آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 18 أغسطس 2016

- كتاب الإنسان الوسط

عدد المشاهدات:
فضيلة الشيخ
محمد على سلامة
مدير أوقاف بورسعيدسابقا
في
كتاب الإنسان الوسط 
إهداء
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى طلاب المزيد من العلم والهدى والرشاد والحكمة، أتقدم بهذا الكتاب البسيط الذي يدور حول بيان الإنسان الوسط، ويسرح في رياض هذه الحقيقة ليجني من ثمارها الناضجة، وأزاهيرها المتفتحة ما يبهج الخواطر، ويسر النواظر، ولقد شرحت فيه حقيقة هذا الإنسان على قدري مسترشدًا بما اقتبسته من كتاب الله عزَّ وجلَّ، وبما التمسته من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما أخذته من هدي أئمة المسلمين رضي الله تعالى عنهم ناهجا في ذلك المنهج الوسط، الذي يهدي إلى الحق، ويصل بنا إلى الرشد، وذلك مبلغ علمي في هذا الكتاب، والله من وراء القصد.
ورجائي من إخوتي المؤمنين والمؤمنات الذين يطلعون عليه أن يستغفروا الله لي فيما قصرت دونه، وأن يدعو الله لي بالتوفيق والمعونة على استيفاء أوجه النقص التي تكتنف هذا الكتاب.
هذا ولعلني بفضل الله ومشيئته أستعين بالتوجيهات والآراء التي يهديها إليَّ من يطلع عليه، فإنني والحمد لله ما زلت أتلقى العلم والمعرفة من أهلهما، ولا أزال كذلك حتى ألقى الله عزَّ وجلَّ، ورحم الله إمرءا عرف قدر نفسه، والاعتراف بالعجز والتقصير وسيلة القرب من مغفرة الله ورحمته، وسُلَّم الوصول إلى رضوان الله ومحبته.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يغفر لي ولجميع المسلمين والمسلمات، جميع الذنوب والسيئات بحق إيماني بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، آمين آمين يا رب العالمين، والحمد لله في البداية والختام.
                                                    كتبه العبد المنكسر القلب
                                                         إلى الله ورسوله
                                                        محمد علي سلامة



بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان الوسط
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وعلى صحابته وعلى من اتبع هداه.
وبعد...
فإن الوسط من كل شيء هو الأمر المعتدل والمستوى والمستقيم، بحيث يكون قائماً على الهيئة التي يؤدي بها دوره وعمله الذي وجد من أجله، فلو صنعنا منجلاً لحصاد الحاصلات الزراعية مثلا فإنه يكون مستقيما ومعتدلا مع تقوسه واستدارته على الهيئة التي بها نحصد المحاصيل الزراعية، وأيضا مثل قوس الرماية الذي ينطلق منه السهم للصيد، فإنه كذلك يكون مستقيما مع تقوسه إذ أنه صنع كذلك لأداء مهمته التي وجد من أجلها، وكذلك باقي الآلات والأدوات التي يستعين بها الإنسان في قضاء مآربه.
والإنسان الوسط هو المعتدل والمستوي في الهيئة والطباع والأخلاق والدين، والسلوك، بحيث يكون مستقيما فيها لا يشذ في شيء منها، وسنبين لك أيها القارئ الكريم هذه المعاني فنقول وبالله التوفيق.
أولا: الاعتدال في الهيئة والتكوين:
وهو سلامة الإنسان من الآفات والأمراض المزمنة، والآفة هي أن يفقد الإنسان عضواً من أعضائه، أو يفقد خاصية عضو منها كالعمى والصم والبكم، ونحو ذلك من العاهات المستديمة التي تصاحب الإنسان مدة حياته.
والمرض المزمن هو أن يصاب الإنسان بعلة في جسمه، ويطول زمان هذه العلة ولا تكاد تفارقه، وهي الأمراض المستعصية التي يصعب علاجها، والإنسان الذي أصيب بشيء من هذين الأمرين ليس سوياً ولا معتدلاً في جسمه وتكوينه، ولذلك خفف الله عنه بعض التكاليف فقال سبحانه: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾، [17،الفتح]. فقد رفع الله الإثم والحرج في الجهاد والغزو في سبيل الله وكذلك في أداء فريضة الحج والعمرة إذا لم يجدوا من يحملهم أو يقودهم، وكذلك رفع الله الإثم عن المرضى في أداء فريضة الصيام، وذلك رحمة من الله به في مقابلة الضرر الذي أصابهم، لأن الله أوجب التكاليف على قدر طاقة كل إنسان قال تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾، [286،البقرة]. وهؤلاء قد أصابهم عجز أو نقص في أعضائهم، أو مرض مزمن في أجسامهم، فخفف الله عنهم بعض الواجبات التي لا يقدرون على القيام بها، أو يقومون بها بمشقة فادحة أكبر من طاقتهم، مع أنهم لو قاموا بهذه الواجبات التي خففها الله عنهم فلهم أجرهم مضاعف إلى أضعاف كثيرة، على قد ما بذلوا وضحوا في سبيل أدائها فإن الأجر على قدر المشقة: ﴿وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾، [261،البقرة].
وهذا بخلاف غيرهم من الأصحاء الذين يقومون بأداء هذه الفرائض.
ثانيا: الاعتدال في الطباع:
وهو ائتلاف أمزجة الإنسان وغرائزه، وتناسق العناصر التي يتكون منها بحيث تتناسب وتتجاوب مع بعضها، وتسير بالإنسان إلى الاستقامة والاعتدال، وذلك الائتلاف والتناسق إنما يحتاج من الإنسان إلى سياسة هذه الغرائز والأمزجة بالدين والعقل والحكمة حتى تتوسط في رغباتها ونزواتها الجامحة، وتنال كل غريزة حظها في إطار من العدالة والانسجام مع بقية الغرائز ونضرب مثلا بذلك بغريزة حب التملك، وهي من الغرائز القوية في الإنسان، وتزداد قوتها يوما بعد يوم، فإن الإنسان يشتهي أن يملك هذه الدنيا من أقصاها إلى أقصاها ولو خلى الإنسان ونفسه لأشبع هذه الغريزة بكافة الوسائل والحيل، مشروعة كانت أو غير مشروعة، صحيحة كانت أو فاسدة، ولكن الإنسان السوي يحتكم في ذلك إلى دينه وعقله وخلقه، فترشد نفسه وتكبح جماحها، وتقف عند حدود الفضيلة في هذه الناحية، ويأخذ الإنسان حقه المشروع ولا يتجاوز حده، ويترك حقوق الآخرين لهم من غير حقد ولا كراهية عليهم، وبقية الأمثلة لا تخفى على أهل البصيرة والعقل، وقديما قال الحكيم الإسلامي:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على     حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فخالف هواها وحاذر أن توليه     إن الهوى ما تولى يُصم أو يَصِمِ
ثالثا: الاعتدال في الأخلاق:
والأخلاق هي الصفات والأحوال التي يتصف بها الإنسان من حب وكره، وعفة ودناءة، وشرف وخسة، وكرم وبخل، وزهد وطمع، وشجاعة وجبن، وحلم وسفه، وعدل وظلم، ورحمة وقسوة وطاعة ومخالفة، وتقوى وفجور، وبر وعقوق، وفرح وحزن، وأمن وخوف، وتواضع وكبر، وثقة وغرور، وعلم وجهل، وإحسان وإساءة، ورفع وضعة، وصبر وعجلة، ورضا وغضب، وضيق وسعة، وغير ذلك من الصفات التي يتصف بها الإنسان، والوسط في هذه الأخلاق أن يأخذ الإنسان من كل صفة محاسنها وفضائلها التي تعينه على بلوغ قصده من غير سرف ولا غلو، ومن غير إحجام وتقتير، بمعنى أن الإنسان إذا أحب شيئا غير الله ورسوله لا يتمادى في هذا الحب إلى الذروة والنهاية بل يحبه إلى حد ما، حتى لا ينقلب هذا الحب إلى كارثة لا يدري الإنسان عواقبها، أما حب الله ورسوله فذلك هو الخير كله، ولا خشية ولا خوف من بلوغ الذروة فيه والتمادي فيه إلى ما لا نهاية فإن هذا الحب أمان كله، ونعيم، وسعادة عاجلة وآجلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما}[1] أما حبه غير الله ورسوله فيجب على الإنسان أن يتوسط فيه قال صلى الله عليه وسلم: {أحب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما}[2] وكذلك إذا أبغض الإنسان شيئا فلا يتمادى في بغضه، ولكن يبغضه بقدر ما تذهب حفيظة نفسه وغيظها، قال عليه الصلاة والسلام: {وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما}[3] وكذلك باقي الصفات يتوسط المرء فيها ويعتدل في الأخذ بها من غير إفراط ولا تفريط قال صلى الله عليه وسلم: {التوسط في كل شيء حسن وفي العبادة أحسن}.
رابعا: الاعتدال في السلوك
وسلوك الإنسان هو حياته العملية في المجتمع الذي يعيش فيه، وإنما يتركز سلوكه في معاملته لأهله وجيرانه ورفقائه في منزله وفي عمله وفي أي مكان يكون فيه، والسلوك المعتدل هو أن يعطي المرء من نفسه كل ذي حق حقه مع المعاشرة بالمعروف والمعاملة بالحسنى وقديما قال الحكيم: (لا تكن صلبا فتكسر ولا تكن لينا فتعصر) وكن وسطا بين ذلك شدة في لين ولينا في حزم، وقال أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه: (لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت لأنهم لو شدو أرخيت ولو أرخوا شددت). وقال الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾، [159،آل عمران]. وفي الحكمة: (عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الدين المعاملة}. وقد حصر هذا الحديث الشريف الدين في المعاملة وهو من أسلوب قصر الموصوف على الصفة وهو غاية في البلاغة والبيان لأن المعاملة الحسنة هي روح الدين وحقيقته وبهجة الإسلام وزينته، ولقد دخل الناس في دين الله أفواجاً لما رأوا معاملة المسلمين الكريمة لهم. فالسلوك القويم أكبر دعوة عملية للإسلام وهو أفضل بكثير من الدعوة بالقول التي لم يصاحبها تطبيق عملي.
خامسا: الاعتدال في الدين:
وأساس الدين هو العقيدة الحقة والعبادة الصحيحة، والاعتدال في العقيدة هو أن يأخذها الإنسان من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم سهلة بسيطة نقية خالصة من كل شائبة، وأن يعقد قلبه عليها، وأن تطمئن نفسه بها، من غير أن يتقعر فيها لدرجة التشكك والتحير، ومن غير أن تكون سطحية هشة تهزها الأحداث والفتن وإنما تكون عقيدته راسخة كالجبال، متألقة كالثريا: ﴿كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾، [24-25،إبراهيم]. وذلك هو التوسط في العقيدة، والاعتدال فيها وإنما تتحقق هذه العقيدة في الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر وبقضاء الله وقدره وأن يصدق القلب بكل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عند الله عزَّ وجلَّ.
هذا وأما التوسط في العبادة إنما يكون بأدائها على الصورة التي رأينا عليها أئمة الهدى رضي الله تعالى عنهم، فإنهم يقومون بها على الهيئة التي كان يؤديها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث لا يتشددون فيها، ولا يشقون بها على أنفسهم فتملها نفوسهم وتسأم منها قال عليه الصلاة والسلام في حديث ما معناه: {إن الله لا يمل حتى تملوا}[4] وأيضا لا يتهاونون فيها، ولا يتساهلون بها فتخرج عن حد الاعتدال والنمط المطلوب والمحمود، قال صلى الله عليه وسلم: {من أم قوما فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والمريض وذو الحاجة}[5] وكان صلى الله عليه وسلم يصلي بالمسلمين فإذا سمع بكاء طفل أوجز في صلاته شفقة على أمه ورحمة بهذا الصبي.
هذا ولو أمعنا النظر في تحديد الإنسان الوسط لوجدناه هو المسلم من دون الناس كافة، وهذا من غير تحيز ولا تعصب ولا نزاع ولا مغالطة وذلك لأنك ترى المسلم بسيطا في عقيدته سهلا في عبادته، سمحا في معاملته، كريما في خلقه، ولم يكن التعقيد شيمة المسلم في أي أمر من الأمور أبدا، لأن الإسلام الذي اعتنقه وآمن به جاء لحل مشاكل الفرد والمجتمع التي عجزت الأديان من قبله عن الوصول إلى حلها، ولقد بين القرآن دور نبي الإسلام في حل هذه المشاكل، وأن هذا الدور من أخص صفاته البارزة التي جاءت في التوراة والإنجيل وجميع الكتب السماوية قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾، [157،الأعراف]. ولقد جاء الإسلام ممثلا في شخص رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، يضع عن الناس التكاليف الشاقة والأعباء الثقيلة والعهود المغلظة والقيود الشديدة التي غلت أيديهم عن حرية الفكر والحركة، وأنهكت قواهم عن القيام بها، ولقد اتضح ذلك في بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: {بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا}. وقوله عليه الصلاة والسلام: {إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى}[6] وقوله عليه الصلاة والسلام: {رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه}[7]
ولقد بينت تلك الآية الشريفة التي بيناها آنفا أوصاف رسول الله في التوراة وفي الإنجيل وهذه الأوصاف هي كالآتي:
أولا: أنه رسول من عند الله إلى الناس كافة، وليس مدعيا ولا كذابا ولا دجالا يبشر الذين يؤمنون به بالخير والسعادة الأبدية، وينذر الذين كفروا به بالشقاء في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة.
ثانيا: أنه نبي ينبأ بأخبار الله وآياته ويخبر الناس بها كما نبأه الله.
ثالثا: أنه عليه السلام أمي لا يقرأ في كتاب، ولا يكتب بقلم ولكن علمه كان بوحي من الله تعالى إليه وليس عن معلم ولا مرب من الإنس والجن.
رابعا: أنه عليه السلام مكتوب بهذه الصفات التي مرت بك في التوراة وفي الإنجيل، وأن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفونها جيدا كمعرفتهم لأنفسهم وأبنائهم بل أكثر.
خامسا: أنه عليه السلام يأمر الناس بالمعروف الذي وصاه الله به، وأقرته العقول السليمة والأديان الصحيحة التي جاء بها الرسل والأنبياء من قبله عليه الصلاة والسلام.
سادسا: أنه عليه السلام ينهى الناس عن إتيان المنكر الذي تأباه النفوس الطاهرة وترفضه الشرائع الإلهية.
سابعا: أنه عليه السلام يحل للناس الطيبات التي حرمت عليهم من قبل بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وهم في أمس الحاجة إليها.
ثامنا: أنه عليه السلام يحرم عليهم الخبائث التي تضرهم وتؤذيهم  من المأكولات كالميتة ولحم الخنزير وغيره. والمشروبات كالخمر والكحول ونحوها، والمنكوحات كالزنا واللواط، والمكاسب الخبيثة كالربا والإتاوة والقمار والغش في التجارة، وأكل أموال الناس بالباطل وغير ذلك.
تاسعا: أنه عليه السلام يضع عن الناس إصرهم وأحمالهم الباهظة التي أنهكتهم وأتعبت حياتهم، وجعلتهم في تمزق واختلاف دائم.
عاشرا: أنه عليه السلام يضع عن الناس كذلك أغلالهم والقيود التي عطلت انطلاقهم وعوقت حركتهم عن النهوض والتقدم والازدهار.
ومن هنا نجد أن نبي الإسلام كان غاية الرحمة التي أغاث الله بها الإنسانية قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، [107،الأنبياء].
ومن ذلك الحين ازدهرت العلوم والمعارف، وتقدمت الصناعات والتجارات والزراعات، وابتكرت الاختراعات واستحدثت أنواع الآلات التي يسرت للناس أمر المعايش، وارتقت الحياة على وجه هذه الأرض حتى أصبح الناس وكأنهم في جنات يتمتعون فيها بنعم الله وخيراته الهاطلة عليهم من السماء والأرض ومن البر والبحر.
وهذه الصفات العشر التي وضحتها تلك الآية الشريفة، والتي سبق ذكرها قد بين الله بها لأهل الكتب السماوية السابقة وخاصة اليهود والنصارى حقيقة رسوله الخاتم والأخير قبل مجيئه إلى هذه الدنيا حتى عرفوه أكثر من معرفتهم لأولادهم، وقد رأى اليهود والنصارى كل هذه الصفات في رسول الله محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه بعد أن جاءهم يدعوهم إلى الله، ولكن الحسد والعناد والكفر، والجدال واللجاجة جحود وضلال، ولقد كان المقتضى والواجب أن يكونوا أول المؤمنين به لعلمهم بحقيقته ويقينهم به صلى الله عليه وسلم دون الناس الذين لم يطلعوا على هذه الكتب المقدسة ولكن اليهود والنصارى كفروا به وعادوه، وصدوا عن دينه، ولقد عبر القرآن عن شأنهم هذا فقال: ﴿فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾، [89-90،البقرة].
هذا وإن الوسط من الأمور هو الفضيلة التي يتسامى إليها الهابط الدنيء، ويقصد نحوها المنحرف المعوج، وكذلك ينزل إليها الغالي المتطرف، والمتشدد المتقعر ودائما وأبدا تكون الفضيلة هي المركز الوسط الذي يحتكم إليه أطراف النزاع وينزلون على حكمه ويقبلونه ويرضونه، مهما كان من نزاع وخلاف وتناحر وتدابر.
