آخر الأخبار
موضوعات

الاثنين، 7 نوفمبر 2016

- وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ

عدد المشاهدات:
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ
- الاعتصام: هو التحفظ والتحرز من فقد المقصود,  والتمسك بما يوصل إلى نيل الخير الحقيقى. وهذا الحبل إما أن يكون كتاب الله تعالى عند هجر العمل به. أو  يكون الجماعة عند التفرقة. أو يكون الإخلاص لله فى التوحيد عند الشكوك والريب. أو يكون المسارعة إلى   التوحيد والإنابة عند ارتكاب الخطايا. فهو فى كل حال بحبسه. ونحن فى زماننا هذا فى حاجة إلى كل تلك المعانى,بعد أن هجرنا كتاب الله وسنة رسول اللهr, فأصبحنا عالة على من كانوا عالة علينا, فى حاجة   إلى أن نتلقى الصناعات والفنون والحرف ممن عنا نقلوها, فى تفرقة تحتاج إلى أن يتدخل فى شئوننا من كنا    سببا فى خلاصهم ورقبهم. فإذا اشتقنا إلى مجد سلفنا الصالح وعزهم ومنعتهم, يجب علينا أن نعتصم بحبل الله    تعالى, وهو القرآن والسنة المطهرة. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بما من به على سلفنا, ويكون   معنا كما كان معهم, ويعيد لنا مجدنا, ويجعل لنا التمكين فى الأرض, حتى يصلح بنا جميع خلقه. قال عبد الله   ابن مسعود( يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنهما حبل الله الذى أمر به, وإن ما تكرهون فى الجماعة والطاعة هو خير مما تحبون فى التفرقة), وكيف يميل المؤمن بالله ورسوله إلى التفرقة للذة عاجلة   تفنى, وجاه يورث ذل الأبد, ومال قد يعين على الخلود فى نار جهنم؟! ويرضى أن يذل بتفرقة المسلمين,   فيكون مسئولا عنهم جميعا يوم القيامة؟!.

أيها المؤمن المحب للخير العاجل: هذه النفس التى تحب الخير, ألا تذكرها أنها لو باعت هذا الخير العاجل        المفسد للدين وللجماعة بالخير الدائم الباقى عند الله تعالى تكون رابحة؟ماالذى يناله الجاهل المغروربالميل إلى   التفرقة إذا عاجلته المنية قبل أن ينال قصده؟ لعمر الله إنع ليموت على أكبر الكبائر, فيحرم لذة أمله العاجل  وبهجة النعيم الأبدى, ويخلد فى نار الشقاء والعذاب. وإن النعمة مقولة على معنيين: عند العاقل نعمة الشرف    والعز والفرح بالمجتمع الإسلامى. ونعمة لذة الحيوانات فى الشهوات والشهرة الكاذبة. وإنى لأرى نعمة الشرف قد تستعلى على البهائم على لذتهم البهيمية, فقد يجهد الفرس نفسه فى الجرى حتى يقع صريعا ليفرح   بسبق نظيره, لذة بنعمة الشرف. وقد يلقى الكلب بنفسه على السبع ليحفظ صاحبه حتى يقتل فرحا بلذة     الشرف. وقد يترك الديك غذاءه وينادى الدجاج متلذذا بلذة الشرف. فواعجبا! تعظم نفوس الحيوانات ,   فتقدم لذة الشرف على اللذة البهيمية التى هى فطرتها !! وتصغر نفس المؤمن حتى يدنسها بالتعس والخيبة,  ليسمع كلمة جميلة أفسد لأجلها دينه ودنيا إخوته المؤمنين!! بل أعجب من هذا أن أجهل إنسان يعلم أن عزجماعته عزله,وذل قبيلته ذل له.وترى الجاهل يهدم مجد المجتمع ليتلذذ بأنه قريب إلى عظيم من العظماء, أو محبب عند ذى منزلة, والله تعالى يقول:]وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا[ما هي تلك النعمة التى ينالها من   ترك الاعتصام بحبل الله واعتصم بحبل شهواته وحظه وحبه لذاته؟ لا أراها إلا أعظم نقمة. فإنه يمقته الله   تعالى, ويمقته رسول اللهr, ويمقته المؤمنون من أهل عصره. وليس الاعتصام بحبل الله بأمر صعب عليك. تذكر أيها المؤمن أيام كانت القلوب مجتمعة معتصمة بحبل الله, والأبدان عاملة لله, ومن أنت وما   كان حالك وشأنك؟ لعلك إذا ذكرت تبكى, وتحن إلى هذا المجد حنين الثكلى أو أعظم , لأن العبد المملوك         .


قوله تعالى:وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا....(103) آل عمران

المسلم يعزه الإيمان على كل من فى الأرض.كان أصغرمسلم يمنح الأمن,ويقبل فى ذمته من استجار به فينفذ  له الخليفة,كان المسلم عنوان الكمال فى نشأته ومعاملاته ورحمته ورأفته بالعالم أجمع, ومسارعته إلى الخير, وكان العالم أجمع إذ ذاك فى ظلمات الجهالة والضلالة لم يهتد للخير إلا بسببك أيها المؤمن.



أيها المؤمن: استعمرت مشارق الأرض ومغاربها, ودان لك أصحاب تيجانها, ومكنك الله فى الأرض           بالحق. حتى فصمت تلك العروة, وترك الجهالة الاعتصام بحبل الله تعالى ,فتغير الحال , وتبدل الشأن,      فلا حول ولا قوة إلا بالله. قم أيها المؤمن فتنبه, وبحبل الله فاعتصم, وبسنة رسول الله فتمسك, وجاهد    نفسك أعظم الجهاد فى ذات الله تعالى, وقد منحنا الله الإرادة والحرية والقوة, فإذا نحن تمسكنا بأحكام   شريعة الله تعالى, وعملنا بوصايا رسول اللهr, جملنا الله تعالى بالرحمة, فكنا رحماء بالعطف وبالأمانة        والصدق والعفاف, والغيرة له سبحانه وتعالى, وتركنا ما يضرنا, ونشطنا لما ينفعنا, وتشجعنا على فعل   المكاره والفضائل, وأحب بعضنا بعض, حتى نصبح كجسد واحد, يشعر الرأس بألم الإصبع, وتتلذذ          الرأس براحة الإصبع, ونكون- مع كثرتنا- كعائلة فاضلة يسعى كل فرد منها لخيرها, ونستعين بنعم الله     على ما يحبه ويرضاه, ولديها تلذ الحياة, ونفوز بمسراتها فى الدنيا والآخرة, ونورثه أبناءنا.



- وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَاللّهِ عَلَيْكُمْ- حصر الله لنا النعمة فى أمرين عظيمين وهما: نعمة الدنيا, ونعمة الآخرة,             بدليل تفصيل ذلك فى هذه الآية. ونعمة الله فى الحقيقة التى أوجب الله علينا أن نذكرها هى نعمته علينا بحبيبه     ومصطفاه محمد r. لأنه صلوات الله وسلامه عليه هو النعمة التى أنتجت لنا خيرات الدنيا والآخرة,   وخيرا فوق أن أسطره على صفحات الأوراق. والخير بالإجمال هو الفرار إلى الله تعالى من الكونين, وهذا
الخير الذى هو فوق الكونين ظاهر فى ثلاثة مقامات:

المقام الأول: مقام معية الله تعالى. المقام الثانى: مقام عندية الله تعالى. المقام الثالث: مقام لدى الله                 "اللدنية" .

بدليل قوله تعالى فى المقام الأول:]إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ[(1)وقوله فى الثاني]إِنَّ الَّذِينَ عِندَ                      رَبِّكَ[(2)وفى المقام الثالث:]آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا[(3)والعلم قد يكون بعين                   اليقين أو بحق اليقين.

]  إِذْ كُنتُمْأَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْفَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا[هذه الآية الشريفة تفصيل لنعم الدنيا,                 لأن الأوس والخزرج كانوا أبناء رجل واحد, ولكنهم اختلفوا اختلافا أدى إلى محاربة أفسدت عليهم الحياة     الطيبة, وسلبت منهم الأمن, وضيقت عليهم الأرزاق,وأوقعتهم فى الأحزان والغموم, فكان الميت فى راحة عنهم. فلما بعث الله حبيبه محمداr, وباشر الإيمان سويداء قلوبهم صاروا كالجسد الواحد, كل واحد   منهم ككل عضو من أعضاء الجسد, يعمل كل فرد لخير المجتمع. فصاروا فى نعيم, ورغد عيش, وراحة    قلب وبدن, وتعاون على البر والتقوى, وطهرهم الله من عناء التفرقة, وشدائد الحروب, وملأ قلوبهم رغبة   ورهبة من الله تعالى, حتى مكن لهم فى الأرض بالحق, فدانت لهم القياصرة والأكاسرة. وماذا تقول فى قوم    


كانوا فى جاهلية عمياء صماء؟ يأكل بعضهم بعض, يملكهم الأجنبى ولا يملكونه, ويأكلهم الغريب ولا        يأكلونه, عراة الأبدان, حفاة الأقدام, تمزقهم الشمس بحرارتها, ليس لهم مبان يأوون إليها . فلما أشرقت     أنوار خاتم الأنبياء أصبح ذلك البدوى الخشن الجائع البطن ناشف اللهاة تخدمه الملائكة,وتدين له أصحاب    التيجان, وتذل له الجبابرة الطغاة. لا, بل طهر الأرض جميعا من ظلام الكفر وظلم الظلمة الطغاة, ونور   العقول بآيات الله, وجمل القلوب بتوحيده سبحانه, وجعل الإنسان أخا للإنسان, حتى سوى بين الكافر          الرقيق وبين الخليفة الجالس على منبر النبوة. لأن الحكم كان لله, وبأمر الله, وأى نعمة بعد هذه النعمة تنال  فى الدنيا؟ ليس بعدها إلا مقعد صدق عند مليك مقتدر. هذه هى نعمة الدنيا التى يذكرنا الله بها لنذكرها           فنشكرها.

أما نعمة الآخرة فهى مفصلة فى قوله سبحانه:]وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ[أى:و كنتم بكفركم            بالله تعالى , وقتال بعضكم بعضا,مع النسب القريب,والصلة التى لا انفصام فيها, على طرف جهنم. ولما    كانت جهنم هى الهاوية التى تهوى بمن يعذبهم الله فيها إلى أسفلها, وكان الكفر والقتال والانتقام أسبابا        للخلود فى نار جهنم, وكانوا قبل بعثة رسول الله بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا كذلك,   تحقق قوله تعالى:]فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا[دليل على أن العالم لا نجاة له إلا بالعمل بوصايا الإسلام, وبذلك تعتقد       أن غير المسلم محكوم عليه بالنار أبد الأبدين, حيث لا وسيلة تنجيه, ولا شفيع إليه يؤويه, ولا تكون           الشفاعة إلا لمن مات مسلما مرتكبا للمعاصى, والإنقاذ هو النجاة والانتشال. والضمير فى قوله تعالى:        (مِّنْهَا) عائد إلى الحفرة التى هى جهنم لا إلى ال(شَفَا) .

]كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[الآية الشريفة جذب لقلوب أهل الإيمان الذى يتلقون                    القرآن المجيد من فم رسول اللهr, فلا يسمعون منه آية من الآيات حتى تتجلى لهم معانيها تجليا يخطف         الأبصار, ويصعق النفوس, وكيفلا؟ ورسول اللهrيتلقى الفرقان عن جبريل, ويتلقى القرآن من         لدن حكيم عليم. وهو فى مقام الرسالة والخلافة العظمى عن الله تعالى يلقيه على أصحابه, فكانوا- لحضور       قلوبهم ولأنواره المحمدية- كأنهم يتلقون من جبريل, أو من حكيم عليم. فيسمعونه منهrبآذان           رؤوسهم, فتسرى أنوار التلقى إلى سويداء قلوبهم, فيكافشون بسر الغيب المصون الذى تضمنته الآية ودلت  عليه. ومعنى هذه الآية أن الله تعالى يقول : ما بينت فى آياتى السابقة من الحقائق التى كان عليها الأنبياء   السابقون, والأسرار التى يعلمها إلا أحبار أهل الكتاب وعلماؤهم الراسخون, فإنى أبين لكم هذا البيان           فى كل حقيقة من الحقائق ليحصل لكم مزيد الهداية. لأن تلك البينات التى يتلقاها الصحابة عن رسول الله    r, ونتلقاها نحن عن أبدال رسول اللهr, ينمو بها الإيمان فى قلوبنا. قال تعالى:]وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ        اهْتَدَوْا هُدًى[(1)وقال سبحانه]وَزِدْنَاهُمْ هُدًى[(2)وقال تعالى :]لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ[(3)فلعل                 هنا ليست بمعنى الترجى, وقد قدمت لك أن الترجى لا يليق بكلام الله تعالى, لأن المترجى غير موقن         بالعاقبة, ولكن الله تعالى علام الغيوب, ولما كانت الهداية مقولة على معان كثيرة, ناسب أن نشرح قوله        تعالى لعل بمعنى اللام, أى : ليحصل لكم مزيد من الهداية.                                     
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير