عدد المشاهدات:
الاسلام دين شمولي جاء لمعالجة جميع الزوايا في حياة الانسان و وضع البرامج الناجعة لكل مفاصل الحياة، ويتصف بالوسطية حيث يدعو اتباعه دائماً الى الاعتدال و اجتناب الافراط و التفريط، و الانتفاع بالنعم الالهية بعيداً عن الاسراف و التبذير. و قد عرف الاسراف بانه الزيادة و تجاوز حد الاعتدال. و لا ينحصر الاسراف في الامور المادية بل يكون في شتى نواحى الحياة الاقتصاديه او الاجتماعية او الدينية او غير ذلك من شئون الحياه
و ذلك ان المحرمات و المعاصي تعد اسرافا
واسراف المال فوق الحد المطلوب والمعتدل يعد اسرافا
وفى العلاقات الاجتماعية اذا تعدى حد الاعتال والعرف يعد اسراف
والاسراف فى الوقت اذا اهدر وقته فيما لايفيد يعد اسرافا
فالاسراف فى جميع نواحى الحياة
فى المأكل والمشرب والملبس والكلام والنظر وجميع مظاهر الحياة اذا تعدى حد الاعتدال يعد اسرافا
و لبيان موضوع الاسراف و التبذير بصورة جلية لابد من تعريف المفردتين و بيان الفرق بينهما، ثم تسليط الاضواء على زوايا القضية انطلاقاً من التعاليم و الارشادات الدينية.
الاسراف
و من هنا يمكن القول بان الاسراف يعني كل عمل غير متوازن و بلا مبرر و تجاوز عن الحد الطبيعي، سواء في الكيفية او الكمية. و بهذا يتضح أن الاسراف لا ينحصر في الاكل و الشرب او في الامور الاقتصادية، بل له معنى جامع اوسع من ذلك. بل يمكن القول: ان الاسراف كل تجاوز عن الحد أو الافراط و الزيادة، أو الحالة النفسانية و الروحية و الصفات الاخلاقية و الثقافية و الاجتماعية غير المتوازنة للافراد.[2] و هذا التعريف يضاعف مسؤوليات الافراد؛ و ذلك لانه يوسع دائرة الاسراف و يخرجها من الجانب الاقتصادي و الاكل و الشرب الى سائر الدوائر الحياتية.
التبذير
قلنا أن قضية الاسراف لا تنحصر - في الفكر الاسلامي- في البعد الاقتصادي و الاكل و الشرب فقط، بحيث لو حصلت يوصف صاحبها بالتبذير.
و التبذير التفريق بالإسراف و أصله أن يفرق كما يفرق البذر إلا أنه يختص بما يكون على سبيل الإفساد و ما كان على وجه الإصلاح لا يسمى تبذيرا و إن كثر.
إنطلاقا من التعريف المذكور للتبذير يمكن القول بان التبذير يدخل تحت دائرة الاسراف، الا ان الاسراف أعم و اشمل حيث يشمل المال و غيره و الانفاق الشخصي و غيره، و لا يشمل التبذيرُ البذلَ في وجوه الخير. و يمكن القول بان كل تبذير اسراف و ليس كل اسراف تبذير،
و عليه يظهر ان الفارق بين مفردة الاسراف بمعناها الاقتصادي و التبذير فارق يسير جداً، و إن ذكر اللغويون الفرق بين التبذير و الاسراف: بان التبذير: إنفاق المال فيما لا ينبغي..و الاسراف: صرفه زيادة على ما ينبغي. و بعبارة أخرى: الاسراف: تجاوز الحد في صرف المال، و التبذير: اتلافه في غير موضعه.
أضف الى ذلك ان الاسراف لا ينحصر في البعد المادي بل يشمل جميع المناحي كما مرّ من تجاوز الحد في صرف المال مروراً بالعبادات و المواقف السياسية و....
يمكن الاشارة هنا الى بعض الآثار و العواقب التي تترتب على الاسراف على المستوى الفردي، منها:
1. الآثار البدنية: من الواضح ان الاسراف في الاكل و الشرب مثلا يؤدي الى نتائج خطيرة على مستوى الصحة البدنية و هذا ما اجمع عليه الطب القديم و الحديث، و أكدته كلمات المعصومين (ع) في اكثر من موضع، من هنا نجد القرآن الكريم يحث المؤمنين على الوسطية و التعادل في تناول الطعام: «كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا، إِنَّهُ لا یحِبُّ الْمُسْرِفِین»
2. التعرض للغضب الالهي: و هذا ما أشار اليه سبحانه في الآية المباركة " انه لا يحب المسرفين"
3. قلة البركة: من الآثار الوخيمة التي يجرها الاسراف قلة البركة في حياة الانسان على جميع المستويات «اِنَّ مَعَ الاسْرافِ قِلَّةَ الْبَرَکَةِ»
4. الحرمان من الهداية: قال تعالى مشيراً الى هذه الحقيقة «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ»؛[18]
5. الفقر: و من الآثار الخطيرة المترتبة على الاسراف، حياة الفقر و الفاقة في بعدها الاقتصادي؛ و ذلك لان المسرف يبذر و يشتت المصادر و يجفف المنابع التي ينبغي ان توفر له حياة كريمة، و بالنتيجة سيعود الخطر على الفرد و المجتمع معا،
6. الهلاك: الاسراف يجر الانسان الى الهلاك، و قد قرر القرآن الكريم هذه الحقيقة بقوله: ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَیناهُمْ وَ مَنْ نَشاءُ وَ أَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِین»؛
7. العذاب الاخروي: قال تعالى في كتابه الكريم: «وَ كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْ یؤْمِنْ بِآیاتِ رَبِّهِ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى»؛
الانعكاسات السبلية للاسراف على المستوى الاجتماعي
أما الانعكاسات السلبية للاسراف على المستوى الاجتماعي، فهي:
1. هدر الطاقات و تضيع مصادر الاقتصاد: لاريب أن الاسراف يؤدي الى هدر مصادر الاقتصاد كالطاقة و المعادن و المياه و... و لا تمنع كثرتها من إهدارها فيما اذا تفشت ظاهرة الاسراف في المجتمع،
2. تسافل الخلق الاجتماعي و انحطاطه: إن الاسراف و التذبير و بعثرة الاموال في امور لا ينبغي صرفها فيها، يؤدي الى خروج الانسان عن الجادة القويمة و التورط بالفساد و الانحطاط، بنحو لا يرى لابناء نوعه بل لسائر المكونات قيمة تستحق الالتفات اليها و الاهتمام بها، فلا يشعر بالجياع و المحرومين و المعذبين و... مضحيا بكل ذلك في مقابل اطلاق العنان لنفسه تنجرف مع الاسراف و التبذير في ملاذها الكاذبة و شهواتها الخادعة.
3. التمايز الطبقي: من الانعكاسات السلبية للاسراف تحول المجتمع الى طبقات متفاوتة في القدرة الشرائية و الاستطاعة المادية؛ و ذلك لان الاغنياء يعطون – حينئذ- لانسفهم الحق في صرف ثرواتهم في أي موضع شاءوا و بأي طريق اختاروا حتى لو كانت مخالفة للشريعة و العرف. من هنا يتحول المجتمع الى طبقات متفاوتة بين طبقة و أخرى فاصلة كبيرة جداً، و هذا ما اشار اليه احد الشعراء الكبار حينما قال:
في القصر أغنية على شفة الهوى و الكوخ دمع في المحاجر يلذع
و من الطوى جنب البوادر صرع و بجنب زق أبي فراس صرع
يطغى النعيم بجانب و بجانب يطغى الشقا فمرفه و مضيع[23]
4. زوال الحكومات: من الاثار السلبية التي يتركها الاسراف على المستوى الاجتماعي زوال الحكومات. و هذا المعنى ذهب اليه أبن خلدون معتقداً بان الحكومات التي تميل الى الاسراف و التبذير مآلها الى الزوال و الاندثار حتماً.
و ذلك ان المحرمات و المعاصي تعد اسرافا
واسراف المال فوق الحد المطلوب والمعتدل يعد اسرافا
وفى العلاقات الاجتماعية اذا تعدى حد الاعتال والعرف يعد اسراف
والاسراف فى الوقت اذا اهدر وقته فيما لايفيد يعد اسرافا
فالاسراف فى جميع نواحى الحياة
فى المأكل والمشرب والملبس والكلام والنظر وجميع مظاهر الحياة اذا تعدى حد الاعتدال يعد اسرافا
و لبيان موضوع الاسراف و التبذير بصورة جلية لابد من تعريف المفردتين و بيان الفرق بينهما، ثم تسليط الاضواء على زوايا القضية انطلاقاً من التعاليم و الارشادات الدينية.
الاسراف
و من هنا يمكن القول بان الاسراف يعني كل عمل غير متوازن و بلا مبرر و تجاوز عن الحد الطبيعي، سواء في الكيفية او الكمية. و بهذا يتضح أن الاسراف لا ينحصر في الاكل و الشرب او في الامور الاقتصادية، بل له معنى جامع اوسع من ذلك. بل يمكن القول: ان الاسراف كل تجاوز عن الحد أو الافراط و الزيادة، أو الحالة النفسانية و الروحية و الصفات الاخلاقية و الثقافية و الاجتماعية غير المتوازنة للافراد.[2] و هذا التعريف يضاعف مسؤوليات الافراد؛ و ذلك لانه يوسع دائرة الاسراف و يخرجها من الجانب الاقتصادي و الاكل و الشرب الى سائر الدوائر الحياتية.
التبذير
قلنا أن قضية الاسراف لا تنحصر - في الفكر الاسلامي- في البعد الاقتصادي و الاكل و الشرب فقط، بحيث لو حصلت يوصف صاحبها بالتبذير.
و التبذير التفريق بالإسراف و أصله أن يفرق كما يفرق البذر إلا أنه يختص بما يكون على سبيل الإفساد و ما كان على وجه الإصلاح لا يسمى تبذيرا و إن كثر.
إنطلاقا من التعريف المذكور للتبذير يمكن القول بان التبذير يدخل تحت دائرة الاسراف، الا ان الاسراف أعم و اشمل حيث يشمل المال و غيره و الانفاق الشخصي و غيره، و لا يشمل التبذيرُ البذلَ في وجوه الخير. و يمكن القول بان كل تبذير اسراف و ليس كل اسراف تبذير،
و عليه يظهر ان الفارق بين مفردة الاسراف بمعناها الاقتصادي و التبذير فارق يسير جداً، و إن ذكر اللغويون الفرق بين التبذير و الاسراف: بان التبذير: إنفاق المال فيما لا ينبغي..و الاسراف: صرفه زيادة على ما ينبغي. و بعبارة أخرى: الاسراف: تجاوز الحد في صرف المال، و التبذير: اتلافه في غير موضعه.
أضف الى ذلك ان الاسراف لا ينحصر في البعد المادي بل يشمل جميع المناحي كما مرّ من تجاوز الحد في صرف المال مروراً بالعبادات و المواقف السياسية و....
يمكن الاشارة هنا الى بعض الآثار و العواقب التي تترتب على الاسراف على المستوى الفردي، منها:
1. الآثار البدنية: من الواضح ان الاسراف في الاكل و الشرب مثلا يؤدي الى نتائج خطيرة على مستوى الصحة البدنية و هذا ما اجمع عليه الطب القديم و الحديث، و أكدته كلمات المعصومين (ع) في اكثر من موضع، من هنا نجد القرآن الكريم يحث المؤمنين على الوسطية و التعادل في تناول الطعام: «كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا، إِنَّهُ لا یحِبُّ الْمُسْرِفِین»
2. التعرض للغضب الالهي: و هذا ما أشار اليه سبحانه في الآية المباركة " انه لا يحب المسرفين"
3. قلة البركة: من الآثار الوخيمة التي يجرها الاسراف قلة البركة في حياة الانسان على جميع المستويات «اِنَّ مَعَ الاسْرافِ قِلَّةَ الْبَرَکَةِ»
4. الحرمان من الهداية: قال تعالى مشيراً الى هذه الحقيقة «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ»؛[18]
5. الفقر: و من الآثار الخطيرة المترتبة على الاسراف، حياة الفقر و الفاقة في بعدها الاقتصادي؛ و ذلك لان المسرف يبذر و يشتت المصادر و يجفف المنابع التي ينبغي ان توفر له حياة كريمة، و بالنتيجة سيعود الخطر على الفرد و المجتمع معا،
6. الهلاك: الاسراف يجر الانسان الى الهلاك، و قد قرر القرآن الكريم هذه الحقيقة بقوله: ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَیناهُمْ وَ مَنْ نَشاءُ وَ أَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِین»؛
7. العذاب الاخروي: قال تعالى في كتابه الكريم: «وَ كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْ یؤْمِنْ بِآیاتِ رَبِّهِ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى»؛
الانعكاسات السبلية للاسراف على المستوى الاجتماعي
أما الانعكاسات السلبية للاسراف على المستوى الاجتماعي، فهي:
1. هدر الطاقات و تضيع مصادر الاقتصاد: لاريب أن الاسراف يؤدي الى هدر مصادر الاقتصاد كالطاقة و المعادن و المياه و... و لا تمنع كثرتها من إهدارها فيما اذا تفشت ظاهرة الاسراف في المجتمع،
2. تسافل الخلق الاجتماعي و انحطاطه: إن الاسراف و التذبير و بعثرة الاموال في امور لا ينبغي صرفها فيها، يؤدي الى خروج الانسان عن الجادة القويمة و التورط بالفساد و الانحطاط، بنحو لا يرى لابناء نوعه بل لسائر المكونات قيمة تستحق الالتفات اليها و الاهتمام بها، فلا يشعر بالجياع و المحرومين و المعذبين و... مضحيا بكل ذلك في مقابل اطلاق العنان لنفسه تنجرف مع الاسراف و التبذير في ملاذها الكاذبة و شهواتها الخادعة.
3. التمايز الطبقي: من الانعكاسات السلبية للاسراف تحول المجتمع الى طبقات متفاوتة في القدرة الشرائية و الاستطاعة المادية؛ و ذلك لان الاغنياء يعطون – حينئذ- لانسفهم الحق في صرف ثرواتهم في أي موضع شاءوا و بأي طريق اختاروا حتى لو كانت مخالفة للشريعة و العرف. من هنا يتحول المجتمع الى طبقات متفاوتة بين طبقة و أخرى فاصلة كبيرة جداً، و هذا ما اشار اليه احد الشعراء الكبار حينما قال:
في القصر أغنية على شفة الهوى و الكوخ دمع في المحاجر يلذع
و من الطوى جنب البوادر صرع و بجنب زق أبي فراس صرع
يطغى النعيم بجانب و بجانب يطغى الشقا فمرفه و مضيع[23]
4. زوال الحكومات: من الاثار السلبية التي يتركها الاسراف على المستوى الاجتماعي زوال الحكومات. و هذا المعنى ذهب اليه أبن خلدون معتقداً بان الحكومات التي تميل الى الاسراف و التبذير مآلها الى الزوال و الاندثار حتماً.