عدد المشاهدات:
إنما يعشق من عرف
الإنسان يشهد بحسه ما به نفعه وتلذذه ودفع ألمه ونوال خيره، فتراه يألف ويشتاق إلى تلك الأشياء التى يحس بخيره فيها أو منها أو بها، وهذا الشعور ضرورى ليس فى الإنسان فقط، بل فى كل كائن – حتى فى الحيوانات والنباتات – فإنك ترى أغصان الشجر تميل إلى الجهات الموجودة فيها الشمس، وتمتد جذوره إلى الجهات الخصبة من الأرض، الممزوجة بالماء، ويترك الأماكن الصلبة، أو التى ليست خصبة، وقد تكون شجرة فى حجرة فيها نافذة، فتمتد أغصانها حتى تخرج من النافذة، ما ذاك إلا للشعور بالنافع. إذ كان ذلك فى النفس النباتية والحيوانية، فهى فى الإنسان أعظم ميلاً، وأكثر شعوراً.
ولما كان الإنسان صورة الرحمن المجملة بالنفس الملكية، وقد يرقى إلى أن يمنح النفس القدسية، كان له جمال خاص به، وخير يناله بتلك النفس الملكية أو القدسية. وهذا الجمال ليس كالجمال الكونى– الذى هو خير للجسم– بل هو خير خاص بالنفس، ولذة حقيقية للروح، تحن اليه وتشتاقه، إذا لم تشغلها الحواس والحظوظ والأهواء فى ظلماتها الكثيفة، التى تحجب الروح عن حقيقة ملاذها.
فإذا زكت النفس، وتطهرت أدواتها الجسمانية من شغلها، أنست بالجمال المنطوى فى الكائنات، وتشوقت إلى حضرة الملكوت، حتى تشاهدها، فإذا شهدت جمال الملكوت حنت اليه، وجذبت الجسم معها إلى نوال الفوز بالوصول إلى هذا النعيم المقيم، والسعادة الأبدية فى دار الفردوس، ومقعد صدق عند مليك مقتدر.
ولديها تلوح أنوار الأسماء ومعانى الصفات، وتشرق شمس التجلى مشرقة على أفق القلب، بنور علىٍّّ وسرِّ جلىِّّ. ويتوجه القلب إلى العزة بوله شديد، حتى تضمحل ظلال الأوهام، ويعجز الخيال عن التمثيل، ويشتد الوله حتى يتأله المراد إلى حضرة الجبروت، فينكسر قلبه من أجل العظيم، المتكبر الكبير الجبار، فينال فضل القرب والحب، ويكون الله تعالى عند العبد الكامل المنكسر قلبه من أجله، بعد أن كان العبد عند ربه، وهو مقام محبوب، ومواهب الله لمطلوب.
ثم تتجلى أنوار مجلى الذات، لا على صور وهيئات، ولا على آيات وصفات، ولكنه نور على نور، والعين تنجلى بلا أين، وتشهد بلا بين، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الامام محمد ماضى ابو العزائم
الإنسان يشهد بحسه ما به نفعه وتلذذه ودفع ألمه ونوال خيره، فتراه يألف ويشتاق إلى تلك الأشياء التى يحس بخيره فيها أو منها أو بها، وهذا الشعور ضرورى ليس فى الإنسان فقط، بل فى كل كائن – حتى فى الحيوانات والنباتات – فإنك ترى أغصان الشجر تميل إلى الجهات الموجودة فيها الشمس، وتمتد جذوره إلى الجهات الخصبة من الأرض، الممزوجة بالماء، ويترك الأماكن الصلبة، أو التى ليست خصبة، وقد تكون شجرة فى حجرة فيها نافذة، فتمتد أغصانها حتى تخرج من النافذة، ما ذاك إلا للشعور بالنافع. إذ كان ذلك فى النفس النباتية والحيوانية، فهى فى الإنسان أعظم ميلاً، وأكثر شعوراً.
ولما كان الإنسان صورة الرحمن المجملة بالنفس الملكية، وقد يرقى إلى أن يمنح النفس القدسية، كان له جمال خاص به، وخير يناله بتلك النفس الملكية أو القدسية. وهذا الجمال ليس كالجمال الكونى– الذى هو خير للجسم– بل هو خير خاص بالنفس، ولذة حقيقية للروح، تحن اليه وتشتاقه، إذا لم تشغلها الحواس والحظوظ والأهواء فى ظلماتها الكثيفة، التى تحجب الروح عن حقيقة ملاذها.
فإذا زكت النفس، وتطهرت أدواتها الجسمانية من شغلها، أنست بالجمال المنطوى فى الكائنات، وتشوقت إلى حضرة الملكوت، حتى تشاهدها، فإذا شهدت جمال الملكوت حنت اليه، وجذبت الجسم معها إلى نوال الفوز بالوصول إلى هذا النعيم المقيم، والسعادة الأبدية فى دار الفردوس، ومقعد صدق عند مليك مقتدر.
ولديها تلوح أنوار الأسماء ومعانى الصفات، وتشرق شمس التجلى مشرقة على أفق القلب، بنور علىٍّّ وسرِّ جلىِّّ. ويتوجه القلب إلى العزة بوله شديد، حتى تضمحل ظلال الأوهام، ويعجز الخيال عن التمثيل، ويشتد الوله حتى يتأله المراد إلى حضرة الجبروت، فينكسر قلبه من أجل العظيم، المتكبر الكبير الجبار، فينال فضل القرب والحب، ويكون الله تعالى عند العبد الكامل المنكسر قلبه من أجله، بعد أن كان العبد عند ربه، وهو مقام محبوب، ومواهب الله لمطلوب.
ثم تتجلى أنوار مجلى الذات، لا على صور وهيئات، ولا على آيات وصفات، ولكنه نور على نور، والعين تنجلى بلا أين، وتشهد بلا بين، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الامام محمد ماضى ابو العزائم