آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 14 أغسطس 2016

- الفتن قبل يوم القيامة

عدد المشاهدات:
أنس رضي الله عنه : قال رسول الله ﷺ[يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصح كافرا ويبيع أقوامٌ دينهم بعرض من الدنيا ] أخرجه الترمذي .

     وقد أظلتنا سحب تلك الفتنة حفظنا الله منها وبادِرتــُـها الشح المطاع والهوى المتبع والإعجاب بالرأي حيث يكون الحكم لغير الله فيحكم الشحيح على ماله بشحه ويحكم ذو الهوى بهواه ويحكم ذو الرأي برأيه - أعاذنا الله من تلك الفتنة ، ثم تعنٍ فتكون العادة سنة والسنة بدعة منكرة ، ويدعي قوم محبة الله وهم كاذبون لأن المحبة عندهم هي الطمع في أموال الناس والشهرة الكاذبة - ومن جهل نفسه جهل ربه ، ومن جهل ربه لن يحبه - وإنما هي الأطماع ومتاع الدنيا القليل - حفظنا الله من تلك الأهواء المهلكة وقبضنا إليه غير مفتونين .

     وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله ]أخرجه أبو داوود والترمذي . وتلك الفتنة قد شهدناها ، ففي الهند رجل يسمى غلام أحمد إدعى أنه المسيح وفسر القرآن بهواه فجعل الإنجليز في الهند هم أولوا الأمر تجب طاعتهم ، وقام ابنه ومعه دعاة هذا الفساد ، وقد رأيته بمصر مع دعاته فتذكرت هذا الحديث الشريف . وقام رجل في كردفان من أعمال السودان يدعي أنه عيسى بعد موت محمد ، أحمد السوداني الذي كان يدعي أنه المهدي المنتظر ، ولكن الإنجليز في السودان عندما علموا أنه يُبَغــِّـضُ السودانيين فيهم باغتوه فأطفأ الله نار الفتنة – طهر الله البلاد من سلطة الأعداء وفتن الممروردين . وقد انتشرت الفتن الآن علامة على قرب القيامة .. فعلى كل مسلم أن يتمسك بالدين ولو كان في تمسكه ما لا قبل له به من المتاعب في هذا الزمن المظلم .

     وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[لا تقوم الشمس حتى تطلع من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون حين لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ]أخرجه الشيخان وأبو داوود . يجب التسليم لهذا الحديث الشريف واعتقاد أن الشمس تطلع من مغربها لآن الذي أطلعها من مشرقها قادر على أن يطلعها من مغربها – وهي أكبر آية تدل على قرب الساعة ، وأن علامة طلوع الشمس من مغربها قد غشى الناس فإن الشرق منبت رسل الله ومهبط وحيه وكعبة قصاد العلوم والفنون والصناعات لأن الغرب وغيرهم قد اندثرت منه تلك الآثار وخفيت تلك الأنوار وأصبح الغرب كعبة المغرورين ومبعث ظلمات الأباطيل والمفاسد .. إنتشرت رذائله فصارت فضائل عند الشرقيين ، وضلالاته فصارت هدى لديهم ، وأصبح الشرق عالة على الغرب – نسأل الله الحفظ من الفتن المضلة وأن يقبضنا إليه غير مفتونين .

     وعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء - قيل ما هي يا رسول الله ؟ قال : * إذا كان المغنم دولا * والأمانة مغنما * والزكاة مغرما * وأطاع الرجل زوجته * وعق أمه * وبر صديقه * وجفى أباه * وارتفعت الأصوات في المساجد * وكان زعيم القوم أرذلهم * وأُكْرِمَ الرجل مخافة شره * وشرب الخمر * ولبس الحرير *واتخذت القينات والمعازف * ولعن آخر هذه الأمة أولها .. فليرقبوا عند ذلك ريحا حمراء وخسفاء أو مسخا وقذفا ]أخرجه الترمذي .

     هذا الحديث معجزة لرسول الله ﷺ، فإن الحروب الطاحنة الآن لتقوية الدول لا لإعلاء كلمة الله ، وصار أولياء الأيتام والموثوق بهم من الأمة يعملون للإستئثار بالأموال ، وأصبح الأغنياء ينفق الرجل منهم عشرات الألوف في السفر لأوروبا وفي عمل الولائم لأهل السلطة من الكفار وغيرهم ويكره أن يخرج جزءا من أربعين من ماله للفقراء فرضه الله عليه ويرى ذلك مغرما نسيانا ليوم القيامة – والزكاة مطهرة للمال يدفع الله بها البلايا والمصائب والأمراض وشرور الخلق عن المزكي . وقد يدفع الغني كثيرا من ماله في الخصومات وفي علاج الأمراض وفي الفخر والرياء ويبخل بجزء من أربعين لله .

     أما طاعة الزوحات فقد صار دينا يدان به ، فقد أصبحت المرأة قوامة على الرجل تتصرف في بيته وماله بل وفي نفسه كيف تشاء . فقد علمتُ أن المرأة تخرج إلى حوانيت التجار الإفرنج ويقف الإفرنجي فيلبسها النعلين بيده والأساور والأردية ويزرر على صدرها وبطنها الأزرة بيده ويصلح الثوب بيده على جسمها وزوجها واقف معها لا يحس بحرارة الغيرة لعرضه ، وتخرج المرأة من بيتها إلى أماكن اللهو واللعب والرقص والتمثيل المخجل وتجلس مع رجل آخر تغازله ويغازلها ، وقد يكون زوجها بالبيت وهي في زيارة للملاهي . وبلغني أن المرأة تركب على عربة زوجها وتخرج مع سائق العربة إلى ما تحب من الخلوات والسائق لا يجهل أحد أخلاقه . وكثيرا ما رأيت النساء متزينات بأجمل الزينة يترددون على أضرحة الأولياء مختلطات بالرجال والله تعالى يقول {قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهم ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمَرهن على وجوههن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتنهن أو آباءهن .... الآية}.

     ولا تعجب فإنك ترى أسوأ من ذلك : ترى الفتاة الجميلة تأبى العفاف والصون فتعرض نفسها على طبيب الحكومة وتأخذ منه رخصة بمزاولة العهارة - وتلك الرخصة شهادة من الطبيب أنها سليمة من الأمراض المعدية وفي ذلك ما فيه هدم للفضائل وإباحة الرذائل – أعاذنا الله من فتن هذا الزمان . وقد انتشرت تلك البلوى حتى أصبح في القرى بيوت مشهورة للعاهرات يؤمها كل فاسق لا يصده صوط الحكومة ولا صوت الواعظ ومخافة يوم القيامة . وما سمعت في التاريخ مثل هذا العمل ولا في زمان الجاهلية ، فإن العهارة في زمان الجاهلية كانت العهارة خاصة لقوم مخصوصين وكانت إذا وضعت طفلها ألصقت طفلها برجل يحكم به العرافون ، وأسوأ من هذا أن رجل يرى أخته أو ابنته في العهارة ويمشي بين الناس مرفوع الرأس لا يحس بوصمة هذا العار ، كل ذلك سبب احتلال الأعداء مخالفة وصايا رسول الله ﷺوترك العمل بالدين . وكم من مطيع لزوجته وعاق لأمه ، فترى الرجل يبذل المال على زوجته وأقاربها وهو يسيء أمه ويهجرها ويبخل أن ينفق عليها إلا بقوة الحكومة والقضايا .

أما قوله ﷺ[وشرب الخمر ولبس الحرير واتخذت القينات والمعازف ]- يظهر والله أعلم أن مراده ﷺبشرب الخمر أن يُشرَبَ علنا في الحوانيت والبيوت ، فإن الخمر كان يُشرَبُ قبل الإسلام وفي زمن الإسلام ولكن كان شاربه يختفي عن أعين الناس لأن كل مسلم كان غيورا للحق لا تأخذه في الحق لومة لائم لا يرحم أخاه ولا إبنه إذا أغضبوا الله تعالى . وكان المنافقون يشربونها في خفية ولم يشربها مسلم وخلص أبدا – قال ﷺ [لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمرة حين يشربها وهو مؤمن ].. الحديث . وقد جاهر المنافقون بشرب الخمرة الآن لفقد من يقيم حدود الله تعالى . وقد تحقق الحديث فأصبحت بيوت الخمر برخصة من الحكومة وعليها حرس من جنود الحكومة ليشرب الفاسق الخمر آمنا على نفسه من تعدي أهل التقوى عليه لأن جند الحكومة يحرسون حوانيت الخمر . لا تعجب إذا رأيتَ القوة التي كانت تحارب الرذائل والمنكرات وتدفع الأعداء عن الوطن العزيز تصبح معينة على ارتكاب ما حرم الله ، فالجندي الذي يحرس حانات الخمر وبيوت العهارة ومسارح اللهو والخلاعة هو الذي يحارب الرذائل والأعداء – وهذا من علامات قرب الساعة .

أما الحرير فقد لبسه الرجال - لا أقول عامة المسلمين بل أئمتهم من العلماء والفقهاء – ولو أن رجلا من السلف الصالح قام من قبره لحكم على النساء أنهن رجال وعلى الرجال أنهم نساء لأن السنة أن يلبس الرجل الثوب الذي يستره إلى نصف ساقه ونصف ساعده والمرأة تلبس الثوب الذي يستر جميع جسمها ويجر على الأرض ، وقد رخص الفقهاء للمرأة التي تصلي في الثوب الذي يمر على الأرض لأن طول ثياب النساء ضروري . وها نحن اليوم نرى المرأة تلبس الثوب إلى ركبتيها وإلى ما فوق المرفقين ، ونرى العلماء يلبسون الثوب يجر على الأرض ويربد على أطراف الأصابع شبرا – فأصبح لباس الرجال لباسا للنساء ، ولباس النساء للرجال ، وبذلك صار الرجال نساء همة وإرادة وصار النساء رجالا إقداما على القبائح والرذائل ، فسلط الله عليهم من كانوا مماليك لديهم من الروم والفرنجة وغيرهم والله تعالى يقول {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

     أما القينات فهي التي تغني ، وقد أصبحت كل امرأة في بيتها قينة تضرب العود وتغني لزوارها من النساء والرجال أو تضرب لمقصبة الصوت ( الفونوغراف ) . وقوله [ والمعازف ]والعزيف صوت الجن والمعازف آلات اللهو التي تستعمل في مجلس الأغاني ، وقد اتخذت الآن حتى أصبح الأغنياء يعلمون بناتهم تلك الملاهي بمعلمات من الإفرنج أو معلمين واعتادوا أن يكون من الضروري وجود تلك الآلات مع البنت إذا تزوجت وأنها لا تتزوج إلا إذا برعت في استعمال تلك الآلات . وقد انتشرت تلك البلايا في مملكة الأندلس فقامت قيامتها نسأل الله السلامة والعافية ، وأصبحت تلك المملكة الإسلامية أثرا بعد عين . وها هي تلك البلية انتشرت في البلاد التي قلدت أوروبا ، فترى البيت الواحد يكون في دور منه ميت وفي الأدوار الأخرى المعازف والأغاني والطرب كأن بني الإنسان انقلبوا وحوشا ولم يبق إلا أن يأكل الإنسان أخاه كالوحوش – حفظنا الله وإخوتنا من تلك الفتن .

وقوله ﷺ[ولعن آخر هذه الأمة أولها ]معجزة كبرى ، فإنك ترى اليوم العلماء بين الطلبة يحكمون بالكفر على من خالف رأيهم من أهل الإيمان ، فترى البعض يلعن المعتزلة والآخر يلعن الشيعة أو الماتريدية ، وبعضهم يذم بعض الصحابة نظرا بعين الجهل – ومن جهل شيئا عاداه - فتشبهوا بمن شنع الله عليهم بقوله {كلما دخلت أمة لعنت أختها}- والآية وأن كانت في أهل الكفر بالله إلا أنها جرَّتْ بذيلها من تشبه بهم ، والأمر المجمع عليه هو توحيد الله تعالى وتصديق رسوله ﷺفيما جاءنا به من عند الله تعالى والقيام بالعبادات المفروضة من الصلاة والصيام والزكاة والحج وما عدا ذلك مما اختلف فيه من السلف والخلف بحسب ما منحهم الله من قوة الإيمان وكمال اليقين فذلك لا يقضي على المسلم بالكفر إلا الجهل من حكم بالكفر على خير الأمة . وكم من جاهل خبيث النفس يلعن خير أصحابه كالرُّفــــــَّــضِ الذين يلعنون الشيخين وكالضُّلاَّلِ الذين يلعنون رجالا من الصحابة من بني أمية ، وقد انتشر هذا حتى كُتِبَ في كتب العلم فترى في كتب العلم ( قـبَّحَ الله المعتزلة ) وما أشبه ذلك ، فصدق رسول الله وحفظ الله ألسنتنا وقلوبنا مما يغضبنا إنه مجيب الدعاء . وبقية الحديث معلوم ، والواجب علينا أن نجاهد أنفسنا حتى يحفظنا الله من تلك الخصال التي هي علامات قيام الساعة وأسباب غضب الله تعالى .

     وقد انتشر ما هو شر من هذا وهو أن النشء الذين تربوا في مدارس الإفرنج قبل تحصيل مبادئ الدين صاروا حربا على الدين يلعنون آباءهم وأسلافهم وينشرون الجحود والإباحة بقوة تقليدا لمعلميهم وتعزيزا لسلطة الظلمة المستعبدين ليهدموا مجد آبائهم بأيديهم – قال تعالى {ويأبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون}.

     كل ذلك لجهل أسرار يوم القيامة أو نسيانهم أو تأسيهم طمعا في العاجلة . وقد عظمت الفتنة باشتغال علماء الدين بجلب محبة الوزراء والأمراء ورجال السلطة لينالوا السيادة والثراء فيبذل كل واحد منهم مواهبه في خدمتهم وفي قطيع أهل التقوى منهم غير مراقبين الله ولا خائفين من كشف الستر يوم القيامة . وكم أوقع أدعياء العلم العداوة بين الملوك وبين الأتقياء من العلماء بالله حتى سلطوا الملوك على أهل التقوى والإصلاح والصلاح فانتقم الله من الملوك والذين أعانوهم بأعدائه المستعمرين - قال الله تعالى {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}. وقد شنع الله على قوم بقوله {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ....الخ الآية}وشنع الله تعالى على أحبار بني إسرائيل فقال {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ويعلمون فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}.

وع إلى بيان كيفية البعث بالوارد :

            تقدم ذكر بعض الآيات الدالة على البعث وشرحها ، وهنا نورد بقية الآيات الواردة في البعث والأحاديث وكلام أئمة الهدى :

            قال الله تعالى {ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا}وقال سبحانه {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربي ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}وقال تعالى {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}وقال جل وعلا {يوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين}وقال جل جلاله {ونفخ في االصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون}وقال سبحانه {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون}وقال تقدست ذاته {ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنه غطاءك فبصرك اليوم حديد}وقال سبحانه {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه}وقال جلت قدرته {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا وفتحت السماء فكانت أبوابا وسيرت الجبال فكانت سرابا إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا}. وهنا نكتب الآية التي بينت كيفية النشأة الأولى واتصل بها بيان النشأة الأخرى – قال سبحانه {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}.

     هذه هي الآيات الشريفة التي وردت في الصور وما يتعلق به ، وهي خبر من الله تعالى لأهل الإيمان الذين يعقلون عن الله تعالى آياته ويفقهون كلامه بما جعله سبحانه لهم من النور {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}، وهي أيضا حجة قاصمة ظهور أهل العناد الذين أضلهم الله وأعمى أبصارهم وقفل قلوبهم فحرمو التسليم والذوق . وفي كل آية من تلك الآيات أسرار غامضة وإشارات عالية ألاح الله أنوارها لأهل البصائر من المؤمنين وأشهد حقائقها أهل القلوب من المحسنين وهي عيان لأهل اليقين {كلا لو نعلمون علم اليقين لترون الجحيم}. ومجمل ما بينته تلك الآيات الشريفة أن الصور محيط بالسماوات والأرض وأن النفخ فيه ثلاث مرات :

نفخة الفزع : وهي قبل يوم القيامة بها فزع العالم أجمع إلا من شاء الله ممن سبقت لهم منه سبحانه الحسنى ، وهذا الصور الذي تنفخ فيه هذه النفخة ونفخة الصعق ونفخة القيامة هو القرن الذي جعل الله فيه لكل روح من أرواح الإنس والجن مكانا ، والصور محيط بالسماوات والأرض كما قررنا ، فأسفله سجن أرواح الكافرين والمنافقين ، ووسطه مكان أرواح عامة المسلمين ، وأعلاه روضة أرواح الأبرار والمقربين .

