عدد المشاهدات:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ *مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهم وَلاَ الضَّالِّينَ * .
هى سبع آيات وسميت الفاتحة لافتتاح المصحف بها , وقد تضمنت مع قصرها جميع معانى القرآن والكتب السماوية من قبله لأن الله سبحانه وتعالى افتتحها بصيغته الحمد لنفسه بنفسه ورضى بهذه الصيغة من خلقه لأنه طالبنا بحمده فعجزنا فرضى منا بما حمد به نفسه . ولفظة ] الحمْدُ [ دلت على توحيد الأسماء والصفات كلها ، لأن الحامد لابد وأن يكون موحداً للمحمود معتقداً اتصافه بكمال الأسماء والصفات، محباً له مسارعاً إلى طاعته فمن لم يعتقد تلك العقيدة فليس الله تعالى . ولبس المراد مجرد ألفاظ تتلى إنما المراد رعاية معانى تلك الألفاظ وذوق العقل والنفس منها ما دلت عليه بالمطابقة أو بالتضمين أو بالالتزام فإذا زكت نفسه أفلح فكوشف بتفريد الله تعالى بالصفات المحمودة التى بها ينال الخلق الخير بفضله سبحانه لأنه غنى عنهم غنى يجعله يختص بالحمد دون غيره فلا يحمد سواه جل جلاله فيترقى من العلم إلى الذوق ومنه إلى الشهود.وهذا هو الذى إذا قال الحمد لله شهد توحيد الأسماء والصفات أشرقت عليه أنوارها. قوله تعالى ] للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ هو الاسم الأعظم الواجب الوجود لذاته المفرد العلم الدال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع الأسماء الحسنى الإلهية الأحدية الجامع للجمال والجلال والبهاء والنور والضياء والكمال لذاته بذاته . ومن الأثر ترك التكلم فى اشتقاقه وجموده . ومن اصطلم فى إلهانية الرب جل جلاله واصطنع لهيمنته سبحانه غاب عن الموجودات وفر من المكونات علواً وسفلا كما قال تعالى : ( َففِِرُّوا إِلى الله) وأهل العزائم منحهم الله النور الذى به أفردوا حضرة هذا الاسم المقدس بالقصد دون غيره لما فى جميع الأسماء من الصفات التى تدعو السالك إلى التأله لها إلا هذا الاسم الأعظم فإنه مع دلالته على جميع الكمالات إجمالا لا يلحظ من اصطفاهم الله فى حالة الإِلهانية غير الأحدية فى العماء وغيب الغيب تفريداً للحضرة العلية بالقصد وفراراً من الغين إلى العين . ذكره حضوراً طمأنينة للقلوب والنطق به وجوداً خروج من الظلمات إلى النور . وهو سبحانه وتعالى ولى المؤمنين قال تعالى ( فَالله هُوَ الْوَلِىُ) لا يخلص إيمان مؤمن من الشوب إلا إذا تأله له دون غيره وهو جل جلاله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
قوله تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله تعالى : ] الرَّحْمنِ الرَّحِيم [ الرحمن هو المنعم فى تلك الدار الدنيا ، والرحيم هو المنعم بالخير الدائم فى الآخرة . فى ذكرها إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى عامل الخلق بالرحمن الرحيم فأبدعهم وأنشأهم وخلقهم بمشيئته وإرادته لا لعلة ولا سبب بل بفضله وبرحمته وأمدهم بما به قوام حياتهم ضروريا وكماليا بحث لو فقد عنصر هذا الكون لهلك العالم أجمع . ومثال ذلك الهواء والماء والشمس والأرض المنبسطة التى يسر لنا حرثها والبناء عليها والسير فيها . ولو كانت أباطح وجبالا لهلك الإِنسان لتعذر الحياة عليها . ولذلك ورد فى الأثر الشريف: ( سبقت رحمتى غضبى ) ولو أن الغضب سبق الرحمة ما أبقى على ظهرها من دابة قال تعالى : ) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ( وقد بين الله تعالى التوحيد بياناً مفضلا لا يحتاج إلى بيان بعده .
قوله تعالى : ] ماَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ [ أى يوم القيامة – يوم يقوم الناس لرب العالمين – يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله – يوم توفى كل نفس ما كسبت- يوم ينفع الصادقين صدقهم - يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من إلا من أتى الله بقلب سليم .
هذا هو يوم الدين الذى تتميز فيه المراتب وتنكشف الحقيقة على ما هى عليه ، فتظهر الربوبية بأجلى معانيها من الكبرياء والعظمة والجلال ماحقة لكل حقيقة غيرها ، ولم يبق إلا الحى القيوم فيقول تنزه وتعالى ) لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ( إظهاراً لعظمته وتفريده بالقوة والقدرة ثم يجيب بنفسه بنفسه ) للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ( فإذا شاء سبحانه أن يعيد النشأة الأخرى أمر السماء أن تمطر ماء كمنى الرجال أربعين سنة حتى تذوب فتصير كالعجينة فيأمر سبحانه وتعالى أربع رياح عاصفة تعتقم الأرض من جهاتها الأربع فترجها رجاً وتدكها دكا حتى تصبر الجبال كثيباً مهيلا وتقوى صدمات الرياح فتجعل الجبال هباء منثوراً ، وهى ما نعرف صلابة فيكف بالأرض ويوجد سبحانه فى كل ذرة من ذرات الهيكل الإِنسانى قوة جاذبية تجمع بعضها ببعض لشدة رج الأرض ودكها ، حتى إذا تكونت الأجساد وصارت الأمم أطواراً طبقة فوق طبقة أسكن الرياح سبحانه وأعادها إلى مهابها ثم أمر بالنفخة الثانية فتفيق الأرواح من صعقها وتهب كالجراد المنتشر ، كل روح تسارع إلى بيتها الذى سكنت فيه فى حياتها الدنيا وهو جسمها .
وهذه هى كيفية النشأة الأخرى وهى أشبه بالنشأة الأولى لآدم عليه السلام وليست كالنشأة الأولى لأبنائه تحتاج إلى إمناء وجمل ووضع ورضاع فإن لكل نشأة أسباباً وضعها سبحانه .
وتلك الأسماء المقدسة التى هى – الله – ورب العالمين – والرحمن الرحيم – ومالك يوم الدين تشير لأهل العلم بالله تعالى إلى أنه سبحانه منفرد بالإيجاد والإمداد فإذا لاحت لهم ساطعة الغيب المصون فى تلك .
) أسرار القرآن (
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسماء المقدسة عرفوا أنفسهم أنهم عبيد مقهورون وعباد مربوبون ، ثم تحققوا بمعرفة الله تعالى معرفة جعلتهم يفردونه بالعبادة دون غيرة وذاقوا حلاوة عجزهم عن القيام بما يجب عليهم لحضرته العلية من العبادة فأيقنوا أنه المعين لا غيره فرتلوا ] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين [قولا وعلماً وشهوداً لأن مراتب التلاوة سماع فتصديق فعل فشهود – ولما كان البيان بالقول والعمل لا ينتج شهود الحقيقة ولا فقه الحكمة بل ولا مشاهدة الآيات الدالة على تفريد الله تعالى بالألوهة والربوبة أدبهم الله تعالى ، فعلمهم الدعاء بطلب الاتصال بمن هداهم بقوله سبحانه :] اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ [ والصراط . والطريق . والسبيل . والمنهج . والمنهاج . والشارع . والشرعة . والشريعة ألفاظ مترادفة لما يوصل إلى المقصود من المكان المضرب للسير فيها بشرط أن يكون أقرب من غيره وأسلم . وفى هذا إشارة إلى أن المسافر إلى الله تعالى لابد وأن يقطع المسافات التى بينه وبين ربه وتلك المسافات هى تلقى العقيدة الحقة من العلماء بالله ومجاهدة النفس لتزكيتها لتتجمل بالأخلاق الفاضلة . ورياضة النفس لتراقب ربها بحس معاملة الخلق ، ابتغاء مرضاة الحق جل جلاله وتطهير القلب بالرياضة ليكون بيتاً معموراً بمشاهدة سواطع العظمة ولوامع الجلال رهبة وخشية وبأنوار الجمال والبهاء رجاء وأنساً وحبا والتمسك بآراء أهل اليقين ومذاهب أهل التمكين ، وقد أشار إلى ذلك بقوله تعالى:] غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهم [ ممن بدلوا نعمة الله كفراً وهم اليهود ] وَلاَ الضَّالِّينَ [ ممن ضلوا السبيل فجعلوا لله ندا أو ولداً أو شبيهاً أو شريكا وهم النصارى .
والفاتحة كنز التوحيد وسر الوصول إلى اله سبحانه وتعالى ، وهى الصلاة ، وهى السبع الثانى والقرآن العظيم . عن أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله e يقول : قال الله عز وجل : إنى قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل – فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قال الله : حمدنى عبدى . وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) قال الله : أثنى علىَّ عبدى . وإذا قال : (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) قال : مجدنى عبدى . وإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال : هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل وإذا قال : (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) قال : هذا لعبدى ولعبدى ما سأل .
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ *مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهم وَلاَ الضَّالِّينَ * .
هى سبع آيات وسميت الفاتحة لافتتاح المصحف بها , وقد تضمنت مع قصرها جميع معانى القرآن والكتب السماوية من قبله لأن الله سبحانه وتعالى افتتحها بصيغته الحمد لنفسه بنفسه ورضى بهذه الصيغة من خلقه لأنه طالبنا بحمده فعجزنا فرضى منا بما حمد به نفسه . ولفظة ] الحمْدُ [ دلت على توحيد الأسماء والصفات كلها ، لأن الحامد لابد وأن يكون موحداً للمحمود معتقداً اتصافه بكمال الأسماء والصفات، محباً له مسارعاً إلى طاعته فمن لم يعتقد تلك العقيدة فليس الله تعالى . ولبس المراد مجرد ألفاظ تتلى إنما المراد رعاية معانى تلك الألفاظ وذوق العقل والنفس منها ما دلت عليه بالمطابقة أو بالتضمين أو بالالتزام فإذا زكت نفسه أفلح فكوشف بتفريد الله تعالى بالصفات المحمودة التى بها ينال الخلق الخير بفضله سبحانه لأنه غنى عنهم غنى يجعله يختص بالحمد دون غيره فلا يحمد سواه جل جلاله فيترقى من العلم إلى الذوق ومنه إلى الشهود.وهذا هو الذى إذا قال الحمد لله شهد توحيد الأسماء والصفات أشرقت عليه أنوارها. قوله تعالى ] للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ هو الاسم الأعظم الواجب الوجود لذاته المفرد العلم الدال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع الأسماء الحسنى الإلهية الأحدية الجامع للجمال والجلال والبهاء والنور والضياء والكمال لذاته بذاته . ومن الأثر ترك التكلم فى اشتقاقه وجموده . ومن اصطلم فى إلهانية الرب جل جلاله واصطنع لهيمنته سبحانه غاب عن الموجودات وفر من المكونات علواً وسفلا كما قال تعالى : ( َففِِرُّوا إِلى الله) وأهل العزائم منحهم الله النور الذى به أفردوا حضرة هذا الاسم المقدس بالقصد دون غيره لما فى جميع الأسماء من الصفات التى تدعو السالك إلى التأله لها إلا هذا الاسم الأعظم فإنه مع دلالته على جميع الكمالات إجمالا لا يلحظ من اصطفاهم الله فى حالة الإِلهانية غير الأحدية فى العماء وغيب الغيب تفريداً للحضرة العلية بالقصد وفراراً من الغين إلى العين . ذكره حضوراً طمأنينة للقلوب والنطق به وجوداً خروج من الظلمات إلى النور . وهو سبحانه وتعالى ولى المؤمنين قال تعالى ( فَالله هُوَ الْوَلِىُ) لا يخلص إيمان مؤمن من الشوب إلا إذا تأله له دون غيره وهو جل جلاله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
قوله تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله تعالى : ] الرَّحْمنِ الرَّحِيم [ الرحمن هو المنعم فى تلك الدار الدنيا ، والرحيم هو المنعم بالخير الدائم فى الآخرة . فى ذكرها إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى عامل الخلق بالرحمن الرحيم فأبدعهم وأنشأهم وخلقهم بمشيئته وإرادته لا لعلة ولا سبب بل بفضله وبرحمته وأمدهم بما به قوام حياتهم ضروريا وكماليا بحث لو فقد عنصر هذا الكون لهلك العالم أجمع . ومثال ذلك الهواء والماء والشمس والأرض المنبسطة التى يسر لنا حرثها والبناء عليها والسير فيها . ولو كانت أباطح وجبالا لهلك الإِنسان لتعذر الحياة عليها . ولذلك ورد فى الأثر الشريف: ( سبقت رحمتى غضبى ) ولو أن الغضب سبق الرحمة ما أبقى على ظهرها من دابة قال تعالى : ) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ( وقد بين الله تعالى التوحيد بياناً مفضلا لا يحتاج إلى بيان بعده .
قوله تعالى : ] ماَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ [ أى يوم القيامة – يوم يقوم الناس لرب العالمين – يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله – يوم توفى كل نفس ما كسبت- يوم ينفع الصادقين صدقهم - يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من إلا من أتى الله بقلب سليم .
هذا هو يوم الدين الذى تتميز فيه المراتب وتنكشف الحقيقة على ما هى عليه ، فتظهر الربوبية بأجلى معانيها من الكبرياء والعظمة والجلال ماحقة لكل حقيقة غيرها ، ولم يبق إلا الحى القيوم فيقول تنزه وتعالى ) لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ( إظهاراً لعظمته وتفريده بالقوة والقدرة ثم يجيب بنفسه بنفسه ) للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ( فإذا شاء سبحانه أن يعيد النشأة الأخرى أمر السماء أن تمطر ماء كمنى الرجال أربعين سنة حتى تذوب فتصير كالعجينة فيأمر سبحانه وتعالى أربع رياح عاصفة تعتقم الأرض من جهاتها الأربع فترجها رجاً وتدكها دكا حتى تصبر الجبال كثيباً مهيلا وتقوى صدمات الرياح فتجعل الجبال هباء منثوراً ، وهى ما نعرف صلابة فيكف بالأرض ويوجد سبحانه فى كل ذرة من ذرات الهيكل الإِنسانى قوة جاذبية تجمع بعضها ببعض لشدة رج الأرض ودكها ، حتى إذا تكونت الأجساد وصارت الأمم أطواراً طبقة فوق طبقة أسكن الرياح سبحانه وأعادها إلى مهابها ثم أمر بالنفخة الثانية فتفيق الأرواح من صعقها وتهب كالجراد المنتشر ، كل روح تسارع إلى بيتها الذى سكنت فيه فى حياتها الدنيا وهو جسمها .
وهذه هى كيفية النشأة الأخرى وهى أشبه بالنشأة الأولى لآدم عليه السلام وليست كالنشأة الأولى لأبنائه تحتاج إلى إمناء وجمل ووضع ورضاع فإن لكل نشأة أسباباً وضعها سبحانه .
وتلك الأسماء المقدسة التى هى – الله – ورب العالمين – والرحمن الرحيم – ومالك يوم الدين تشير لأهل العلم بالله تعالى إلى أنه سبحانه منفرد بالإيجاد والإمداد فإذا لاحت لهم ساطعة الغيب المصون فى تلك .
) أسرار القرآن (
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسماء المقدسة عرفوا أنفسهم أنهم عبيد مقهورون وعباد مربوبون ، ثم تحققوا بمعرفة الله تعالى معرفة جعلتهم يفردونه بالعبادة دون غيرة وذاقوا حلاوة عجزهم عن القيام بما يجب عليهم لحضرته العلية من العبادة فأيقنوا أنه المعين لا غيره فرتلوا ] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين [قولا وعلماً وشهوداً لأن مراتب التلاوة سماع فتصديق فعل فشهود – ولما كان البيان بالقول والعمل لا ينتج شهود الحقيقة ولا فقه الحكمة بل ولا مشاهدة الآيات الدالة على تفريد الله تعالى بالألوهة والربوبة أدبهم الله تعالى ، فعلمهم الدعاء بطلب الاتصال بمن هداهم بقوله سبحانه :] اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ [ والصراط . والطريق . والسبيل . والمنهج . والمنهاج . والشارع . والشرعة . والشريعة ألفاظ مترادفة لما يوصل إلى المقصود من المكان المضرب للسير فيها بشرط أن يكون أقرب من غيره وأسلم . وفى هذا إشارة إلى أن المسافر إلى الله تعالى لابد وأن يقطع المسافات التى بينه وبين ربه وتلك المسافات هى تلقى العقيدة الحقة من العلماء بالله ومجاهدة النفس لتزكيتها لتتجمل بالأخلاق الفاضلة . ورياضة النفس لتراقب ربها بحس معاملة الخلق ، ابتغاء مرضاة الحق جل جلاله وتطهير القلب بالرياضة ليكون بيتاً معموراً بمشاهدة سواطع العظمة ولوامع الجلال رهبة وخشية وبأنوار الجمال والبهاء رجاء وأنساً وحبا والتمسك بآراء أهل اليقين ومذاهب أهل التمكين ، وقد أشار إلى ذلك بقوله تعالى:] غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهم [ ممن بدلوا نعمة الله كفراً وهم اليهود ] وَلاَ الضَّالِّينَ [ ممن ضلوا السبيل فجعلوا لله ندا أو ولداً أو شبيهاً أو شريكا وهم النصارى .
والفاتحة كنز التوحيد وسر الوصول إلى اله سبحانه وتعالى ، وهى الصلاة ، وهى السبع الثانى والقرآن العظيم . عن أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله e يقول : قال الله عز وجل : إنى قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل – فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قال الله : حمدنى عبدى . وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) قال الله : أثنى علىَّ عبدى . وإذا قال : (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) قال : مجدنى عبدى . وإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال : هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل وإذا قال : (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) قال : هذا لعبدى ولعبدى ما سأل .