آخر الأخبار
موضوعات

السبت، 25 مارس 2017

- العارف بالله

عدد المشاهدات:
العارف
العلوم الإلهية أسرار غامضة، تدرك لقوى خاصة بالإنسان، تلك القوى التى هى نور العقل الكامل، الذى لم يقهره عامل الأخلاق الإنسانية، ولا باعث الطبع الحيوانى، ولا داعى الحظ الإبليسى، بل تجرد عن لوازم الانفعالات الحيوانية، وداعيات المنافسات العمرانية، وإن اشتغل لضروريات الحياة، فإنها لابد منها من وجوهها الفاضلة، بل المراد عدم الاشتغال بالكمالات التى تميل النفس إلى الانفراد بها دون غيرها من بين نوعها، الناتجة عن حب الذات، والأمل فى البقاء.
فإذا تخلى الإنسان عن تلك المقدمات المنتجة للمفاسد الخلقية، وتحقق أنه عضو لمجموع الوجود الحى، متمم له، وأنه به يحيى حياة طيبه، فخدم الكل لصالح نفسه، متحققا بأن الكل هو عينة، وذاق لذة أنه نافع نفعا عاما، أنس بكل شىء، واستأنس به أنساً يدفعه إلى التنعم بمزاياه وخواصه، وتجردت نفسه من دواعى المضار، وبواعث الفساد، فتزكى وتتطهر من نية السوء، وقصد المضار، وانشرح صدره بكل بنى نوعه، وبذلك يحفظ من الشر منهم، ويحفظون من شره، فيستريح قلبه ويشتغل بما يقربه إلى ربه، لأن أعضاءه مطهرة من النجس، وفكره صاف من شواغل الخلق، فيميل بكليته إلى الله تعالى مخلصا صادقا، حتى يمنحه الله تعالى واردات الإحسان.
وهذا يترقى إلى مقام القرب، ويذوق حلاوة الحب، فتنكشف له غوامض العلوم، التى لا يلمسها إلا مطلوب، وتلوح عليه أنوار الربوبية فيعلم الحق، وينكشف له الحق، وعندها يتحقق بأنه عارف بالحق، ويترقى إلى مراتب المعرفة، حتى ينتهى إلى مقام العجز عن إدراك الحقيقة.
فالعارف من عرف الحق كشفا وعلما، وعجز عن الحقيقة كشفا وعلما، وهى الرتبة التى بعدها يعد العارف عبدا كاملا لله تعالى، متحققا بمقام العبودية، والله ولى المؤمنين:
العارفون لهم ظهرت حقيقتُهم فجملتهم بعلم الحق خشيتُهم
بعلمهم نفسهم علموا مقامَ علا فأوقفتهم على الآداب رهبتُهم
عرفوا نفوسَهمُ ذلا ومسكنةً وقد حباهم فدامت فيه رغبتُهم
عكفوا عليه بإخلاص فواجههم بالوجهِ فانبلجت من ذاك نشوتهم
سكروا فطابوا به أنِسُوا فأنزلهم منازلَ القرب فاتضحت محبتهم
فروا اليه به والوجه مقصدهم والعلو والسفل لا تحويه فكرتهم
الله معبودهُم وهو المراد لهم وقد رأت نورهَ علناً بصيرتهم
وجنةُ الخلدِ لو ظهرت بطلعتها لفارقت حُسْنَها بالزهد همتهم
لا كفؤ لله يحجبهم فيبعدم أحد تنزه تعلمه سريرتهم
هو الولِىُّّ تولاهم فحصنهم عن العوالمِ قد رُفعت مكانتهم
العرشُ والفرشُ والكرسىُّّ خلفهم وجنةُ الخلدِ والفردوس حيطتهم
لا يخطرُ الملكُ والملكوتُ فى نَفَس على قلوبهم والخوفُ شيمتهم
حصنُ الجلالِ وسرُّ الكبرياء بدا فحُصِّنُوا فيه واتضحت هدايتهم
قد قربوا لجناب القدسِ منزلةً رُفعت بها بين أهلِ القربِ نسبتهم
فى غيبِ غيبٍ عن الأكوان قد رفعوا عن الشئونِ وقد وافتك حالتهم
الذلُّ عزهم والجهلُ علمُهم وخشيةُ الله بهجتُهم ولذتهم
رضوا عن الله فى الدنيا فجملهم منهم بحق يقين فيه نعمتهم
أنسوا بما استوحش الجهالُ منه وقد صحت بدايتُهم طابت نهايتهم
لم تستفزهم الدنيا وبهجتُها والوجهُ مشهدهم والكونُ آياتهم
تدرعوا باليقين الحق واتشحوا بالصدق حتى به دامت معيتهم
ما حيطةُ الملكِ والملكوتِ عندهم إلا منازل سفرآن أوبتهم
ومرجعُ الكلِّ لله العلىِّّ على حق اليقين وقد وضحت طريقتهم
لم يلتفت أحدٌ منهم لعاجلهٍ والكل لله قد خلصت سريرتهم
شربوا من الراحِ راحِ الذكرِ خمرتَهم وهدىُ طه على التحقيق سيرتهم
يارب صلِّ على طه وعترتِه وآلهِ الغرِّ من رفعت مكانتُهم
الامام محمد ماضى ابوالعزائم


الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير