آخر الأخبار
موضوعات

الثلاثاء، 28 مارس 2017

- لذة النفوس الطاهرة

عدد المشاهدات:
لذة النفوس الطاهرة
تكون بإتباع أولياء الله تعالى، واعتقاد عقيدة الخواص من عباده الصالحين، ومذهب الربانيين الذين أسلموا لربهم ولم يشركوا معه غيره لا سرا ولا علنا، وهم الذين صفت قلوبهم عن درن الشهوات الجسمانية، وطهرت أخلاقهم من العادات الرديئة، فاضمحلت عن ضمائرهم الآراء الفاسدة، وصانوا جوارحهم عن الأعمال السيئة، وألسنتهم عن الفحشاء والمنكر، وأخلصوا سرائرهم مع الله ولم يعترضوا عليه فى شىء من تدبير خلقه سراً وعلانية، فأصلح الله قلوبهم وزكى نفسهم وطهر أخلاقهم، فهم لا يضمرون لأحد من خلق الله تعالى سوءاً، ولا يرون لهم على أحد فضلاً، صالحوا الخلق سرا وجهرا لما وصفهم الله بقوله: () سورة الفرقان آية 63 فهم يمشون على الأرض بأجسادهم، ونفوسهم متعلقة بالمحل الأعلى، ذلك أنهم لما عرفوه تركوا كل شىء سواه، واشتغلوا به وبذكره () سورة البقرة آية 195 () سورة التوبة آية 91 وسئل النبى صلى الله عليه وسلم ما الإحسان؟ فقال: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) كيف لا يراه أولياء الله؟! ولا يشاهده أصفياؤه؟! وهم معتقدون متحققون بقوله: () سورة المجادلة آية 7، وبقوله: () سورة ق آية 16، وقوله تعالى: () سورة الطور آية 48، وقوله تعالى: () سورة طه آية 46، وقوله تعالى: () سورة الحديد آية 4.
هذا وليس من لذة النفوس ولا سرور الأرواح ولا فرح القلوب ألذ وأروَح من روح الأنوار، وبرد اليقين فى قلوب أولياء الله تعالى، بما وعدهم يوم يلقونه من نعيم الجنان، وما يرضونه من نيل الثواب وجزيل العطاء فى الآخرة، وما يجدون فى نفوسهم من شدة الشوق إلى رؤيته لشدة محبتهم إياه وكثرة ذكرهم إحسانه، كما قيل: جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، قال تعالى: () سورة البقرة 165 وقد وبخ الله من يحب غيره وذمهم بقوله تعالى: () سورة البقرة 165.
ثم اعلم أنه هذه اللذة التى وصفناها أن قلوب أولياء الله تسارع نحوها فى دار رضوانه الأكبر، ومقر رحمته ونعيمه المقيم، انكشفت لقلوبهم فى تلك الدار الدنيا بعين اليقين، كما تكشفت لهم الدنيا عن حقيقة زوالها ودناءتها، فاشتد شوقهم إلى ما أعده الله لهم وأخبرهم به سبحانه رغبة فى نوال رضاه الأكبر، والفوز بسعادة التنعم بجمال وجهه العظيم.
تولوا ربهم بالقيام بأوامره، والإقبال بالإخلاص على ذاته، فتولاهم الله تعالى بحقيقة الولاية حتى صار سبحانه وليا لهم وهم أولياء له، فلم تشغلهم الدنيا عن الآخرة، لأن الله سبحانه رغبهم فيها، ولا الآخرة عن الله تعالى، لأن الله وليهم، فهم المنظورون بأعين الله تعالى، المشاهدون لجمال وجهه سبحانه () سورة الأنبياء آية 103 أعانهم الله فصفت نفوسهم، وواجههم بوجهه الجميل فأشرقت عليهم أنوار القرب وعلامات الحب، فهم صفوة الله من عباده () المطففين آية 26. أسأل الله تعالى أن يجعلنى وإخوانى وأهلى ممن صافاهم واصطفاهم إنه مجيب الدعاء.
بهجة الروحِ بالجمالِ العلىِّّ لا بملك يفنى وحظ دنىّ
وابتهاجُ الحيوانِ أكلٌ وشربٌ ونكاحٌ وذاك قصدُ القصىّ
وابتهاجُ الشيطانِ حسدٌ وكبرٌ بفسادٍ وفرقةٍ وبِغَى
وابتهاجُ النفوسِ بعد زكاها رغبة الفوزِ بالمقامِ الهنىِّ
فى رياض الجناتِ فى رغد العيش بمرأى هذا الجمالِ الجلى
بين تلك النفوس بونٌ بعيدٌ فى خفاءٍ عن مدركِ الألمعى
هى نفس إن طهرت وتزكت تتهنى بحظوةٍ بالولى
وهى إبليسُ إن أبَتْ وتعالت وتعامت عم سِرِّها الآدمى
وهى حيوان بل أضلُّ سبيلا إن تَسَلَّتْ عن حسنِها بالدنىّ
الامام محمد ماضى ابو العزائم 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير