عدد المشاهدات:
غيرة الله
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعماءه، والشكر لله على عطاءه،
والصلاة والسلام على أشرف رسله وأنبياءه وعلى جميع أولياءه وأص فياءه آمين.
أيها المستمع الكريم: السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.
أما بعد...
فإننى سأشرف سمعك بحديث شريف ورد في صحيح
البخاري ومسلم
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
{إن الله تعالى يغار،
وغيرة الله تعالى أن يأتى المرء ما حرم الله عليه}.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث الشريف أصل عظيم من أصول مراقبة
الله عز وجل، ورعاية
أوامره والابتعاد عن نواهيه، وليست غيرة الله سبحانه وتعالى كغيرة
الإنسان تكون بانفعالات نفسية، أو تشنجات عصبية تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً،
وإنما غيرته سبحانه وتعالى عدم رضاءه على من يخالف أمره وينتهك محارمه
وسخطه عليه، وذلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:{وغيرة الله أن يأتى
المرء ما حرم الله عليه}.
هذا وأن المؤمن يغار على عرضه وعلى ماله وعلى
كرامته إذا اعتدى أحد على شئ منها وكذلك يغار على دينه إذا تعرض له أحد بسوء فإنه يهب للذود عن ذلك بكل غال
ورخيص حتى يحمى هذه القيم من عبث المفسدين، وعدوان المعتدين، وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم
يغار إذا انتهكت حرمات الله، وكان يغضب لذلك حتى يعرف الغضب في وجهه ولا يزال كذلك حتى يتغير الموقف الذي
غضب من أجله، وكان يوجه إنذارات شديدة
اللهجة لمن يتعدى حدود الله كقوله لبعض المسلمين الذين تراشقوا بالكلمات حتى كادت
الحرب أن تنشب بينهم الله الله يا أصحاب رسول الله أترجعون كفاراً بعد أن هداكم
الله للإسلام يضرب بعضكم أعناق بعض، كذلك كان يقول لمن يحلف يميناً بالطلاق ثلاثاً
مرة واحدة: أتلعبون بدين الله وأنا بين أظهركم.
بمثل هذه العبارات القوية كان يحسم رسول الله صلى الله عليه
وسلم
المواقف الصعبة التي كانت تنتهك فيها
حرمات الله .
أيها المسلمون: إن هذا الحديث الشريف يرشدكم
إلى أن تغاروا على دينكم وعلى أعراضكم وعلى وطنكم حتى تردوا كيد المعتدين، وتمنعوا
فساد المفسدين، وتقفوا صفاً واحداً في وجه
من يريد بكم وبالإسلام وبالأوطان سوءا وشرا حتى يعود بكم مجد الإسلام الخالد.
وفقكم الله وسدد على طريق الخير والرشاد خطاكم
آمين.
وسلام على جميع الأنبياء والمرسلين والحمد لله
رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
فضل السجود
بسم الله
الرحمن الرحيم
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل
سيدنا محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
أما بعد فيا أيها الأخوة والأخوات: روى مسلم عن ثوبان ـ
مولى النبي ـ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم
يقول:{عليك بكثرة
السجود، فإنك لن تسجد سجدة إلاَّ رفعك الله بها درجة وحط بها عنك خطيئة}.
أبشروا أيها المسلمون برحمة الله ورضوانه،
ومغفرة الله وإحسانه.
إذا كان هذا هو ثواب السجدة
الواحدة فما بالكم ببقية الصلاة من الركوع والقيام، والقراءة والذكر، والتسبيح
والتكبير، والتشهد والخشوع، وغير ذلك من بقية أركان الصلاة وسننها وأدابها التي تقومون بها لله عزَّ وجلَّ بين الحين
والآخر في كل يوم خمس مرات. فإننا على
يقين والحمد لله أن الصلوات الخمس تمحو الخطايا والذنوب، كما يمحو الكير خبث
الحديد، فلله الحمد والمنة، ولله الفضل والنعمة. كم حبانا الله ورسوله بهبات
وبشائر جلَّت عن الوصف، وتسامت عن الحصر.وقد أمرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف بكثرة السجود، لأنه أقرب
مقامات القرب من الله عزَّ وجلَّ، فقد قال عليه السلام:{أقرب
ما يكون العبد من ربه وهو ساجد}.[1]
ومن هنا تكررت فريضة السجود مرتين في كل ركعة من ركعات الصلاة، فرضاً كانت أم
نفلاً، هذا علاوة على سجود الشكر وسجود التلاوة وسجود السهو.
ومن تأمل
في طرد إبليس من رحمة الله من أجل سجدة واحدة لم يسجدها لآدم عليه السلام،
عرف قدر السجود ومنزلته عند الله عز وجل وعند
رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد كان رسول الله يكثر من السجود ويطيل فيه، حتى كانت تظن بعض نساءه أنه قد قبض لطول
سجوده فتذهب فتمسك إبهام رجله لتطمئن عليه. وقد كان صلى الله عليه
وسلم
يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله في
السجود، حتى أنه كان يسمع له نشيج كبكاء الثكلى من عِظَمِ تضرعه وخوفه من ربه سبحانه وتعالى.
حقاً إنَّ
كلَّ سجدة لله تبارك وتعالى ترفع المؤمن درجة، ودرجات الآخرة لا يعلم
قدرها إلا الله ورسوله، وكذلك تحط عنه خطيئة. فما أحوجنا إلى كثرة السجود، وما
أحوجنا إلى إطالة السجود والتملق لله عز وجل.
أسأل الله أن يكتبنا من الساجدين الراكعين...
آمين وسلام على جميع الأنبياء والمرسلين، والحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
الرشوة
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أيها
السادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد...
فقد روى الطبري عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:{لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشى بينهما}.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الرشوة هي مال أو متاع يأخذه الإنسان بدون وجه
حق لأنه اختلاس في الظلام والرشوة قد
حرمها الله ورسوله، ويكفى أن رسول الله أخبر أن الله يلعن كل من له علاقة بهذا الفعل الذميم، وإذا لعن الله
إنساناً فقد طرد من رحمته وأبعده من جنته.
أيها السادة: إن الرشوة يترتب عليها فساد في المجتمع وتضييع لحقوق الناس ومصالحهم هذا
فضلاً عن غضب الله وسخطه على المرتشي وشركاءه الذين تآمروا معه على هذا الجرم
الشنيع، وإن المؤمن هو الذي يجعل بينه وبين غضب الله مسافات بعيدة، وحجباً كثيفة
فلا يقربها أبداً، وإن لعنة الله لا تنصب إلا على أصحاب الكبائر الذين يعذبون
عليها في نار جهنم ما لم يتوبوا إلى الله
منها قبل موتهم، وقد وصف الله المؤمنين بأنهم لا يصرون على ذنب أبداً، وأنهم كلما
أذنبوا استغفروا ربهم وتابوا إليه قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ
فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ
لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى
مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. [135، آل عمران].
ولقد وظفت الدولة العاملين، وأسندت إلى كل واحد
منهم عملاً يقوم به لخدمة المواطنين وأعطته أجره الذي اتفقت معه عليه في نظير هذا العمل، فإذا تقاضى على هذا العمل
أجراً ثانيا من أصحابه كان هذا خيانة للأمانة وللوطن ومخالفة لأحكام الله عزَّ وجلَّ الذي حرم
الرشوة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
وهناك من الضعفاء الذي لا يقدرون على دفع
الرشوة إلى الموظف فيضيع حقه أو تتأخر
حاجته ومصلحته ممما يؤدى إلى كساد في
المجتمع، وتعويق لمسيرة الحياة فيه.
وإن الأمم التي تتفشى فيها هذه الرذيلة سرعان ما يتزلزل كيانها ويتهدم
بنيانها وإن التاريخ شاهد عدل على ذلك، فقد رأينا دولا كثيرة أسرع إليها التدهور
والزوال بسبب هذا الداء العضال الذي ينخر في عظامها حتى أتى عليها.
أيها
المواطن الكريم إن شرفك ودينك وعملك أمانة عندك فلا تخن شئ منها قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ
اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
[27، الأنفال].
جنب الله الوطن والمواطنين شر هذه الآفة
الخطيرة آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
الإيمان والاستقامة
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلام على خاتم
النبيين وأفضل المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فإني أوجه هذا الحديث الشريف إلى كل مؤمن
ومؤمنة عسى أن يهدينا الله به وينفعنا به في الدنيا والآخرة وهذا الحديث رواه مسلم
عن أبى عمر سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال:{قلت يا رسول الله قل لى في
الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال: قل
آمنت بالله ثم استقم}.
ولقد سأل هذا الصحابي الجليل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن شئ
يغنيه في الدنيا ويسعده في الآخرة، وفي الحقيقة كان هذا الصحابي يسأل لكل مؤمن،
فإن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم ليست لشخص
بعينه، وإنما هي توجيهات لكل المسلمين.
ولقد تضمن هذا الحديث أمرين: الأول أن يقول كل
مؤمن {آمنت بالله} بصفة دائمة، لأن هذا القول
إعلان وإقرار بالإيمان. فإن الإيمان بالله يقتضى التصديق بكل ما جاء من عند الله عزَّ وجلَّ من رسل
وملائكة وكتب وأوامر ونواهي، وإخبار بالغيب، وغير ذلك من قضايا الإيمان.وعلى
المؤمن أن يقول دائما {آمنت بالله}، عبادة لله
وتقرباً إليه.
والأمر الثاني الذي يشتمل عليه الحديث الشريف
هو الاستقامة وهى الالتزام بتعاليم الإسلام والسير على مقتضاها بحيث يفعل المرء ما
أمره الله به، ويبتعد عما نهاه الله عنه.
وبذلك يكون الإنسان مستقيما ومعتدلا في تصرفاته
وسلوكه لقبوله تكاليف الشرع الشريف واستجابته لها، قال الله تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا
عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾. [16، الجن].
والاستقامة خير عند الله من ألف كرامة، لأن
الكرامة الحقيقية أن يكرمك الله باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في القول
والعمل والخلق حتى تكون مُتَشَبِّهاً به عليه الصلاة والسلام.
وهذا
هو الدليل الأكبر على حبه صلى الله عليه وسلم، وحب الله
عزَّ وجلَّ، قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ
اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. [31، آل عمران],
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه وارزقنا الاستقامة يا رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
إتقان
العمل
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة
والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه وعلى كل من والاه.
أما بعد...
فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه و
سلم
أنه قال: {إن الله يحب
إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه}.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث الشريف قد رواه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها.
أيها الأخوة والأخوات: إن الإسلام دين الحركة
والعمل، ودين النشاط والإنتاج، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل منذ
نعومة أظفاره، إنه كان يرعى الغنم مع أخوته من الرضاعة في قبيلة بني سعد، أيام
طفولته الأولى.
وكذلك كان يرعاها لأهل قريش على أجر كان
يتقاضاه منهم، ولما أن شب صلى الله عليه وسلم اشتغل
بالتجارة وظل يعمل بها حتى أكرمه الله بالرسالة على رأس الأربعين عاما.
ومن هذا اليوم انقطع لتبليغ رسالات الله،
وتبصير الناس بما أنزل الله إليه، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، حتى غير النبي صلى الله عليه
وسلم
وجه التاريخ، بجهاده المتواصل وكفاحه الدائب بالليل والنهار، من أجل هداية الخلق
إلى دين الله الحق وكذلك كانت حياة الأنبياء والمرسلين من قبله عليهم الصلاة
والسلام، فقد عمل رسول الله لإسعاد الحياة في الدنيا وازدهارها، وعمل لإسعاد
الحياة في الدار الآخرة ونعيمها. وكل مسلم له في رسول الله الأسوة الحسنة، والقدوة
الطيبة، فالمسلم يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غداً،لأن
عمارة الدنيا قد حث الله عليها، وطلبها من الناس بقوله جل شأنه: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ
الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾. [61، هود].
ومعنى هذه الآية أن الله طلب من الناس تعمير
الدنيا بكل ما يصلح أمر الناس من الزراعة والتجارة والصناعة واستخراج كنوز الأرض،
واستنزال خيرات السماء، وذلك بالعلم والمعرفة والخبرة والتجربة حتى تزدهر الحياة وترتقي
باستمرار نحو التقدم والرخاء، وبذلك يسود الأمن والسلام بين جماهير الناس، ولقد حث
رسول الله صلى الله عليه
وسلم
في الحديث الذي معنا على ضرورة إتقان العمل وتجويده حتى تقوم الحياة في كل نواحيها
على الأعمدة المتينة القوية التي لا تهتز ولا تضعف عن حمل الأعباء والأثقال.
وإن المؤمن الذي يحسن عمله ويجوده يحبه الله
ورسوله ويمده بروح من عنده، ويمنحه القوة والعافية، ويبارك له في عمله وفى أهله
وفى حياته، لأنه يعمل عملاً يرضى عنه الله ورسوله والمؤمنون.
قال
الله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى
اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
[105، التوبة].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
السخاء
وحسن الخلق
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
وعلى آله وعلى أصحابه وعلى كل من اتبع هداه.
أما بعد...
فقد روى الطبري عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال:{إن الله استخلص هذا الدين لنفسه ولا يصلح لدينكم إلا السخاء
وحسن الخلق ألا فزينوا دينكم بهما}.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلم الكريم إن
الدين الذي استخلصه الله لنفسه، أي اختاره لذاته هو دين الإسلام قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ
اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾. [19،
آل عمران].
وقد جعله
الله ديناً لأنبياءه ورسله ولملائكته وللمؤمنين من الإنس والجن من يوم أن خلق الله
الدنيا حتى تقوم الساعة وإن من أعمدة هذا الدين ومبادئه القوية السخاء وحسن الخلق،
والسخاء هو البذل والإنفاق وهو الجود والكرم بطيب نفس وانشراح صدر ومحبة لفعل
الخير والسخاء هو فضيلة من الفضائل جعلها الله وسطا بين التقتير والتبذير قال الله
تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى
عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾.
[29، الإسراء].
وقد ورد في حديث شريف عن النبي صلى الله عليه
وسلم ما معناه:{الكريم قريب من الله قريب من الجنة قريب
من الناس بعيد عن النار والبخيل بعيد عن الله بعيد عن الجنة بعيد عن الناس قريب من
النار}.[2]
أما حسن الخلق الذي ينصلح به حال
المؤمن وشأنه فهو من الدعامات الكبرى التي جعلها الله من أعمدة الإسلام، وحسن
الخلق هو أن يعاشر الإنسان أخوانه معاشرة طيبة، فيخفض جناحه لهم، ويعطيهم الرضا من نفسه فيعفو عن مسيئهم ويأسوا جراحهم ويواس فقيرهم
ويوقر كبيرهم ويرحم صغيرهم يعاملهم المعاملة الكريمة، الهينة اللينة التي يجب أن
يعاملوه بها. وإن من حسن الخلق أن يلقى المسلم أخاه ببشاشة الوجه وانفتاح قلب وأن
يسلم عليه ويصافحه وأن يسأله عن حاله وعن أهله وولده وأن يدعو له بالخير وبالرحمة
والمغفرة.
وإن من حسن الخلق أن يكون المؤمن رفيقاً
بإخوانه، حليماً ودوداً شفوقاً عطوفاً عليهم. قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: {الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من
في الأرض يرحمكم من في السماء}. [3]
وإن من حسن الخلق أن يصبر المؤمن
على أذى الناس له، وأن يمهل أصحاب الدين الذين لا يجدون السداد حتى يغنيهم الله من
فضله قال الله تعالى: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن
تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
[280، البقرة].
وإن المؤمن الذي تسلح بالسخاء وحسن
الخلق قد أصلح الله له دينه وأكمل الله له إيمانه وأسعده الله في الدنيا والآخرة،
وقد طالبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نزين الدين بهاتين
الفضيلتين حتى يظهر المؤمن بالصورة الكريمة والمحبوبة من جميع الناس بل من الله
ورسوله. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، إنه
مجيب الدعاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.