عدد المشاهدات:
(الوصول وجدان باعث الوله إلى التخلق بأخلاق الربوبية).
ومعنى هذه العبارة، أن العبد السالك في طريق الله تعالى، إنسان انكشفت له حقيقة هذه الحياة الدنيا، فأيقن بزوالها، وأنه راجع إلى الله كادح في العودة إليه، وأنه يقطع أنفاسه بسرعة مرور الزمن في الإسراع إلى لقائه جل شأنه، فاشتدت رغبة هذا الإنسان، بل وألحت عليه ضرورة الرجوع إلى الله، في أن يتعرف على الله، وأن يطلب الله وأن يجاهد نفسه في معرفة أخلاق الله، وآداب الله وصفات الله، وأسماء الله، وبعد معرفته لله سبحانه وتحققه بكمال رأفته وشفقته وعظيم حنانته ورحمته جلَّ جلاله بالإنسان فعند ذلك يحصل له وجدان وشوق، وإحساس قوى، يبعث في نفسه الوله والاحتراق، والعشق الشديد إلى التخلق بمعاني أخلاق الله وصفاته الكريمة وأسمائه الحميدة ليكون فيه من صفات الله ما يتقرب به من الله، وما يتحبب به إلى جناب الله، لأن الله سبحانه وتعالى يحب في العبد المؤمن أخلاقه وصفاته جلَّ جلاله، ولا يحب طول الإنسان وعرضه، ومظهر الإنسان وشكله وقوام الإنسان وجسمه، سر قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم}. ومعنى هذا الحديث الشريف أن نظر الله لنا ليس هو رؤية الله للعبد فإن الله لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا تغيب عنه مثقال ذرة ولا أصغر في عالم الملك والملكوت، فهو يرى كل شيء ويسمع كل شيء، ولكن المقصود بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد من نظره جلَّ شأنه للإنسان المؤمن، هو حبه جلَّ جلاله، وإقباله على العبد بمعاني وداده ورأفته وحنانته، ليواجه سبحانه بصفاته العلية هذا العبد المتصف بهذه الصفات، فإنه أهل لنظر الله، وأهل لمواجهة الله، وأهل لمحبة الله، لأنه تخلق بأخلاق ربه، ولذلك قال الإمام رضي الله عنه:
(وجدان باعث الوله إلى التخلق بأخلاق الربوبية).
فقوله بأخلاق الربوبية، يعنى اتصف العبد بمعاني صفات الربوبية من التربية والإمداد، والإحسان والإكرام، والشفقة والرحمة، والعطف والمودة، والحنان والهداية، والنصح والإرشاد، والتوجيه والتعليم، والصبر والرضا، وجميع الأخلاق التي هي من معاني الربوبية، ما عدا الخلق والإيجاد، والتصوير والإبداع من العدم فإنها خاصة بذات الرب جلَّ جلاله.
وهنا يحلو للعبد الفرق في مقام الجمع، فيكون العبد جامعاً بين مكانته العبدية من الذل والخضوع والانكسار والافتقار، وبين معاني صفات الربوبية من الرحمة والشفقة والإحسان والود وغيرها، ويكون العبد فارقاً بين رتبته العبدية والمكانة القدسية العلية. وهذا هو كمال التنزيه لله جلَّ جلاله، فالعبد عبد وإن خلع الله عليه من معاني صفاته وأخلاقه حلل الجمال والكمال، وإن ناجاه وقربه إلى مقامات الأنس والوصال، والرب رب وإن تنزل إلى العبد فواجهه وكلمه وناجاه، والعبد عبد وإن رفعه الله فوق العرش وأدناه.
والعبد الكامل لا يغرق في هذه البحار، وإنما يغوص فيها لاستخراج كنوز الحقائق ودرر المعاني، لينتفع بها في نفسه، وينفع بها أهله وإخوانه، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والسالك يسير على الصراط المستقيم، ويقطع المسافات والمراحل حتى يصل إلى معرفة الله وحبه لله، والواصل متخلق بأخلاق الله ومجاهد نفسه للتأدب بآدابه، حتى ينال المحبة والقرب من الله عزَّ وجلَّ، والمقرب مطلوب العناية الإلهية ومجذوب الولاية الرحمانية، فان عن نفسه وعن عمله، وعن علمه وعن جهاده، محمول على رفارف الفضل، محفوظ من الفتنة والزيغ. وذلك معنى قول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي:﴿ من طلبني وجدني، ومن وجدني عرفني، ومن عرفني عشقني ومن عشقني قتلته، ومن قتلته كنت ديته، ومن كنت ديته كان لا فرق بيني وبينه﴾. ومعنى ﴿لا فرق بيني وبينه﴾، لا أجعل بيني وبينه حجاباً ولا مسافة ولا زمانًا بل يكون عند الله والله عنده، بلا زمان ولا مكان، لأن الله من وراء الزمان والمكان، ومن وراء كل شيء، ومن كان عند الله ترك كل شيء يشغله عن الله، وفات كل شيء يبعده عن الله، ليكون مع الله بلا قيد في وسعة الإطلاق الإلهية من وراء جميع العوالم العلوية والسفلية، وكان الله سبحانه عوضاً له من كل شيء.
ومعنى قول الله في الحديث القدسي﴿ومن عشقني قتلته﴾.يعنى أفنيته عن نفسه وعن شهوته، وعن حظه وعن طمعه، وعن حرصه وعن أمله، وعن حبه لغيره سبحانه، فلم يكن فيه شيء لغير الله عزَّ وجلَّ، وهذا هو قتيل الغرام، وشهيد المحبة والعشق والهيام الإلهي، لأن العشق نار معنوية تستعر في الضلوع والأحشاء فتهيجها إلى المحبوب والمعشوق، وتشدها إلى الله ورسوله شداً قوياً. قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
نار الغرام سعيرها أحيا الهـوى حتى تمنيت الشهود لـدى اقتراب
لم أقو والجبل الشديد اندك من برق التجلي والفتى الفاني أنـاب
الشوق صولته وقدري عبـده والأنس فوق الروح بل لب اللباب
ومعنى قول الله تعالى في الحديث القدسي ﴿ومن قتلته كنت ديته﴾.أن الله سبحانه وتعالى لما أفنى العبد عن كل ما تقدم ذكره، أبدله الله أنساً يجد لذته في نفسه، وقرباً يجد نعيمه في قلبه، وعطفاً ووداً يجد سروره في فؤاده. زالت عنه الوحشة وبعدت عنه الغربة، واضمحلت في نظره الدنيا وزخارفها، وصار الله مراده ووجهته وقصده، يطلبه في كل شيء، ويتعرف عليه في كل أمر وشأن، ويعشقه في كل ظاهر وباطن، وأصبح الله منه على بال وصار الحق جل جلاله معالماً بين عينيه لا يغيب، وحاضراً لديه وفي كل نفس قريب.
وهذا هو الوجدان الذي يبعث الوله والغرام في نفس طالب الوصول إلى الله عزَّ وجلَّ، والراغب في رضوانه الأكبر ورضاء رسـوله صلى الله عليه وسلم، حتى يتحلى هذا العبد بمعاني صفات الله عزَّ وجلَّ ويتخلق بأخلاقه الكريمة، ويكون بينه وبين الله نسب ويقربه إليه وحب يوصله إليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم والآلاء، وأحبوني لحب الله، وأحبوا آل بيتي لحبي}. وقال الإمام رضي الله عنه مبيناً معنى الحب لله ورسوله:
الحب حبان حب عن مواجهة بالاجتــلاء وهذا للأقلينـــا
أو فهم أسرار آيات منزلــة بها الوصول إلى روضات عالينــا
وقال أيضاً:
الحب ما الحب نور الله يمنحه أهل الصفا بدوام الود والحال
ولا يتحقق الحب إلا بعد معرفة المحبوب، ومشاهدة جمالاته وكمالاته ومحاسنه وأخلاقه، وهذا هو حب الأفراد المقربين والمصطفين المحبوبين، الذين واجههم الله بمعانيه الحسان، وأخلاقه العظام. ومن دون ذلك حب من أجل الأيادي والنعم، والعطايا والمنن، وهو حب السالكين الذين عرفوا فضل الله عليهم، وتحققوا بإحسان الله إليهم، وشهدوا نعمه سبحانه التي أمدهم بها وأسبغها عليهم ظاهرة وباطنة، فأحبوه سبحانه لذلك، وأحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه باب لفضل الله عزَّ وجلَّ، وسبب لرضوان الله، ووسيلة عظمى لنوال كل خير في الدنيا والآخرة. وهذا هو حب المؤمنين السالكين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حب المقربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حب ذاتي. بمعنى أنهم تحققوا بأنه صلى الله عليه وسلم هو رحمة الله بهم، وعناية الله بهم، ونعمة الله لهم، وفضل الله عليهم، وأنه صلى الله عليه وسلم أولى بهم من أنفلسهم وأرحم بهم من أنفسهم، ومن آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم فأحبوه صلى الله عليه وسلم حباً جعل الواحد منهم يتمنى أن يموت نصرة له صلى الله عليه وسلم وفداء لمبادئه صلى الله عليه وسلم، بل يتمنى الواحد منهم أن يقتل ولا يسمع أن أحدا ً أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة. وذلك الحب ناتج عن مواجهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بأسراره وأنواره وعلومه ونظراته وتوجهاته صلى الله عليه وسلم.
فضيلة الشيخ محمد على سلامة
ومعنى هذه العبارة، أن العبد السالك في طريق الله تعالى، إنسان انكشفت له حقيقة هذه الحياة الدنيا، فأيقن بزوالها، وأنه راجع إلى الله كادح في العودة إليه، وأنه يقطع أنفاسه بسرعة مرور الزمن في الإسراع إلى لقائه جل شأنه، فاشتدت رغبة هذا الإنسان، بل وألحت عليه ضرورة الرجوع إلى الله، في أن يتعرف على الله، وأن يطلب الله وأن يجاهد نفسه في معرفة أخلاق الله، وآداب الله وصفات الله، وأسماء الله، وبعد معرفته لله سبحانه وتحققه بكمال رأفته وشفقته وعظيم حنانته ورحمته جلَّ جلاله بالإنسان فعند ذلك يحصل له وجدان وشوق، وإحساس قوى، يبعث في نفسه الوله والاحتراق، والعشق الشديد إلى التخلق بمعاني أخلاق الله وصفاته الكريمة وأسمائه الحميدة ليكون فيه من صفات الله ما يتقرب به من الله، وما يتحبب به إلى جناب الله، لأن الله سبحانه وتعالى يحب في العبد المؤمن أخلاقه وصفاته جلَّ جلاله، ولا يحب طول الإنسان وعرضه، ومظهر الإنسان وشكله وقوام الإنسان وجسمه، سر قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم}. ومعنى هذا الحديث الشريف أن نظر الله لنا ليس هو رؤية الله للعبد فإن الله لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا تغيب عنه مثقال ذرة ولا أصغر في عالم الملك والملكوت، فهو يرى كل شيء ويسمع كل شيء، ولكن المقصود بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد من نظره جلَّ شأنه للإنسان المؤمن، هو حبه جلَّ جلاله، وإقباله على العبد بمعاني وداده ورأفته وحنانته، ليواجه سبحانه بصفاته العلية هذا العبد المتصف بهذه الصفات، فإنه أهل لنظر الله، وأهل لمواجهة الله، وأهل لمحبة الله، لأنه تخلق بأخلاق ربه، ولذلك قال الإمام رضي الله عنه:
(وجدان باعث الوله إلى التخلق بأخلاق الربوبية).
فقوله بأخلاق الربوبية، يعنى اتصف العبد بمعاني صفات الربوبية من التربية والإمداد، والإحسان والإكرام، والشفقة والرحمة، والعطف والمودة، والحنان والهداية، والنصح والإرشاد، والتوجيه والتعليم، والصبر والرضا، وجميع الأخلاق التي هي من معاني الربوبية، ما عدا الخلق والإيجاد، والتصوير والإبداع من العدم فإنها خاصة بذات الرب جلَّ جلاله.
وهنا يحلو للعبد الفرق في مقام الجمع، فيكون العبد جامعاً بين مكانته العبدية من الذل والخضوع والانكسار والافتقار، وبين معاني صفات الربوبية من الرحمة والشفقة والإحسان والود وغيرها، ويكون العبد فارقاً بين رتبته العبدية والمكانة القدسية العلية. وهذا هو كمال التنزيه لله جلَّ جلاله، فالعبد عبد وإن خلع الله عليه من معاني صفاته وأخلاقه حلل الجمال والكمال، وإن ناجاه وقربه إلى مقامات الأنس والوصال، والرب رب وإن تنزل إلى العبد فواجهه وكلمه وناجاه، والعبد عبد وإن رفعه الله فوق العرش وأدناه.
والعبد الكامل لا يغرق في هذه البحار، وإنما يغوص فيها لاستخراج كنوز الحقائق ودرر المعاني، لينتفع بها في نفسه، وينفع بها أهله وإخوانه، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والسالك يسير على الصراط المستقيم، ويقطع المسافات والمراحل حتى يصل إلى معرفة الله وحبه لله، والواصل متخلق بأخلاق الله ومجاهد نفسه للتأدب بآدابه، حتى ينال المحبة والقرب من الله عزَّ وجلَّ، والمقرب مطلوب العناية الإلهية ومجذوب الولاية الرحمانية، فان عن نفسه وعن عمله، وعن علمه وعن جهاده، محمول على رفارف الفضل، محفوظ من الفتنة والزيغ. وذلك معنى قول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي:﴿ من طلبني وجدني، ومن وجدني عرفني، ومن عرفني عشقني ومن عشقني قتلته، ومن قتلته كنت ديته، ومن كنت ديته كان لا فرق بيني وبينه﴾. ومعنى ﴿لا فرق بيني وبينه﴾، لا أجعل بيني وبينه حجاباً ولا مسافة ولا زمانًا بل يكون عند الله والله عنده، بلا زمان ولا مكان، لأن الله من وراء الزمان والمكان، ومن وراء كل شيء، ومن كان عند الله ترك كل شيء يشغله عن الله، وفات كل شيء يبعده عن الله، ليكون مع الله بلا قيد في وسعة الإطلاق الإلهية من وراء جميع العوالم العلوية والسفلية، وكان الله سبحانه عوضاً له من كل شيء.
ومعنى قول الله في الحديث القدسي﴿ومن عشقني قتلته﴾.يعنى أفنيته عن نفسه وعن شهوته، وعن حظه وعن طمعه، وعن حرصه وعن أمله، وعن حبه لغيره سبحانه، فلم يكن فيه شيء لغير الله عزَّ وجلَّ، وهذا هو قتيل الغرام، وشهيد المحبة والعشق والهيام الإلهي، لأن العشق نار معنوية تستعر في الضلوع والأحشاء فتهيجها إلى المحبوب والمعشوق، وتشدها إلى الله ورسوله شداً قوياً. قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
نار الغرام سعيرها أحيا الهـوى حتى تمنيت الشهود لـدى اقتراب
لم أقو والجبل الشديد اندك من برق التجلي والفتى الفاني أنـاب
الشوق صولته وقدري عبـده والأنس فوق الروح بل لب اللباب
ومعنى قول الله تعالى في الحديث القدسي ﴿ومن قتلته كنت ديته﴾.أن الله سبحانه وتعالى لما أفنى العبد عن كل ما تقدم ذكره، أبدله الله أنساً يجد لذته في نفسه، وقرباً يجد نعيمه في قلبه، وعطفاً ووداً يجد سروره في فؤاده. زالت عنه الوحشة وبعدت عنه الغربة، واضمحلت في نظره الدنيا وزخارفها، وصار الله مراده ووجهته وقصده، يطلبه في كل شيء، ويتعرف عليه في كل أمر وشأن، ويعشقه في كل ظاهر وباطن، وأصبح الله منه على بال وصار الحق جل جلاله معالماً بين عينيه لا يغيب، وحاضراً لديه وفي كل نفس قريب.
وهذا هو الوجدان الذي يبعث الوله والغرام في نفس طالب الوصول إلى الله عزَّ وجلَّ، والراغب في رضوانه الأكبر ورضاء رسـوله صلى الله عليه وسلم، حتى يتحلى هذا العبد بمعاني صفات الله عزَّ وجلَّ ويتخلق بأخلاقه الكريمة، ويكون بينه وبين الله نسب ويقربه إليه وحب يوصله إليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم والآلاء، وأحبوني لحب الله، وأحبوا آل بيتي لحبي}. وقال الإمام رضي الله عنه مبيناً معنى الحب لله ورسوله:
الحب حبان حب عن مواجهة بالاجتــلاء وهذا للأقلينـــا
أو فهم أسرار آيات منزلــة بها الوصول إلى روضات عالينــا
وقال أيضاً:
الحب ما الحب نور الله يمنحه أهل الصفا بدوام الود والحال
ولا يتحقق الحب إلا بعد معرفة المحبوب، ومشاهدة جمالاته وكمالاته ومحاسنه وأخلاقه، وهذا هو حب الأفراد المقربين والمصطفين المحبوبين، الذين واجههم الله بمعانيه الحسان، وأخلاقه العظام. ومن دون ذلك حب من أجل الأيادي والنعم، والعطايا والمنن، وهو حب السالكين الذين عرفوا فضل الله عليهم، وتحققوا بإحسان الله إليهم، وشهدوا نعمه سبحانه التي أمدهم بها وأسبغها عليهم ظاهرة وباطنة، فأحبوه سبحانه لذلك، وأحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه باب لفضل الله عزَّ وجلَّ، وسبب لرضوان الله، ووسيلة عظمى لنوال كل خير في الدنيا والآخرة. وهذا هو حب المؤمنين السالكين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حب المقربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حب ذاتي. بمعنى أنهم تحققوا بأنه صلى الله عليه وسلم هو رحمة الله بهم، وعناية الله بهم، ونعمة الله لهم، وفضل الله عليهم، وأنه صلى الله عليه وسلم أولى بهم من أنفلسهم وأرحم بهم من أنفسهم، ومن آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم فأحبوه صلى الله عليه وسلم حباً جعل الواحد منهم يتمنى أن يموت نصرة له صلى الله عليه وسلم وفداء لمبادئه صلى الله عليه وسلم، بل يتمنى الواحد منهم أن يقتل ولا يسمع أن أحدا ً أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة. وذلك الحب ناتج عن مواجهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بأسراره وأنواره وعلومه ونظراته وتوجهاته صلى الله عليه وسلم.
فضيلة الشيخ محمد على سلامة