آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 6 أكتوبر 2016

- تفسير""وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ"

عدد المشاهدات:
المآب هو المرجع ، مأخوذ من آب يؤوب ، أى رجع يرجع ، و "حسن المآب" يعنى خيره ، وهو يوم القيامة الذى تكون فيه مشتهيات الأرواح العالية من شهود جمال الله العلي ، وسماع كلامه المقدس ، والأنس بحضرته جل جلاله ، ولذات العقول من شهود أنوار القدرة والحكمة فى حظائر الملكوت الأعلى ، ولذات الجسم من مأكل شهى ومشرب لذيذ وملبس بهى ، وملاذ الحس من منظر الجنة التى تعجز العبارة عن بيانها.

فإن الإنسان الأول كان فى الجنة فكان يغذى جسمه بمناظر الجنة من أزهار وأنهار وجمالات تسكر الأرواح ، ويغذى جسمه بأنواع الملاذ من مأكل ومشرب من ثمار الجنة وطيرها ومائها وفاكهتها ، وكان يغذى عقله بالنظر إلى إبداع البديع جل جلاله ، وكان غذاء نفسه الطيب والحب والأنس بالله تعالى.

فلما أهبط إلى الأرض غذى حسه بالنظر إلى أهوال ما يراه من المناظر البشعة ، وغذى جسمه بقديد الثمار وغيرها وبعد الجهد الجهيد والعناء الفادح ، وغذى عقله بالبحث عما يدفع به عن نفسه شر العاديات من وحوش البر وعناء البحر وخوف حيوانات الأرض ، وفقد غذاء الروح الطاهرة ، وأشهد الله الإنسان الأول نعيم الجنة وأشهده عناء الأرض ليخبر أولاده فيشتاقون إلى الجنة ويعملون لها ، وأخرجه من الجنة بذنب واحد ليذكر أبناءه أن الساكن فى الجنة أخرج منها بذنب فيحذرهم من عمل الذنوب.

وهنا أشير إليك إشارة تعلم أن أهل محبة الله فى الدنيا هم عند ربهم ، وهم فوق التراب وتحت السماء ، لأن محل نظر الله تعالى هو القلب ، فإذا تعلقت همم العبد وعزائمه بربه ، واستحضر حكمة إيجاده وسر إمداده تمثل هذا الجانب العلى بما يقدر عليه من التمثيل بحسب ما وهب الله من القوة المتصورة فإذا كمل يقينه فى هذا المشهد كان وهو يمشى على الأرض عند ربه سبحانه من حيث عناية الله به وإقباله عليه بعواطفه وعوارفه ، ومن كان عند ربه فى الدنيا رفعه الله فى الآخرة فجعله عنده فى مقام الأنس به على بساط منادمته ولما لم يكن هناك ألفاظ خاصة تدل على الله بلفظها ومعناها خاطبنا سبحانه بما نعلم من الألفاظ بحسب مقدارنا العقلى ومنحنا نورا نستبين به روح تلك الألفاظ فنسلمها لله تسليما ، فنقول العندية معلومة والكيف مجهول.

الامام  المجدد محمد ماضى أبو العزائم
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير