عدد المشاهدات:
لما كان لفظ مدينة كناية عن المجتمع الإنساني المتضامن المرتبطة أفراده ارتباطا تاما ، الساعي كل فرد منه في طلب الخير الحقيقي للجميع ، و دفع الشرور الحقيقية عن الجميع ،حتى يمثل عائلة واحدة أو جسدا واحدا ، بشرط أن يكون سعي المجتمع لنيل الخير لكل فرد ، و سعي كل فرد لنيل الخير للمجتمع ، سواء كان هذا المجتمع الأصغر أو الأوسط ، فان العقل لا يمنع من نيل هذا الكمال لكل أفراد الإنسان على وجه المعمورة ، و إن منعه الشرع ، و متى توفرت تلك الشروط كان المجتمع المتصف بتلك الصفات هو المجتمع الفاضل ، و لا يمكن أن يتكون هذا المجتمع بمعناه الحقيقي إلا بالإسلام ، و ذلك لأن الخير الحقيقي من حيث هو خير لذاته ، لا يمكن للعقل الإنساني أن يدركه ، لغلبة الشهوة و تسلط الحمية ، و حبس نور الفكر في سجن الحظوظ و الأهواء ، و تلك القوى الثلاثة التي هي : الشهوة و الحمية و الفكر ، هي القوى التي بها نيل الفضائل الإنسانية و الكمالات الروحانية إذا تزكت و تطهرت ، فإن لم تطهر من لقسها و تتزكى من نجاستها كان الإنسان بشهوته أدنى من البهيم الأعجم ، و بحميته أضر من ضواري الوحوش ، و بفكرته أشر من إبليس اللعين .
و لم ينزل الله تعالى كتابا على رسول من الرسل قبل القرآن الشريف جامعا لما به نيل الكمال الحقيقي ، و شفاء الأنفس من أمراضها ، و تجملها بأجمل أوصافها ، و كبح جماح الشهوة و إطفاء نار الحمية ، و تصفية الفكر من درن الحظوظ و الأهواء ، و قاذورات الأطماع و الميول المهلكة ، لأننا بتصفحنا التوراة و الإنجيل نتحقق أن التوراة بينت لنا أسفار الرسل السابقين و ما تحملوه من الصعوبات في محو الشرك ، و إزالة العقائد الباطلة ، و حذرت من ارتكاب بعض الكبائر بغير بيان الحكمة العمرانية ، و لا شرح لتدبير الفرد و لا تدبير المجتمع المنزلي ، فضلا عن بيان سياسة المجتمع الديني ، و لم توضح حكم تلك الأحكام من جهة علوم النفس لتنكشف أسرار الأخلاق الفاضلة ، و تحصل حقيقة الرحمة في القلوب ، و يرى الإنسان بالعين التي يرى بها نفسه في كل أموره ، فكانت التوراة يفهم منها الحكيم أن الله تعالى ينزل بعدها كتابا يبين مبهمها ، و يفصل مجملها ، و يكشف أسرار حكمها ، و يزيد عليها ما لا بد منه ، مما ينال به الإنسان كماله النفساني و الجسماني ، حتى يكون إنسانا بمعناه ، خليفة الرب و صورته ، كما أخبرت التوراة . و هذا الكتاب هو القرآن الذي به بلوغ الإنسان كماله المدني في الدنيا ، و الجسماني الروحاني في الآخرة ، حتى يكون خليفة للرب سبحانه في الدنيا ، و في مقعد صدق عند مليك مقتدر في الآخرة ، و لو لم تكن فيها البشائر بهذا الكتاب ، و بمن أنزل عليه لحكم القاريء لها أنها تبشر به ، و لولا أن الأمر بديهي لسردت مثلا كثيرة من سفر التالوت بالتوراة ، و أمثلة على الأصول التي أتت بها الرسل عليهم الصلاة و السلام قبل سيدنا محمد و مولانا صلى الله عليه وسلم .
هذا الإنجيل من تصفحه تراه كتابا يتضمن رواية حوادث مبهمة ، تتضمن تاريخ رجل حصل على يده عجائب و غرائب مدهشة للعقول ، و كل ما جاء فيه من الدعوة مؤسس على ترك العمل مطلقا في تلك الدار الدنيا ، حتى ترك السعي في نيل ما لا بد منه ، و ترك معاملة الناس مطلقا ، حتى لو أنهم ضربوا الإنسان يلزمه أن يعينه على ضربه ، حتى أمر بترك ما في اليد من المال ، و تلك الرواية و إن صحت بطرقها المعتبرة عقلا و تاريخا ، فإنا نسلم ما ورد فيها مما لا يحارب العقل و لا يخالف الشرع الذي شرعه الله للناس على ألسنة رسله عليهم الصلاة و السلام ، فلم يرد في الإنجيل إلا الوصايا بأخلاق تكاد أن تكون طرفا لا وسطا ، و لم يتضمن أساسا من أساسات العمران ، و لا أصلا من أصول النظامات المدنية ، و لا ناموسا من نواميس المنازعات التي تحصل بين الناس بالضرورة ، للزوم التبادل في المنفعة ، و المنافسات في اللوازم .
فكأننا لو جمعنا التوراة و الإنجيل ، و حكمنا أنهما الكتابان اللذان لا بد للمجتمع الإنساني من العمل بهما ، لأختل نظام المجتمع ، و انمحت الحضارة و المدنية ، و تقهقر المجتمع الإنساني إلى حالة البداوة الأولى ، و لكنك أيها الحكيم المستبصر إذا قرأت القرآن و بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالعمل و القول ، لعلمت حق العلم أنه خاتم الكتب ، و لتحققت أن كل مجتمع قبله لم يكن فاضلا بالمعنى ، و أن كل مجتمع على غير تعاليمه و وصاياه مجتمع جاهلي ، و هنا أبين لك الفضائل التي نالها المجتمع بالقرآن ، و الكمال الذي رقى إليه بإتباعه القرآن ، و السعادة الحقيقية التي فاز بها بالقرآن .
الامام محمد ماضى ابو العزائم
الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ فوزى محمد ابوزيد
و لم ينزل الله تعالى كتابا على رسول من الرسل قبل القرآن الشريف جامعا لما به نيل الكمال الحقيقي ، و شفاء الأنفس من أمراضها ، و تجملها بأجمل أوصافها ، و كبح جماح الشهوة و إطفاء نار الحمية ، و تصفية الفكر من درن الحظوظ و الأهواء ، و قاذورات الأطماع و الميول المهلكة ، لأننا بتصفحنا التوراة و الإنجيل نتحقق أن التوراة بينت لنا أسفار الرسل السابقين و ما تحملوه من الصعوبات في محو الشرك ، و إزالة العقائد الباطلة ، و حذرت من ارتكاب بعض الكبائر بغير بيان الحكمة العمرانية ، و لا شرح لتدبير الفرد و لا تدبير المجتمع المنزلي ، فضلا عن بيان سياسة المجتمع الديني ، و لم توضح حكم تلك الأحكام من جهة علوم النفس لتنكشف أسرار الأخلاق الفاضلة ، و تحصل حقيقة الرحمة في القلوب ، و يرى الإنسان بالعين التي يرى بها نفسه في كل أموره ، فكانت التوراة يفهم منها الحكيم أن الله تعالى ينزل بعدها كتابا يبين مبهمها ، و يفصل مجملها ، و يكشف أسرار حكمها ، و يزيد عليها ما لا بد منه ، مما ينال به الإنسان كماله النفساني و الجسماني ، حتى يكون إنسانا بمعناه ، خليفة الرب و صورته ، كما أخبرت التوراة . و هذا الكتاب هو القرآن الذي به بلوغ الإنسان كماله المدني في الدنيا ، و الجسماني الروحاني في الآخرة ، حتى يكون خليفة للرب سبحانه في الدنيا ، و في مقعد صدق عند مليك مقتدر في الآخرة ، و لو لم تكن فيها البشائر بهذا الكتاب ، و بمن أنزل عليه لحكم القاريء لها أنها تبشر به ، و لولا أن الأمر بديهي لسردت مثلا كثيرة من سفر التالوت بالتوراة ، و أمثلة على الأصول التي أتت بها الرسل عليهم الصلاة و السلام قبل سيدنا محمد و مولانا صلى الله عليه وسلم .
هذا الإنجيل من تصفحه تراه كتابا يتضمن رواية حوادث مبهمة ، تتضمن تاريخ رجل حصل على يده عجائب و غرائب مدهشة للعقول ، و كل ما جاء فيه من الدعوة مؤسس على ترك العمل مطلقا في تلك الدار الدنيا ، حتى ترك السعي في نيل ما لا بد منه ، و ترك معاملة الناس مطلقا ، حتى لو أنهم ضربوا الإنسان يلزمه أن يعينه على ضربه ، حتى أمر بترك ما في اليد من المال ، و تلك الرواية و إن صحت بطرقها المعتبرة عقلا و تاريخا ، فإنا نسلم ما ورد فيها مما لا يحارب العقل و لا يخالف الشرع الذي شرعه الله للناس على ألسنة رسله عليهم الصلاة و السلام ، فلم يرد في الإنجيل إلا الوصايا بأخلاق تكاد أن تكون طرفا لا وسطا ، و لم يتضمن أساسا من أساسات العمران ، و لا أصلا من أصول النظامات المدنية ، و لا ناموسا من نواميس المنازعات التي تحصل بين الناس بالضرورة ، للزوم التبادل في المنفعة ، و المنافسات في اللوازم .
فكأننا لو جمعنا التوراة و الإنجيل ، و حكمنا أنهما الكتابان اللذان لا بد للمجتمع الإنساني من العمل بهما ، لأختل نظام المجتمع ، و انمحت الحضارة و المدنية ، و تقهقر المجتمع الإنساني إلى حالة البداوة الأولى ، و لكنك أيها الحكيم المستبصر إذا قرأت القرآن و بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالعمل و القول ، لعلمت حق العلم أنه خاتم الكتب ، و لتحققت أن كل مجتمع قبله لم يكن فاضلا بالمعنى ، و أن كل مجتمع على غير تعاليمه و وصاياه مجتمع جاهلي ، و هنا أبين لك الفضائل التي نالها المجتمع بالقرآن ، و الكمال الذي رقى إليه بإتباعه القرآن ، و السعادة الحقيقية التي فاز بها بالقرآن .
الامام محمد ماضى ابو العزائم
الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ فوزى محمد ابوزيد