آخر الأخبار
موضوعات

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

- سيدنا أبوبكر الصديق والاسلام

عدد المشاهدات:
اسمه و نسبه
هو عبدالله بن عثمان المكنى بأبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن كعب بن لؤي القرشي التيمي لقبه رسول الله عليه الصلاة و السلام عتيقاً و غلب عليه ذلك ، إذ قال له : أنت عتيق الله من النار ، كما لقبه نبينا الكريم أيضاً بالصديق لتصديقه خبر الإسراء و المعراج رغم تكذيب المشركين له و تشكيك بعض المسلمين

اسلام أبي بكر
صحب أبو بكر رسول الله عليه الصلاة و السلام قبل البعثة و كان أول السابقين إلى الإيمان به و بنبوته و استمر معه طوال إقامته بمكة و رافقه في الغار و في الهجرة و في المشاهد كلها إلى أن مات كان أبو بكر الصديق يتمتع بعقيدة راسخة و إيمان ثابت ، فلا تؤثر فيه الخطوب و المحن ، و إنما تزيده رسوخاً و ثباتاً ، و قد شهد له الرسول بذلك ، فقد جاء عن ‏ ‏ابن عمر أنه‏ ‏قال ‏ ‏خرج علينا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال ‏ ‏رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين فأما المقاليد فهذه المفاتيح وأما الموازين فهي التي تزنون بها فوضعت في كفة ووضعت أمتي في كفة فوزنت بهم فرجحت ثم جيء ‏ ‏بأبي بكر ‏ ‏فوزن بهم فوزن ثم جيء ‏ ‏بعمر ‏ ‏فوزن فوزن ثم جيء ‏ ‏بعثمان ‏ ‏فوزن بهم ثم رفعت ‏ و قد جاء عن الرسول صلى الله عليه و سلم في صدق إيمان أبي بكر و تسليمه المطلق لحقائق الإيمان أن أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله تعجبا وفزعا أبقرة تكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أومن به وأبو بكر وعمر قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى استنقذها منه فالتفت إليه الذئب فقال له من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري فقال الناس سبحان الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر

منزلة أبي بكر الصديق
كان أبو بكر الصديق أعلم العرب بأنسابها ، و كان رجلاً مؤلفاً لقومه ، محبباً سهلاً ، و كان أنسب قريش لقريش و أعلمهم بما كان منها ، من خير او شر ، و كان تاجراً ذا خلق و كان قاضياً للدماء في الجاهلية و لما أسلم أبو بكر الصديق ازداد رفعة و مكانة عند الله و عند رسوله و الذين آمنوا معه أبو بكر لصديق رضي الله عنه في ميزان الصحابة أفضل رجل بعد رسول الله ، يقدمونه في كل أمر ، كما قدمه رسول الله عليه الصلاة و السلام في الإمامة و غير الإمامة ، فقد روي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :( لا ينبغي لقوم فيهم رسول الله أن يؤمهم غيره ) و لمنزلة أبي بكر عند الرسول صلى الله عليه و سلم ، فقد اختاره حين مرضه ليؤم بالمسلمين ، و أصر على ذلك رغم أن عائشة كانت قد اقترحت أن يؤم عمر بن الخطاب دون أبي بكر و كما كان لأبي بكرة منزلة رفيعة عند رسول الله ، احتل أيضاً منزلة عظيمة بين الصحاابة و المسلمين ، و لذلك فقد اختاروه خليفة لرسول الله عليه الصلاة و السلام بعد موته ليحكم بشرع الله و يقيم العدل بين الناس ، فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال يوم السقية ( بل نبايعك أنت ، فانت سيدنا و خيرنا و احبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ عمر بيده فبايعه و بايعه الناس) أما عن حب رسولنا الكريم لأبي بكر ، فقد فاق كل حب ، إذ كان أبو بكر أحب الصحابة لرسول الله ، و قد أقر محمد عليه الصلاة و السلام بذلك حين سئل عن أحب الرجال إليه فأجاب قائلاً بأنه أبو بكر

حب أبي بكر للرسول
أمر الله سبحانه و تعالى المسلمين بالمحبة و المودة و التراحم و الأخوة الصادقة فيما بينهم ، فكان أبو بكر الصديق خير من جسد و طبق هذه الأوامر و التعاليم في حبه للرسول -صلى الله عليه و سلم - فقد كان أبو بكر الصديق يحب الرسول أكثر من حبه لنفسه و ولده و ماله ، و كان رفيقه في السراء و الضراء و حين تشتد المصاعب ، حيث رافقه بالهجرة و لم يكترث للمخاطر الشديدة التي قد تلحق به من قريش لو أدركوه هو و صاحبه ، و كان أبو بكر يخشى على الرسول -صلى الله عليه و سلم- و يفتديه بنفسه فيتقدم الطريق قبله و يدخل الغار قبله حتى يتلقى عنه أي مفاجئة أو أي مكروه من الممكن أن يصادفهما . و من شدة حبه للرسول -صلى الله عليه وسلم- كان أول من أسلم و أول من صدق الرسول في كل كلمة قالها ومن شدة حبه أيضا خدم الإسلام بإخلاص و تفاني لم يكن له ، مثيل فكان خير صديق لخير الأنبياء . كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحب رسول الله صلى الله عليه و سلم كثيراً ، و كان ذلك الحب يطغى على نفسه و ولده و والده و الناس أجمعين و قد جاء في كتب السيرة أن أبا بكر رضي الله عنه لما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة أخذ يمشي ساعة بين يدي رسول الله و ساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني قال نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر مكانك يا رسول الله حتى أستبرى ء لك الغار فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة فقال مكانك يا رسول الله حتى أستبرى ء الحجرة فدخل واستبرى ء ثم قال انزل يا رسول الله فنزل فقال عمر والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر و في حديث آخر قال أبو بكر لرسول الله عليه الصلاة و السلام على فم الغار : والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فلم ير شيئًا، فحمله فأدخله، وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاعٍ، فخشي أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله ، فألقمه قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي، وجعلت دموعه تنحدر، ورسول الله يقول له يا أبا بكر، لا تحزن إن الله معنا

دعوة أبي بكر للإيمان
لم يكتف أبو بكر بتصديق الرسول و الإيمان به ، بل أخذ يجهر بإسلامه و يدعو الناس إلى هذا الدين الحنيف ، و كان يستغل لذلك كل موقف يجده مناسباً ، فأسلم على يده كثير من الصحابة أمثال عثمان بن عفان و طلحة بن عبيد الله و سعد بن أبي وقاص و عبدالرحمن بن عوف ، و من الجدير ذكره أن هؤلاء كلهم قد بشرهم الرسول بالجنة لاقى أبو بكر الصديق أثناء دعوته الناس للإسلام أذى كثيراً ، و ضرب لذلك ضرباً عنيفاً ، لكنه ما ضعف من ذلك و لا استكان ، و لا لانت له قناة عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما اجتمع أصحاب النبي وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور فقال : يا أبا بكر إنا قليل. فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، جالس فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ضربا شديدا ، ووطئ أبو بكر وضرب ضربا شديدا ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ويحرفهما لوجهه ، وأثر ذلك حتى ما يعرف أنفه من وجهه ، وجاءت بنو تيم تتعادى فأجلوا المشركين عن أبي بكر وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه بيته ولا يشكون في موته ، ورجع بني تيم فدخلوا المسجد وقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة و رجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجابهم فتكلم آخرالنهار : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فنالوه بألسنتهم وعذلوه و هذا كله يدل على محبة أبي بكر للرسول ، فإنه قد تجاوز كل ما قاسى من آلام فس سبيل سلامة القائد المحبوب و قد روى الإمام البخاري في صحيحه بإسناده عن عروة بن الزبير قال : سألت عبدالله بن عمرو بن العاص قلت : أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم قال بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرالكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالأتقتلون رجلا أن يقول ربي الله

إنفاق أبو بكر في سبيل الله
كان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه موسراً وغنيّاً من أغنياء قريش؛ حيث أعطاه الله تعالى مالاً كثيراً لينفقه في سبيل نصرة الإسلام والمسلمين، فقد ذكر صاحب كتاب الإصابة أنّ أبا بكر قد أسلم وله أربعون ألف درهم أنفقها كلّها في سبيل الله، ولمّا هاجر إلى المدينة أخذ ماله وترك أهله وأنفق ما أخذه في سبيل الله. واشترى أبو بكر بعيراً وقدّمه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليحمله إلى يثرب، واشترى أبو بكر أيضاً الرّقيق الّذين أسلموا وحرّرهم من ظلم الطواغيت؛ فقد أعتق بلال بن رباح، وعامر بن فهيرة، ونذيرة، والنهديّة وابنتها، وجارية بني المؤمل، وأمّ عبيس. واعترف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر ببذله وإنفاقه في سبيل هذا الدّين، فقال صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ أمنّ النّاس عليّ في صحبته وماله أبي بكر، ولو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر، ولكن أخوّة الإسلام). وحينما كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يندب المسلمين إلى التبرّع والإنفاق، كان لا يتقدّم على أبي بكر أحدٌ من الصحابة؛ حيث روى الإمام الترمذيّ عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوما أن نتصدّق فوافق ذلك مالاً عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله، قال وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكلّ ما عنده، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أبقيت لأهلك، قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت لا أسابقك إلى شيء أبداً. ومن الّذين أنفق عليهم أبو بكر ابتغاء وجه الله مسطح بن أثاثة الّذي شارك في حديث الإفك، واستمرّ أبو بكر بالإنفاق عليه بعد حديث الإفك بتوجيهٍ من ربّه.

شجاعة أبو بكر الصديق
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه رجلاً شجاعاً ، فقد شارك في كل غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم ، و قاد عدداً كبيراً من السرايا و البعوث أو شارك فيها ، و قد شهد له أبطال الصحابة رضوان الله عليهم و في مقدمتهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه حامل لواء الرسول صلى الله عليه و سلم في أكثر من موطن و مجندل عتاة الأبطال عن محمد بن عقيل قال : خطبنا علي بن أبي طالب فقال : أيها الناس ، أخبروني من أشجع الناس ؟ قالوا : أنت يا أمير المؤمنين ، قالأما إني ما بارزت أحداً إلا انتصفت منه ، و لكن أخبروني بأشجع الناس ، قالوا : لا نعلم ، فمن ؟ قال : أبو بكر ، إنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه و سلم عريشاً فقلنا : من يكون مع رسول الله صلى الله عليه و سلم لئلا يهوي إليه أحد من المشركين ؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه و سلم ، لا يهوي أحد إليه إلا أهوى إليه ، فهذا أشجع الناس ، و لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم و أخذته قريش فهذا يجأه و هذا يتلتله و هم يقولون  : انت الذي جعلت الآلهة إلهاً واحداً ! فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا و يجأ هذا و يتلتل هذا ، و هو يقول : ويلكم ، أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ! ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ، ثم قال : انشدكم الله ! أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر ، فسكت القوم ، قال : ألا تجيبونني ! فوالله لساعة من أبي بكر خير من مثل مؤمن آل فرعون ! ذاك رجل يكتم إيمانه و هذا رجل أعلن إيمانه

استخلاف أبي بكر
عندما توفي الرسول عليه الصلاة و السلام ، شغر منصب رئيس الدولة ، فلا بد من اختيار من يخلف رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحرس دين الإسلام و يبشر به و يسوس به الدنيا فاختار المسلمون أبا بكر لعدة اعتبارات نذكر لكم بعضاً منها لقد اختاره رسول الله صلى الله عليه و سلم ليؤم بالمسلمين في مرض موته و أبى أن يصلي أحد بالمسلمين غيره فقد روى الترمذي باسناده عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس فقالت عائشة: يا رسول الله إنّ أبا بكر رجل رقيق حصـر ومتى لايراك يبكي والناس يبكون، فلو أمرت عمر يصلي بالناس فخرج أبو بكر، فصلَّى وفي صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد وطبقات ابن سعد وأنساب الأشراف و اللفظ للأول عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله (ص) جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: «مروا أبا بكر أن يصلِّي بالناس». فقلت: يا رسول الله إنّ أبا بكر رجل أسيف، وانه متى يقم مقامك لايسمع الناس، فلو أمرت عمر . قال: «انكُنَّ انتنَّ صواحب يوسف مروا أبا بكر أن يصلِّي بالناس» كما أن المسلمين قد اختاروه لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم من أحاديث كثيرة تشعر بأهميته و فضله على سائر الصحابة ، فقد روى الإمام البخاري رحمه الله في حديث سقيفة بن ساعدة ، و قد رشح أبو بكر عمر بن الخطاب و أبا عبيدة ليبايع من في السقيفة أحدهما : فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : بل نبايعك أنت ، فأنت سيدنا و خيرنا و أحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و روى الإمام الترمذي رحمه الله عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتته إمرأة فكلمته في شيء و امرها بأمر ، فقالت : أرأيت يارسول الله إن لم اجدك ؟ قال : فإن لم تجديني فأتي بأبي بكر و لا يتسع المقام لذكر تميز به الصحابة من خصال تقدمه عليهم ، فهو الذي امره الرسول صلى الله عليه و سلم على إمارة الحج في العام التاسع للهجرة ، و هو الذي أبقى رسول الله خوخته مفتوحة على مسجده و امر غيرهم بإغلاق أبوابهم عن المسجد ، و هو الذي قال رسول الله فيه (لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر

مرض أبي بكر و وفاته
مرض أبو بكر الصديق رضي الله عنه في شهر جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة للهجرة ، و ذلك بسبب سم وضعه له يهودي في حريرة و هو الحسو ، فأكل هو و الحارث بن كلدة ، فكف الحارث و قال لأبي بكر : أكلنا طعاماً مسموماً سم سنة ، فماتا بعد سنة ، و قيل إنه استغل و كان يوماً بارداً فحم خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى صلاة ، فأمر عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس توفي لثماني ليال بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء و هو ابن ثلاث و ستين سنة ،و دفن ليلاً و صلى عليه عمر بن الخطاب في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و حمل على السرير الذي حمل عليه الرسول ، و دخل قبره ابنه عبدالرحمن و عمر و عثمان و طلحة ، و جعل رأسه عند كتفي النبي صلى الله عليه و سلم و ألصق لحده بلحد الرسول ، و كان آخر ما تكلم به أبو بكر الصديق : اللهم توفني مسلماً و ألحقني بالصالحين و يذكر أن أبا بكر رضي الله عنه كان عند ابنته عائشة لما حضرته الوفاة فرأته و هو يقاسي سكرات الموت فتمثلت قول الشاعر لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً و ضاق بها الصدر إليها أبو بكر كالغضبان ثم قال : ليس كذلك ، و لكن : ( و جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) إني كنت قد نحلتك حائطًا وإن في نفسي منه شيئًا فرُدِّيه على الميراث قالت: نعم. فَرَدَّتْهُ، أما إنَّا منذ وُلِّينا أمر المسلمين لم نأكل دينارًا ولا درهمًا ولكن قد أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبِسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضح وجرد هذه القطيفة فإذا متّ فابعثي بها إلى عمر وأبرئيني منهن. ففعلت فلما جاء الرسولُ عمرَ بكى حتى جعلت دموعه تسيل على الأرض وجعل يقول: رحم الله أبا بكر لقد أتعب مَن بعده , يا غلام، ارفعْهن. فقال عبد الرحمن بن عوف: سبحان الله تسلب عيال أبي بكر عبدًا حبشيًّا وبعيرًا ناضحًا وجرد قطيفة ثمنه خمسة دراهم؟ ! قال: فماذا تأمر؟ قال: تردهن على عياله. قال: لا والذي بعث محمدًا بالحق لا يكون هذا في ولايتي أبدًا ولا يخرج أبو بكر منهن عند الموت وأردهن أنا على عياله. الموت أقرب من ذلك

من خطب أبي بكر
لما ولي أبو بكر الخلافة ، خطب بالناس فقال «أما بعد، أيـّها الناس، قد وليت أمركم ولست بخيركم، ولكن نزل القرآن، وسن النبي السنن، فعلمنا أن أكيس الكيس التقى، وأن أحمق الحمق الفجور، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق. أيـّها الناس، إنما أنا متبع ولست بمبتدع، فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم و من خطبه أيضاً ما قاله يوماً أما تعلمون انكم تغدون و تروحون في أجل معلوم ، و لا خير في قول لا يراد به وجه الله تعالى ، و لا خير في مال لا ينفق في سبيل الله ، و لا خير في من يغلب حلمه و لا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم و قال أبو بكر أيضاً أين الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط وجعلوا فيها الأعاجيب قد تركوها لمن خلفهم فتلك مساكنهم خاوية وهم في ظلمات القبور هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا أين من تعرفون من أبنائكم وإخوانكم قد انتهت بهم آجالهم فوردوا على ما قدموا فحلوا عليه وأقاموا للشقوة والسعادة فيما بعد الموت و قد خطب أبو بكر بالصحابة عند الردة فقال أما بعد ، فإن الله بعث محمداً صلى الله عليه و سلم و الحق قليل شريد ، و الإسلام غريب طريد ، قدرت حبله (ضعف) وقل أهله ، فجمعهم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم ، و جعلهم الامة الباقية الوسطى والله لا أبرح أقوم بأمر الله و أجاهد في سبيل الله حتى ينجز الله لنا ويفي لنا عهده ، فيقتل من يقتل منا شهيداً في الجنة ، و يبقى من يبقى منا خليفة الله في أرضه ، ووارث عباده ، قضى الله الحق ، فإن الله تعالى قال - وليس لقوله خلق-وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم)


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير