آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 12 مارس 2017

- التفسير الاشارى لسورة البقرة من الاية (1 -18)

عدد المشاهدات:

{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)}
{ذّلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ}
قلت: الريب: تحرُّك القلب واضطرابه بالشكوك والأوهام، وتقابله الطمأنينة بالسكون إلى الحق على الدوام.
الهدى: هو الإرشاد والبيان، ومعناه: الدلالة الموصلة إلى الحق. والمتقي: من جعل بينه وبين مقت الله وقاية، وله ثلاث درجات:
* حفظ الجوارح من المخالفات،
* وحفظ القلوب من المساوئ والهفوات،
* وحفظ السرائر من الوقوف مع المحسوسات،
فالأولى لمقام الإسلام، وإليه توجه الخطاب بقوله: {فَاتَقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التّغَابُن: 166]، والثانية لمقام الإيمان، وإليه توجه الخطاب بقوله: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ يَأُوْلِي الأَلْبَابِ} [المَائدة: 100]، والثالثة لمقام الإحسان، وإليه توجه الخطاب بقوله: {اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عِمرَان: 102].
يقول الحقّ جلّ جلاله: {ذَلِكَ الكِتَابُ} الذي لا يقرب ساحتَه شكٍّ ولا ارتياب، هو عين الهداية لأهل التقى من ذوي الألباب،  فلا يزالون يَتَرَقَّوْنَ به في المقامات والأحوال حتى يسمعوه من الكبير المتعال، بلا واسطة تبليغ ولا إرسال، قد انمحت في حقهم الرسوم والأشكال، وهذه غاية الهداية، وتحقيق سابق العناية.
قال جعفر الصادق: (والله لقد تجلّى الله تعالى لخلقه في كلامه ولكن لا يشعرون).
وقال أيضاً- وقد سألوه عن حالة لحقَته في الصلاة حتى خرّ مغشيّاً عليه، فلما سُرِّيَ عنه، قيل له في ذلك فقال: (ما زلت أرددت الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها، فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته).
فدرجات القراءة ثلاث:
أدناها: أن يقرأ العبد كانه يقرأ على الله تعالى واقفاً بين يديه، وهو ناظر له ومستمع منه، فيكون حاله السؤال والتملق والتضرّع والابتهال.
والثانية: أن يشهد بقلبه كأن الله تعالى يخاطبه بألفاظه، ويناجيه بإنعامه وإحسانه، فمقامه الحياء والتعظيم، والإصغاء والفهم.
والثالثة: أن يرى في الكلام المتكلم، فلا ينظر إلى نفسه ولا إلى قراءته، بل يكون فانيّا عن نفسه، غائباً في شهود ربه، لم يبق له عن نفسه إخبار ولا مع غير الله قرار.
فالأولى لأهل الفناء في الأفعال، والثانية لأهل الفناء في الصفات، والثالثة لأهل الفناء في شهود الذات، رضي الله عنهم، وحشرنا على منهاجهم... آمين.

.تفسير الآية رقم (3):
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)}
قلت: هذه الأوصاف تتضمن ثلاثة أعمال، الأول: عمل قلبي وهو الإيمان، والثاني: عمل بدني، وهو الصلاة، والثالث: عمل مالي، وهو الإنفاق في سبيل الله، وهذه الأعمال هي أساس التقوى التي تدور عليها.
أما العمل القلبي: فهو الإيمان أولاً، والمعرفة ثانياً، فما دام العبد محجوباً بشهود نفسه، محصوراً في الأكوان وفي هيكل ذاته فهو مؤمن بالغيب، يؤمن بوجود الحق تعالى، وبما أخبر به من أمور الغيب، يستدل بوجود أثره عليه، فإذا فني عن نفسه وتلطفت دائرة حسه، وخرجت فكرته عن دائرة الأكوان، أفضى إلى الشهود والعيان، فصار الغيب عنده شهادة، والملك ملكوتاً، والمستقبل حالاً، والآتي واقعاً، وقد قلت ذلك:

فَلا تَرْضى بغَيْرِ الله حِبّاً ** وكُنْ أبداً بعِشْقٍ واشْتِيَاقِ


تَرَى الأمْرَ الْمُغَيَّبَ ذا عيَانٍ ** تَحْظَى بالوصُولِ وبالتَّلاَقِي

وفي الحكم: (لو أشرق نور اليقين في قلبك لرأيت الآخرة أقرب من أن ترحل إليها، ولرأيت بهجة الدنيا وكسوة الفناء ظاهرة عليها) وقال في التنوير: ولو انْهَتَكَ حجاب الوهم لوقع العيان على فقد الأعيان، ولأشرق نور الإيقان فغطّى وجود الأكوان. اهـ.
وإنما اقتصر الحق تعالى على الإيمان بالغيب لأنه هو المكلف به؛ إذ هو الذي يطيقه جلّ العباد، بخلاف المعرفة الخاصة فلا يطيقها إلا الخصوص، والله تعالى أعلم.
وأما العمل البدني: فهو إقامة الصلاة، والمراد بإقامتها إتقان شروطها وأركانها وخشوعها، وحفظ السر فيها، قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه: (كل موضع ذكر فيه المصلّون في معرض المدح فإنما جاء لمن أقام الصلاة، إما بلفظ الإقامة، وإما بمعنى يرجع إليها، قال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقيمُونَ الصَّلاَةَ}، وقال تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ} [الإسرَاء: 78]، {وَالْمُقِيمِى الصَّلاَةِ} [الحَجّ: 35]، ولما ذكر المصلّين بالغفلة قال: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: 4، 5] ولم يقل: فويل للمقيمين الصلاة).
وأما العمل المالي فهو الإنفاق في سبيل الله واجباً أو مندوباً، وهو من أفضل القربات، يقول الله- تبارك وتعالى: «يا ابنَ آدم أنفِقْ، أنفقْ عليك»، وفي حديث آخر: «أنفِقْ ولا تخَفْ مِنْ ذي العرشِ إقْلالاً» وقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ فِي الجنَةِ غُرفاً يُرى ظَاهِرُهَا مِنْ باطنها وباطِنَها مِنْ ظَاهِرهَا»، قيل: لِمَنْ هِي يا رسولَ الله؟ قال: «لِمَنْ أطْعَمَ الطعَامَ، وأفْشَى، السلام، وصَلى باللَّيْلِ والناسُ نِيام» وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: «إن الله- عزّ وجلّ- ليُدْخلُ باللقمةِ مِن الخبز والقبضةِ مِن التمْر ومثله ممَّا ينتفع به المسكين ثلاثةً، الجنةَ: رَب البيتِ الآمرَ به، والزوجة تصلحه، والخادمَ الذي يناولهُ المسْكِين» وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: «إنّ الصدقةَ لتسُدُّ سَبعينَ باباً من السّوء»
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: «صنائِع المعْرُوف تقي مَصارعَ السُّوءِ، وصدقةُ السِّر تُطفِئ غَضَبَ الربِّ، وصِلةُ الرَّحِم تزيدُ في العمرِ».
الإشارة: يا من غرق في بحر الذات وتيار الصفات {ذلك الكتاب} الذي تسمع من أنوار ملكوتنا، وأسرار جبروتنا {لا ريب فيه} أنه من عندنا، فلا تسمعه من غيرها، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ} [القيامة: 188]، فهو هاد لشهود ذاتنا، ومرشد للوصول  إلى حضرتنا، لمن اتقى شهود غيرِنا، وغرق في بحر وحدتنا، الذي يؤمن بغيب غيبنا، وأسرار جبروتنا، التي لا تحيط بها العلوم، ولا تسمو إلى نهايتها الأفكار والفهوم، الذي جمع بين مشاهدة الربوبية، والقيام بوظائف العبودية، إظهاراً لسر الحكمة بعد التحقق بشهود القدرة، فهو على صلاته دائم، وقلبه في غيب الملكوت هائم، ينفق مما رزقه الله من أسرار العلوم ومخازن الفهوم، فهو دائماً ينفق من سعة علمه وأنوار فيضه، فلا جرم أنه على بينة من ربه.
ولمَّا ذكر الحق تعالى من آمن من العرب، ذكر من آمن من أهل الكتاب.
{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}
قوله: {بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ}.
يقول الحقّ جل جلاله: {وَالَّذينَ} يصدقون {بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ} يا محمد من الأخبار الغيبية والأحكام الشرعية، والأسرار الربانية والعلوم اللدنية {ومَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} من الكتب السماوية، والأخبار القدسية، وهم {يُوقِنُونَ} بالبعث والحساب والرجوع إلينا والمآب، على نعتٍ ما أخبرتُ به في كتابي وأخبار أنبيائي، {أُولَئِكَ} راكبون على مَتْنِ الهداية، مُسْتَعْلون على محمل العناية، محفوفون بجيش النصر والرعاية، {وَأُولَئِكَ هُم} الظافرون بكل مطلوب، الناجون من كل مخوف ومرهوب، دون  من عداهم ممن سبق له الخذلان، فلم يكن له إيمان ولا إيقان، فلا هداية له ولا نجاح، ولا نجاة له ولا فلاح، نسأل الله العصمة بمنّه وكرمه.
الإشارة: قلت: كأن الآية الأولى في الواصلين، والثانية في السائرين، لأن الأولين وصفهم بالإنفاق من سعة علومهم، وهؤلاء وصفهم بالتصديق في قلوبهم، فإن داموا على السير كانوا مفلحين فائزين بما فاز به الأولون. فأهل الآية الأولى من أهل الشهود والعيان، وأهل الثانية من أهل التصديق والإيمان. أهل الأولى ذاقوا طعم الخصوصية، فقاموا بشهود الربوبية وآداب العبودية، وأهل الثانية صدقوا بنزول الخصوصية ودوامها، واستنشقوا شيئاً من روائح أسرارها وعلومها، فهم يوقنون بوجود الحقيقة، عالمون برسوم الطريقة، فلا جرم أنهم على الجادة وطريق الهداية، وهم مفلحون بالوصول إلى عين العناية. دون الفرقة الثالثة التي هي الإنكار موسومة، ومن نيل العناية محرومة، التي أشار إليها الحق تعالى.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}.
يقول الحقّ جلّ جلاله: يا محمد {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} بما أنزل إليك جهراً، وسبقت لهم مني الشقاوة سرّاً، لا ينفع فيهم الوعظ والإنذار، ولا البشارة والتذكار، فإنذارك وعدمه في حقهم سواء، لما سبق لهم مني الطرد والشقاء، فالتذكير في حقهم عناء، والغيبة عن أحوالهم راحة وهناء، لأني ختمتُ على قلوبهم بطابع الكفران، فلا يهتدون إلى إسلام ولا إيمان، ومنعت أسماعهم أن تصغي إلى الوعظ والتذكير، فلا ينجع فيهم تخويف ولا تحذير، وغشيت أبصارهم بظلمة الحجاب فلا يبصرون الحق والصواب، قد أعددتُهم لعذابي ونقمتي، وطردتهم عن ساحة رحمتي ونعمتي.
وإنما أمرتك بإنذارهم لإقامة الحجة عليهم، وإني وإن حكمت عليهم أنهم من أهل مخالفتي وعنادي؛ فإني لا أظلم أحداً من خلقي وعبادي، {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعَام: 149]. فما ظلمتُهم؛ لأني بعثتُ الرسلَ مبشرين ومنذرين، ولكن ظلموا أنفسهم فكانوا هم الظالمين، فحكمتي اقتضيت الإنذار، وقدرتي اقتضت القهر والإجبار، فالواجب عليك أيها العبد أن تكون لك عينان: عين تنظر لحكمتي وشريعتي فتتأدب، وعينٌ تنظر لقدرتي وحقيقتي فتُسلم، وتكون بي الأمن والرّهْب، فلا تأمَنْ مَكْرِي وإن أمَّنتُك، ولا تيأس من حلمي وإن أبعدتك، فعلمي لا يحيط به محيط، إلا من هو بكل شيء محيط.
الإشارة: إن الذين أنكروا وجود الخصوصية، جحدوا أهل مشاهدة الربوبية من أهل التربية النبوية، لا ينفع فيهم الوعظ والتذكير، بما سبق لهم في علم الملك القدير، فسواء عليهم أأنذرتهم وبال القطيعة والحجاب، أم لم تنذرهم؛ لعدم فتح الباب، قد ختم الله على قلوبهم بالعوائد والشهوات، أو حلاوة الزهد والطاعات، أو تحرير المسائل والمشكلات، وعلى سمع قلوبهم بالخواطر والغفلات، وجعل على أبصارهم غشاوة الحجاب، فلا يبصرون إلا المحسوسات، غائبون عن أسرار المعاني وأنوار التجليات، بخلاف قلوب العارفين، فإنها ترى من أسرار المعاني ما لا يُرى للناظرين، وفي ذلك يقول الشاعر:
قلوبُ العَارفِينَ لَهَا عُيُونٌ ** تَرى ما لا يُرى للناظرينا
وألسنةٌ بأسْرارٍ تُنَاجِي ** تغيبُ عَنَ الكِرَام الكَاتِبِينَا
وأجنحةٌ تَطِيرُ بغير ريشٍ ** إلى ملكُوتٍ ربِّ العَالَمِينَا
فسبحان من حجب العالمين بصلاحهم عن مصلحهم، وحجب العلماء بعلمهم عن معلومهم، واختصّ قوماً بنفوذ عزائمهم إلى مشاهدة ذات محبوبهم، فهم في رياض ملكوته يتنزهون، وفي بحار جبروته يسبحون، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصَّافات: 61].
ولما ذكر الحق- جلّ جلاله- من أعلن بالإنكار، ذكر من أسَرَّ بالجحود وأظهر الإقرار.
.تفسير الآيات (8- 10):
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)}

 ومن الناس ناس يقولون كذا، والمخادعة: إظهار خلاف ما يخفي من  المكروه، وأصل الخدع: الإخفاء، ومنه المخدع للبيت الذي يخبأ فيه المتاع. وقيل: الفساد لأن المنافقين يفسدون إيمانهم بما يُخْفُون، وجملة {وما يشعرون} حالية، أي: غير شاعرين، والشعور: التفطن، وفعله من باب كَرُمَ ونَصَرَ. وليت شعري: أي: ليت فطنتي تدرك هذا، وجملة {في قلوبهم مرض} تعليلية للمخادعة، والمرض: الضعف والفتور، وهو هنا مرض القلوب بالشك والنفاق. والعياذ بالله.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {وَمِنَ النَّاسِ} مَن هم مغموص عليهم بالنفاق كبعض اليهود والمنافقين، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، يقولون: {آمَنَّا بِاللَّهِ وبِاليَومِ الآخِر} وما هُم في عداد المؤمنين، {يُخَادِعُونَ} بزعمهم {اللَّهَ وّالَّذينَ آمَنُوا} بما يظهرون من الإيمان، {وَمَا يَخْدَعُونَ} في الحقيقة {إلاَّ أَنفُسَهُمْ}؛ لأن وبال خداعهم راجع إليهم، {وَمَا يَشْعُرُونَ} أن خداعهم وبال عليهم، وإنما حصلت لهم هذه المخادعة لأن {في قُلُوبِهِم} مرضاً من الشك والحسد، فقلوبهم مذبذبة، وأنفسهم مغمومة، {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} على مرضهم بما ينزل عليهم من الآيات التي تفضحهم، {وَلَهُمْ} في الآخرة- إذا قدموا على الله- {عَذَابٌ} موجع بسبب تكذيبهم رسول الله أو كذبهم على الله. هذا مُضَمَّنُ الآية.
افتتح الحق- جلّ جلاله- بذكر الذين أخلصوا دينهم لله وواطأت فيه قلوبهم ألسنتهم، ثم ثنى بالكافرين الذين محضوا الكفر ظاهراً وباطناً، ثم ثلث بالمنافقين الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وهم أخبث الكفرة؛ لأنهم خلطوا بالكفر استهزاء وخداعاً، ولذلك كانوا في الدرك الأسفل من النار.
الإشارة: ومن الناس مَن يترامى بالدعوى على الخصوصية، ويدعي تحقيق مشاهدة الربوبية، وهو في الدرك الأسفل من العمومية، يظهر خلوص الإيمان وتحقيق العرفان، وهو في أودية الشكوك والخواطر حيران، وفي فيافي القطيعة والفَرْقِ ظمآن، لسانه منطلق بالدعوى، وقلبه خارب من الهدي، يخادع الله بالرضا عن عيوبه ومساوئه، ويخادع المسلمين بتزيين ظاهره، وباطنه معمور بحظوظه ومهاويه، يتزيى بِزِيِّ العارفين ويتعامل معاملة الجاهلين، ويصدق عليه قول القائل:

أمَّا الخِيَامُ فَإنَّها كخِيَامهمْ ** وأَرَى نِسَاءَ الحيِّ غَيْرَ نِسَائِهَا

وما يخادع في الحقيقة إلا نفسه، حيث حرمها الوصول، وتركها في أودية الأكوان تجول، قلبه بمرض الفرق والقطعية سقيم، وهو يظن أنه في عداد مَن يأتي الله بقلب سليم، فزاده الله مرضاً على مرضه حيث رضي بسقمه وعيبه، وله عذاب الحرص والتعب في ضيق الحجاب والنصب بسبب كذبه على الله، وإنكاره على أولياء الله، فجزاؤه البعد والخذلان، وسوء العاقبة والحرمان، عائذاً بالله من المكر والطغيان.

 .تفسير الآيات (11- 12):
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)}
يقول الحقّ جلّ جلاله: {وَإذَا قيل} لهؤلاء المنافقين: {لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ} بالمعاصي والتعويق عن الإيمان، وإغراء أهل  الكفر والطغيان على أهل الإسلام والإيمان، وتهييج الحروب والفتن، وإظهار الهرج والمرج والمحن، وإفشاء أسرار المسلمين إلى أعدائهم الكافرين، فإن ذلك يؤدي إلى فساد النظام، وقطع مواد الإنعام، {قَالُوا} في جوابهم الفاسد: {إنما نحن مصلحون} في ذلك، فلا تصح مخاطبتنا بذلك، فإن من شأننا الإصلاح والإرشاد، وحالنا خالص من شوائب الفساد، قال تعالى: {ألا إنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ} هنالك، ولكن لا شعور لهم بذلك.
قلت: فردّ الله ما ادعوه من الانتظام في سلك المصلحين بأقبح رد وأبلغه، من وجوه الاستئناف الذي في الجملة، والاستفتاح بالتنبيه، والتأكيد بإن وضمير الفعل، وتعريف الخبر، والتعبير بنفي الشعور، إذ لو شعروا أدنى شعور لتحققوا أنهم مفسدون.
وهذه الآية عامة لكل مَن اشتغل بما لا يعنيه، وعوق عن طريق الخصوص، ففيه شعبة من النفاق، وفي صحيح البخاري: «ثَلاثٌ من كُنَّ فِيهِ كان مُنَافِقاً خالِصاً: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإذا أوْتُمِنَ خانَ».
الإشارة: وإذ قيل لمن يشتغل بالتعويق عن طريق الله والإنكار على أولياء الله: أقصر من هذا الإفساد، وارجع عن هذا الغي والعناد، فقد ظهرت معالم الإرشاد لأهل المحبة والوداد. قال: إنما أنا مصلح ناصح، وفي أحوالي كلها صالح، يقول له الحق جلّ جلاله: بل أفسدت قلوب عبادي، ورددتهم عن طريق محبتي وودادي، وعوقتهم عن دخول حضرتي، وحرمتهم شهود ذاتي وصفاتي، سددت بابي في وجه أحبابي، آيستهم من وجود التربية، وتحكمت على القدرة الأزلية، ولكنك لا تشعر بما أنت فيه من البلية.
ولقد صدق من سبقت له العناية، وأُتحف بالرعاية والهداية، حيث يقول:
فَهَذِهِ طريقَةُ الإشْرَاقِ ** كَانَتْ وتَبْقَى ما الوُجُودُ بَاقِ
وقال أيضاً:
وأَنْكَرُوهُ مَلاٌ عَوَامٌ ** لَمْ يَفْهَمُوا مَقْصُودَهُ فَهَامُوا
فَتُبْ أيها المذكر قبل الفوات، واطلب من يأخذ بيدك قبل الممات، لئلا تلقى الله بقلب سقيم، فتكون في الحضيض الأسفل من عذابه الأليم، فسبب العذاب وجود الحجاب، وإتمام النعيم النظر لوجهه الكريم، منحنا الله منه الحظ الأوفى في الدنيا والآخرة. آمين.

 .تفسير الآية رقم (13):
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13)}
 {وَإذَا قِيلَ} لهؤلاء المنافقين من المشركين واليهود: اتركوا ما أنتم عليه من الكفر والجحود، وراقبوا الملك المعبود، وطهروا قلوبكم من الكفر والنفاق، وأقصروا مما أنتم فيه من العباد والشقاق و{آمنوا} إيماناً خالصاً مثل إيمان المسلمين، لتكونوا معهم في أعلى عليين، «مَنْ أحَبَّ قَوْماً حُشرِ مَعهم». «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»، {قَالُوا} مترجمين عما في قلوبهم من الكفر والنفاق: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفُهَاءُ} الذين لا عقل لهم، إذ جُلهم فقراء ومَوَالي.
قال الحق تعالى في الرد عليهم وتقبيح رأيهم: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} لا غيرهم، حيث تركوا ما هو السبب في الفوز العظيم بالنعيم المقيم، وارتكبوا ما استوجبوا به الخلود في الدرك الأسفل من الجحيم {وَلَكَن لاَّ يَعْلَمُونَ}، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشُّعَراء: 227]، عبَّر الحق في هذه الآية ب {لا يعلمون} وفي الأولى ب {لاَ يَشْعُرُونَ} [الأعرَاف: 955]؛  لأن الفساد في الأرض يدرك بأدنى شعور، بخلاف الإيمان والتمييز بين الحق والباطل؛ فيحتاج إلى زيادة تفكر واكتساب علم. والله تعالى أعلم.
الإشارة: وإذا قيل لأهل الإنكار على أهل الخصوصية، القاصدين مشاهدة عظمة الربوبية، قد تجرّدوا عن لباس العز والاشتهار، ولبسوا أطمار الذل والافتقار، آمنوا بطريق هؤلاء المخصوصين، وادخلوا معهم كي تكونوا من المقربين. قالوا: {أنؤمن كما آمن السفهاء} ونترك ما نحن عليه من العز والكبرياء، قال الله تعالى في تسفيه رأيهم وتقبيح شأنهم: {ألا إنهم هم السفهاء}؛ حيث تعززوا بعز يفنى، وتركوا العز الذي لا يفنى، قال الشاعر:

تَذَلَّلْ لِمَنْ تَهْوَى لِتَكْسِبَ عِزَّةً ** فَكَمْ عِزَّةً قَدْ نَالَهَا المَرْءُ بِالذُّلِّ

إذَا كانَ مَنْ تَهْوَى عَزِيزاً ولم تكُنْ ** ذَلِيلاً لَهُ فَاقْرَ السَّلامَ عَلَى الوَصْلِ

فلو علموا ما في طيّ الذل من العز، وما في طي الفقر من الغنى، لجالدوا عليه بالسيوف، ولكن لا يعلمون.

 .تفسير الآيات (14- 16):
{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)}
يقول الحقّ جلّ جلاله: في وصف المنافقين تقريراً لنفاقهم: إنهم كانوا {إذَا لَقُوا} الصحابة أظهروا الإيمان، وإذا رجعوا {إلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي: كبرائهم المتمردين في الكفر والطغيان، {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} لم نخرج عن ديننا {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} بهم،  ومستسخرون بشأنهم، نزلت في عبد الله بن أُبَيّ- رأس المنافقين- كان إذا لقي سعداً قال: نعم الدين دين محمد، وإذا خلا برؤساء قومه من أهل الكفر، شدوا أيديكم على دين آبائكم.
وخرج ذات يوم مع أصحابه فاستقبلهم نفر من الصحابة- رضوان الله عليهم- فقال عبدُ الله لأصحابه: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، فأخذ بيد أبي بكر رضي الله عنه فقال: مرحباً بالصدِّيق سيد بني تيم، وشيخ الإسلام، وثاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخذ بيد عمر، فقال: مرحباً بسيد بني عدي بن كعب، الفاروق، القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخذ بيد عَلِيّ؛ فقال: مرحباً بابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخِتِنِه، سيد بني هاشم، ما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليّ رضي الله عنه: يا عبد الله، اتق الله ولا تنافق، فإن المنافقين شرُّ خليقة الله، فقال عبد الله: مهلاً يا أبا الحسن، أنى تقول هذا؟ والله إن إيماننا كإيمانكم، وتصديقنا كتصديقكم، فنزلت الآية.
ثم ردّ الله تعالى عليهم فقال: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} أي: يفعل بهم فعل المستهزئ؛ بأن يفتح لهم باباً إلى الجنة وهم في النار،  ويطلع المؤمنين عليهم، فيقول لهم: ادخلوا الجنة، فإذا جاءوا يستبقون إليها وطمعوا في الدخول، سُدَّتْ عليهم ورجعوا إلى النار، {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطفّفِين: 34] الآية.
{وَيَمُدُّهُمْ} أي: يمهلهم {فِي} كفرهم، و{طُغْيَانِهِمْ} يتحيرون إلى يوم يبعثون؛ لأنهم {اشْتَرُوا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} أي: استبدلوا  بها رأس مالهم، فضلاً عن الربح، إذ الإيمان رأس المال، وأعمال الطاعات ربح، فإذا ذهب الرأس فلا ربح؛ ولذلك قال تعالى: {فَمَا رَبِحَت تِجَارَتُهُمْ}، بل خسرت صفقتهم، {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} إلى أسباب الربح أبداً، لاستبدالهم الهدى- التي هي رأس المال- بالضلالة- التي هي سبب الخسران. وبالله التوفيق.
وها هنا استعارات وبلاغات يطول سردها، إذ مرادنا تربية اليقين بكلام رب العالمين.
الإشارة: الناس في طريق الخصوص على أربعة أقسام:
قسم: سبقت لهم من الله العناية، وهبت عليهم ريح الهداية: فصدقوا ودخلوا فيها، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله، فَتَجِرُوا فيه وربحوا، فعوّضهم الله تعالى جنة المعارف، يتبوؤون منها حيث شاءوا، فإذا قدموا عليه أدخلهم جنة الزخارف، يسرحون فيها حيث شاءوا، وأتحفهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم.
وقسم: سبقت لهم من الله الهداية، وحفتهم الرعاية، فصدقوا وأقروا، ولكنهم ضعفوا عن الدخول، ولم تتعلق همتهم بالوصول، فبقوا في ضعفاء المسلمين {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ...} [التّوبَة: 91].
وقسم: أنكروا وأظهروا وجحدوا وكفروا، فتجروا وخسروا، «مَنْ عَادَى لي وَلِياً فقَد آذنْتُهُ بالْحَربِ».
وقسم رابع: هم مذبذبون بين ذلك إذا لقوا أهل الخصوصية قالوا: آمنا وصدقنا فأنتم على الجادة، وإذا رجعوا إلى أهل التمرد من المنكرين- طعنوا وجحدوا، وقالوا: إنما كنا بهم مستهزئين، {الله يستهزئ بهم} بما يظهر لهم من صور الكرامات  والاستدراجات، ويمدهم في تعاطي العوائد والشهوات، وطلب العلو والرئاسات، متحيرين في مهامه الخواطر والغفلات،{أولئك الذي اشتروا الضلالة} عن طريق الخصوص من أهل الوصول، {بالهدى} الذي كان بيدهم، لو حصل لهم  التصديق والدخول، فما ربحوا في تجارتهم، وما كانوا مهتدين إلى بلوغ المأمول. قال بعض العارفين: (التصديق بطريقتنا ولاية، والدخول فيها عناية، والانتقاد عليها جناية). وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.

 .تفسير الآيات (17- 18):
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)}

يقول الحقّ جلّ جلاله: مثل هؤلاء المنافقين من اليهود {كَمَثَلِ} رجل في ظلمة، تائه في الطريق، فاستوقد ناراً ليبصر طريق، فاستوقد ناراً ليبصر طريق القصد {فَلَمَّا} اشتغلت و{أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} فأبصر الطريق، وظهرت له معالم التحقيق،  أطفأ الله تلك النار وأذهب نورها، ولم يبق إلا جمرها وحرّها. كذلك اليهود كانوا في ظلمة الكفر والمعاصي ينتظرون ظهور نور النبيّ صلى الله عليه وسلم ويطلبونه، فلما قدم عليهم، وأشرقت أنواره بين أيديهم كفروا به، فأذهب الله عنهم نوره،{وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} الكفر والشك والنفاق، {لاَّ يُبْصِرُونَ} ولا يهتدون، {صُمٌّ} عن سماع الحق، {بُكْمٌ} عن النطق به{عُمْي} عن رؤية نوره، {فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ} عن غيّهم، ولا يقصرون عن ضلالتهم.
الإشارة: مَثَلُ مَنْ كان في ظلمات الحجاب قد أحاطت به الشكوك والارتياب، وهو يطلب من يأخذ بيده ويهديه إلى طريق رشده، فلما ظهرت أنوار العارفين، وأحدقت به أسرار المقربين، حتى أشرقت من نورهم أقطارُ البلاد، وحَيِيَ بهم جلّ العباد، أنكرهم وبعد منهم، فتصامم عن سماع وعظهم، وتباكَمَ عن تصديقهم، وعَمِيَ عن شهود خصوصيتهم، فلا رجوع له عن حظوظه وهواه، ولا انزجار له عن العكوف على متابعة دنياه، مثله كمن كان في ظلمات الليل ضالاً عن الطريق، فاستوقد ناراً لتظهر له الطريق، فلما اشتعلت وأضاءت ما حوله أذهب الله نورها، وبقي جمرها وحرّها، وهذه سنة ماضية: لا ينتفع بالولي إلا مَن كان بعيداً منه. وفي الحديث: «أزْهَدُ النَّاسِ في العَالِم جيرانُه»، وقد مَثَّلُوا الولي بالنهر الجاري كلما بَعُدَ جَرْيُه عَمَّ الانتفاعُ به، ومثَّلوه أيضاً بالنخلة لا تُظِلُّ إلا عن بُعْد. والله تعالى أعلم.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير