آخر الأخبار
موضوعات

الاثنين، 8 أغسطس 2016

- السفر إلى الله تعالى

عدد المشاهدات:
من كلام العارف بالله السيد محمد ماضى أبو العزائم
الطريق إلى الله تعالى هو عمارة كل وقت من أوقات السالك فيما اقتضاه الوقت من اللازم الشرعى من عمل قلبى فقط، أو عمل بدنى فقط، أو عمل مزدوج منهما، وبذلك ينتقل على معارج القرب فى كل لمحة ونفس، لأن الزمن هو المراحل التى ينتقل منها إلى حضرة الرب سبحانه وتعالى، وإنما العمر هو المسافة التى بين العبد وربه: (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) سورة العلق آية 8 فكلما مضى من عمره نفس انتقل مرحلة إلى ربه، وفى كل نفس له كمالات يتجمل بها إذا عمر الوقت بواجبه فإن أهمل خسر الوقت وخسر الربح فيه، وطولب بواجبه، لأن تلك الصحف ترسم فيها صور الأعمال محلاة بنور القبول والثناء من الله أو بظلمة المعصية والمقت من الله، ولا يعد المريد سالكاً على الطريق إذا لم يحط علماً بواجب الأوقات وبصحبة من سلك، وعرف المبدأ والمرجع، وتمكن من معرفة النفوس وعلم أمراضها ودواءها وتكميلها.



على أنى لا أحكم أن المريد معصوم عن المعاصى، ولكنى أرى أنه يقع فى صغائر الأمور التى تشتبه عليه لأنها خفية، وانتفاؤها عن المريد متعذر، كما يحصل من بعض المريدين من المسارعة فى عمل النوافل، والتساهل بالواجبات من بر أو صلة أو نجدة أو عيادة أو جهاد أو اكتساب، فقد يكون واجباً يقتضيه الوقت، فيترك ذلك ويقبل على الأوراد والصيام والسهر فى القيام، فتكون تلك المعاصى تدخل على المريد من حيث لا يعلم، وأمثال هذه كثيرة، نكتفى بما تقدم من المثل، لهذا يجب على المريد صحبة الكامل.



إذا تحقق هذا من أن العمر هو المسافة، لزم على كل مريد أن يعلم الحقوق الواجبة عليه لنفسه ولربه سبحانه وللناس بحسب مراتبهم، ويعلم مواقيت تلك الحقوق وشروطها، فقد يكون الوقت يقتضى الشكر فيصرفه فى الذكر، وقد يقتضى السعى على المعاش فيصرفه فى الصلوات، وإنى أحب أن أضع مقدمات للمريد وضوابط، وإذا لاحظها يسهل عليه معرفة مقتضى الوقت، ويعلم الأحكام الشرعية التى تجب عليه فى نفس الوقت، والله الموفق.



المقدمات والضوابط

المقدمات:

المقدمة الأولى: العلم بالنفس، العلم بالله، العلم بأحكامه، العلم بأيامه.

المقدمة الثانية:

أولا: إخلاص النية عند العمل، ثانيا: تأدية العمل على الوجه الشرعى، ثالثا: الفرح به من حيث أنه لله وبتوفيقه، رابعا: الشكر بعده لله على عنايته وإقامة العبد مقام عامل له سبحانه، خامسا: عدم الاعتماد على العمل، سادسا: تحققه بالعجز عن حقوق الشكر بعد العمل، سابعا: جعْلُ كل الأعمال لله تعالى ولو كانت من شهواته الحيوانية بتصريفها بحسن النية، ثامنا: مجاهدة نفسه حتى لا يجد سروراً فى نفسه بالعمل أمام الناس أو فى الخلوة لصحة توجهه إلى الله تعالى، فإن نشط أمام الخلق وكسل فى الخلوة جاهد نفسه ليكون حاضراً مع الله فى الحالين، غائباً عن الخلق فى المشهدين، كما يحصل للعامل إذا عمل عملاً نافعاً لذاته، فإن الأمر يستوى عنده فى الخلوة والمجتمع، تاسعاً: تلبية قلبه فيما يدعوه إليه، إلا فيما أوقع فى ريبة فى عين الخلق أو شبهة عنده، فإنه يحفظ الخلق من الوقوع فى محرم بشأنه، أو من الوقوع فى محرم بالاقتداء به، عاشرا: غض البصر عن عورات الناس وعيوبهم ومساويهم ليستريح ويريح، إلا من أمر بمعروف أو نهى عن منكر بشروطه الشرعية، الحادى عشر:المسارعة عند النشاط على القربات بعد الفرائض، الثانى عشر: قهر النفس عند الكسل على عمل الواجبات فى أوقاتها، ولو بالتكلف، الثالث عشر: تسليم ما يجهل من أسرار الحكمة والقدرة للعالم الأكبر سبحانه وتعالى حتى يفتح له باب العلم بها بدون بحث بعقل، ولا تنقيب بفكر، فإنه ولد جاهلا أولا، الرابع عشر: ترك الجدل مرة واحدة، فإنه باب القطيعة ومهاوى البعد لأنه إذا ترك الظالم أو المبتدع فى ضلالته، خير له من أن يجادله ليرده إلى الحق لأن الجدل بدعة مضلة ولا يأتى الخير بالشر (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) سورة الزخرف آية 58، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب الله على قوم أوتوا الجدل)، الخامس عشر: يكون مقصده الرضا من الله تعالى.وحسن الثناء منه سبحانه، الأمر الذى يصغر الخلق فى عينه فلا يحزنه سخطهم وإدبارهم، ولا يفرحه إقبالهم ورضاهم إلا من وجهة حب الخير لهم وبغض الشر لهم، ورؤية الفضل من الله عليه فى الحالين بالشكر فى الإقبال، والابتهال والتضرع فى الإدبار.



أنى رايت بعد أقامتى بمصر كثيراً ينتسبون إلى طريقى على غير هدى فمنهم الضال الداعى إلى الشر المعتقد أن الطريق إلى الله تعالى ترك الكتاب والسنة والعمل بالحظ والهوى من الإباحة وترك أركان الإسلام بدعوى أن هذا حال وأن الحقيقة فى نظرهم فوق الشريعة والنفوس الأمارة بالسوء تميل إلى هذا الفساد بسرعة وتعتنقه بقوة خصوصاً إذا تلقت هذه الأباطيل من جاهل مغروراً، أحزننى جداً ما رأيت وأخذت أركب الأدوية لتلك النفوس بقدر الطاقة من تأليف ومدارة حتى تحققت أن القضاء أعمى أبصارهم ووجدتنى مطالباً أن أتبرأ منهم فزادهم ذلك طغياناً وأنكرونى وابتدعوا لهم طريقاً آخر محاربة لى فشكرت الله الذى أظهر للناس سوء مقاصدهم وسالت الله لى ولهم الهداية وهم لا يخفون على أحد من أخواننا السالكين على الكتاب والسنة فأحذروا أخوننا منهم: وهنا أبين الشريعة والحقيقة والطريقة بياناً شافياً ليحفظ الله قلوب السالكين من الوقوع فى الضلالة والخزى، هذا البيان رجعت فيه إلى ما ورد عن السلف الصالح عند ما ظهرت البدع والفتن وكثرت الآراء والمذاهب خصوصاً الخلاف الذى وقع من أهل الزور والبهتان فى الشريعة والطريقة والحقيقة.



تعاريف أولية

الشريعة هى الإتمار بالتزام العبودية، والشرع فى اللغة عبارة عن البيان والإظهار يقال شرع الله كذا أى جعله طريقاً ومذهباً ومنه المشرعة والشريعة والشراع والدين والملة والناموس كلها بمعنى واحد، الطريقة هى السيرة المختصة للسالكين إلى الله تعالى مع قطع المنازل والترقى فى المقامات.



والحقيقة والحق هو الثبات الذى لا يسوغ أنكاره وفى اصطلاح أهل المعانى هو الحكم المطابق للواقع ويطلق على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب باعتبار واشتمالها على ذلك ويقابله الباطل فمعنى حقيقة الشىء مطابقة الواقع أياه قال صلى الله عليه وسلم: (علم الباطن سر من أسرار الله تعالى وحكمة من حكم الله يقذفه فى قلوب من يشاء من عباده).
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير