آخر الأخبار
موضوعات

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

- كيف يكون المؤمن عابداً لله؟

عدد المشاهدات:
عبادة التفكر تجعل المؤمن عابداً لله عزوجل فى كل أحواله
كيف يكون المؤمن عابداً لله، وعبادته هو فيها ذاكر وشاكر وفاكر وحاضر مع الله على الدوام؟ لايكون ذلك إلا إذا أكرمه الله بعبادة التفكر، وهى عبادة الأنبياء والمرسلين وعبادة الصالحين والأفراد المقربين، لأنه في كل لمحة يرى البصر منظراً، وفى كل منظر تراه العين على الفور، يكون معه فكرة في العقل وعبرة في القلب، وإذا تدانَ يكون معه أيضاً مشهد روحاني نوراني في الروح، وهؤلاء جميعاً سائرين مع الله في خطٍ واحد.
ونحن لماذا صرنا غير قادرين أن نصل لهذا المقام؟ لأن هذا مقام العارفين، فالعارفون كل أنفاسهم عبادة لله لماذا ؟ كلما نظروا إلى منظر، على الفور! تتحرك الفكرة ويتفكر في أمر فيه خير وفيه منفعة لنفسه وللمسلمين وللناس أجمعين .. يتفكر القلب في ماذا ؟ في عبرة وعظة، ولذلك قالوا: [ من لم يكن له من قلبه واعظ لم تنفعه المواعظ ] ما المواعظ المؤثر في الإنسان؟! من داخله، فإذا أعطاه هذه المواعظ فهي التى تؤثر وتغير من حياته وسلوكياته.
إذا كان واعظ المنابر والفضائيات فهذا للآذان قد ينال الإستحسان وقد ينصرف عنه الإنسان، ولكن الوعظ الذى يؤثر في الإنسان فهذا في دائرة القلب، وهذا يكون من الإنسان نفسه عندما ينفعل بما يراه، وأنتم تعرفون أن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلمكان يختلي في غار حراء، فماذا كانت عبادته؟ كان يتفكر، أليس هذا هو ماورد:
{ حُبِّب إلى رسول الله الخلوة في أول أمره، وكان يخلو في غار حراء ويتحنَّث الليالي ذوات العدد }
ولم يكن شيىءٌ قد جاءه بعد من الوحى أو التكليف، قالوا: كان يعنزل الناس ويتفكر! في أى شيء يتفكّر؟ هل في الغذاء غداً أو في العشاء أو الملبس أو أي شيء من هذا الكلام؟! ليس له شأن بذلك لأنه تركها وراءه، وفيما كان يتفكر؟ يتفكّر في مخلوقات الله تعالى والتي يراها لكى تعطيه العبرة .. سيدنا إبراهيم ارتقى إلى مشاهدة الأنوار بماذا؟ حرّك دائرة الفكر، وبعدما حرّك دائرة الفكر تحرّكت معها دائرة العبرة في القلب، وعندما تحركت دائرة العبرة في القلب، انصرف إلى الذكر، فالذكر فتح عين الروح فرأى ماقال فيه السبوح:( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (75 الأنعام).
إذاً فتفكّره في الملك رفعه إلى النظر إلى أنوار الملكوت، وليس التفكّر في هذه الأشياء ولكن للنظر، فما الذي يرفع الإنسان إلى النظر في الملكوت؟ هو التفكّر فيما يراه في عالم الملك من آثار المليك عزوجل.
أنت حالياً عندما تُدعى لمشاهدة معرض إن كان لصناعة، أو متحف لفن من الفنون تقف عند المصنوعات تتعجب من إبداعها ومن والتكنولوجيا الراقية التي فيها، وتقول إن هذه الشركة التى صنعت هذا المنتج العظيم شركة عظيمة، لأن هذا يدل على الشركة .... لو ذهبت إلى متحف لأحد الرسامين أو لواحد نحات أو غيره فماذا يدل ذلك؟ أيضاً يدّل على مهارة هذا النحات أو هذا المثّال.
فكيف تصل أنت إلى محبة الله عزوجل؟ الحق .. إذا نظرت إلى آثار قدرته في نفسك وفي الآفاق سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (53فصلت) ... متى الإنسان يصل إلى هذا المقام؟
 إذا طهر القلب من الدنيا والشهوات والحظوظ والأهواء، لكن إذا كان القلب مشغول بالدنيا، أين يكون الفكر؟ في الدنيا، ولن تستطيع أن تصرفه لأن ذلك هو الذي في أفق القلب.
لو كان القلب يهوى الشهوات، سيكون الفكر في كيفية الحصول على هذه الشهوات، ما يشغل القلب هو الذى يدور فيه الفكر  .... أما إذا كان القلب مشغولٌ بالله وبحبيب الله وبكل شيء جاء أو يلوح من حضرة الله فيجول الفكر في الآثار للدخول منها إلى بديع إبداع صُنع الله ومدى عظيم قدرة الله عزوجل فيما يشاءه المرء في هذه الحياة.
سيدنا أبو الدرداء وكان إسمه عُويمر، والدرداء كان إبنه، كان يقول فيه صلى الله عليه وسلم:
                                { عُوَيْمِرٌ حَكِيم أُمَّتِي }
حكيم الأمة، بأى شيء أخذ الحكمة؟ ذهبوا ليسألوا زوجته أم الدرداء عن عبادة أبو الدرداء، كم ركعة يصليها في الليل؟ وكم مرة يختم القرآن كل شهر؟ وكم يوماً يصوم في الأسبوع؟ فقالت لهم: لا .. لم تكن هذه عبادته، لكنه كان يجلس يتفكّر ! هذه عبادة .. وأنت أين؟!!. .. وأنت جالس تفكّر، فلا تحتاج إلى قيام ولا تحتاج إلى نهوض .. وأنت راقد أيضاً تتفكر، وأنت ملقى على ظهرك، فهى لاتحتاج إلى حركة ولا تحتاج إلى قوة، ولا تحتاج مدد، ولا تحتاج إلى أموال، ولكنها تحتاج إلى أن الإنسان يميل بقلبه بالكلية إلى الواحد المتعال .... فهنا يبدأ في عالم التفكّر إذا صفا القلب ...
ولا يصفو القلب إلا بهذا الفكر، لتعلموا علم اليقين أن الإنسان عندما يعتبر ويرى كل هذه الأمور بيد الله مع الفكر فسيتيّقن أن كل مايحدث في الكون لا يحدث إلا بإذن الله، وأن الأمور عاليها ودانيها بيد الله، وأن كل مايحدث لحكم عالية فيها رحمة وفيها شفقة وفيها عطفٌ وفيها حنان على خلق الله، ولكننا ربما لاندريها الآن وسنراها عن قريب إذا فتح علينا الله.
فماذا يصنع الإنسان؟
يسلم أمره لله جلّ في علاه، وبعد التسليم يقول: هذا الإله يجب أن ينشغل الإنسان بذكره عن كل شيء في هذه الحياة، وفي هذه الحالة يذكر الله، ولكن كيف يكون الذكر هنا؟ ذكر حضور وليس ذكر في حالة الغياب!
 هذا سيدخل في الذين وردت فى ذكرهم الآثار العديدة:
{ وربَّ تسبيحة من إنسان أفضل من ملء الأرض من عمل غيره، وكان إدريس يرفع له في اليوم مثل عمل جميع أهل الأرض؛ وأن الرجلين ليكونان في الصف وأجر ما بين صلاتهما كما بين السماء والأرض }
التسبيحة الواحدة أفضل من ملء الأرض من عمل سواه، لماذا؟ لأن التسبيحة الواحدة خرجت من تجاويف القلب، فيها حضور وفيها خشوع وفيها نورانية وشفافية وفيها روحانية تجعلها تكشف كل الحجب عن القلب حتى يتهنّى القلب بالأنس مع الرب عزوجل، وكذلك من خرجت صلاته من قلب فاكر ذاكر حاضر! فشتان بينه وبين من وقف أمام مولاه بقلب غافل لاه مشغول بحظه وهواه!
لأنه يمكن أن يكون هناك حوالي ستين في المائة أو أكثر من المسلمين يذكرون الله في الصلاة وهم غائبين أليس كذلك؟ فهم يذكرون الله ويقرأون كتاب الله ويصلي أحدهم ويدعوا ويقرأ التشهد وهو نائم وهو شارد .. وبعد الصلاة يقول: أنا صليت كم ركعة؟! ثلاثة أم أربعة؟! أنا لا أتذكر، أنا ماذا قرأت في الركعة الأولى؟! لا أذكر.
هذا يا إخواني الطريق وهو طريق أهل التحقيق وليس بكثرة المدارسة في الكتب ولا بكثرة الإستماع إلى العلوم ولا بكثرة الإنشغال بالطاعات والعبادات .. لا ولكن بالإقبال على الله بكُنه الهمة والتفكر في دائرة هذه الآثار الواسعة.
معرض في هذه السماوات وفى الأرض، في كل الآفاق ومعرض فيك، ولو أنت نظرت للمعرض الذي فيك كما قالوا:
{ تبصرك فيما فيك يكفيك }
فمعرضك هنا يكفيك، ولذلك دائما أقول لإخواني وأكرر النداء، يا إخواني عليكم بأولادكم حبّبُوهم في الله، كيف؟
لا تتكلموا معهم فقط ولكن وفروا لهم واعرضوا عليهم الأفلام العلمية الحديثة والتي فيها ربط بآيات الله عزوجل وبأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه هي التي تزيد اليقين، وهي المراحل التي يسمونها الإعجاز العلمي، وهي التي ستجعل الطفل يُحب الله، وخاصة عندما يرى أن الإعجاز العلمي الذي اكتشفه هم أعداء الله.
وأنهم كيف وقفوا أمام آيات كتاب الله منصدعة نفوسهم منكسرة قلوبهم بعد أن وجدوا أن ما وصلت إليه أحدث الأبحاث العصرية مطابقاً لما قيل في سالف العصر والأوان من الآيات القرآنية، فيعرفوا أن هذا كلام الله، لكنك تقول له: أحب الله .. لماذا؟ لن تعرف كيف تتكلم، فأنت وهو تحتاجان مع بعضكما لإعجاز العلم، وإعجاز العلم والحمد لله على جميع مواقع النت من غير حساب، فهناك موقع الدكتور زغلول النجار، ومواقع الشيخ الشعراوى وغيرها التى لاحد لها ولا عدّ.
مواقع كثيرة جداً تتحدث عما في السماوات وفي الأرض وفي الحيوان وفي النبات وفي المعادن وفي كل الجهات في الإعجاز العلمي، وهذا ما نحتاجه حالياً نحن وأولادنا لكى نحب الله حتى نكون قد طبقنا الحديث الذى يقول: { أَحِبُّوا اللّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللّهِ، وَأحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بحُبِّي }.
ونحتاجها لشيءٍ آخر، قال الله تعالى لسيدنا داود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام: { إنك إن استنقذت هالكا من هلكته سميتك جهبذا }، وفى رواية:
     { يا داود من ردَّ إليَّ هارباً كتبته جهبذاً ومن كتبته جهبذاً لم أعذبه أبداً }.
وجهبذ أى عالم كبير، وهو من يحبِّب الخلق في الله، وما الذي يحِب الخلق في الله؟ هذه النعم، فنحن مازلنا كل أحاديثنا مع بعضنا نتكلم عن اللحية والسواك والجلباب والطاقية والكلام الذى لايفيد، وهذا الكلام جدال يجعل القلوب في أفول، إن لم يكن الإنسان سيغضب من صاحبه الذي يجادله فسيأخذ منه موقفاً على الأقلّ، وبعد ذلك يريد أن يبتعد عنه ولا يريد أن يتكلم معه، مالنا وما لهذه المواضيع؟!!
أقول لإبنى: ماذا قرأت اليوم في الإعجاز العلمي؟ وماذا رأيت أنا اليوم في الإعجاز العلمي؟ ونجلس معاً؟ من لم يستطع أن يجلس إلى النت يقرأ، ومن لم يستطع القراءة يرى، والأفلام موجودة فيشغلها على الفيديو في التليفزيون ... فلا توجد مشكلة ولا معضلة في هذا الأمر.
البرامج في فضائياتنا كلها عاجزة عن هذا الأمر، لكن البرامج والأفلام موجودة ، ستتكلم مع أي إنسان ستستطيع أن تأخذ بيده وخاصة الناس الحيارى في هذا الزمان، والذين يحتاجون إلى أن نأخذهم ونزيد الإيمان عندهم لكى ندخلهم في دائرة مراقبة الله والتواصل مع شرع الله والإقتداء بحبيب الله ومصطفاه.
فنكون قد هذبنا نفوسهم ونحن محتاجون إلى تهذيب من حولنا من الناس لينصلح حالنا في هذا المجتمع، ماهو السبيل يا إخواني؟ هذا هو السبيل! سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدنا أبو ذر رضى الله عنه يقول:
{ تَرَكَنَا رسول اللَّه وَمَا طَائِرٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلا عِنْدَنَا مِنْهُ عِلْمٌ }
فماذا كان علم رسول الله؟ هو هذه الأشياء، فكان يذكر لهم على قدر عقولهم وعلى قدر زمانهم، ونحن قد استجدَّ العصر و تغيَّر الزمان، فنضيف ما استجد اليوم!
فلو بدأت بهذا الطريق فسيشعر الناس بأن هذا الدين دين حق ودين صدق، وكيف سيشعر؟ بأن تأتيه بالآيات القرآنية وتربطها بالأحداث الحياتية العصرية، وبالتكنولوجيا العلمية الراقية، فيزيد يقينه بأن هذا دين حق، لأن هذا الكلام ليس بكلام بشر، ولكنه كلام خالق البشر والقُدَر عزوجل، فتزيد عقيدته ويزيد إيمانه (11المجادلة):
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)
وهذا هو الطريق الذي نريد أن نوصّل أنفسنا به من أجل الناس، ومن أجل أنفسنا ومن أجل أولادنا .. بعد ذلك هو سيحب الله وهو الذى سيبحث .. يريد أن يصلي يقول لك علمني الصلاة، ولا يحتاج أن تقول له تعالى لأعلمك الصلاة، فهو الذى سيطلب، ولكن لو ذهبت لإنسان وقلت له: تعالى لأعلمك الصلاة يقول لك: هل أنا طلبت منك أن تعلمنى؟!.
لكن في البداية ماذا تفعل؟ تُحببه في الله، وتُحببه في دين الله، وتُحببه في كتاب الله، وتُحببه في رسول الله، وهو بعد ذلك هو الذى سيطلب ويقول لك: أريد أن أتعلم كذا، كيف أتوضأ؟ وكيف أصلي؟ وكيف أخشع في الصلاة؟ وهو الذي سيطلب منك هذا الأمر.
هذا هو المطلوب في هذا الأمر، ومعك مفكرة أذكّر بها نفسي وأولادي وأقول له: تعالى يا ولدي ماذا فعلت اليوم؟ يقول لك: فعلت كذا، أقول له: فكيف فعلت هذا؟ ومن الذي حرّك لك يدك؟ ومن الذي نبّه فكرك؟ ومن الذي جعل عينيك تنظر؟ وأكون معه دائماً لأنبهه للقوة الإلهية الربانية التي تُسيّره وتُسير له الأمور، وأنا كذلك، فأنا أحتاج دائماً لأذكّر نفسي بهذا الأمر.
صلينا ووقفنا بين يدى الله، من الذى ذكّرنى ونبّهنى ويسر لنا الماء الذى نتوضأ به؟! وليّن لنا الأعضاء لكى نستخدمها كما نريد؟! وليّن لنا القدمين لنسير بهما إلى بيت رب العالمين؟! وحفظ لنا السمع لنسمع؟! وحفظ لنا اللسان لننطق؟! وذكّرنا بالأذكار لننطقها في الصلاة؟! ولو قطع التيارات الكهربائية الربانية عن أى عضو من هذه الأعضاء فماذا سنصنع؟! وماذا نفعل؟! إنتهى الأمر.
إذاً الإنسان لا بد وأن يُذَكر نفسه دائماً بهذه الأمور وينظر، ولذلك ربنا قال لنا في القرآن:
(قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ( (101يونس)
انظروا إلى ما في السموات والأرض:
(فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا  إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (50الروم)
المطر .. كيف ينزل الماء؟! وكيف يخرج الزرع؟! وكيف ينبت؟!
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ) (42عبس)، (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ )(5الطارق)
يدعونا دائماً إلى النظر، ولكن النظر جاء معه الفكر والإعتبار، ولا يكون معه الفكر والإعتبار إلا إذا طهّر القلب من الأغيار، وإذا نظر بفكرٍ واعتبار بعد طهارة القلب من الأغيار فتفتح عين بصيرته ويرى ما في الكون من أسرار ومن أنوار، فيرى الله نور السموات والأرض، فيقول  كما قال الإمام أبو العزائم رضى الله عنه:
وإن نظرت عيني إلى أى كائنٍ     تغيب المباني والمعاني سواطع
ويقول لمن يعلمهم ويدربهم:
غض عين الحسّ واشهد بالضمير          تشهدن يا صبّ أنوار القدير
لاتجعل نظرك بالعلم فقط فهذه العين لاترى إلا المحسوسات، ولكن عين القلب ترى الأنوار الإلهية ظاهرة في الكائنات .... إذاً فلا بد أن تغض هذه العين عن النظر إلى الأكوان لكى تنفتح عين قلبك التي ترى حضرة نور الرحمن الساري في الأكوان.
هذا يا إخواني طريق المقربين وطريق الأنبياء والمرسلين، وطريق الهداية للمبتدئين، وطريق تقوية الإيمان في نفوس النشأ من الأولاد والبنات والزوجات أجمعين، وهذه هى الطريقة السليمة.
أنا حتى لو جلست مع أولادي ولا أريد أن ينظروا في التليفزيون أو في النت، أحضر كتاباً على قدرهم وأقول له: تعالَ يا بنى واقرأ لنا هذا الموضوع، ماذا فيه؟ وأجلس معه أدربه لكى يتفقه ولكى يعتبر ولكى ينشغل بهذا الفكر.
ما الذى عطَّل الأمة الإسلامية في هذه القرون السالفة كلها؟ ...إنَّه التقليد!!، يقولون: آبائنا فعلوا كذا ... :
(إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ )(22الزخرف)
أبي فعل كذا!! وانأ مثلي مثل أبي !!، وهى تقول: أنا مثلي مثل أمى!!!
وقفت عجلة الحياة في الآفاق الإسلامية عندنا أجمعين، والآخرون شّغلوا الفكر في الدائرة الكونية فتقدموا وسبقونا بسنين طوال لا يستطيع أحدٌ أن يحسبها، يعني إذا كانوا يقولون حالياً أن بين أوروبا وأمريكا ثلاثمائة سنة، فنحن كم بيننا وبين أوروبا؟!! وكم بيننا وبين أمريكا؟!! لماذا؟ لأننا عطلّنا دائرة الفكر، فلم يعد فينا إلهام، ولم يعد فينا إختراعات، ولم يعد فينا إبداعات، ولا يوجد إكتشافات، حتى إن وجد مكتشف في زماننا يجد أدوات التعطيل جاهزة فتعطل هذا العمل النبيل.
أين أيام الإسلام الأولى؟ فلو نظرنا في الفكر الإسلامي في عصور الإزدهاء تجد العرب المسلمين هم سادة الأمم، ففى مجال السلاح، مَن الذي اخترع الدبابة؟ المسلمين، ومن الذي اخترع االأسلحة الحديثة مثل البارود والطلقات النارية؟ المسلمين العثمانيين فهم أول جيش في التاريخ استخدم الأسلحة النارية العصرية، لكننا نحن الذين عطَّلنا الفكر.
وفى ميدان العلم نحن الذين اخترعنا الأقلام ! واخترعنا الحبر ! واخترعنا الورق !! حتى استخدام الصابون والماء فى نظافة الجسم! كلُّ هذا أخذته أوروبا من عندنا.
حتى أصبحت الرسالات الجامعية رسالات نقلية، وأصبح عندنا مكاتب تعمل الرسالات، أنت تريد رسالة في كذا : فهذه ثمنها خمسة عشر ألف جنيها فقط، !!! خذها وذاكرها لتستطيع أن تردّ على المناقشين فقط!!! .. دخلنا في دائرة مغلقة مظلمة !!؟؟؟؟ أوقفت الحضارة وركدّت أمور الحياة في بلادنا الإسلامية !!!؟؟؟ .. لماذا؟ لأننا عطلنا دائرة الفكر.
لو وُجد شخص يفكّر حتى في أمور الفقه في دين الله، والدين صالح في كل زمان ومكان، والقرآن نازل لكل زمان ومكان، فيحاول تفسيره الآن تفسيراً عصرياً فيسألك شخص من أين أتيت به؟ هل من إبن كثير أم من الطبري أم من القرطبي؟!! إن لم يكن في هؤلاء فلا ينفع!! وتفسير القرطبي والطبري من أين جاءوا به؟ هل أتوا به من اللوح المحفوظ؟ أليس بفكر؟! وكانوا على حسب عصرهم، وكل عصر له رجال، وقد قال الله في القرآن: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ )(19القيامة)
نحن الذين نبين على حسب كل عصر فكيف نضع حجر عثرة؟!!... أين؟
في الفكر الإسلامي، ولا نريد أن نطوره على حسب العصر، ولا نريد أيضاً أن نطور الفقه الإسلامي على حسب مستجدات العصر، لأننا مشينا على الفقه الذي ورد عن الأئمة الأربعة، فهذه القضايا العصرية ماذا نصنع فيها؟ والذي استجد فيها في عصرنا حالياً، ماذا نصنع في أطفال الأنابيب؟ فلم يتكلم فيها الإمام مالك ولا الشافعي ولا أبو حنيفة ولا ابن حنبل؟ لا يعرفون هذا الموضوع أصلاً!!.
ماذا نصنع في فوائد البنوك؟ فالأمور العصرية كثيرة، والأمور العصرية الفقه فيها أكثر من جملة الفقه القديم، لأن المستجدات العصرية الحياتية كثيرة جداً، فماذا نحتاج؟ نحتاج إلى إجتهاد، وماذا يعني الإجتهاد؟ يعني فكر! لكنه مبنىٌ على القواعد الشرعية الموجودة في كتاب الله والمؤسسة على سنة رسول الله .. لكن لا بد من إعمال الفكر.
فلا بد من إعمال الفكر، حتى في دروب الحياة نحتاج إلى الفكر، وفي الوصول إلى الله نحتاج إلى الفكر، وفي التمّعُن في أسرار كتاب الله نحتاج إلى دائرة الفكر .. فلابد أن نفتح آفاق الفكر حتى نكون من الذين قال الله تعالى فيهم: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )(191آل عمران).
ولذا ذكر الحديث الشريف : {تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِينَ سَنَةٍ}.
فبمجرّد فكره خير من عبادة عادية لمدة ستين سنة، وللأسف نحن الذين أنزل الله علينا:( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)(20العنكبوت).
فهل فعلنا نحن ذلك؟!
وتقدم العلم لا يأتي إلا من الفكر!
نتقدم علمياً فنفكر كيف نتقدّم؟ .... وما الوسائل التي نتقدّم بها؟ ... ونحن في أيدينا كل العلم وكل الأسلحة التى نزلت علينا في كتاب الله تعالى.
فالعيب فينا كما قال الإمام الشافعى :
نَعِيبُ زمانَنا والعيبُ فـينـا    وما لزماننا عيبٌ سـوانـا
وقد نهجُو الزمانَ بغير جُرْم   ولو نطق الزمانُ بنا هجانا
فدُنْيانا التصنُعُ والـتـرائيً     ونحن به نُخادع من يرانـا
وليس الذئبُ يأكل لحمَ ذئبٍ  ويأكلُ بعضُنا بعضاً عِيانـا

أحاديث رسول الله في الفكر لا تُعد يكفيك قوله صلى الله عليه وسلم: { لا عبادة كالتفكر }
لاتوجد عبادة مثلها إن كانت صلاة أو صيام أو تلاوة قرآن أو ذكر .. أي عبادة نفلية لا تساوى الفكر، كم وقتها يا رسول الله؟ قال: { ساعة فكرٍ خيرٌ من عبادة سنة ليلها قيام ونهارها صيام }. ، ولذا ورد قوله صلى الله عليه وسلم: { بينَمَا رجلٌ مُسْتَلقٍ على فِرَاشهِ فَنَظَر إلى السماءِ والنُجومِ, فَقَال: أشْهدُ أن لَكِ خَالِقاً, اللُهمَّ اغفرْ لي, فَنَظَر اللّهُ إِليه فَغَفر لَهْ } ، والساعة في أحاديث رسول الله يعنى اللحظة، فهذه العبادة تزيد يقينك في الله عزوجل:( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ) (76مريم).
نحن نحتاج إلى عبادة الفكر، وهى عبادة إندثرت ونحن نريد أن نُحييها لكي ندخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مبشراً من يحيون سنته على مرِّ الزمان والسنين:
         { مَنْ أَحْيَا سُنَّتِـي فَقَدْ أَحَبَّنِـي، وَمَنْ أَحَبَّنِـي كانَ مَعِي فـي الـجَنَّةِ }.
ونُوجّه أولادنا عندما مثلاً يريدون أن يتنزَّهوا ! فاليوم نقول لهم: هيا بنا نزور حديقة الحيوان، وهم هناك أقول لهم: انظر إلى هذا وانظر إلى هذا وانظر إلى هذا .. وأريهم عجائب قدرة الله في مخلوقات الله.
ولا مانع؛بل والواجب أيضاً علىَّ أن أتجهَّز أنا نفسى لهذه الزيارة بقراءة بعض المعلومات والطرائف عن الحيوانات! ليكون عندى زادٌ للحديث الشيِّق الممتع والمفيد، فهنا يكون قد استفاد إبنى في الحالتين، رَوَّح عن نفس ابنه، وأضاء فكره، وزاد وربى الإيمان في قلبه، وقوَّى رابطته بأبيه أيضاً.
أيضاً يتنزّه في الزرع وينظر إلى مظهر من مظاهر الطبيعة، يجد فيها مظاهر إبداع الله وقدرة الله وصنع الله الذي أتقن كل شيءٍ.
هذا دائما في دائرة الفكر، نُنمّيها ونُشغّلها وخاصة كما قلت بالإعجاز العلمي في القرآن وفي سنة النبي العدنان، وهذا ما نجعله الزاد الذي نُوّصّله لأولادنا ولبناتنا ولزوجاتنا، ونُوصله للمسلمين أجمعين، ويكون هذا هو الحديث الذي على ألستنا.
أمَّا أحاديث الوضوء وإختلافهم فيها، وأحاديث الصلاة وتنوّع الأراء والإختلافات الفقهية والمشاهد فيها، فهذا لا نحتاج منه إلا إلى القليل الذى تصح به العبادات ويتعلمون به الطهارة الواجبة والمعلومات الشرعية اللازومة لهم فى هذه السن! وكلٌّ بوقته ولكل مرحلة عمرية الزيادة الشرعية اللازمة لأبنائنا لهذه المرحلة.
لكن أنظر لسيدنا رسول الله جعل حلقة الفكر أو كما نقول: البرنامج الذى وضعه لهم في الفكر في الفترة المكّية هو الأساس الذى بنيت عليه العقيدة وتخرج به الرجال .. أما العبادات.فالأمر يسير! ... مثلاً الوضوء: في أى مُدّة علمهم الوضوء؟ في دقائق معدودة، لم يعد كما نرى في المطولات التي نراها الآن والتى لا يحتاجها غير المتخصصون من أهل العلم والتدقيق! أما المسلمون فاسمعوا.. كيف علمهم صلى الله عليه وسلم الوضوء وهو لا تصح الصلاة إلا به وهى عماد الدين! روى إبن عمر:
{ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم مَرَّةً مَرَّةً، وَقَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلاةَ إلا بِهِ، وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ آتَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَقَالَ: هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، وَوُضُوءُ أَبِي إبْرَاهِيمَ }.
ثم أمرهم بالإنصراف ولم يقل لهم تفعل كذا أو كذا ولكن هو علَّمهم عملياً والبيان العملي ماذا استغرق؟ خمس دقائق فقط علَّمهم فيها الوضوء ... لكن الوقت كله استغرقه في أى شيء؟ في الفكر !!! وقد سبقت إشارتنا لذلك!
أكثر من عشر سنوات متصلة في مكة ... ماذا كانوا يفعلون فى دار الأرقم بن أبى الأرقم؟ يتدبَّرون ... كيف يتفكروا وكيف يتذكروا؟ ....
ولذلك سألوا سيدنا أنس بن مالك لما كان في البصرة؛ فقالوا له: لماذا اختلف الناس عندنا الآن عن أصحاب رسول الله؟ قال لهم: تريدون أن تعرفوا السرّ؟ قالوا: نعم  سأقول لكم، ومثله قال عبد الله ابن عمر، وقال سيدنا جُنْدُبٍ  وهذا قوله:
  { كُنَّا غِلْمَاناً حَزَاوِرةً معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَيُعَلِّمُنَا الإيمانَ قبلَ القرآنِ، ثم يُعَلِّمُنا القرآنَ فازْدَدْنَا بهِ إيماناً، وإنَّكُمُ اليومَ تَعَلَّمُوْنَ القرآنَ قبلَ الإيمانِ }.
وهذه هى القضية، يتعلمون الإيمان أولاً، فعندما يقرأون القرآن يزداد الذين آمنوا هدى، ويزدادوا هداية، ويزدادوا رعاية، ويزدادوا مراقبة لله عزوجل ... لكن تريد أن تُحفّظه القرآن فهو يحفظ من أي كتاب، فعندما يتمّعن في معاني القرآن تكون أنت قد شغلت ذهنه بكذا وكذا وتقول له: تعالَ .. النحو فى الآية كذا والبلاغة كذا والصرف كذا .. شتَّـته عن القرآن وعن مُنزّل القرآن عزوجل !!
والقرآن مقصده ربط العبد بربه، وهو مقصد الدين في كل تشريعاته، هي أن يرتبط قلب العبد بربه، وأن يعمل أى عمل فيكون هذا العمل لله ويعمله كما أمر الله!
كيف ؟ بالكيفية التي كان عليها رسول الله، أليس هذا هو مقصد الدين؟ فيكون المقصد الأول هو أن يرتبط قلبه بالله عزوجل، أقول له: لماذا تحفظ القرآن؟ لأنه كلام الله، لكى أعمل بما يُحبه الله ويرضاه فيكون كله في دائرة ربط القلب بالله عزوجل: (وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )(14الكهف)، وانتبهوا لهذه الآية، الربط هنا بينهم وبين من؟ بينهم وبين الله، قال فيهم الله:( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (13الكهف)، لأن قلوبهم ارتبطت بالله عزوجل، وهذا هو بيت القصيد الذى كان يحرص عليها سيدنا رسول الله والصالحون من عباد الله، وهي كيف تربط قلب الولد والبنت بحضرة الله، .. وبعد ذلك لا تخشَ عليه.
لكن أنا حالياً خائف أن الولد يذهب للمكان الفلاني وماذا سيحدث له؟ لأنك لم تربط قلبه بالله، ولكن ربطته بك أنت، وإرتباطه بك بما يحتاجه فقط بالمال ولا يريد منك شيئاً غير ذلك !!!! و لذا أنت عليه خائف من نفسه ومن الناس!!
لكن نريد أن يرتبط قلبه بالله فيعلم بقلبه أن كل ما يحدث له في نفسه أو خارجه إنما هو بإرادة الله، وبحول الله وبتوفيق الله وبمعونة الله وبقدرة الله جل في علاه، فإذا ربطته بهذا الرباط فيكون هذا هو المراد.
وهذه أيضاً في المريد، فمتى يكون مريداً على طريق سديد؟
إذا ارتبط قلبه بمولاه، لكنه يأتي ويسمع ويعود فينسى، ويأتي فيسمع مرة أخرى ويعود فينسى .. قلبه مرتبط بالوظيفة، قلبه مرتبط بالكلية، بالعيال، وتشغل منه البال، ربنا يقول له (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ )(15التغابن)، فلا تجد منه فائدة، فهذا الكلام ليس له .. فماذا تكون الفائدة؟ وماذا سيُقدّم في طريق الله؟ الذي يرتبط قلبه بالله ويرى كل مافيه( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)(53النحل).
وطبعاً حتى أستطيع أن أربط قلوب أبنائى بالله ؛ فأنا نفسى أحتاج إلى إعداد وتجهيز كما قلت سابقاً عند زيارة حدائق الحيوان، وهنا أزيد الأمر وضوحاً فأقول :
لابد أن يكون الوالد أو الوالدة أو القائم على التربية يكون الإنسان هو نفسه مرتبط القلب بالله، حتى يستوعب ما يقوله لسواه لا يكرره لهم بلا روح!
والبداية بغرس اليقين والإيمان ... كما قلنا .. لا بد أولاً أن أجعل أولادي عندما يدركون يعترفون ويُقرّون بأن هناك مُبدع لهذا الكون وله إله واحد لا سواه .. كيف؟
آتي له بلعبة المكعبات؛ مثلاً .. التي يلعب بها وأقول له: ضع المكعبات بطريقة عشوائية بشرط أن تأتى في النهاية لتشكِّل أوتكوِّن قصراً عظيماً!!
هل يستطيع أن يصل إلى ذلك؟ لا .. لكى يصنع قصراً بالمكعبات فلا بد وأن يُدخل فكره وإرادته ويُصمم ويصنع القصر .. والعشوائية لن تنتج له القصر أبداً...
أقول له: أدخل على الكمبيوتر وأكتب كلمات عشوائية وأريد أن تكون هذه الكلمات في النهاية قصيدة شعرية منسَّقة وموزونة وسويَّة، هل يتم ذلك؟ مستحيل.
ارسم على الكمبيوتر بطريقة عفوية بلا تخطيط ولا تصميم ولا تركيز على أن يخرج في النهاية هذا الرسم بشيء مبهر للمشاهدين وللناظرين .. هل يستطيع؟ لا .. فكيف يكون هذا الكون مع إبداع صنعته ومع كمال حكمته ومع إنتظام كل شيء بقدرٍ محدود، وأضرب له الأمثلة:
الشمس تطلع في زمن محدود وتغرب في زمن مؤقت، وليس عندها أجازات عارضة ولا عندها أجازة سنوية، فلو أن الشمس حصلت على إجازة سنوية فماذا يكون حال الأرض؟ سنموت من شدّة البرد، فلا بد وأن تسير بحدٍ محدود وبينها وبين الأرض 93 مليون ميلاً أو 150 مليون كيلومتراً .
فلو اقتربت الشمس من الأرض كيلومترات قليلة خارج مدارها لدمرت الحياة على الأرض من شدة حرارتها، ولو بعدت عن الأرض كيلومترات قليلة فوق خط سيرها لتجمَّد ما على الأرض من شدة البرودة، من الذي أمرها بذلك؟ أين عساكر المرور التي تنظم سير المركبات الفضائية والأوتوبيسات الكوكبية؟!!
هناك أوتوبيسات تسير في الفضاء، ومراكب تسير في الفضاء ويقول الله فيها:( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا  ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) (38يس).
نحن كلنا عندنا هنا مع المرور ومع كل قوانين المرور .. حوادث لاتُعد ولا تُحصى، لكن لو حدثت حادثة واحدة مرورية في الآفاق العلوية لانتهت الدنيا بمن فيها!! .. حادثة واحدة فقط .. فلو اصطدم نجم بنجمٍ، أو نجمٌ بكوكب ماذا يحدث؟ فكيف يسيرون؟ .. (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )(يس:40).
مَن الذي ينظم هذا المرور بحيث لا تحدث حتى حادثة واحدة؟!! حتى خطأ واحد في المليار فقط !! لا يوجد خطأ .. هل هذا صدفة أو عشوائية أم لا بد من مهندس خبير وضع هذا التصوير الكبير الذى يعجز عنه العقل والفكر والإدراك والتصوير؟!!.
أتحاور مع الولد بهذه الكيفية: عندما يأكل أقول له: خذ يا حبيبي هذه البرتقالة! وأخبرنى كيف عن رحلتها من البداية حتى أتت إليك؟ وضعنا البذرة في الأرض، والماء أنزله خالق السماوات والأرض، والذي تولاها بالغذاء ويُنبت النبات من الأرض هو الله عزوجل، ونحن نضع البذرة فقط، فلو مُنع منها الماء فمن أين نأتي لها بالماء؟ ولو مُنع عنها الهواء فمن أين نأتي لها بالهواء؟ مهما كانت قدراتنا التكنولوجية.
ثم بعد ذلك نفصِّص البرتقالة وكل فصّ أقول له : هذا ما يحتاجه الأحياء في فصل الشتاء من فيتامين سي، وجعل الله عزوجل لها غلافاً، فهل هناك أىّ شركة في الكون يابانية كانت أو أمريكية تستطيع أن تصنع غلافاً كهذا الغلاف؟ والشجرة تنتج أكثر من ثمرة، والماء واحد والهواء واحد وكل ثمرة لها شكلها ولها لونها ولها طعمها!.
فهل في الوجود من يستطع أن يصنع خط إنتاج فيه كل سيارة بموديل؟ أو كل تليفزيون بموديل؟ خط الإنتاج ينتج موديلاً واحداً لمدة سنة حتى يغيروه، ولكن هنا كل ثمرة لها موديل ولها طعمها ولها رائحتها .. وأفهمه على هذا المنوال.
وأسترسل معه في الظواهر الطبيعية: إذا نزل المطر أسأله كيف يأتي المطر؟ وغير ذلك .... وينبغي على كل أبّ في هذا الزمان أن يكون مع أولاده في علوم الحياة، فمثلاً في مادة العلوم سواء في الإبتدائي أو في الإعدادي وخاصة قسم الأحياء، لأننا المفترض كبلاد إسلامية أن يُضاف مع المادة العلمية الإعجاز لنلفت نظر أولادنا.
لكننا ندرس هذه العلوم بدون هذا الإعجاز .. أقول له: ماذا درست اليوم يا بني؟ يقول لي: الجهاز الهضمى مثلاً، أقول له: أنت معك جهاز هضمي، وأنا معي جهاز هضمي يعطيني إنذار عندما أكون جائعاً .. كيف؟! وعندما تأكل .. متى يبدأ الهضم؟ بعد الأكل؟ وهل أستطيع التحكم في ذلك؟ وأين الكمبيوتر الذي يتحكم في ذلك؟ فيعطى لكل مادة من الطعام ما يناسبها من مواد الهضم! فيبدأ الهضم ولا يستطيع أن يوقفه الإنسان .. وكيف لا تشعر بهذا المصنع الجبَّار الذى يدور داخلك ولا تسمع له صوتاً ولا تحس منه تعباً! .. من يكون المشرف عليه؟ الرحمن عزوجل.
ثم بعد هضم الطعام ... مما يتناوله الإنسان أرزاً وعدساً ولحماً .. كيف يذهب هذا الطعام ليُغذّي أعضاء الإنسان؟ .. ويتحول ويذهب للعين ما يعينها على قوة النظر، وللأذن ما يعينها على قوة حاسة السمع، وللعقل على مايعينه على صفاء ودقة الفهم، ويذهب لكل عضو من أعضاء الإنسان طعامٌ يلائمه وبالقدر الذى يحتاجه!!!
أين ذلك فيما نأكله الآن؟ ولكنها قدرة الله .. وأدخل له من هذا الباب.
والجهاز التنفسي والجهاز الدوري..... وهذه كلها موجود فيها عجائب صنع الله عزوجل، ماذا درست يا بني اليوم ؟ العين .. تعال لنرى تكنولوجيا العين، كيف ترى وكيف تنظر،؟ وأنت ماذا رأيت العام الماضى في حديقة الحيوان؟ رأيت كذا وكذا .. وهذه الصور كيف أتيت بها؟ وأين مكانها؟ أين توجد وكيف تم إستدعاؤها؟ وجاءت في وقتها ولم تستعص عليك؟ ولم تشغّل ماوس ولا شيئاً آخر؟! كيف ؟!!.
وحتى الظواهر الطبيعية التي تشد الصغار والكبار ويكون لها أثر واسع في وكالات الأنباء كالخسوف والكسوف ويشاهدها العلماء ويحتفون بها ويرصدونها، نستطيع أن نجعل منها مادة خصبة لإظهار الإعجاز النبوي والإسلامي وتحبيب الأبناء في دين الله، وعميق ثقتهم بكتابهم وبنبيهم، وسأضرب لكم مثلا على ذلك، وكيف جعل النبى صلى الله عليه وسلم من حادثة من هذه الحوادث ورشة عملية للإعجاز لم تتضح ملامحها الكاملة إلا بتطور العلم الكبير في عصرنا هذا؟.
فمثلاً وتستطيع أن تأخذ لهم تاريخاً قريباً على ظاهرة الخسوف أو الكسوف التى تتكرر، ففي يوم الثلاثاء الماضى  كان حدثاً عظيماً يثبت إعجاز الإعجاز لسيد الأولين والآخرين، فقد كان الناس في بلاد الصين والهند وغيرها إذا كسفت الشمس يعتقدون بأن تنّيناً عظيماً جاء وأمسك بعين الشمس فيصرخون ويلجأون إلى الطبل ويلقون بالقذائف في السماء حتى ترجع الشمس ويظنون أنهم خلصّوها بفعلتهم هذه.
وبعضهم كان يظن أن كسوف الشمس لموت رجلٍ عظيم أو لحادث عظيم يحدث في الكون واحتار في ذلك المنجمون الذين ورد فيهم الأثر: { كذب المنجِّمون ولو صدقوا  }، وأول من أيقظ الناس والعلماء على حقيقة هذه المعجزة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رزقه الله عزوجل بغلام بعد أن كان ولده كلهم بنات، فسمّاه إبراهيم وعاش إبراهيم فترة ثم مات، وفي اليوم الذي مات فيه دخل عليه النبى صلى الله عليه وسلم وهو يعالج سكرات الموت، وطفرت من عينه الدموع، فقال سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه:
{ وأنتَ يا رسولَ اللّهِ؟ فقال يا ابنَ عَوفٍ إنها رحمةٌ. ثمَّ أتبعها بأُخرى فقال صلى الله عليه وسلم: إن العينَ تَدمعُ، والقلبَ يحزَنُ، ولا نقولُ إلاّ ما يَرضى رَبُّنا، وإنَّا بفِراقِكَ يا إبراهيمُ لَمحزُونون }  ، وخرج فوجد الناس يقولون : لقد كُسفت الشمس لموت إبراهيم، فماذا قال لهم ؟ قال كما ورد فى الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وسلم:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللّهِ. وَإِنَّهُمَا لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئاً مِنْ ذلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ }
هذا الحديث مع قلة كلماته فيه معجزات لا تُحد ولا تُعد نشير إلى بعضها لتعلموا قدر نبيكم الكريم وتُعظموه بالصلاة عليه وحُسن إتباعه في كل وقت وحين .. وأول هذه المعجزات :
 أنه لو كان يطلب دنيا أو شهرة أو صيتاً بين الناس لفرح بذلك وأقرّ ذلك لأنهم يقولون أن الشمس كُسفت لموت إبنه، لكنه لا يريد إلا وجه الله ولا يسعى إلا لرضاه، لا يعمل إلا لنشر دين الله، ولذلك ألغى كل الخرافات بشأن هذه الآية وأثبت حقيقتها فقال أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد من الناس.
المعجزة الثانية :
كان الناس إلى زمانه يعلمون ويعتقدون أن كسوف الشمس من الشمس فقط والقمر لا دخل له فيها، ولم يثبت هذه الحقيقة في علم الفلك أحدٌ إلا بعد رسول الله، فقد قال: ( إنما الشمس والقمر ) ليعلمنا أن الكسوف لا بد فيه من الشمس مع القمر، فإذا كان القمر بين الأرض والشمس حدث الكسوف بأنواعه وأضرابه وأشكاله، وكان هذا إعجاز في علم الفلك سُجّل لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اكتشف العلماء في زماننا أن النظر إلى الشمس ساعة الكسوف يخرج منها أشعة تحت الحمراء تضُرّ شبكية العين، قد تُسبب العمى في الوقت، وقد تُسبب أضراراً للشبكية تضر بالنظر إلى الشمس، فدعاهم إذا رأوا هذه الآية أن ينصرفوا إلى الصلاة وإلى الدعاء، فأمرهم بأن يصلوا صلاة الكسوف، ويدعون الله عزوجل وينشغلون بالدعاء حتى تنجلى الآية فيحفظهم الله عزوجل من النظر إلى الشمس، ومن الآثار التي تحدث لمن ينظر إليها ببركة إعجاز النبي الذي قال فيه الله: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )(4النجم).
ويجب علينا جماعة المسلمين أجمعين أن نتعلمّ صلاة الكسوف وصلاة الخسوف ونؤديها في حينها، ولا تشغلنا أعباء الحياة عن تأديتها، وصلاة الكسوف تؤدى وقت كسوف الشمس إما في جماعة أو فُرادى، وتكون نهاراً سراً، ويؤديها الإنسان إن كان بمفرده أو في جماعة كصلاة النهار، أما صلاة الخسوف للقمر فتكون ليلاً بمفرده أو يصليهما في جماعة، والسنة أن يكرر الصلاة يعني يزيد عن الركعتين حتى ينجلي هذا الأمر ويذهب الخسوف، وهذه سنة الإسلام التي سنّها النبى عليه صلى الله عليه وسلم، وليس ها هنا المجال لتفصيل شرحها وهى يسيرة.
وفي النهاية ولتعليم أبنائي وربطهم بالدين الحنيف بالأساليب الحديثة لا أنسى شيئاً هاماً أنهم ينظرون إلىَّ شئت أم أبيت!
وهذه أحدى المشاكل أو الأخطاء الكبيرة التى نقع فيها ولا ندرى!
لابد أن أدخل معه في هذا المجال، على أن يكون أمري أنا الوالد أو الأم أو المعلم له أولاً نموذجاً للأخلاق القرآنية والصفات المحمدية، حتى يرى فيه الإبن والإبنة المثل الأعلى ويفاخر به ويباهي به .. يفاخر بأن أباه رجلٌ صادقٌ في الكلام لايكذب أبداً حتى في اللهو واللعب، يباهي بأن أباه رجلٌ أمين حتى في الكلام الذي يسمعه من الآخرين، ولا ينقل الحديث من أبيه أو من أخيه إلى غيره.
يباهى بأن أباه رجلٌ رقيق في الحديث، لايخرج منه إلا الكلام الذى لا يؤذي، فلايسب ولا يشتم ولا يلعن بل يتكلم برفق وأدبٍ.
فالطفل يتعلم الحوار في الكلام من؟ من أبيه! ومن أمه! .. لا يستنكف الأب أن يقول لابنه حتى يعلمه : من فضلك أعطنى كذا، لو سمحت إئت لي بكذا .. حتى يتعلم السلوك العملي لأنه ينقل، الإمام الغزالي رضى الله عنه يقول:
{ نظر الطفل معلق بفعل أبويه قبل أذنيه، ينظر إلى مايفعلون قبل أن يستمع إلى ما يقولون }
هل فهمنا؟ نظره معلقٌ ... أى ينقل ويسجِّل ما يأخذه من أبيه وأمه!
فيريد أن يرى أباه صورة مثالية .. في الأخلاق الإيمانية وفي الإستقامة على متابعة خير البرية .... إذا سمع الآذان يترك كل مافى يده ليلبّى نداء الرحمن، فيتعود على ذلك الإبن، وتجد الإبن إذا كان صغيراً واستجاب أبوه لنداء الصلاة وقف بجانب أبيه في الصلاة، وإن لم يدرك فحواها ولا يعلم مايصنع لأنه تربى على المحاكاة، وهى نظرية نفسية، الطفل ماذا يتعلم؟ يحاكي يعني يقلد الآخرين، فأوّل من يحاكيه الطفل الأبوين، إذاً لا بد وأن يكون أمامه صورة مثالية ولا تكون صورة مُنمقة من الظاهر وخادعة من الباطن.
لأن الطفل مع أنه طفل فإن الله عزوجل أعطاه فطانة يكشف بها هذا الخداع .. ومايقع فيه كثير من الآباء والأمهات أنهم يقولون: إنه طفل صغير لا يدرك!!!!، لكن الطفل يعطيه الله مايدرك به الصدق من الخداع، ...  لذلك إذا قالت له أمه مرة إذا فعلت كذا سأعطيك كذا، يقول لها: لا! .. أنت تكذبين علىَّ، يعرف ذلك بإحساس باطني داخلي يهبه له الله عزوجل.
فلا بد أن يكون الأب والأم نموذجاً مثالياً ظاهراً وباطناً، لذلك النبى صلى الله عليه وسلم أوصى الزوجين إذا حدث خلافاً بينهما أن يتفاهما في حجرتهما الخاصة بعد نوم أطفالهما، ولكن لا يجب ولا ينبغي أن يختلفا أمام الأولاد، وأن يرفعا صوتيهما بما لايجب أمام الأولاد، ولا ينطقا بألفاظ لاتليق أمام الأولاد، كيف نجد بعض الآباء ينادى على إبنه : تعالى ـ يا ابن كذا واذهب يا ابن كذا!! لماذا؟!! إنه ابنه، مثل هذا ما الذي سيتعلمه من أبيه ليخرج به إلى المجتمع؟!!.
ومن هذا الذى تسُبه؟ لماذا تسُب نفسك؟! وهل أباح الله لك ذلك؟! إياك أن تقول: أنا حرٌ في نفسي، أنت لست حُراً، أنت مطالب بأن تعمل بشرع الله عزوجل، وحريتك في نطاق ما فرض الله، وقد قال الله لك: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )(83البقرة)، للناس أجمعين حتى للكافرين.
فلا بد أن يكون الأب والأم قدوة طيبة، ثم يأخذا الأولاد في المظاهر الطبيعية ويقفون معهم، طبعاً هذا الأمر يحتاج من الأب أن يُثقف نفسه وأن يزيد علمه في هذه الظواهر الكونية ويربطها بالإعجاز العلمى، وهذا هو الدين:
{ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذلِكَ أَمْ ضَيَّعَهُ ؟ حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ }. .
وحتى لا يقول أحد أنا لم يطلب منى الله أن أرعى أحداً .. قال له الحبيب صلى الله عليه وسلم:
 { كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ }
المدرس يجب يُحضّر درسه حتى ينجح أمام طلابه، والأستاذ الجامعي يجب أن يُحضِّر محاضراته حتى ينال ثقة طلابه، والمدرس المنزلى يجب أن يحضر دروسه حتى ينجح أمام أولاده، إننا إعتقدنا أن الذي يجب أن نُحضّره هو الأموال فقط؛.. لا!... وإنما قال لنا الواحد المتعال: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا  لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا  نَحْنُ نَرْزُقُكَ  وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)(132طه).
إذا كبر الإبن وأصبح يستطيع أن يدخل على النت بنفسه أكلفه: أريد بحثاً عن كذا، أريد بحثاً في كذا، حتى يجوب هذه الآفاق العلمية ويستزيد منها، وأناقشه وأجعل هذا الحوار هو أساس الحوارات بيننا حتى نتأسس على هذه الكيفية.
لكن من العجب أن نرى عندنا الآن من يُدّرس جسم الإنسان ويشرّحه ولا يعتبر، كثيرٌ من الأطباء درسوا التشريح وهى أكبر مادة للعبرة ولا يعتبروا، قال صلى الله عليه وسلم:
{ َإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدٍ خَاوٍ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ } ، فهذه أكبر موعظة لك لترى أعضاء الإنسان والهندسة الربانية في هذه الأجزاء! درست خصائص الأعضاء وفسيولوجيا التشريح قف لها من الناحية الإيمانية وأربطها بالآيات القرآنية تجد العجب العجاب، وهذا المجال موجود وليس أنت أول من يسلكه، لكننا نريد أن نضيف لأولادنا الإهتمام بهذا الباب حتى ننجح في تربية الأولاد بالأسلوب الذي يتماشى مع العصر والتطور العلمي والفكري هذه الأيام!
منقول من كتاب اصلاح الافراد والمجتمعات فى الاسلام
لفضيلة الشيخ المجدد فوزى محمد ابوزيد
حمل الكتاب مجانا
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير