عدد المشاهدات:
حكمة الشريعة
حكمة أحكام الشريعة، والمراد للشارع سبحانه من كلامه خفىّ جداً بعيد الغور، لا ينكشف لك فى أول وهلة إلا بفضل عظيم من الله تعالى، أو إحسان سابق لك من استعداد للنظر والفكر والفطنة والفطرة على الذكاء، وتهذيب نفسك وتزكيتها، هذا فيما يتعلق بالعقائد والعبادات، فأما فى الأحكام الشرعية فإن أحكام الشريعة لا يدرك حكمها الإنسان من أول وهلة إلا بعد البحث، وعلم المراد من النفع العام لجميع العباد، ومساواة الأفراد فى الخيرات، وإن ظهر للإنسان أن الأحكام على غير ذلك فى أول نظرة، ولكنه بعد الرياضة يعلم حق العلم أن أحكام الشرع هى القسطاس المستقيم، وما عداها باطل وإن ظهر حسنه فى أول نظرة.
مثال لذلك: ضرب العلماء الربانيون مثلاً، فقالوا: إنه كان رجلان اصطحبا فى طريق على سفر، فلما انتهيا إلى شاطئ نهر قعدا للغذاء فأخرج كل واحد زاده، فكان مع أحدهما رغيفان ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فكسراها فى موضع واحد ليأكلاها، إذ مر بهما مجتاز، فدعواه إلى طعامهما فأجاب وجلس وأكل معهما، فلما فرغوا قاما ورمى بين يديهما خمسة دراهم، وقال: اقسموها بينكما بالسوية، ومضى هو لسبيله، فقال صاحب الرغيفين لصاحبه: لك النصف ولى النصف الباقى، لأنه قال بالسوية، وقال صاحب الثلاثة الأرغفة: بل العدل أن يكون لى ثلاثة دراهم ولك درهمان، لأنه قال بالسوية بحسب الرغيفان، فتنازعا وتخاصما وتحاكما إلى قاض من حكام الشريعة، فحكم بينهما أن لصاحب الرغيفين درهم واحد، ولصاحب الثلاثة أربعة، وكان هذا الحكم هو الحق وغاية الصواب، فتفكر يا أخى فيه، فإن فهمت معناه، وتوجه لك الصواب، فأنت فقيه فى أحكام الشريعة، وإن ذهب عليك فيه وجه الصواب وغاية الحقيقة، فاذهب إلى حاكم الشريعة ليعرفك وجه الصواب، وحقيقة المعنى.
هذا وبعض من لم يتفضل الله عليهم بنور المعرفة من بعض العقلاء الذين يطالعون فى كتب الفلاسفة والمعقولات، إذا فكروا بعقولهم فى أحكام الشريعة وقاسوها بآرائهم وتمييزهم وفهمهم يؤديهم اجتهادهم وقياساتهم إلى أن يروا ويعتقدوا فى كثير من أحكام الناموس، أن العدل والحق والصواب فى مخالفة كل ذلك، لقصور فهمهم وقلة تمييزهم وعجز معرفتهم عن كنه أسرار أحكام الشريعة.
مثال ذلك: أنهم إذا تفكروا فى حكم المواريث أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فيرون أن الصواب كان أن يكون للأنثى حظ الذكرين، لأن النساء ضعفاء قلائل الحيلة فى اكتساب المال.
ولا يدرون ولا يبصرون أن هذا الحكم الذى حكمت به الشريعة، سيئول الأمر به إلى ما أشاروا إليه وأرادوه، وذلك أن الشريعة لما حكمت للذكر مثل حظ الأنثيين حكمت أيضا أن المهر فى التزويج والنفقة على الرجال للنساء، فهذا الحكم يؤول الأمر به إلى أن يحصل للأنثى فى المال مثل حظ الذكرين وأكثر، والأمثلة ظاهرة.
يثبت من ذلك أن أحكام الشريعة ليست جزئية لنفع البعض فقط، بل هى كلية لنفع العام، والمساواة الحقيقية والصلاح للكل فى العاجل والآجل، والخير فى الدنيا والآخرة جميعا بالنظر فى العواقب، والله أسأل أن يمنحنا الفقه فى قلوبنا، ويكاشفنا بمراده سبحانه وتعالى فى أحكامه، ويوفقنا لحسن اتباع سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم.
حكمة أحكام الشريعة، والمراد للشارع سبحانه من كلامه خفىّ جداً بعيد الغور، لا ينكشف لك فى أول وهلة إلا بفضل عظيم من الله تعالى، أو إحسان سابق لك من استعداد للنظر والفكر والفطنة والفطرة على الذكاء، وتهذيب نفسك وتزكيتها، هذا فيما يتعلق بالعقائد والعبادات، فأما فى الأحكام الشرعية فإن أحكام الشريعة لا يدرك حكمها الإنسان من أول وهلة إلا بعد البحث، وعلم المراد من النفع العام لجميع العباد، ومساواة الأفراد فى الخيرات، وإن ظهر للإنسان أن الأحكام على غير ذلك فى أول نظرة، ولكنه بعد الرياضة يعلم حق العلم أن أحكام الشرع هى القسطاس المستقيم، وما عداها باطل وإن ظهر حسنه فى أول نظرة.
مثال لذلك: ضرب العلماء الربانيون مثلاً، فقالوا: إنه كان رجلان اصطحبا فى طريق على سفر، فلما انتهيا إلى شاطئ نهر قعدا للغذاء فأخرج كل واحد زاده، فكان مع أحدهما رغيفان ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فكسراها فى موضع واحد ليأكلاها، إذ مر بهما مجتاز، فدعواه إلى طعامهما فأجاب وجلس وأكل معهما، فلما فرغوا قاما ورمى بين يديهما خمسة دراهم، وقال: اقسموها بينكما بالسوية، ومضى هو لسبيله، فقال صاحب الرغيفين لصاحبه: لك النصف ولى النصف الباقى، لأنه قال بالسوية، وقال صاحب الثلاثة الأرغفة: بل العدل أن يكون لى ثلاثة دراهم ولك درهمان، لأنه قال بالسوية بحسب الرغيفان، فتنازعا وتخاصما وتحاكما إلى قاض من حكام الشريعة، فحكم بينهما أن لصاحب الرغيفين درهم واحد، ولصاحب الثلاثة أربعة، وكان هذا الحكم هو الحق وغاية الصواب، فتفكر يا أخى فيه، فإن فهمت معناه، وتوجه لك الصواب، فأنت فقيه فى أحكام الشريعة، وإن ذهب عليك فيه وجه الصواب وغاية الحقيقة، فاذهب إلى حاكم الشريعة ليعرفك وجه الصواب، وحقيقة المعنى.
هذا وبعض من لم يتفضل الله عليهم بنور المعرفة من بعض العقلاء الذين يطالعون فى كتب الفلاسفة والمعقولات، إذا فكروا بعقولهم فى أحكام الشريعة وقاسوها بآرائهم وتمييزهم وفهمهم يؤديهم اجتهادهم وقياساتهم إلى أن يروا ويعتقدوا فى كثير من أحكام الناموس، أن العدل والحق والصواب فى مخالفة كل ذلك، لقصور فهمهم وقلة تمييزهم وعجز معرفتهم عن كنه أسرار أحكام الشريعة.
مثال ذلك: أنهم إذا تفكروا فى حكم المواريث أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فيرون أن الصواب كان أن يكون للأنثى حظ الذكرين، لأن النساء ضعفاء قلائل الحيلة فى اكتساب المال.
ولا يدرون ولا يبصرون أن هذا الحكم الذى حكمت به الشريعة، سيئول الأمر به إلى ما أشاروا إليه وأرادوه، وذلك أن الشريعة لما حكمت للذكر مثل حظ الأنثيين حكمت أيضا أن المهر فى التزويج والنفقة على الرجال للنساء، فهذا الحكم يؤول الأمر به إلى أن يحصل للأنثى فى المال مثل حظ الذكرين وأكثر، والأمثلة ظاهرة.
يثبت من ذلك أن أحكام الشريعة ليست جزئية لنفع البعض فقط، بل هى كلية لنفع العام، والمساواة الحقيقية والصلاح للكل فى العاجل والآجل، والخير فى الدنيا والآخرة جميعا بالنظر فى العواقب، والله أسأل أن يمنحنا الفقه فى قلوبنا، ويكاشفنا بمراده سبحانه وتعالى فى أحكامه، ويوفقنا لحسن اتباع سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم.
الامام محمد ماضى ابو العزائم