آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 30 مارس 2017

- مدلول كلمة مدد فى الاسلام

عدد المشاهدات:
 أخى الكريم : كلمة مدد تأتي بمعنى المساعدة والمعاونة وهي مستحبة في كل أنواع البر بجميع الطرق التي أجازها الشرع الحنيف، فاستعانة الناس بعضهم ببعض في الأمور لا مفر منها ولا غنى عنها والإنسان مأمور بها، ولاسيما في أمور البر والتقوى، فقد قال الله تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾، فالتعاون  بين الخلائق هو المدد، أي المساعدة ونصرة بعضهم لبعض، فلو طلب الإنسان من بني جنسه الإمداد فليس بمعنى أنه يطلب منه كما يطلب من ربه، ولكن بالمدد والقدرة التي أمده الله بها.
ولتوضيح المراد من كلمة [مدد] قيل: "لا بد للمؤمن في جميع أحواله أن تكون له نظرتان:
 •  نظرة توحيدية لله تعالى، بأنه وحده مسبب الأسباب، والفاعل المطلق في هذا الكون، المنفرد بالإيجاد والإمداد، ولا يجوز للعبد أن يشرك معه أحدا من خلقه، مهما علا قدره، أو سمت رتبته، من نبي أو ولي.

• ونظرة للأسباب التي أثبتها الله تعالى بحكمته، حيث جعل لكل شيء سببا".]
وقد جعل الله تعالى في هذه الدنيا لخلقه ما جعل للملائكة الكرام عليهم السلام من وظائف وأعمال ظاهرية وباطنية، وزوّدهم بإمدادات وقدرات نورانية، فقد أكرم الله أنبياءه ورسله وأولياءه بشيء من الأسرار التي تجعلهم قائمين بها على نصرة دين الله، ويمدون بها من شاؤوا بإذن ربهم ورضاه؛ لإقامة دين الله جلّ جلاله.
فالمؤمن يتخذ الأسباب ولكنه لا يعتمد عليها، ولا يعتقد بتأثيرها الاستقلالي، فإذا نظر العبد إلى السبب واعتقد بتأثيره المستقل عن الله تعالى فقد أشرك، لأنه جعل الإله الواحد آلهة متعددة، وإذا نظر للمسبب وأهمل اتخاذ الأسباب فقد خالف سنة الله الذي جعل لكل شيء سببا. والكمال هو النظر بالعينين معا، ولتوضيح هذه الفكرة نسوق بعض الأمثلة:
إن الله تعالى وحده هو خالق البشر، ومع ذلك فقد جعل لخلقهم سببا عاديا، وهو التقاء الزوجين، وتكوُّن الجنين في رحم الأم، وخروجه منه في أحسن تقويم، وكذلك فإن الله تعالى هو وحده المميت، ولكنه جعل للإماتة سببا هو ملك الموت، فإذا لاحظنا المسبب قلنا: ﴿الله يتوفى الأنفس﴾. وإذا قلنا: إن فلانا قد توفاه  ملك الموت، لا نكون قد أشركنا مع الله إلها آخر، لأننا لاحظنا السبب، كما بيّنه الله تعالى في قوله: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكّل بكم﴾.[]
كذلك بالنسبة للاستعانة، فإذا نظرنا للمسبب قلنا: "إذا استعنت فاستعن بالله"، الحديث وإذا نظرنا إلى السبب قلنا: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾."والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه". فإذا  قال المؤمن لأخيه: أعِنِّي على حمل هذا المتاع، لا يكون مشركا مع الله تعالى أحدا، أو مستعينا بغير الله، لأن المؤمن ينظر بعينيه، فيرى المسبب والسبب، وكل من يتهمه بالشرك فهو ضال مضل.
ومبدأ البركة أو المدد معروف في الفكر الإسلامي، قال عنه أبو حامد الغزالي: "أنه إذا حق دخول النار على طوائف من المؤمنين فإن الله تعالى بفضله يقبل فيهم شفاعة الأنبياء والصديقين، بل شفاعة العلماء والصالحين، وكل من له عند الله تعالى جاه وحسن معاملة، فإن له شفاعة في أهله وقرابته وأصدقائه ومعارفه، فكن حريصا على أن تكتسب لنفسك عندهم رتبة الشفاعة".[18]
وذكر محمد زكي إبراهيم أن طلب الدعاء والشفاعة من الحي أو روح الميت طلب عبودية لله، وهو مباح في مبادئ الإسلام، وطلب المدد من الحي معناه دعاؤه، وإرشاده، وروحانيته، وتوجهه، وبركة صلاحه، وتقواه، وسره مع الله، وطلب المدد من الميت طلب من روحه الحي بخصائصه في برزخه السامع المدرك الذي له ما يشاء عند ربه".]
فمعنى المدد هنا هو طلب التوسل إلى الله والاستشفاع به إليه عز وجل في قضاء الحوائج ودفع الجوائح، والتماس بركة مقامه عند الله تعالى، والاستمداد من مدد الله وسره. ﴿وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا﴾.]
والتوسل ليس معناه التوسل بالذات المشخصة من اللحم والدم والعظم والعصب، وإنما هو التوجه إلى الله تعالى بالمعنى الطيب في الإنسان، والمعنى الطيب ملازم للروح سواء تعلقت بالجسم في الحياة أو تخلصت منه بالموت واستقرت في برزخها على مقامها هناك...]
 وقال تعالى حاكيا عن جبريل عليه السلام: ﴿قال إنما أنا رسول ربك لِأَهَبَ لَكِ غلاما زكيّا﴾. هنا أسند جبريل عليه السلام الوهب لنفسه مع أن الوهاب الحقيقي هو الله تعالى...
        وقال تعالى أيضا: ﴿ إِن تتوبا إِلَى الله فقد صغت قلوبكما وإن تَظَاهَرَا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير﴾. وقد جاء في تفسير هذه الآية الكريمة أن الله تعالى وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة كلهم أعوان للرسول صلى الله عليه وسلم على من آذاه وأراد مساءته]
وهو نص صريح في جواز الاستعانة بجبريل أو الملائكة أو صالح المؤمنين من الأولياء والصالحين، وما يؤكد هذا ويثبته أيضا، ما روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما-  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله".7]
وقد ثبت أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أريد مرافقتك في الجنة، فقال عليه الصلاة والسلام: "أعِنّي على نفسك بكثرة السجود". أي العبادة.
فهذه كلها أدلة تؤكد مشروعية طلب المدد من الله تعالى عن طريق عباده الصالحين وأوليائه المتقين، وكل ذلك متوقف على حسب نية الإنسان واعتقاده...
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير