آخر الأخبار
موضوعات

الاثنين، 13 مارس 2017

- توحيد خلق الله تعالى على ثلاثة درجات

عدد المشاهدات:
واعلم أن توحيد خلق الله تعالى على ثلاثة درجات:
الأولى: توحيد العامة: وهو الذي يعصِمُ النفس والمال، وينجو به من الخلود في النار، وهو نَفْيُ الشركاء والأنداد، والصاحبةِ والأولاد، والأشباه والأضداد.
الثانية: توحيد الخاصة، وهو أنْ يَرى الأفعال كلها صادرة من الله وحده، ويشاهد ذلك بطريق الكشف لا بطريق الاستدلال، فإنَّ ذلك حاصل لكل مؤمن، وإنما مَقامُ الخاصة يقينٌ في القلب بعلم ضروري لا يحتاج إلى دليل، وثمرة هذا العلم الانقطاعُ إلى الله، والتوكل عليه وحده، فلا يرجوا الله، ولا يخاف أحداً سواه، إذ ليس يَرى فاعلاً إلا الله، فيَطْرَحُ الأسباب، وينبذ الأرباب.
الدرجة الثالثة: ألا يرى في الوجود إلا الله، ولا يشهد معه سواه، فيغيبَ عن النظر إلى الأكوان في شهود المُكَوَّن، وهذا مقام الفناء، فإن رُدّ إلى شهود الأثر بالله سُمي مقام البقاء. اهـ. قال بعضَه ابنُ جُزَيّ باختصار.
قلت: وفي التحقيق أنهما أنهما مقامان؛ مقام أهل الدليل والبرهان، وهو المذكور في الآية، لأنه هو الذي يطيقه جميع العباد، ومقام أهل الشهود والعيان، وهو خاص بالأفراد الذين بذلوا مهجهم في طلب الله، باعوا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله، فعوّضهم الله في الدنيا جنة المعارف، وزادهم في الآخرة جنة الزخارف.
(أهل الدليل والبرهان عمومٌ عند أهل الشهود والعيان)؛ لأن أهل الشهود والعيان قدسوا الحقّ تعالى عن أن يحتاج إلى دليل، فكيف يعرف بالمعارف من به عرفت المعارف؟ كيف يستدل عليه بما هو في وجوده مفتقر إليه؟ أيكون لغيره من الظهور ما ليس له؟- متى غاب حتى يحتاج إلى دليل عليه؟ ومتى بَعُد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه؟- ولله در القائل:
لقد ظهرتَ فما تَخْفَى على أحدٍ ** إلا على أَكْمَهِ لا يُبْصِرُ القمرَا

لَكِنْ بَطَنْتَ بما أَظْهَرْتَ مُحْتَجِبا ** وكيفَ يُبْصَرُ مَن بالعزةِ استترَا
وقال آخر:
ما لِلحِجَابِ مَكَانٌ في وجُودِكُمُ ** إِلا بِسِرِّ حُروفِ انظُرْ إلى الجَبَلِ

أنتُم دلَلْتُمُ عليكُم مِنكُمُ ولكُمْ ** دَيمُومَةٌ عبَّرتْ عَنْ غاَمِضِ الأزلِ

عَرَّفْتُم بكُم هذا الخبيرَ بِكُم ** أنتُمْ هُمُ يا حياةَ القلْبِ يا أمَلِي

ولما كانت المحبة تزيد وتنقص باعتبار شهود الوحدانية، فكلما قَويَ التوحيدُ في القلب قويت المحبة؛ لانحصارها في واحد، ذكرها بأثر التوحيد.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير