بالذكر والحب. والقلب هو ملك مملكة الإنسان، والعقل وزيره يدبر أمر هذه المملكة، والأعضاء جنوده ينفذ بها أوامره وأحكامه، وفي هذا المعنى يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
قلب يقلب في الجمال الذاتي     لم يلتفت نفسًا إلى الآيات
والجمال الذاتي هو جمال الحق تبارك وتعالى الذي تحلى به، من معاني أسمائه الحسنى وصفاته العظمى، المشتملة على المحاسن الإلهية، والجمالات الربانية، والكمالات القدسية من الرحمة والإحسان والشفقة والعطف والحنان والكرم والجود والغفران والقرب والوصال والوداد والإيناس والتنزل والاقتراب، وهذه الغيوب والأسرار يتقلب قلب الذاكر في استجلائها، ويتهنى باستحضارها، ويتنعم بالأنس بها، والبهجة بأنوارها، وذلك هو ذكر القلب الذي يطمئن به ويسكن إليه ويفرح به، قال الله تعالى: ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، [28، الرعد].
وإن صاحب هذا القلب في شغل بهذه المباهج والمسرات عن النظر في الآيات المنتشرة في الكائنات فإنه قد ترقى عنها إلى ذكر المعاني القدسية، وهو ذكر القلب، أما النظر في الآيات فهو ذكر العقل، وفي هذا المشهد يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
والعقل قيد فكله وارحلن إلى     حظائر القدس عن أرض وما حملت
فلكل حقيقة ذكرها، ولكل لطيفة مقامها قال الله تعالى: ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾، [163، آل عمران]. وذكر القلب يخرج الإنسان من سجن الغفلة والنسيان والقطيعة والجفاء وذلك هو الذكر الحقيقي الذي يذكر به العارفون بالله ربهم جلَّ جلاله:
ذاك ذكر به القلوب اطمأنت     وترقت إلى عَلِيِّ المقام
ثالثًا: ذكر الروح:
وهو الحضور مع الحق تبارك وتعالى حضورًا يجعل الذاكر مشاهدًا  لمقامات المذكور جلَّ جلاله فتحصل له الخشية والرهبة، من جلال الله وعظمته، كما يحصل له الحب لذات الله والرجاء في حضرته، وهذا مقام الراسخين في العلم الذين ثبتت قلوبهم في معاينة الغيب الأعلى، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك يا الله.
وأهل هذا الذكر تشرق عليهم أنوار المذكور سبحانه وتعالى، وتفاض عليهم العلوم الوهبية والمعارف اللدنية والأسرار القدسية، فينشلون الخلق من وحلة الأوهام وبادية التيه والظلام وغواشي القطيعة والحرمان، ويسيرون بهم إلى الله ورسوله سيرًا رفيقًا فيعاملون الله فيهم ويرضونه جلَّ جلاله في عباده فيتحملون أذاهم، ويصبرون على جفاهم، ويتلطفون إليهم لأن قصدهم نجاة الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهم أبدال ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والروح إذا ذكرت فقد ذكرت كل جارحة وكل عضو في الإنسان بحسب حاله وشأنه لأن الروح حاضرة في معية المذكور جلَّ شأنه، ومن هذا المشهد تمد الروح كل الأعضاء والمشاعر والحواس فيذكرون الله بذكرها وإنني أعتقد أن هذا الذكر هو الذكر الأكبر، لأن كل حقيقة في الإنسان ذاكرة لله سبحانه وتعالى وقد بين الحق في القرآن المجيد صفات أهل هذا المقام بقول عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾، [128، النحل]. وإن العبد يكرم في هذا المقام فيذكره الله تبارك وتعالى في نفسه وفي ملأه الأعلى من الروحانيين والعالين والمقربين من عباده الأطهار ورسله الأخيار، فذكر اللسان حسنات وذكر القلب قربات وذكر الروح كشف ومشاهدات.
ذكر السر:
وإن ذكر السر منازلات وموجهات ورفعة إلى أعلى الدرجات لأنه ذكر... نفحة القدس العلية التي هي من روح الحق تبارك وتعالى فإن ذكرها غيب غيب لا يلاح، وسر سر لا يباح، وأخفى من الخفا لا يكشف عنه الوشاح، ولكن للرجال رضي الله عنهم شميم من هذا الذكر، ونور يتدلى لهم من حضرة القدس به يتراءون الذاكرين في هذا المشهد الأعلى وهو مقام الإتحاد بمعاني المذكور عزَّ شأنه وقد نزلوا فيه بعد مقامات الاصطناع والاصطفاء، فيذكرون بذكرهم ويحنون لنورهم ويتهيمون لرؤيتهم ويحترقون شوقًا إليهم، وإن منازلهم أشار القرآن إليها بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾، [35، محمد]. وبهذا نطوي البساط خشية أن تبتذل الحقائق وتمتهن الرقائق، وتستباح الأسرار، قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
أخشى على الدر أن يلقى بمزبلة     فيزدرى فأخون الحق والدينا
وذلك لأن الحضرة فوق المقام والمكانة، ودونها المراتب والمنازل وهؤلاء هم الذاكرون الله حقًا ويقينًا إذ أنهم يذكرون الله بالله، ويمجدون الله بالله، ويحمدون الله بالله، ويقدسون الله بالله، ويعظمون الله بالله، اطلع الحق عليهم فأباحهم رؤية جنابه العلي، وأثنى عليهم ثناء أسكر الأرواح العالية وحدثهم شفاها بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿أنتم عبادي حقا أنتم عبادي حقا أنتم عبادي حقا﴾.
يا ويحهم مما بهم في دهشة     وحبيبهم أنواره لا تحجب
طوبى لهم وحسن مآب، أولئك لهم الرفيق الأعلى من الجنة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ذكر لطيفة البرزخ:
والبرزخ في هذا المقام هو فناء العبد عن حظه وعن شهوته وعن طمعه وعن أمله وعن حرصه وعن كل ما يعوق سلوكه من الاندماج في عباد الله الصالحين، حتى يفنى عن شهود نفسه وعمله وعلمه وصالحاته وقرباته وكل ما يشتم منه رائحة السمعة والتظاهر والرياء وحب المدح والثناء، وما إلى ذلك من دواعي النفس البشرية، أو من تطلعات النفس الملكية وعليه يكون البرزخ حينئذ هو أن لا يرى العبد لنفسه وجودًا ولا حالاً ولا مقامًا ولا أي شيء لأنه كالميت الذي لا حول له ولا طول، ولا عمل له ولا حيلة ولا علم له ولا كشف، ويكون ذكره في هذا المشهد ـ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ ملاحظًا أنوارها مشاهدًا أسرارها، مستغرقًا في معانيها، ولا يقل ذكره فيها بهذه الكيفية عن مائة مرة يوميا، فإذا انتهى مجلسه قال لا إله إلا الله ثلاث مرات وبعد الثالثة يقول سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنك أمرتنا بأن ندعو لمن أسديت لنا نعمة على يديه فنسألك أن تجازي أستاذنا أبا العزائم عنا خير الجزاء بمغفرة ورضوان وخير في الدنيا والآخرة وتمنحنا وإخواننا أين كانوا وكيف كانوا العمل بالسنة والتوفيق والحفظ من معاصيك سبحانك ومن الشر والأشرار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيخ الدجال وأسبغ علينا نعمك ظاهرة وباطنة يا مجيب الدعاء وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. ثم تقرأ الفاتحة لإخوانك ولجميع المسلمين.
ولطيفة البرزخ هذه يتلقاها المؤهل لها من الداعي إلى الله على نور وعلى بصيرة، وهو الذي عرف المبدأ والمعاد وألهمه الله علم ما لم يعلم، وعرف كيفية تزكية النفوس وتطهيرها، وكيفية الإقبال بها على الله عزَّ وجلَّ وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن يتم الذاكر العدد المسموح به من صاحب الإذن يلقنه لطيفة البرزخ الثانية وهي: ﴿لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، [87، الأنبياء]. فيذكرها كذلك كل يوم مائة مرة على أن يقرأها قراءة صحيحة حسب التلقين مع التحقق من كمالاتها، ومشاهدة أنوارها، والخشوع لجلالها لأنها ذكر سيدنا يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت وبطنه منزل من منازل البرزخ، فإذا أتم العدد المأذون له به من صاحب الإذن يلقنه اللطيفة الثالثة وهي قول الله تعالى: ﴿حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، [129، التوبة]. فيذكرها كل يوم مائة مرة ويلاحظ أثناء الذكر أنه يذكر بلسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنها كانت من ذكره عليه الصلاة والسلام، كما يلاحظ أنه يتلو القرآن الكريم، ويناجي ربه بهذه الآية الشريفة مع مشاهدة مجالي هذه الحضرة، من التسليم الأكبر لذات الله، وكمال الثقة بجنابه العلي فإذا أتم العدد المصرح له به لقنه الشيخ اللطيفة الرابعة وهي قول الله تعالى: ﴿إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾، [196، الأعراف]. فيذكرها كل يوم مائة فَاقِهًا أسرارها واعيًا لوارداتها ومنازلاتها فإنها حضرة فوق العقل والروح لأن الله إذا تولى عبدًا كان عوضًا له عن كل شيء، ورفعه ورقاه وآنسه وهناه وخفض دونه كل مقام فإذا انتهى من وردِه  الذي أمره به الإمام ينتظر بعد ذلك السماح له بذكر لطيفة أخرى من اللطائف التي أشرقت أنوارها في نفسه وفي كل يوم يذكر فيه يختم بما أشرنا إليه من قبل عند ذكر لطيفة البرزخ الأولى.
فالذكر يا أخوتي من سابق الحسنى     من يذكر الله يذكره مع الآل
واللطيفة هي المعنى الرقيق الذي لا يدركه إلا خاصة الخاصة من عباد الله المؤمنين قال الله تعالى: ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾، [74، آل عمران]. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



 رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي أمامة أبو نعيم من حديث عائشة.[1]  

منقول من كتاب قطرات من بحار المعرفة
للعارف بالله فضيلة الشيخ محمد على سلامة 
مدير عام أوقاف بورسعيد سابقا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير