عدد المشاهدات:
يقول الإمام أبو العزائم فى كتابه: "أسرار القرآن" فى معنى قول الله تعالى فى آية: (زين للناس حب الشهوات ...):
قبل أن نتكلم على هذه الآية الشريفة، أكشف لك سرًّا يستبين لك به أن الخلاف بين العلماء لفظى فى مثل هذه الآيات الشريفة.
يقول الله تعالى: )زُيِّن للناس حب الشهوت(، ومعنى هذا التزيين أن الله خلق الإنسان مكونًا من حقائق مختلفة تدعو إلى ضروريات وكماليات، وخلق أنواعًا كثيرة لا غنى لتلك الحقائق عنها، فالإنسان مضطر إليها اضطرارًا طبيعيًّا، وهذا عندى هو التزيين، والذى زَيَّن هذا هو الله تعالى، وقد أباح لنا ما نضطر إليه ولو كان لحم الميتة، وأباح للضيف إذا نزل محلة قوم ومنعوا القِرى عنه حتى دعته الضرورة فأخذ متاعًا من أمتعتهم ليقتات به، لا يكون عليه حرج فى ذلك، لأن الضرورة قضت عليه، قال تعالى : )إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ( (الأنعام: 115)، وذلك لأن الله تعالى زين تلك الأنواع التى خلقها للإنسان لتنكشف أسرار الآيات لمن يستعملها، فإن الإنسان إذا تناول ما خلقه الله وكان له نظر ثاقب، شهد من آيات البديع وأسرار القادر وحكمة الحكيم ما يجعل قلبه يطمئن بذكر الله، ويندفع بعامل نيل شهواته المباحة إلى شكر الله، وذلك هو المقصود من إيجاد الخلق، قال تعالى: )وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ( (الذاريات: 56).
إذًا فالله هو الذى زَيَّن حب الشهوات للناس، ولكنه سبحانه حظر عليهم استعمال ما حرمه مما يضر الأجسام ويفسد العقول، كالمسكرات والمخدرات، وما يفسد الأخلاق ويوقع فى الشحناء كالربا، وما لا ضرورة إليه كالمغصوب والمسروق، وأباح لنا ما عدا ذلك مما تدعو إليه الضرورة من طعام وشراب وملبس يقى الحر والبرد، ومأوى يحفظ الإنسان من ضرر اللصوص والوحوش وسلطان البرد والحر، وعلى ذلك فالذى زين للناس حب الشهوات المباحة، وجعل الإنسان يصرف أنفس أوقاته فى طلبها، هو الله تعالى، لحكمة عالية اقتضتها صحته الروحانية وصحته الجسمانية، فإذا تعدى الإنسان إلى حب الشهوات التى حظرها الله عليه، وأمره أن لا يقع فيها، كان ذلك سببه الشيطان الذى وسوس إليه فزينها له، وإن كان ذلك كله بإرادة الله تعالى وتقديره.
(زُين للناس حب الشهوات) أى حب النساء وما بعدها، ولكنه ذكر الشهوات بمعنى المشتهيات؛ لأن الشهوة بمعنى المشتهاة، والحب قد يكون للشهوة ولكن العبد يكره أن يقع فيها، فلا يدعوه ذلك الحب إلى الوقوع فى الشهوة، وقد يحب الوقوع، والنوع الأول هم عامة المسلمين الذين يحبون الشهوات مطلقًا، ولكن تمسكًا بالدين يكرهون الوقوع فيها، وأما الذين يحبون الشهوات والوقوع فيها فهم المنافقون والمشركون بالله تعالى، وأما أهل الإيمان الكامل فإنهم لا يحبون الشهوات ولكن يحبون المنعم بالنعمة، فإذا استعملوا الشهوات فيما أباحه الله لهم شهدوا مشهديْن: شهدوا المنعم جل جلاله، وشهدوا الأمر باستعمالها ليذكروه ويشكروه، فكان محبوبهم المنعم جل جلاله، ومن أمر ونهى سبحانه لا الشهوات من حيث هى مشتهيات؛ لأن الحكمة فى تزيين الله الشهوات بينتها لك، والقوم أقرب مشهد لهم شهود الحكمة فيما يرون أنفسهم فى حاجة إليه.
والشهوات تستبد بالحواس، وتحجب العقل، وتُذهب اللب، وتؤدى إلى حالة غفلة، وبذلك يُحجب الوعى، وتحدث إغماءة عقلية، يقول الخواص 0: أنت عبد لما تشتهى، وعبد من تخاف، وعبد من تطمع فيه، فمن ارتقى فوق الإشتهاء والخوف والطمع أصبح عبدا لله، وقال إبراهيم بن أدهم 0 لرجل: أتحب أن تكون وليًّا لله تعالى؟ قال: نعم، قال: لا ترغب فى شيء من الدنيا والآخرة، وفرغ نفسك لله تعالى، وأقبل بوجهك وكليتك عليه ليقبل عليك ويواليك، وقال بعضهم: إنى لأدخل السوق والأشياءُ كلها تشتاق إلىَّ وأنا غنى عنها، وعلى ذلك تكون الشبْهة آفة التصديق، والشهوة آفة العبادة.
ومن عجيب قدرة الله تعالى أنه خلق الخلق من حيث وجود الشهوة على ثلاثة أصناف: قال قتادة: خلق الله سبحانه الملائكة عقولاً بلا شهوات، وخلق البهائم شهوات بلا عقول، وخلق الإنسان وجعل له عقلاً وشهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو مع الملائكة، ومن غلبت شهوته عقلـــه فهو كالبهائم، وهناك حِكم من تركيب الشهوة فى الإنسان قد نعرف بعضها ونجهل الكثير منها، ومن هذه الحكم: التكاثر والحفاظ على النسل - الابتلاء والامتحان - الإقبال على الله والانكسار بين يديه - التشويق إلى ثواب الآخرة والرغبة فيه؛ لأنه لا نسبة بين ثواب الآخرة الباقية وشهوات الدنيا الفانية.
عواقب اتباع الشهوات.. كيف ندفعها؟
وهناك عواقب وخيمة تنتج من اتباع الشهوات منها:
1) مرض القلب: الذى قال فيه الحق تبارك وتعالى: )يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ( (الأحزاب: 32).
2) الضلال عن الحق بسبب سكر الشهوة: قال تعالى في قوم لوط: )لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ( (الحجر: 72)، وهذا السكر أشد من سكر الخمر، فإن سكر الخمر يكون يومًا أو قريبًا من يوم، وأما سكر الشهوة والمحبة فإنه يدوم طويلاً.
3) الشهوة بريد الكفر والخروج عن الدين.
4) الحَجْب عن الرب جل وعلا: فإن العبد إذا قدم شهوته على مراد ربه، عرَّض نفسه للحجب والجفاء بينه وبين الله.
5) إدمان الشهوة وتعلق القلب بها: كما نرى أن مدمنى الشهوات يصيرون إلى حالة لا يلتذون بها، وهم مع ذلك لا يستطيعون تركها، ونرى مدمن الخمر والجماع لا يلتذ به عشر معشار التلذذ بمــن يفعله في بعض الأحيان.
6) الغفلة عن ذكر الله والصلاة: لأن العبد إذا قهر شهوته وهواه، قوي قلبه على الصلاة والخشوع فيها، وهذا بخلاف من قهرته الشهوة وأسره الهوى، ووجد الشيطان فيه مقعدًا، فإنه لا يمكن أن يتخلص من الوساوس والأفكار الرديئة.
7) الشقاء والحسرة في الدنيا: فيا حسرة المحب الذي باع نفسه لغير الحبيب الأول بثمن بخس وشهوة عاجلة، ذهبت لذتها وبقيت تبعتها وصدق من قال:
وما في الأرض أشقى من محب وإن وجـد الهـوى حلو المذاق
تراه بـاكيًا فـي كـل حـيـن مخافة فـرقـة أو لاشـتـياق
فيبكي إن نـأوا شـوقًا إليـهم ويبـكي إن دنـوا حذر الفراق
8) العقوبة عند الموت وفى البرزخ، والعذاب في النار.
وللانتصار على الشهوة عدة ثمرات في الدنيا والآخرة منها: سلامة القلب من الأمراض - علو النفس والالتحاق بالملأ الأعلى وهم الملائكة الأبرار - النجاة من عذاب الله فى الدنيا والآخرة - دخول الجنة قال تعالى: )وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِوَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى( (النازعات: 40 – 41)، كمال الإيمان ولذة الأنس بالله والشوق إليه.
وهناك وسائل لمدافعة الشهوة والتغلب عليها ومن ذلك:
1) حسم مادة الشهوة وتضييق مجاريها.
2) قطع الأسباب المهيجة للشهوة.
3) التسلي عن الشهوة بجنسها من المباحات.
4) الصبر وقد يقول قائل: لا أستطيع أن أصبر، الصبر صعب، فنقول: الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة من تبعات.
5) تعبد الله تعالى بأسمائه وصفاته وكثرة ذكره سبحانه.
6) استشعار فوات وصف الإيمان الكامل، كما صح عن النبي J أنه قال: (لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن).
7) استشعار العِوض: فإن من ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه.
8) تذكر الموت والدار الآخرة.
9) تدبر القرآن والعمل به.
10) التفكر في مقابح الصورة التى تدعوه نفسه اليها، فإن كانت المرأة تفجُر معه ومع غيره، فليعز نفسه أن يشرب من حوض ترِدُه الكلاب والذئاب.
11) الدعاء والانكسار بين يدي الله.
ومعلوم مما سبق بيانه أن اتباع الشهوات يوقع الإنسان فى كثير مما يكرهه، من مرض وضلال وحجب وغفلة وعذاب فى الدنيا والآخرة، وصدق الإمام حين قال فى الحكمة: من لم يترك كثيرًا مما يشتهى، وقع فى كثير مما يكره.
قبل أن نتكلم على هذه الآية الشريفة، أكشف لك سرًّا يستبين لك به أن الخلاف بين العلماء لفظى فى مثل هذه الآيات الشريفة.
يقول الله تعالى: )زُيِّن للناس حب الشهوت(، ومعنى هذا التزيين أن الله خلق الإنسان مكونًا من حقائق مختلفة تدعو إلى ضروريات وكماليات، وخلق أنواعًا كثيرة لا غنى لتلك الحقائق عنها، فالإنسان مضطر إليها اضطرارًا طبيعيًّا، وهذا عندى هو التزيين، والذى زَيَّن هذا هو الله تعالى، وقد أباح لنا ما نضطر إليه ولو كان لحم الميتة، وأباح للضيف إذا نزل محلة قوم ومنعوا القِرى عنه حتى دعته الضرورة فأخذ متاعًا من أمتعتهم ليقتات به، لا يكون عليه حرج فى ذلك، لأن الضرورة قضت عليه، قال تعالى : )إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ( (الأنعام: 115)، وذلك لأن الله تعالى زين تلك الأنواع التى خلقها للإنسان لتنكشف أسرار الآيات لمن يستعملها، فإن الإنسان إذا تناول ما خلقه الله وكان له نظر ثاقب، شهد من آيات البديع وأسرار القادر وحكمة الحكيم ما يجعل قلبه يطمئن بذكر الله، ويندفع بعامل نيل شهواته المباحة إلى شكر الله، وذلك هو المقصود من إيجاد الخلق، قال تعالى: )وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ( (الذاريات: 56).
إذًا فالله هو الذى زَيَّن حب الشهوات للناس، ولكنه سبحانه حظر عليهم استعمال ما حرمه مما يضر الأجسام ويفسد العقول، كالمسكرات والمخدرات، وما يفسد الأخلاق ويوقع فى الشحناء كالربا، وما لا ضرورة إليه كالمغصوب والمسروق، وأباح لنا ما عدا ذلك مما تدعو إليه الضرورة من طعام وشراب وملبس يقى الحر والبرد، ومأوى يحفظ الإنسان من ضرر اللصوص والوحوش وسلطان البرد والحر، وعلى ذلك فالذى زين للناس حب الشهوات المباحة، وجعل الإنسان يصرف أنفس أوقاته فى طلبها، هو الله تعالى، لحكمة عالية اقتضتها صحته الروحانية وصحته الجسمانية، فإذا تعدى الإنسان إلى حب الشهوات التى حظرها الله عليه، وأمره أن لا يقع فيها، كان ذلك سببه الشيطان الذى وسوس إليه فزينها له، وإن كان ذلك كله بإرادة الله تعالى وتقديره.
(زُين للناس حب الشهوات) أى حب النساء وما بعدها، ولكنه ذكر الشهوات بمعنى المشتهيات؛ لأن الشهوة بمعنى المشتهاة، والحب قد يكون للشهوة ولكن العبد يكره أن يقع فيها، فلا يدعوه ذلك الحب إلى الوقوع فى الشهوة، وقد يحب الوقوع، والنوع الأول هم عامة المسلمين الذين يحبون الشهوات مطلقًا، ولكن تمسكًا بالدين يكرهون الوقوع فيها، وأما الذين يحبون الشهوات والوقوع فيها فهم المنافقون والمشركون بالله تعالى، وأما أهل الإيمان الكامل فإنهم لا يحبون الشهوات ولكن يحبون المنعم بالنعمة، فإذا استعملوا الشهوات فيما أباحه الله لهم شهدوا مشهديْن: شهدوا المنعم جل جلاله، وشهدوا الأمر باستعمالها ليذكروه ويشكروه، فكان محبوبهم المنعم جل جلاله، ومن أمر ونهى سبحانه لا الشهوات من حيث هى مشتهيات؛ لأن الحكمة فى تزيين الله الشهوات بينتها لك، والقوم أقرب مشهد لهم شهود الحكمة فيما يرون أنفسهم فى حاجة إليه.
والشهوات تستبد بالحواس، وتحجب العقل، وتُذهب اللب، وتؤدى إلى حالة غفلة، وبذلك يُحجب الوعى، وتحدث إغماءة عقلية، يقول الخواص 0: أنت عبد لما تشتهى، وعبد من تخاف، وعبد من تطمع فيه، فمن ارتقى فوق الإشتهاء والخوف والطمع أصبح عبدا لله، وقال إبراهيم بن أدهم 0 لرجل: أتحب أن تكون وليًّا لله تعالى؟ قال: نعم، قال: لا ترغب فى شيء من الدنيا والآخرة، وفرغ نفسك لله تعالى، وأقبل بوجهك وكليتك عليه ليقبل عليك ويواليك، وقال بعضهم: إنى لأدخل السوق والأشياءُ كلها تشتاق إلىَّ وأنا غنى عنها، وعلى ذلك تكون الشبْهة آفة التصديق، والشهوة آفة العبادة.
ومن عجيب قدرة الله تعالى أنه خلق الخلق من حيث وجود الشهوة على ثلاثة أصناف: قال قتادة: خلق الله سبحانه الملائكة عقولاً بلا شهوات، وخلق البهائم شهوات بلا عقول، وخلق الإنسان وجعل له عقلاً وشهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو مع الملائكة، ومن غلبت شهوته عقلـــه فهو كالبهائم، وهناك حِكم من تركيب الشهوة فى الإنسان قد نعرف بعضها ونجهل الكثير منها، ومن هذه الحكم: التكاثر والحفاظ على النسل - الابتلاء والامتحان - الإقبال على الله والانكسار بين يديه - التشويق إلى ثواب الآخرة والرغبة فيه؛ لأنه لا نسبة بين ثواب الآخرة الباقية وشهوات الدنيا الفانية.
عواقب اتباع الشهوات.. كيف ندفعها؟
وهناك عواقب وخيمة تنتج من اتباع الشهوات منها:
1) مرض القلب: الذى قال فيه الحق تبارك وتعالى: )يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ( (الأحزاب: 32).
2) الضلال عن الحق بسبب سكر الشهوة: قال تعالى في قوم لوط: )لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ( (الحجر: 72)، وهذا السكر أشد من سكر الخمر، فإن سكر الخمر يكون يومًا أو قريبًا من يوم، وأما سكر الشهوة والمحبة فإنه يدوم طويلاً.
3) الشهوة بريد الكفر والخروج عن الدين.
4) الحَجْب عن الرب جل وعلا: فإن العبد إذا قدم شهوته على مراد ربه، عرَّض نفسه للحجب والجفاء بينه وبين الله.
5) إدمان الشهوة وتعلق القلب بها: كما نرى أن مدمنى الشهوات يصيرون إلى حالة لا يلتذون بها، وهم مع ذلك لا يستطيعون تركها، ونرى مدمن الخمر والجماع لا يلتذ به عشر معشار التلذذ بمــن يفعله في بعض الأحيان.
6) الغفلة عن ذكر الله والصلاة: لأن العبد إذا قهر شهوته وهواه، قوي قلبه على الصلاة والخشوع فيها، وهذا بخلاف من قهرته الشهوة وأسره الهوى، ووجد الشيطان فيه مقعدًا، فإنه لا يمكن أن يتخلص من الوساوس والأفكار الرديئة.
7) الشقاء والحسرة في الدنيا: فيا حسرة المحب الذي باع نفسه لغير الحبيب الأول بثمن بخس وشهوة عاجلة، ذهبت لذتها وبقيت تبعتها وصدق من قال:
وما في الأرض أشقى من محب وإن وجـد الهـوى حلو المذاق
تراه بـاكيًا فـي كـل حـيـن مخافة فـرقـة أو لاشـتـياق
فيبكي إن نـأوا شـوقًا إليـهم ويبـكي إن دنـوا حذر الفراق
8) العقوبة عند الموت وفى البرزخ، والعذاب في النار.
وللانتصار على الشهوة عدة ثمرات في الدنيا والآخرة منها: سلامة القلب من الأمراض - علو النفس والالتحاق بالملأ الأعلى وهم الملائكة الأبرار - النجاة من عذاب الله فى الدنيا والآخرة - دخول الجنة قال تعالى: )وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِوَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى( (النازعات: 40 – 41)، كمال الإيمان ولذة الأنس بالله والشوق إليه.
وهناك وسائل لمدافعة الشهوة والتغلب عليها ومن ذلك:
1) حسم مادة الشهوة وتضييق مجاريها.
2) قطع الأسباب المهيجة للشهوة.
3) التسلي عن الشهوة بجنسها من المباحات.
4) الصبر وقد يقول قائل: لا أستطيع أن أصبر، الصبر صعب، فنقول: الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة من تبعات.
5) تعبد الله تعالى بأسمائه وصفاته وكثرة ذكره سبحانه.
6) استشعار فوات وصف الإيمان الكامل، كما صح عن النبي J أنه قال: (لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن).
7) استشعار العِوض: فإن من ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه.
8) تذكر الموت والدار الآخرة.
9) تدبر القرآن والعمل به.
10) التفكر في مقابح الصورة التى تدعوه نفسه اليها، فإن كانت المرأة تفجُر معه ومع غيره، فليعز نفسه أن يشرب من حوض ترِدُه الكلاب والذئاب.
11) الدعاء والانكسار بين يدي الله.
ومعلوم مما سبق بيانه أن اتباع الشهوات يوقع الإنسان فى كثير مما يكرهه، من مرض وضلال وحجب وغفلة وعذاب فى الدنيا والآخرة، وصدق الإمام حين قال فى الحكمة: من لم يترك كثيرًا مما يشتهى، وقع فى كثير مما يكره.