ونفخة القيام هي الثالثة . وقبل أن تصل الأرواح إلى هذا الصور تتمنى الرجوع عند الموت بدليل قوله تعالى {رب ارجعون} فيحول بينه وبين ما يشتهي إلا من سبق عليهم القضاء لسوء الخاتمة – أعاذنا الله وإخوتنا المؤمنين . وأما أهل الإيمان فإنهم عند الموت تتوالى عليهم البشرى من الله تعالى – قال تعالى {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}. وتقرر أن النفخة الثالثة تجعل كل إنسان مشغولا بنفسه فزعا من شدة الهول أذهب الفزع كل عاطفة لوالد أو ولد – قال سبحانه {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم} وألجمت الحيرة الألسنة فلا يتساءلون وأهل الإيمان في روح وريحان وأنس في نعيم الجنان- قال تعالى {تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}.

     أما النفخة الأولى فهي في صور الخلق وهي نفخة الفزع إذا ظهرت أشراط الساعة من طلوع الشمس من مغربها ومن الخسف والمسخ والصواعق والزوابع ، ويقوى هذا الفزع حتى يموت من في السماوات ومن في الأرض إلا الشهداء فإنهم لا يحصل لهم هذا الفزع بل يمر عليهم نسيم عليل بليل فيموتون مشتاقون إلى رضاء ربهم سبحانه وهم الذين استثناهم الله بقوله {إلا من شاء الله}وقوله {وكل أتوه داخرين} أي انتقلوا من الدنيا أذلاء مرغمين مقهورين لأن تلك النفخة هي النفخة الأولى وهي نفخة الفزع التي بعدها نفخة الصعق وبعدهما نفخة القيامة . وصور النفخة الأولى هو هياكل الناس لأن كل واحد صور محيط بحقائق لا تحصى ، فالهيكل الإنساني مجمع لكل أنواع الحقائق ، ففيه نفخة القدس وفيه مادة أسفل سالين وفيه ما بين ذلك من الأنواع ، فالإنسان كون صغير والكون كله إنسان كبير .

وقوله سبحانه {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث لربهم ينسلون}. والأجداث ( بالثاء ) جمع جدث ، وقد تبدل الثاء ( فاء ) في لغة فيقال الجداث وهي القبور وهذه هي النفخة الثالثة بعد نفخة الصعقة وبعد ما بينت لك من رج الأرض رجا ودكها دكا ونسف الجبال نسفا حتى تكون هباء منبثا وبه إنزال الأمطار من السماء التي هي كمني الرجال أربعين سنة وبتلك الأهوال العظام تتكون الهياكل الإنسانية من ذرات الأرض ، فإذا نفخت تلك النفخة في الصور خرجت الأرواح كالجراد المنتشر فاتصلت كل روح بجسمها الذي كان بيتا لها وقام الناس ينسلون أي يسارعون ، فالمقربون يسارعون على رفارف الأنوار إلى حظيرة الرضوان ، والأبرار يسارعون على النجب إلى الفردوس وغيرها ، وعامة المؤمنين ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا يحاسبون حسابا يسيرا ، والمتساهلون بالدين من أهل الإسلام يقفون للحساب - والأمر هناك مفوض لله العلي العظيم . وأهل الكفر بالله يزج بهم في النار بغير حساب وكلهم يسارعون . وقوله تعالى {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض}هذه هي النفخة الثانية وهي التي تفقد فيها الأرواح الحياة الروحانية حتى لا يبقى ملك مقرب إلا ويفقد تلك الحياة وهي الصعقة إلا من اصطفاهم الله فأقامهم في مقام محبته لهم . وبعد تلك النفخة يقول ربنا جل جلاله {لمن الملك اليوم}؟ فلا يجيبه أحد لفناء كل من كانوا يدعون ملك الأشياء ويغترون بما لديهم ويتنازعون الربوبية في الملك ، فيجيب نفسه بنفسه سبحانه قائلا {لله الواحد القهار}.أما قوله{ثم نفخ فيه أخرى} ..فبعد تلك الصعقة وتنفيذ ما قدره جل جلاله من إعادة الأجسام بما أراده في النشأة الثانية تنفخ للنفخة الثالثة وبها إعادة الحياة الروحانية للأرواح فتقوم حية ناظرة . والمنظور إليه يختلف بقدر المقامات :

·        فأهل الإصطفا ينظرون إلى وجه الله العلي ،
·        وأهل الإجتبا ينظرون إلى ما أعده الله لهم سبحانه من النعيم والمسرات ،
·        والسالكون ينظرون إلى واسع الرحمة وعميم العفو ،
·        والمتهاونون بأحكام الله ينظرون إلى هول ذلك اليوم وشدته ويشتد هولهم وفزعهم مما أراهم سبحانه من قرب الشمس من رءوسهم ورمي جهنم بشرر من القصر وما يصيبهم من خزنة جهنم حتى يصلوا إلى الموقف حيث الصراط والميزان وحيث يكون القاضي هو الله والشاهد رسله عليهم الصلاة والسلام ، وحيث تشهد عليهم جلودهم وجوارحهم وأمرهم مفوض إلى الله العلي الكبير ،

·        وأما أهل الكفر بالله فيساقون إلى جهنم : منهم من يهوي فيها برأسه ، ومنهم من يُزَجُّ فيها ، ومنهم ومنهم - أعاذنا الله بوجهه الكريم .

فمما تبين لك تفهم معنى إشراق الأرض بنور ربها – وذلك هو تجلي ربنا سبحانه حتى يرى كل مخلوق جماله وجلاله فلا يبقى في هذا الموقف أحد إلا ويكمل إيمانه ويتحقق باليقين الحق ، ولكن لا ينفع أهل الكفر إيمانهم في هذا الوقت – قال تعالى {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون}. وقد بينت لك أن أهل هذا الموقف يتفاوتون :

Ø        فالسابقون الذين سبقت لهم الحسنى منه سبحانه يُحملون على رفارف العناية إلى منازلهم بحسب مقاماتهم إلى مقعد صدق أو الفردوس ،
Ø        ومنهم من يرفعهم الله فيجلسهم قدام عرشه على منابر من نور ،
Ø        والمتقون من الأبرار يحشرون وفدا إلى الرحمن سبحانه فينزلهم في دار كرامته سبحانه دار السلام أو جنة النعيم أو جنة المأوى أو جنة الرضوان – قال تعالى {إن الأبرار لفي نعيم}،
Ø        والعصاة من الأمم يوقفهم في المحشر – قال تعالى {وقفوهم إنهم مسئولون} وقال تعالى {ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا}،
Ø        وأهل الكفر بالله تعالى يُساقون إلى نار جهنم – قال تعالى {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} وقال تعالى {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
البعث من أحاديث رسول الله ﷺوكلام أئمة المؤمنين :
     عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحتى جبهته واضعا سمعه ينتظر أن يُؤْمَرُ فينفخ ]فكان ذلك ثقل على أصحابه رضي الله عنه فقالوا كيف نفعل أو كيف نقول ؟ قال [قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل توكلنا على الله – وربما قال -على الله توكلنا ]أخرجه الترمذي .

     وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[ما بين النفختين أربعون قيل أربعون يوما – قال أبو هريرة : أبيت ، قيل أربعون سنة ، قال أبيت – ثم يُــنزل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ، وليس شيء من الإنسان إلا يبلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب من يركب الخلق يوم القيامة ] أخرجه الستة إلا الترمذي . وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجرة الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم بعثه]أخرجه مالك والنسائي . وعن أبي رزين العقيلي قال : قلت يا رسول الله : كيف يعيد الله الخلق وما آية ذلك ؟ قال : [ أما مررتَ بوادي قومك جدبا ثم مررت به يهتز خضرا ؟ قلتُ نعم – قال :  فتلك آية الله في خلقه – كذلك يحيي الله الموتى ]أخرجه رزين .

     ومن كلام سيدنا علي كرم الله وجهه : قال رضي الله عنه بعد حديث طويل بيَّن فيه شيئا من غوامض أسرار الدين يصف الموت وكيفية البعث :  

سبحانك خالقا ومعهودا بحسن بلائك عند خلقك ، خلقت دارا وجعلت فيه دارا مأدبة مشربا ومطعما وأزواجا وخدما وقصورا وأنهارا وزروعا وثمارا ، ثم أرسلت داعيا يدعو إليها ، فلا الداعي أجابوا ولا فيما رغــَّــــبْتَ إليه رغبوا ولا إلى ما شوقت إليه اشتاقوا .. أقبلوا على جيفة افتضحوا بأكلها واصطلحوا على حبها ، ومن عشق شيئا أغشى بصره وأمرض قلبه فهو ينظر بعين غير صحيحة ويسمع بأذن غير سميعة وهو يرى المأخوذين على الغرة حيث لا إقالة ولا رجعة ، كيف تنزل بهم ما كانوا يجهلون وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون وقدموا من الآخرة ما كانوا يوعدون ، فغير موصوف ما نزل بهم ، إجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت فقترت لها أطرافهم وتغيرت لها ألوانهم ، ثم ازداد الموت فيهم ولوجا فحيل بين أحدهم وبين مطلبه ، وإنه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع بأذنه على صحة من عقله وبقاء من لبه يفكر فيم أفنى عمره وفيم أذهب دهره – ثم وصف حسرة الإنسان في تلك اللحظة على ما ارتكبه – ثم قال : فلا يزال الموت يبالغ في جسده حتى خالط لسانه سمعه فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه يردد طرفه بالنظر في وجوههم ليرى حركات ألسنتهم ولا يسمع رجيع كلامهم ، ثم ازداد الموت التياطا فقبض بصره كما قبض سمعه وخرجت الروح من جسده فصار جيفة بين أهله وقد أوحشوا من جانبه وتباعدوا من قربه لا يسعد باكيا ولا يجيب داعيا ، ثم حملوه إلى محط في الأرض وأسلموه فيه إلى عمله وانقطعوا عن زورته ، حتى إذا بلغ الكتاب أجله والأمر مقاديره وألحق آخر الخلق بأوله وجاء من أمر ما يريده من تجديد خلقه أماد السماء وفطرها وأرج الأرض وأرجفها وقلع جبالها ونسفها ودك بعضها بعضا من هيبة جلالته وخوف سطوته وأخرج ما فيها فجددهم على اختلافهم وجمعهم بعد تفرقهم ثم ميزهم لما يريد من مسألتهم عن خفايا الأعمال وخبايا الأفعال وجعلهم فريقين وأنعم على هؤلاء ، فأما أهل طاعته فأثابهم بخواره وخلدهم في داره حيث لا يظعن النزال ولا تتغير لهم الحال ولا تنوبهم الأحزاب ولا تنالهم الأسقام ولا تعرض لهم الأخطار ولا تشخصهم الأسفار ، وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار وغل الأيدي إلى الأعناق وقرن النواصي بالأقدام وألبسهم سرابيل القطران ومقطعات النيران في عذاب قد اشتد حره وباب قد أطبق على أهله في نار لها كلب ولجب ولهب وساطع وقصيف هائل لا يظعن مقيمها ولا يفادى أسيرها ولا تفصل كبولها إلا مدة للدار فتفنى ولا أجل للقوم فيقضى ...
قبس من السر المصون
تعلم أن حكمة إيجاد الله الخلق أن يظهر سبحانه لخلقه ربا مقصودا وإلها معبودا – قال تعالى {وما خلقت اجن والإنس إلا ليعبدون}وأن يكون سبحانه أقرب اليوم من أنفسهم رعابة ومراقبة أو ملاحظة وتذكيرا وهو {أقرب إليه من حبل الوريد}وقال سبحانه {وهو أقرب إليه منكم}وأن يكون سبحانه وليا معينا مجيبا – قال تعالى {وهو معكم أينما كنتم}وقال سبحانه {أمن يجيب المضطر إذا دعاه}فمن سبقت له الحسنى حضر فلا يغيب . فإذا اقتضت البشرية فمس شيطانها المؤمن بين له نور الإيمان بالذكرى حكمة إيجاده فرجع إلى الله مستبصرا – قال تعالى {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}ومن لم تسبق لهم الحسنى وكانوا في حضرة القرب مسهم طيف الشيطان فوقعوا في وادي الغفلة وتاهوا عن المحجة في بيداء الحجاب – قال تعالى {زين للناس حب الشهوات من النساء ومن البنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الدنيا}وقال سبحانه {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها}. والمؤمنون يتذكرون ويستبصرون ، والمحسنون يجاهدون فيشهدون ، والموقنون منحوا الرعاية فيراقبون فيحضرون – قال سبحانه {وما منا إلا له مقام معلوم}.. وإنما هو العلم يرفع الله به من يشاء ، ولا يستوي العالم بالله وبأيام الله وبأحكام الله وبحكمة أحكامه سبحانه والجاهل بها .

     وليس العلم ما يقربك من الملوك والأمراء ويرفع مقامك عند الحق من علوم الصناعات وعلوم اللسان وعلوم السياسة وتدبير المدن ، فإن هذه علوم عند أهلها لأن الله تعالى شنع على من حصلوا تلك العلوم وجهلوا العلم النافع الذي يكسب القلب خشية من الله تعالى - قال تعالى {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}.

     خلق الله الإنسان مؤهلا لأن يكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر تخدمه الملائكة الأطهار ويمنحه الله المشيئة المطلقة وبين الله له ذلك في الدنيا ليسارع إلى محاب الله ومراضيه وابتلاه بالشيطان والحظ والهوى ليجاهد نفسه في ذات الله فنسي نفسه أو جهلها ونسي عهد الله له وأمانة الله لديه ، ولو علم حكمة إيجاده وسر إمداده لأنس بربه في الدنيا ورآه يوم القيامة . ولو نظر الإنسان بعين فكره إلى نشأته الأولى والأخرى لعلم مقدار الدنيا ولجعلها مزرعة للآخرة وطريقا يوصل إليها ولكن قال تعالى {قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه وقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء نشره}.

     أثبت سبحانه أنه هو الذي أوجدنا من نطفة في قرار الرحم لنعلم فضله العظيم علينا وقدرته العجيبة      

التي بها أوجدنا ، ثم بين سبحانه أنه هو الذي أمدنا بما لا بد لنا منه وأكمل – قال سبحانه {كلا لما يقض ما أمره فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم والأنعامكم}ثم بين لنا أن الذي خلقنا مما علمنا وأمدنا بما علمنا وشهدنا هو سبحانه الذي ينشئه النشأة الأخرى بعد الأهوال العظام من الفتن قبل فناء الإنسان وبعد الآيات الكبرى من إتزال المني من السماء حتى تذوب الأرض من رجها ودكها ونسف جبالها حتى تكون هباء منثورا بعد أن تكون كثيبا مهيلا بعواصف الرياح – بين الله تلك الحقائق بقوله {فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة}. فالصاخة هي تلك الآيات من دك الأرض ورجها حتى تتحلل وتصير جبالها هباء منثورا فيتعثر ما فيها وتخرج أثقالها وينفخ في الصور النفخة الثالثة فيقوم الناس لرب العالمين في جزع وهلع مما حل بهم من هول المحشر فانقطعت بينهم الأسباب والروابط والأنساب والضوابط فساروا حيارى سكارى يتمنى كل واحد منهم خلاصه ولا خلاص ، وهذا هو المقام الذي يظهر فيه الحقايق جلية فيفرح المسلمون الذين صدقوا الله ورسوله ﷺوهم الذين بشرهم الله تعالى بقوله {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة}ويحزن أهل المعاصي لهول الموقف ويتمنى كل واحد منهم أنه لم يكن نسي هذا اليوم ، وييأس أهل الكفر والنفاق ويتمنون أن يكونوا ترابا وهم الذين خوفهم الله في الدنيا بقوله {وجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة}.

بينت لك أن حكمة الإيجاد والإمداد أن يظهر جل جلاله للخلق بأياته الجلية ، لأن ظهوره سبحانه له فيه مستحيل أن يظهر به لغيره – قال سبحانه وتعالى {وما قدروا الله حق قدره}وقال جل جلاله {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} وقال تعالى {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء}، فنفى سبحانه وتعالى عن الخلق الإحاطة بقليل من العلم إلا ما شاء أن يحيطنا علما به سبحانه .. فكيف ندرك ما هو عليه في نفسه سبحانه ؟ والعلم غير المعلوم وكمال العلم به سبحانه العجز عن إدراك علمه فضلا عن كنهه جل جلاله . وما أظهره يوم القيامة هو محبوبه سبحانه لأن تلك الشدائد والنار عدل منه سبحانه وهو تنزه وتعالى يحب العدل . وما تفضل به على المقربين الأبرار يوم القيامة فضله العظيم إلا أن الفضل أحب إليه من العدل وهو المريد المختار لم يكرهه أحد على عمل من الأعمال - ومن الذي يكرهه والكل مقهورين بقهره أو هو سبحانه الذي أوجدنا من العدم بعلم ومشيئة وإرادة وحكمة وتدبير ، وهل كان للعدم قوة تكره ربنا على عمل من الأعمال ؟ تنزه وتعالى - ولكنه سبحانه خلق الخلق وأراد أن يكون منهم شقي وسعيد قبل أن يخلقهم فأبرزتهم القدرة كما شاء وأراد ومراده جل جلاله محبوب له . وما ورد في القرآن من اتصافه بالكراهة فمعناها والله أعلم عدم المشيئة في قوله {كره الله انبعاثهم فثبطهم}أي لم يشأ ولم يقدر ، أما الكراهة بمعناها المعقول لنا فمستحيلة عليه جل جلاله ، فهو سبحانه الذي خلق إبليس وأبلسه لحكمة ، وخلق آدم وقدر عليه المعصية وتاب عليه ، وإرادته مقتضى كمال أسمائه وصفاته ، وأمره ونهيه ابتلاء منه لخلقه – قال تعالى {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وغلينا ترجعون}وقال سبحانه {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} فهو سبحانه القهار والرءوف الرحيم والضار والنافع والخافض والرافع والهادي والمضل – قال تعالى {ولوشاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلخ خلقهم}فهو الجليل وهو الجميل وهو المحسن المتفضل وهو شديد البطش شديد العقاب ، وما تراه بعينك هو بدائع إبداعه وغرائب قدرته وعجائب حكمته وباهر قوته فتبارك الله أحسن الخالقين – قال سبحانه {مالك يوم الدين}يعني الذي يملك يوم القيامة ملكا لا ينازعه فيه مغرور بنفسه ولا جاهل بفدره ولا غافل عن مبدئه ونهايته ولا كافر أعماه حظه وهواه وأبعدته شهوته عن الحضور مع الله كما كان في الدنيا ، فإن العالم يوم القيامة كشفت لهم الحقائق حتى عرفوا أنفسهم وعلموا مقدارهم الحقيقي وأيقنوا أن الملك لله الواحد القهار وكانوا في الدنيا ينازعون الربوبية وينافسون الألوهة- فهذا يقول ملكي وعيناي وأذناي ومالي وداري وعبدي ، وهذا يدعي أنه ملك وأنه يفعل ما يشاء ، وذاك يزعم أنه يضر وينفع ، وهذا ينكر البعث ، والآخر يجحد بالله ، وغيره يكذب رسل الله عليهم السلام ويعادي أولياءه ، وغيره ويظلم العباد ويفسد في البلاد ، والآخر ينتقم ممن لم يعظمه جهلا بيوم الحساب ونسيانا لله تعالى- قال تعالى {نسوا الله فأنساهم أنفسهم}وقال تنزه وتعالى {فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا}وقال جل وعلا {وغرهم بالله الغرور}وقال سبحانه {رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وما الحياة الدنيا إلا متاع}والمتاع في اللغة هو ما استعملته حتى صار لا ينتفع به . والسعيد السعيد هو ما هداه الله وألهمه الخير ومنحه صحيحة الأخبار الدالين على الخير .. أسأل الله تعالي أن يجعلنا ممن سبقت لهم منه الحسنى إنه مجيب الدعاء .

  إختلاف العلماء في الشفاعة لفظي ، فإن كل واحد منهم حكمهم بقدر ما فهم ، فمن فهم قوله تعالى {فما تنفعهم شفاعة الشافعين}أنكر الشفاعة لما يعلمه من عظمة الله وكبريائه وجلاله ومن رهبة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم بقد علمهم به ، ولكن الآية خاصة بمخصوصين لأن الله تعالى يخاطب قوما بأعيانهم وهؤلاء هم أعداء الله وأعداء رسله عليهم السلام ، وهذه الآية في سياق قوله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة}، ومن فهم معنى قوله تعالى {ولسوف يعطيك ربك فترضى}وكلنا نعلم أن رسول الله ﷺيرضيه أن يرحم الله كل من مات على الإسلام ونعلم أن الله تعالى أخبر عن نبيه ﷺبقوله {بالمؤمنين رءوف رحيم}وبقوله {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}وتصوَّرَ معنى تلك الآيات اطمأن قلبه إلى الإيقان بشفاعة سيد المرسلين ، ومن فهم قوله تعالى {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}تحقق أن الله تعالى يقبل شفاعة الشافعين في أهل النار إذا أذن لهم بالشفاعة ويرى إنكار الشفاعة مطلقا خطأ - والحجة بعد ما بيناه ما ورد عن رسول الله ﷺمن الأحاديث الصحيحة على شرط الشيخين أو شرط غيرهما ممن تثبت عدالتهم .
أحاديث الشفاعة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[ لكل نبي دعوة مستجابة عجل كل نبي دعوته وإني خبئت دعوتي شفاعةلأمتي يوم القيامة فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا ]أخرجه الثلاثة والترمذي .
            وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ[ شفاعتي لأهل لبكبائر من أمتى ]أخرجه أبو داوود والترمذي .
            وعن أنس رضي الله عليه قال : قال رسول الله ﷺ[ إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضها إلى بعض فيأتون آدم عليه السلام :
فيقولون اشفع لنا لذريتك ،
فيقول : لست لها ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام فإنه خليل الله ، فيأتون إبراهيم
فيقول لهم : لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله ، فيأتون موسي عليه السلام قيقول :
لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله تعالى وكلمته ، فيؤتى بعيسى عليه السلام
فيقول : لست لها ولكن عليكم بمحمد ﷺفيأتوني فأقول : أنا لها . فأنطلق فأستأذن ربي فيؤذن لي فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليها الآن يلهمنيها الله ثم أخر لربي ساجدا ،
فيقول [يا محمد ارفع رأسك وقل يُسمَعُ لك وسل تُعطَهُ واشفع تشفع ].فأقول [يا ربي أمتي أمتي ]،
فيقول [إنطلق فمن كان في قلبه مثقال ذرة من بررة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها ، فأنطلق فأفعل ، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا
فيقال لي مثل الأولى ،فأقول [يا رب أمتي أمتي ]،
فيقال لي [إنطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرحه منها ]فأنطلق فأفعل ، ثم أعود إلى ربي فأفعل كما فعلت فيقول [إرفع رأسك يا محمد ]مثل الأولى .
ل [يا رب أمتي أمتي ]قيقال [إنطلق فمن كان في قلبه أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار]، فأنطلق فأفعل ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر ساجدا .
فيقال لي [يا محمد أرفع رأسك وقل يُسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع ].
فأقول [يا ربي : ءِأْذن لي فيمن قال : لا لإله إلا الله ]،
قال [ليس لك ذلك ولكن وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله ]أخرجه الشيخان .
     ووردت أحاديث أخرى في الشفاعة ولكنا أحببنا أن نورد الحاديث التي تقوم بها الحجة مما ورد بصحيح البخاري ومسلم على شرطهما .
رشفة من طهور العرفان
خلق الله العالم وهو غني عن العالمين ، وتفضل جل جلاله وهو ذو الفضل العظيم فرحم الخلق بالخلق في الدنيا ونفع الخلق – قال تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} فتفضل على من شاء من عباده بفضله وأقامه في الدنيا سببا لنيل العباد فضل الله تعالى ورحمته وإحسانه . وإنا لنرى الإيمان والهداية يتفضل الله بها علينا وعلى أيدي رسله وأحبابه من أوليائه الكرام ، فكما أن الله جل جلاله أجرى إحسانه في الدنيا علي يد من شاء من خلقه فهو جل جلاله يقيم من شاء من رسله عليهم السلام ومن أوليائه المقربين مقاما يجعلهم سببا لنيل أهل المعاصي المغفرة من الله تعالى والنجاة من النار بشفاعتهم ،  وليس ذلك مما يؤدي إلى ما لا يليق بالله تعالى من النقص لأنه سبحانه وتعالى هو المتفضل في الدنيا والآخرة ولأن ذلك برهان على كمال فضله وعنايته بأحبابه . وقد بين الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري أن الله تعالى يحب العبد المؤمن حتى يبلغ بحبه له مبلغا يستجيب له فيه إذا سأل ويعطيه إذا سأل ، ودليل ذلك في القرآن المجيد - قال سبحانه وتعالى {لهم ما يشاءون عند ربهم}بعد أن قال سبحانه {لهم ما بشاءون فيها}أي في الجنة ، فمنحهم المشيئة عنده فيما يختص بمسراتهم ونعيمهم ومنحهم سبحانه المشيئة عنده فيما يتعلق بما كانوا يحبونهم في الدنيا ويعطفون عليهم ويرحمونهم . ولا معنى لقوله سبحانه لهم ما يشاءون إلا ما قررته لك من قبول شفاعتهم وإكرامهم بأن يشهدهم الخير فيمن والاهم في الدنيا واقتدى بهم وعمل بأعمالهم . وعبد يحبه الله ويكرمه بأن يجعله دالا عليه ناصرا لدينه مرشدا لعباده ويكرمه على أيدي من اتبعوه بالنصرة والتأييد له وبذل ما في الوسع مما يملكون يتفضل سبحانه فيكرم به أتباعه يوم القيامة كما أكرمهم به في الدنيا وأكرمه بهم فيها .

    قف أيها العقل عند الأدب لحضرة الربوبية وسلم تسلم فالأمر فوق مقدارك وليس لك الحكم على ربك وإنما أنت حاكم على ما فيك وما حولك تدبيرا وتقديرا ، واسمع بأذن القلب : قال تعالى [ عسي أن يبعثك ربك مقاما محمودا ]يعني أنه جل جلاله جلاله يبعثه ﷺمقاما يبعثه فيه العالم أجمع ، والعالم لا يحمدون ولا يشكرون إلا من نالوا به خيرا عظيما ، وما هو هذا الخير العظيم يوم القيامة ؟ هو الخير الذي يحتاج إليه كل نوع من أنواع العالم ، فنجاة العصاة من النار خير عظيم لهم ، ودخول أهل السيئات الجنة فضل عظيم ، ورفعة درجات أهل الإيمان في الفردوس الأعلى فضل عظيم ، ووصول أهل المجاهدات إلى مقعد صدق فضل عظيم ، ونيل أهل المشاهدات رؤية الله جل جلاله فضل عظيم ، وجلوس المتحابين في الله على منابر من نور قدام عرش الرحمن عظيم – وفوق ذلك من علي المقامات ما لا تفي به عبارة ولا تبينه إشارة .. كل ذلك الفضل العظيم بشفاعة الحبيب المصطفى في الآخرة وتوفيق الله لنا بكمال اتباعه ﷺفي الدنيا ، وهذا هو المقام المحمود الذي يحمده عليه العالم أجمع . ومن ظن أن الشفاعة منازعة الله تعالى في الألوهية أخطأ وإنما هو الفضل العظيم يظهره الله على يد من يشاء والله ذو الفضل العظيم - قال الله تعالى {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}. فرفعة الذين كمل إيمانهم والذين تفضل الله عليهم بالعلم إلى تلك الدرجات يُذاق منه التفضل عليهم بقبول شفاعتهم في أحبابهم بعد شفاعة رسول الله العظمى بمن تلوثوا بالخطايا من سيئات ، وإلى تفضل ذو الفضل العظيم بفضله على من شاء من الذي بمنع ؟ قال تعالى {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}وقال سبحانه {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيْمانهم يقولون أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير}بشرنا .... إلى الله بأنه سبحانه لا يخزي المؤمنين بعد أن جعل لهم نورا بين أيديهم وعن أيمانهم ، وهذه البشرى تدل بصراحة على أنه سبحانه وتعالى يستجيب لهم ويتفضل عليهم بما يريدونه منه سبحانه فلا يخزيهم جل جلاله إذا تشفعوا عنده في أحبابهم – لأن معنى الخزي حرمان الطالب من نيل طلبه ، وهؤلاء لا طلب لهم يخص أنفسهم لأن الله تعالى ألبسهم حلة القبول والنور عند خروجهم من القبور وحملهم على رفارف الرحمة والعناية فلم يبق من داع ليخبرنا سبحانه أنه لا يخزيهم اللهم إلا ما يتعلق بشفاعتهم لأحبابه الذين كانوا يصحبونهم في الدنيا ولكنهم قصروا بدليل قوله سبحانه {يقولون أتمم لنا نورنا}أي اجعلنا كلنا نورا حتى تتفضل علينا بمواجهتك ونيل ما نحبه لإخواننا منك سبحانك ، وقال سبحانه وتعالى {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك هو الفوز العظيم}. فرجال أحبهم الله ومنحهم النور عن إيمانهم وبشرهم بالإقامة في المسرات الدائمة والنعيم الأبدي وهم الذين جملهم الله بالرحمة في الدنيا فكيف تتم لهم المسرات وأهل محبتهم في الله في العذاب ؟ هؤلاء لا يرون هذا النعيم إلا إذا رأوا ما كان معهم في الدنيا في طاعة الله تعالى معهم في النعيم يوم القيامة . ومن هذا نعتقد أن الله تعالى يكرمهم بقبول شفاعتهم فيمن أحبوه فيه سبحانه ، وقال تعالى {لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} فنفى الشفاعة عن المؤمنين وأثبتها لمن اتخذ عهدا عنده سبحانه . فمنكر الشفاعة بعد إثباتها بالآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة النبوية يحرم الشفاعة يوم القيامة – وحسن الظن بالله من أوثق عرى الإيمان – فأنا والحمد لله أعتقد أن لرسول الله ﷺالشفاعة العظمى وأن لكل مؤمن شفاعة في أخيه المسلم وأطمع إن شاء الله ان أنال الخير برسول الله ﷺثم بشفاعة إخوتي المؤمنين بل وأرجو بحسن ظني في الله ما هو فوق ذلك مطمئنا قلبي وإن كثرت ذنوبي وعظمت خطاياي فإن الله تعالى لا تضره المعاصي ولا تنفعه الطاعات – والله ذو الفضل العظيم .
رشفة من طهور الأرواح :
إن الله ذو الفضل العظيم ، فهو سبحانه وتعالى يكرم من شاء من رسله ومن أبدالهم الصديقين وورثتهم المجددين لسنتهم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فنعيم الجنة إكرام من الله لأهل الإيمان ، ونعيم الرضوان إكرام منه سبحانه لأهل الإحسان ، ونعيم المجاهدة إكرام منه جل جلاله لأهل الإيمان . وهناك فضل فوق ذلك وهو أن يؤنس من أحبهم وقربهم على بساط مؤانسته وقربهم بما شاء من فضله العظيم عندما يتجلى بما هو أهله من الإحسان والحمال والنور والبهاء والكمال بعد أن تجلى بما هو أهله من الجلال والقهر والانتقام والقوة والبطش والكبرياء .. فيأنسون على هذا البساط بما يتنزل به لهم ويشهدون مايحبه من العفو والمغفرة والإحسان والإكرام لأنه العفو الغفور التواب المحسن الحنان المنان ، فيسألونه أن يتجلى جل جلاله بمعاني صفات أسماء جلاله وسؤال الله تعالى منح العبادة ويشفعون فشفعون ويسألون فيجابون ، ودليل ذلك قوله تعالى {لهم ما يشاءون عند ربهم}إشارة إلى المقربين من حضرته . ومتى شاء أن يشفعهم فيمن عرفوهم في الدنيا قبل شفاعتهم وإخراج من شاء من النار بفضله وإحسانه وكرمه ، وقال تعالى {لهم ما يشاءون فيها}إشارة إلى أهل الجنة . والشفاعة ليست من الأمور المستحيلة بل هي جائزة إذ ليس من أعانه الله أن يقف عبد محبوب له فيسأله ما هو من صفته من الرحمة والعفو والإحسان والكرم وقد أخبرنا جل جلاله أنه يحب المحسنين ومع المحسنين .. فإذا كان يحب ذلك منا في الدنيا فكيف ينكرها يوم القيامة ؟ وتلك الأمور الغيبية التي لا تقتدر العقول إدراك معانيها يجب علينا أنا إذا حُرِمنا الذوق أن لا نُحرَمَ التسليم لما ورد عن رسول الله ﷺفي مثل هذه المسائل ، ومن حرم التسليم والذوق حرم الخير كله .

     وإن الذي حدى بمن أنكروا الشفاعة إلى ذلك على خوفهم على العامة أن يتجاوزوا حدود الله تعالى إرتكانا على الشفاعة أو خالفوا مما يلزم على الشفاعة من أن هذا أمر لم يكن معلوما لله تعالى ، والحقيقة أن الله قدر الأقدار أزلا وقدر أن تكون الشفاعة ، فهو المريد المقدر كل شيء ولا فاعل سواه .

     ولأهل مشاهد التوحيد ذوق في الشفاعة وغيرها ، فإن الله تعالى له فضل عظيم لا يُحصَى ولا يُعَدُّ منه أن ينسب الأعمال الصالحات التي أعان العبد على عملها ووفقه لها وهداه إليها إلى العبد إيجادا وعملا وفضلا منه ثم يتفضل عليه بفضل أعظم من ذلك وهو أن يمنحه الله الملك الكبير جزاء على هذا العمل .. والفضل فضله سبحانه أولا وآخرا ، والعبد لم يكن شيئا مذكورا ، فهو سبحانه الذي أوجده من العدم وخلقه بيديه وهداه النجدين وأعان كل مخلوق على ما قدره أزلا ، فلا حرج على فضل الله تعالى أن عَظَّمَ أحبابه يوم القيامة فجعلهم شفعاء لديه ويرفع مكانتهم بين خلقه فيقبل شفاعتهم . ومن نظر إلى تلك الحقائق بعيون عقله المكتسب رد خاسئا وحسيرا ، ومن نظر إليها بعيون العقل الذي يعقل عن الله والنور الذي جعله له الله سبحانه اطمأن قلبه وأقبل وفرح بفضل الله وبرحمته {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا}.
رؤية الله تعالى :
الرؤية وظيفة البصر ، والغاية منها الكشف والعلم . والبصر إنما يبين الألوان والأبعاد وما عليه الحقيقة المرئية من الشكل ، فالبصر لا يكشف الحقيقة من حيث ما هي عليه ، فقد يرى الناظر جسما أمامه فينكشف لونه وشكله وبعده ولكنه يجهل حقيقته ، فإذا انكشفت حقيقته على ما هي عليه فانكشافها يكون بغير البصر ويكون الإنسان بهذا الإنكشاف أدرك الحقيقة ، فالرؤية شيء والإدراك شيء آخر لأن الرؤية علم ما بمكن أن يراه الناظر من الحقيقة ، وإنا لنرى كل الحقائق ونعجز عن إدراكها فنرى الشمس قدر الرغيف ونرى الشيء ونجهل طعمه وملمسه وريحه وخواصه وقدره - ولا يمكننا أن نحصل شيئا من ذلك إلا بقوة أخرى غير البصر . ولما كانت الرؤية هي الكشف أو العلم فقد تكون بالبصر للماديات وبما يجعله الله تعالى من النور الذي ينال به تلك الرؤية مما فوق المادة . وكلنا نعلم أن الله تعالى تنزه عن المثل (بكسر الميم وسكون الثاء) وأن الله تعالى له المــَــثــَــلُ الأعلى (بفتح الميم والثاء) . وكما أن الخيال يمثل المحسوسات والوهم يمثل الحقائق العقلية في كل إنسان مهما كان .. فالله تعالى يجعل للمؤمنين نورا يكرمهم به ليتفضل عليهم برؤيته سبحانه بمقدار ما تطمئن به قلوبهم - كل على قدره – قال تعالى {وما منا إلا له قد معلوم}. ولما كانت الأبصار تقتضي وجود الحقيقة مقابلة لهم مفصولة عنها وأشعة من النور تنكسر على تلك الحقيقة في أفق خال من الحجاب حتى يحصل المراد من الرؤية وهو الكشف والعلم - وكان الوهم والخيال يحتاجان إلى إستخدام البصر ليقوما بوظيفتهما .. كانت رؤية الله تعالى بتلك الكيفية مستحيلة - ومنكرها ممن وقفوا عند هذا الحد لهم العذر ، فإن إثباتها لا يقبله العقل المكتسب بتلك الكيفية ، فإذا نظرنا بعيون الإيمان إلى أن القادر الذي جعل عيونا ترى تلك الحقائق بالوسائط التي وضحها سبحانه وتعالى قادر لأن يهب لأهل محبته نورا يرون به ربهم تنزه وتعالى عن المثل والنظير والشبيه – قال سبحانه وتعالى {لا تدركه الأبصار ...}أي لا تحيك بكنهه الأبصار مطلقا لا أبصار الرءوس ولا أبصار العقول ولا أبصار الأرواح {... وهو يدرك الأبصار}كلها لأنه سبحانه هو الذي خلقها بعلم وقدرة وحكمة وإرادة - قال سبحانه {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}أي كيف لا يعلم الرب جل ثناؤه من أنشأه من العدم وكيف يخفى عليه من خلق وهو اللطيف بعباده الخبير بهم وبأعمالهم وما تكن صدورهم .

     وأثبت سبحانه الرؤية بقوله {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة} فأثبت جل جلاله أنه يهب جمالا ونورا لأهل محبته حتى تكون وجوههم ناضرة بما يتفضل عليهم به من مزيد الإحسان – قال تعالى {الذين أحسنوا الحسنى وزيادة}فالحسنى النعيم المقيم للجسم والمسرات الدائمة للحس ، والزيادة رؤية الوجه العلي الكريم بما يجعله الله تعالى للعبد من النضرة . ومن ذاق طهور قوله ﷺفي الحديث القدسي [ كنت سمعه الذي يسمع بع وبصره الذي يبصر به ... إلى آخر الحديث ]يعتقد أن المؤمن يرى ربه في الدنيا يقظة ومناما ويراه يوم القيامة عيانا - وكلٌ على قدره - وإنما هي طمأنينة القلب التي تحصل للمؤمن كما تحصل لمن رأى حقيقة ما بعيني رأسه ، وما على العبد المؤمن الذي منحه الله التسليم والذوق والفقه إلا أن يقول كما قال الراسخون في العلم {آمنا به كل من عند ربنا}خصوصا بعد أن أشهده خواص تلك الكائنات التي اخترعتها العقول واستخدمتها للنفع العام مما أودعه سبحانه في العقاقير الطبية وفي المعادن وغيرها ومما رأته الأبصار من البأس الشديد في الحديد والنفع العام مما كان يجهله الإنسان . وقد انكشفت للعقول آيات كثيرة كانت خفية في طي تلك الكائنات التي أخبرنا عنها العلي المجيد في آيات لا تحصى ، ومن أشهده الله حكمة رفع السماء بلا عمد وحكمة تسيير الأفلاك وتصريف الرياح وتسخير السحاب ومما في الأرض وفي الأجواء والسماوات من الآيات والخواص في تلك الآيات المنكشفة لأهل الإيمان تجعلهم يعتقدون تمام الاعتقاد أن الله تعالى يكشف لنا حجاب البين ويجملنا بنضرة وجوهنا ووضاءتها وبهائها بما يتفضل به علينا من كمال معرفتنا بأنفسنا التي جعلها سببا لمعرفته سبحانه وتعالى ، فإن العبد المؤمن يعلم من الله تعالى القدير ما علم من نفسه ومن خالقه ، وبقدر ما يعلم من الله تكون وضاءته وجماله ونضرته فيرى ربه عيانا بعد رؤيته بيانا – وقد علمت أن الإيمان هو التصديق وأن فوق الإيمان علم بالمؤمن به ، وفوق العلم ذوق ، وفوق الذوق رؤية ، وفوق الرؤية شهود ، وفوق الشهود فناء عن الشهود إعظاما وإجلالا للجناب العلي وتفريدا لحضرته العلية بالقصد دون غيره ، وفوق ذلك مقام الرضا عن الله ، ويلي الرضا التوكل عليه سبحانه ، ويلي التوكل تفويض كل الأمور إليه جل جلاله - فمن كان مقامه الإيمان وأنكر خبرا من أخبار رسول الله ﷺنفى الإيمان عن نفسه ، فإن الصادق لا يُتَّهَمُ بالكذب في أخباره . وقد يلعب إبليس بعقول بعض المؤمنين فينكر تأويلا ، ومتى وجد إبليس منفذا ينفذ منه في قلب المؤمن أفسد عليه القلب – قال الله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله ...}ثم أخبر عن الراسخين في العلم أنهم{يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أواوا الألباب}{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}. وهذا ما أدب به الراسخين في العلم ، والسلامة كلها في اتباع السلف في هذه المواضيع التي هي محل الإختبار والامتحان .. وكيف والله تعالى يقول {ليس كمثله شيء ...}فنفى المثلية عنه سبحانه في ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله ، فمن شبه الخالق بالمخلوق وحكم على الخلاق العظيم بما يحكم به على المخلوقين أخطأ وأساء الأدب .

     وقد ثبت جواز الرؤية بطلب كليم الله عليه السلام بقوله {رب أرني أنظر إليك}، ورسل الله معصومون من خطإ طلب المستحيل ، ورَدَّ الله تعالى عليه بقوله {لن تراني}. إن الله سبحانه لم يمنحه القوة على تحمل الرؤية كما منحه القوة على تحمل الكلام بديل أنه لم يقو على رؤية تجلي ربنا جل جلاله للجبل بقدر الجبل فدك الجبل وصعق الكليم عليه السلام ، ولكن الله وهب لحبيبه ومصطفاه ﷺالقوة على تحمل الرؤية فرأى ربه عند ربه مطمئن القلب ثابت العقل والجسم والحس ، وقد أخبرنا الله تعالى أن رؤية الملائكة لا تطيقها القوى البشرية إلا بقدرة من الله تعالى يتفضل بها على أنبيائه ورسله بها يتيسر لهم رؤية الملائكة والسماع منهم ، ومن لم يهب الله له تلك القوة لا يطيق رؤية الملائكة – قال تعالى {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا}بل لا يطيق رؤية الجن ، لا بل قد يفزع ويهلع ويجزع إذا رأى حيوانا مفترسا قريبا منه فيغمى عليه من الهلع – مع أننا نرى أن بعض الرجال يهاجمون السباع في غاباتها ، وبعض الأولياء يسخر الله لهم تلك الوحوش - وكل ذلك بما يتفضل به من القوة على العبد ، والأولى أن يحفظ كل مسلم رتبته التي أقامه الله فيها :

·        فأهل الإيمان يلزمون التصديق بما جاء به رسول الله من أخبار البعث والحشر والميزان والصراط والجنة والنار والرؤية وغيرهما ،

·        وأهل الإحسان يلزمون مرتبتهم من رعاية آداب الله وآداب رسول الله ﷺوآداب الإتباع ،
·        وأهل الإيقان يلزمون مراتبهم من المراقبة لجلال الله تعالى ورعاية عظمة وكبرياء وتنزيه الحق جل جلاله والقيام بحقوق العبودية على صراط الله المستقيم محافظة على اتباع سيد المرسلين ﷺلأنهم من أهل محبة الله تعالى.
ومن سوء الأدب أن يتعدى أهل مقام الإيمان حدود الأدب فيطمعون فيما تفضل الله به على أهل مقام الإحسان ، فإذا لم يغالوا أنكروا وأوَّلوا ، والجنين في بطن أمه لا يمكنه أن يتصور الدنيا حتى يراها ، وكذلك الطفل لا يمكنــَّـا أن نجعله يتصور لذة الوقاع لأنه ليست له تلك القوة التي يدرك بها – وقد أهلك التأويل رجالا رمي بهم إلى هاوية البعد والقطيعة – منحنا الله التسليم في مقام الإحسان والرؤية في مقام اليقين حتى تطمئن قلوبنا في كل مرتبة فنكون من الذين أثنى الله عليهم بقوله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء}وقال سبحانه {وبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب}.
من المضنون :
     إن الله قد سخر للإنسان ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ولم يسخر لنا السماوات والأرض إذ لم يجعل لنا قدرة على قلب حقائق أعيانها ، وصدق الله العظيم فإنها والحمد لله قد انكشفت لنا الخواص التي هي في السماء والأرض من المنافع التي بها كمالاتنا البشرية والفوائد التي بها تمكيننا في الأرض ونيل أمانينا فظهر لنا ما في الحديد من البأس الشديد والمنافع لنا بعد أن كنا لا نعلم ذلك بالتفصيل – قال تعالى {وجعلما الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس}. ولم تنكشف لنا تلك الأسرار إلا بتربية العقل بالصناعات والفنون واستعماله في التجارب حتى وصلنا إلى أن سخر لنا ما في السماوات وما في الأرض .فإذا كنا نبلغ بالعقل هذا المبلغ من الطيران في الهواء والعيشة تحت الأمواج المتلاطمة في البحار العظيمة وقطع المسافات الشاسعة في الفدافد والوهاد وفي نجد الأرض وبطحائها وأمكننا أن نسمع صوتا من بيتنا وبينه عشرات الفراسخ بسبب إعمال العقل من دون أن ننكر شيئا من ذلك بل وأمكننا أن نعلم النسب الكائنة بين الأفلاك ومقادير أجرامها وأوقات قراتها وما هو أخفى من ذلك بسبب العقل .. فلا معنى لإنكار ما فوق ذلك .

     نلنا تلك الخيرات بالإسلام لأن المجتمع قبل الإسلام كان في اختلاف : بعضه يقدس إنسانا فيعبده ، وبعضه يقدس كوكبا فيعبده ، وبعضه يقدس الأنهار والبحار فيعبدها ، وبعضه يقدس الأحجار فيتخذ منها التماثيل ويعبدها . وكانت الصناعات قبل الإسلام قاصرة على ما صنعه داوود عليه السلام من الآلات الحديدية ، ونهاية ما بلغه الإنسان أن المصريين أتقنوا صناعة الهندسة والعمارات والطب خصوصا الرمد ، والفينيقيين تعلموا بناء السفن وسافروا في البحار ، والأشوريين والبابليين تعلموا فن الزراعة وعلوم الفلك ، واليونان برعوا في فن التربية والسياسة والحروب فاستعبدوا كثيرا من الأمم . وجاء الإسلام والعالم أجمع بين المستعبد لبعضه أو عابد لإنسان أو لحيوان كعباد العجل الذين كانوا في مصر وفي الهند أو عابد لكوكب – وكل قوم يقدسون معبودهم ، فلما أشرقت شمس الإسلام عرف المسلم قدره وتحقق أنه ليس فوقه إلا الله فاحتقر كل تلك الحقائق المعبودة وسخر كل شيء لنفسه ، وكان جنوب أفريقيا مستنيرا بنور الإسلام فسرت تلك الأنوار أولا إلى فرنسا بواسطة ابن رشد وبما نشرته الأندلس عليها بواسطة مبادلة التجارات بين الأمتين فنفذ العقل من تلك الظلمات حتى علم أن له السلطان على كل الكائنات ، ولولا إهمال المسلمين في الواجب عليهم لدعوة الدين والجهاد لكانت أوروبا وأمريكا أعظم جنود الإسلام .

            أخذت أوروبا من الإسلام أن الإنسان هو المتصرف وحده في الممالك الثلاثة : الجمادية والنباتية والحيوانية ، وانتشر بينهم معنى قوله{والله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض}،ووجدوا المسلمين بينوا حقائق الأجواء والأرجاء وخواص الكواكب وما فوق ذلك إلى العرش ، فأخذوا كتب المسلمين من الأندلس ومصر والشام وبغداد وترجموها وانتفعوا بها في أمور دنياهم ولكنهم حرموا نور الحق فتركوا دينهم الذي كانوا عليه لأن عقولهم التي اكتسبوها بالعلوم الإسلامية لم تسلم بعبادة مخلوق ، ولو أن نور التوحيد أشرق عليهم ببيان أهل المعرفة لفازوا بقسط عظيم منه ولكنهم وقفوا عند حد حظهم العاجل . وإني لأطمع أن تقوم عليهم الحجة وتتضح لهم المحجة فيفوزون بقسط عظيم من التوحيد ، وسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة متوقفة على الإسلام ، وكل مجتمع لم يهتدي للإسلام فهو شر على نفسه من الوحوش - وها هو تاريخ القرون القديمة والوسطى والحديثة برهان على صدق ما أقول .. يترنمون بالقرن العشرين ورفقه بالحيوان ورحمته بالمماليك والحقيقة أن العالم في هذا القرن أشبه بأهل جهنم نزعت الرحمة من قلوبهم فأصبح كل إنسان يسعى لضرر الآخر وصارت كل أمة تسعى لخراب العالم . وإني لأعتقد أن الحيوانات الضعيفة في غابات الوحوش آمنة على نفسها من المجتمع الإنساني ، وكيف لا وتلك الآلات الجهنمية تقذف بشواظ النيران على الإنسان فتلقي عليه الصواعق من الجو ومن البحار وفي شوارع المدن وطرقاتها – وكل ذلك بمخالفة شرائع الإسلام ، وسيجعل الله بعد عسر يسرا وبعد ضيق فرجا .
الامام محمد ماضى ابوالعزائم

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير