عدد المشاهدات:
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد لله الذي افتتح
حبيبه ومصطفاه صلى الله
عليه وسلم، بالصلاة عليه وتكريمه والثناء
عليه بما هو أهله، ليعرفنا بعض مقاماته ومكانته لديه، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾، فقد أكد الله هذا
الإخبار بكلمة ﴿إِنَّ﴾، التي تفيد توكيد الخبر الذي جاء بعدها في نفس السامع.
والصلاة عليه من الله عزَّ وجلَّ بهذا الاسم الأعظم ﴿اللَّهَ﴾ الجامع لجميع الكمالات والجمالات والجلالات، والمشتمل على سائر الأسماء
والصفات الإلهية، والعلم الدال على حضرة الذات الأحدية، تلفت نظرنا إلى علو قدره صلى الله عليه وسلم، علوًا لا يماثله ولا يقاربه فيه
أحد. والصلاة على رسول الله من الملائكة دعاء وتضرع إلى الله عزَّ وجلَّ أن يتفضل بالصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، وعبادة منهم لله عزَّ وجلَّ وقيام بحقه صلى الله
عليه وسلم، عليهم، إذ أنه رحمة الله بهم، ونعمة الله الكبرى عليهم.
وقوله جلَّ شأنه ﴿يُصَلُّونَ﴾، تفيد أن الصلاة من الله من أزل الأزل، وأنها قائمة إلى أبد الأبد، لأن صلاة
الله عليه متعلقة بذاته سبحانه
وتعالى وذات الله لا أول لها ولا نهاية لها. وأما الملائكة
فإنهم بجميع صفوفهم ووظائفهم ومقاماتهم، يصلون على رسول الله من يوم أن خلقهم الله
إلى ما شاء الله، والصلاة على رسول الله تتجدد منهم في كل لحظة من حياتهم الملكية،
بغير توقف ولا تقصير ولا انقطاع، وجمع الله الملائكة معه في الصلاة عليه صلى الله
عليه وسلم، لنعرف أن عالم الروح مشاهِدٌ لقدره صلى الله عليه وسلم، في الملأ الأعلى من لحظة إيجادهم،
وأن صلاتهم لا مقطوعة ولا ممنوعة. فلذلك جمعت صلاتهم مع صلاة الله، التي تتوالى
عليه في كل طرفة عين وأقل.
ومعنى قول الله ﴿عَلَى
النَّبِيِّ﴾،ولم يقل على الرسول، لأن الرسول ابتدأ بنزول الوحي عليه، وببعثته إلى
الناس، لكن حضرة النبوة فهي عند الله من الأزل. قال صلى الله عليه وسلم، للسائل الذي سأله، متى كنت نبيًا يا رسول الله؟
قال:{وآدم بين الروح
والجسد}.[1]
يعنى كنت نبيًا وليس هناك روح ولا جسد.
والنبي هو الذي ينبأ
من الله بالأخبار التي أراد الله أن ينبئه بها خاصة لذاته، ثم تفضل الله سبحانه
على المؤمنين، فأراد أن ينظمهم في عقد الشرف الأعظم، والمجد الأكبر، وهو عقد الله
وملائكته في الصلاة على النبي، فقال عزَّ من قائل: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، [56،الأحزاب]. نداء من القريب سبحانه
وتعالى لأهل القرب منه جلَّ جلاله، وهم المؤمنون
الذين يسمعون نداء الله ويستجيبون فرحين مستبشرين بتخصيصهم بالنداء منه سبحانه وتعالى دون غيرهم من بني الإنسان، معتقدين عناية الله بهم، وولايته لهم، ومن هنا
كانت مسارعتهم لله ورسوله، وتلبيتهم نداء الله ومنافستهم في طاعته. وقد عبر الإمام
أبو العزائم رضي الله
عنه، عن حالة المؤمن
الكامل عند نداء الله أصدق تعبير بقوله:(لبيك اللهم
ربنا وسعديك لبيك لبيك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم).
وصلاة المؤمنين على
رسول الله صلى الله
عليه وسلم، مثل صلاة الملائكة، فهي تضرع إلى
الله بالدعاء أن يصلى ويسلم على حبيبه بما هو أهله، فإن أحدًا لا يستطيع أن يصلى
عليه غير الله عزَّ وجلَّ،وإنما قول المؤمن اللهم صلى وسلم
وبارك على سيدنا محمد، فهو دعاء وطلب من الله أن يصلى عليه. وهذا القول من المؤمن
عبادة لله عزَّ وجلَّ، وامتثال لأمره، وقيام بحق رسول الله عليه، ومسارعة في مرضاة الله ورسوله.
ولقد سأل الصحابة النبي
وقالوا: يا رسول الله عَرَفْنَا كيف نسلم عليك، فكيف نصلى عليك؟ فقال: {قولوا اللهم صلى على محمد
وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد}.[2]
وكان رسول الله أيضًا يصلي على نفسه بهذه الصلاة وبغيرها، ولم يقل رسول الله اللهم
صلى علىَّ كما صليت على إبراهيم، لأن اللفظ في هذا المقام عبادةً لله كما ذكره
رسول الله.
وقول الله: ﴿وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا﴾، يفيد أن الصلاة والسلام على النبي من المؤمنين تكون بتسليم وانقياد وامتثال
لأمر الله عزَّ وجلَّ ولأمر رسوله من غير أدنى شبهة تعترض المؤمن في ذلك، لأن الله هو الذي
تعبدنا بالصلاة والسلام على رسوله، ورضيهما منا عبادة له جلَّ شأنه، وجعلهما قربة نتقرب بهما إلى الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم،: {أنا حبيب الله، والمصلى علىَّ حبيبي، فمن أراد أن يكون
حبيبًا لله فليكثر من الصلاة علىَّ}.
والصلاة على النبي
فريضة على كل مسلم ومسلمة في الصلاة، لأنها ركن من أركانها فلا تصح الصلاة بدونها،
وهي سنة مؤكدة خارج الصلاة في كل وقت، وتتأكد عند استماع ذكره أو صفته، أو أي شيء
يتعلق به صلى الله
عليه وسلم، فقد ورد في الخبر أن أشد الناس بخلًا
من سمع ذكره عليه السلام ولم يصل عليه.
وقد أكرم الله
المسلمين في هذا العصر بأن أفاض على قلب عبد من عباده المخلصين، ووارث من ورثة
رسول الله في هذا العصر، هو الإمام محمد ماضي أبو العزائم رضي الله عنه صلوات على حبيبه ومصطفاه، تكشف عن بعض مقاماته وأسراره، وأنواره صلى الله عليه وسلم، حتى يتعرف المسلمون على سيدنا
رسوله الله، الذي جعله الله كنزه المكنون، وسره المصون، فلم يعرفه صلى الله عليه وسلم، على حقيقته إلا أبداله وورثته وأوصياءه عليه الصلاة والسلام.
والإمام أبو العزائم
قد أكرمه الله وألهمه تلك الصلوات التي تكشف الأستار عن سيدنا رسوله الله، وإني
سَأُخلى بينك أيها المطلع على هذه المذكرات وبين تلك الصلوات المباركات الطيبات
على خير البريات، وقد سميتها بالصلاة الشهودية الأكملية، لأنها تشهدنا رسول الله،
وتبين لنا كمالاته، وقد سماها الإمام أبو العزائم بالفتوحات الربانية، لأنها فتح
من الله له، وفيض منه سبحانه
وتعالى عليه.