ولما كان الإسلام هو الدين الوسط بين جميع الأديان وهو الدين الحق الذي أخذ من كل دين سبقه فضائله ومزاياه وزاد عليها ما احتاج الناس إليه إلى يوم القيامة من الضروريات والكماليات ولذلك فقد قدر الله سبحانه إظهار دين الإسلام وإعلاء شأنه على كل الأديان ولو كره المشركون والكافرون، ومهما عملوا على إخفائه وإطفاء نوره فلن يجدوا إلى ذلك سبيلا وتلك هي طبيعة الأمر الوسط المعتدل المستقيم، وهي سنة الله في هذا الكون ولن تجد لسنة الله تبديلا، وإظهار دين الإسلام على كل الأديان معناه إعزاز المسلمين وإظهارهم وتأييدهم على أهل الأرض جميعا، لأن الإسلام في حقيقته هو المسلمون الذين اعتصموا به واستمسكوا بمبادئه، فليس الإسلام أمورا معنوية قائمة بنفسها، وإنما هو قائم بنفوس المسلمين والمسلمات وكيانهم وحياتهم، فليس هناك إسلام بغير المسلمين، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾، [28،الفتح]. ولقد زفت هذه الآية الكريمة أعظم البشائر، وأكبر الأفراح لكل مسلم ومسلمة دونها المال والأولاد والصحة والعافية فهي والله خير لنا من كل ذلك وأعظم فلله الحمد ولله المنة ولله الفضل ولله النعمة ولله الشكر ولله الثناء الحسن الجميل، قد صدق الله وعده ونصر الله عبده، وأعز الله  جنده، وأهلك الكافرين وحده، وأعاد للإسلام مجده، وإنا لمنتظرون والله لا يخلف الميعاد قال رسول الله في حديث ما معناه: {إذا كان آخر الزمان أهلك الله جميع الملل والنحل فلم يبق إلا الإسلام}. وسنعود بإذن الله إلى استكمال باقي البيانات نحو الأمة الوسط التي اختارها الله وفضلها على جميع العالمين، وذلك بشرح الآية الكريمة التي يقول الله فيها: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، [143،البقرة]. صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم، وهذا تنزيل من رب العالمين، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، وإليك بيان هذه الآية الكريمة، فنقول وبالله التوفيق:
إن هذه الآية مرتبطة بالآية التي قبلها ارتباطا وثيقا وهي قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا﴾، [142،البقرة]. حيث أن هذه الآية قررت أن اليهود والمنافقين والمشركين سيشككون في أمر الإسلام دائما، ويتربصون به وبالمسلمين الدوائر وأنهم لا يزالون كذلك في جميع الأزمان والعصور حتى تقوم الساعة، وكان من أبرز الأمور التي شككوا فيها وصالوا وجالوا في شأنها، أمر تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة فإنهم أخذوا يشيعون الأراجيف حول هذا الموضوع، ويضللون به الناس، ويشنعون به على المسلمين ويقولون: ﴿مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا﴾، مستنكرين بذلك اتجاه المسلمين في صلاتهم إلى الكعبة المقدسة بدل بيت المقدس، متجاهلين أن المسلمين لا يفعلون شيئا من أمور الدين إلا بأمر من الله ورسوله ويتهمون المسلمين بالتلاعب بدين الله ويقولون كيف أن المسلمين يصلون إلى بيت المقدس مرة، ويصلون إلى الكعبة مرة أخرى، ولعلهم بعد ذلك يصلون إلى جهة ثالثة، مما يدل على عدم ثباتهم على مبدأ، وعدم صحة دينهم وكان لهذا الكلام أثره البالغ في نفوس الناس، وقد أحدث بلبلة كبيرة بين المسلمين، ولكن الله عزَّ وجلَّ رد عليهم بقوله سبحانه: ﴿قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، والمشرق والمغرب جهتان أصليتان تنتظمان جميع الجهات الفرعية في أقطارهما، وحيث أن المشرق والمغرب وجميع الجهات ملك لله سبحانه ولا يستطيع أحد غير الله أن يملك شيئا من هذه الجهات، فلذلك فإن الأمر مفوض إلى الله عزَّ وجلَّ في توجيه المسلمين إلى أي جهة شاء، وأنه سبحانه هو الذي أمر المسلمين بالتوجه إلى بيت المقدس في صلاتهم أولا، ثم أمرهم بالتوجه إلى الكعبة ثانيا، لأن لله التصرف المطلق في خلقه وفي أمره، وكان هذا الأمر لحكمة عالية ألا وهي اختبار المسلمين وتمحيصهم حتى ينكشف للرسول ولأصحابه حال المؤمنين الصادقين من غيرهم، وفعلا قد تميز الناس بعد ذلك وظهر كل واحد منهم على حقيقته فازداد المؤمنون إيمانا بهذا الأمر أي تحويل القبلة، وارتد ضعاف النفوس عن الإسلام بسبب تحويل القبلة، وكان ذلك لحكمة سامية أيضا وهي أن الرسول كان هو وأصحابه في مناوشات مع الكافرين، وكان من الضروري أن يواجه الرسول أعداءه بالرجال الصادقين في إيمانهم، حتى يطمئن إلى سلامة جيشه، ويتمكن من إحراز النصر بعد ذلك، وهناك حكمة ثالثة وهي استجابة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم لأنه كان دائم التطلع والحنين إلى أن يأذن الله له بالتوجه في صلاته إلى الكعبة المقدسة بدل بيت المقدس لأنها قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام ولأنها أول بيت لله وضعه للناس في الأرض ليقدسوه ويعظموه ثم بين الله في هذه الآية الشريفة أنه هو الذي يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم وأنه سبحانه هو الذي يوفق من يحبه إلى امتثال أمره وإلى المسارعة في تنفيذه من غير مبالاة بما يقوله المرجفون، وما يروجه المنافقون واليهود من الشائعات المغرضة، فإن الذي يهديه الله سبحانه إلى الصراط المستقيم لا يستطيع أحد أن يصده عنه، أو يرده عن قصده، وبذلك يتضح أن المسلمين حقا هم أهل هداية الله، وأهل عناية الله وأهل ولاية الله الذين اختصهم الله بهدايته وتوفيقه ومعونته فالتزموا أمره سبحانه واعتصموا به دون سائر الناس وذلك معنى قول الله تعالى: ﴿يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، وكلمة ﴿يَشَاء هنا معناها يحب فالذي شاء الله هدايتهم هم أهل محبته جل جلاله، وهم المسلمون الذين اهتدوا إلى الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه}[8]
هذا وقد عبر الله في صدر هذه الآية الشريفة عن المنافقين والكافرين واليهود الذين أشاعوا الأراجيف حول حادثة تحويل القبلة عبر عنهم ب ﴿ السُّفَهَاء﴾ في قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا﴾، [142،البقرة]. والسفهاء هم الذين خفت أحلامهم وطاشت عقولهم، وعجزت أفكارهم عن النظر في تدبير شئونهم، ووصف الله لهم بالسفهاء هو غاية الخسة ونهاية التحقير والتنديد بهم، ولقد تبين من هذا العرض السريع لبعض معاني آية: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء﴾، أي أن الآية التي بعدها وهي قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، مرتبطة بها ارتباطا وثيقا لما بينهما من المناسبة القوية فإن آية سيقول قررت في آخرها نعمة الله على المسلمين، ومننه عليهم بهدايتهم إلى الصراط المستقيم وإن آية: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، قررت منة الله على المسلمين أيضا بإكرامهم وإقامتهم أمة وسطا وجعلهم شهداء على الناس، وهذه المنن من أجَّل نعم الله على المسلمين، ومن أعظم فضل الله عليهم لأن الصراط المستقيم هو الخط المعتدل والمتوسط بين الخطوط المتعرجة، وهو منهج هذه الأمة الوسط المستقيمة المعتدلة، فالتلازم والارتباط بينهما ظاهر كالشمس في وقت الضحى، والأمة الوسط هم العدول الذين يقيمون العدالة بين جميع الناس، ولو كانوا أعداءهم قال الله تعالى:  ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾، [8،المائدة].
ومن هنا نعلم ونستيقن أنه إذا ضاع الحق والعدل في هذه الأرض، رجع الناس إلى المسلمين يلتمسون الحق والعدل عندهم مهما كان المسلمون، وذلك لمعرفة الناس بأن المسلمين يحتكمون إلى كتاب الله وسنة رسوله، لا إلى أهوائهم ولا إلى قوانين بشرية، وأن الحاكم في الحقيقة هو الله ورسوله، وليس حكام المسلمين، وأمراؤهم إلا قضاة يقضون بين الناس بحكم الله ورسوله، وينفذون هذا الحكم بقدر استطاعتهم، وقد عرف الناس جميعا عن المسلمين كل ذلك، فارتضوا بهم واقتنعوا بحكمهم، وبعد قليل أو كثير من الزمن سينكشف للناس عدم الجدوى من قوانينهم الوضعية في إصلاح المجتمع فيضطرون للرجوع إلى حكم الله ورسوله صيانة لأنفسهم وحفاظا على أموالهم، وأعراضهم ودمائهم ومقدساتهم، وبذلك يتضح المعنى من قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، يعني صيرناكم وأقمناكم في المركز الوسط الذي تنجذب إليه كل الأطراف بطبيعة الحال: ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾، [21،يوسف]. وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ﴾، يعني ومثل ذلك الهدى الذي هديناكم به إلى الصراط المستقيم جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس أي من أجل أن تشهدوا على الناس أو تشهدوا لهم في الدنيا والآخرة، فإن شهادتكم مقبولة عند الله وعند الناس، لعدالتكم وصدقكم، وذلك لأنها شهادة عن علم ويقين بما تشهدون به قال الله تعالى: ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، [86،الزخرف]. فإن شهاداتهم لا ترد لعدالتها وصدقها فإن الشاهد العدل إما أن يكون قد رأى بعين رأسه ما يشهد به، أو يكون قد سمع الخبر من صادق أمين فيشهد به كما سمعه، قال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾، [2،الطلاق]. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ﴾، [135،النساء]. وأداء الشهادة من أكبر الفرائض الدينية على المسلم وكتمانها من الأوزار التي حرمها الله عليه قال تعالى: ﴿وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾، [283،البقرة] وإشهاد الله المسلمين على الناس تشريف لهم من الله عزَّ وجلَّ، وإشادة بقدرهم، وإعلاء لذكرهم، لأنهم أمة العدل والإحسان والخير، وأما شهادة المسلمين على الناس في الدنيا وقبولها عند الله ورسوله فلما ورد في الخبر الصحيح: {أن جنازة مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثنى عليها أصحابه خيرا فقال رسول الله وجبت، ومرت عليه جنازة أخرى فذكرها أصحابه بسوء فقال رسول الله وجبت فقالوا: ما وجبت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أثنيتم على الأولى فقلت وجبت لها الجنة ولم تثنوا على الثانية فقلت وجبت لها النار أنتم شهداء الله على خلقه}[9]. وأما شهادة المسلمين على الناس يوم القيامة فإنه قد ورد أن الله يسأل المرسلين فيقول لهم هل بلغتم قومكم ما أرسلتكم به إليهم؟. فيقولون نعم. فيكذبهم أقوامهم ويقولون ما بلغونا بشيء وما جاءنا من نذير، فيقول الله للرسل هل معكم من يشهد لكم وهو أعلم بهم، فيقولون نعم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فيشهد المسلمون لهم بالصدق والتبليغ، فيقول الناس ومن أين لكن ذلك وبيننا وبينكم آلف السنين، فيقول المسلمون قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ﴾، [44،المؤمنون]. فيقول الله لهم صدقتم اذهبوا بهم إلى النار، فهذه شهادة المسلمين على الناس يوم القيامة، وكذلك إذا شهدوا لأحد بالخير يوم القيامة، فإن شهادتهم تقبل عند الله عزَّ وجلَّ، وعليها يأذن الله لمن شهدوا له بدخول الجنة، أما قول الله تعالى: ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، [143،البقرة]. يعني يشهد عليكم بما عملتم وبما قلتم، وكذلك يشهد لكم بإيمانكم وإسلامكم وصالحاتكم، وفي هذه الآية الشريفة دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أعلمه الله بجميع شئون أمته ما ظهر منها وما بطن، وما صغر وما كبر، وما حسن منها وما قبح، وما كمل منها وما نقص، حتى يتفضل علينا رسول الله ويستغفر الله لنا عند رؤيته لذنوبنا، وعلمه بمساوئنا ويحمد الله لنا على صالحاتنا وطيباتنا، ويدعو الله لنا بالخير والتوفيق، ثم إنه من فضل الله على هذه الأمة أن جعل لهم نصيبا من الشفاعة يوم القيامة، وذلك إكراما لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشريفا لهذه الأمة بين جميع الأمم يوم القيامة، وإلى هذا المعنى يشير قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، [86،الزخرف]. فالذين يشهدون بالحق عن علم ومعرفة يملكون الشفاعة بإذن الله، وعلى رأسهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أنهم يشهدون بما علموا وبما تيقنوا، والشهادة في حقيقتها شفاعة، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ما معناه: {حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ومماتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم فإن وجدت خيرا حمدت الله تعالى، وإن وجدت غير ذلك استغفرت لكم}[10].  وهذه الآية الشريفة وهي قوله تعالى: ﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، [143،البقرة]. شراب طهور أدير على قلوب المؤمنين والمؤمنات وعلى أرواحهم فأحيا معالمهم، وجدد أشواقهم إلى الله ورسوله، وزكى نفوسهم وطهرها من كل غين وشين، وأزاح عنها الحجاب والبين، والحمد لله رب العالمين، هذا وقد ورد حديث برواية عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، قال فقلنا وثلاثة قال وثلاثة قال فقلنا واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد} وقد ورد في حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: {يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم، قالوا بم يا رسول الله؟ قال بالثناء الحسن والثناء السيئ}[11] وهذه الأحاديث الشريفة توضح لنا استقامة هذه الأمة وعدالتها وأهليتها لكل سعادة وخير كما أنه يجوز أن تكون وسطية هذه الأمة قيامها بالدين الحق دون اليهود والنصارى فإن اليهود قد تطرفوا فغيروا وبدلوا أحكام الله وشرائعه، وحرفوا كلمات الله عن مواضعها، وإن النصارى تطرفوا وتغالوا فجعلوا المسيح عليه السلام إله أو ابنا للإله، أو هيكلا حل فيه الإله، أما المسلمون فقد هداهم الله إلى الصراط المستقيم، ووفقهم الله لمعرفة الحق الذي اختلف فيه اليهود والنصارى، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم هذا وإن عدالة هذه الأمة تقوم على ثلاثة فضائل:
أولا: العفة وهي فضيلة بين الفجور والبرود الجنسي.
ثانيا: الشجاعة وهي فضيلة بين التهور والجبن.
ثالثا: الحكمة وهي فضيلة بين الشيطنة والبلادة.
ولقد اجتمعت هذه الفضائل الكريمة في معنى العدالة التي اتصفت بها الأمة الإسلامية وذلك هو معنى الوسط من قوله تعالى: ﴿جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، ومن هنا كانت تلك الأمة هي خير أمة أخرجها الله للناس، لتقيم العدل والإحسان والخير والهدى فيما بينهم قال الله جلَّ شأنه: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾، [110،آل عمران]. وتلك الصفات هي صفات رسل الله قد تفضل الله بها على هذه الأمة واختصها بها من دون الناس أجمعين ليقتدوا بهم وليرجعوا إليهم في حل مشكلاتهم، ولا يفوتني أن أذكر في هذا المقام ما أصيبت به دول الكفر والاستعمار من الحقد والحسد على المسلمين بسبب ما حباهم الله به من الهداية والعدالة والاستمساك بالحق فأخذوا يكيدون لهم بإرسال الدجالين الذين يسمونهم بالمبشرين لغزو المسلمين بالأفكار المنحرفة والآراء الضالة ونشر الرذيلة والفساد بينهم، ومحاولة صدهم عن دين الله الحق الذي آمنوا به، ولقد زودت هذه الدول أولئك المبشرين بكل أنواع الأسلحة من المكر والخديعة والحيل والمال والفتن المغرية، ليتمكنوا من نشر كفرهم وضلالهم بين الشعوب الإسلامية وخاصة الفقيرة منهم، ولا أرى هؤلاء المبشرين إلا أنهم يقومون بدور المسيخ الدجال في هذا العصر، ليفتنوا المسلمين عن دينهم ـ أعاذ الله المسلمين من شرورهم ـ ولكن والحمد لله هناك يقظة في المسلمين تحول بين المبشرين وبين ما يشتهون لأن الحق أوضح من الشمس في السماء الصافية لا يقوى المبشرون على تغطيته، والباطل ظلام دامس لا يتبين فيه أحد شيئا، وأصغر مسلم يضرب به عرض الحائط، وإنه يجب على أئمة المسلمين وحكامهم أن يستزيدوا من يقظتهم وانتباههم لهذه الحركات الخبيثة الماكرة حتى يحفظوا المسلمين من ويلات هذه الحروب الفكرية والدينية الصليبية، ولقد أخبر القرآن عن أفعال دول الاستعمار الشنيعة هذه بقوله تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾، [217،البقرة]. وتلك هي فتنة هذا العصر المستترة وراء أطماع هذه الدول الظالمة، وأنهم سيجنون عاقبة هذا الظلم والفساد قال تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾، [227،الشعراء]. ولقد تبين من هذا العرض السريع أن الإنسان الوسط هو المسلم، وأن المسلمين هم الأمة الوسط بين جميع الأمم والشعوب، وذلك فضل الذي وهبه لهم تكريما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتدادا لحياته الشريفة، وإحياء لأنفاسه الطاهرة في هذا الوجود، ولقد كانت أمة الإسلام بخير وإسعاد ما دامت تقيم الحق والعدل، وتتواصى بالصبر والمرحمة، وتجعل نصب أعينها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تحل الحلال وتحرم الحرام، وتنفذ الأحكام والآداب وتهدي للرشاد والصواب ولذلك يسعد بها المجتمع الإنساني كما سعد بها من قبل.
هذا وفوق الإنسان الوسط في المقام والمرتبة الإنسان المتكمل، والذي يطلب الكمال وينشده دائما بعد تمكنه في المنزلة والمقام، وتحققه بالوصول إلى محبة الله ورضائه، وهذا الإنسان هو من ورثة رسل الله وأنبيائه كالصديقين والشهداء والمقربين والعلماء العاملين، وهؤلاء تتفاوت مقاماتهم وتتفاضل درجاتهم كل على حسب مجاهداته ومشاهداته قال تعالى: ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾، [163،آل عمران]. وأعلى من هذا الإنسان في الرفعة والسناء الإنسان الكامل وهو الذي برأه الله من كل نقص وعيب وطهره من ملابسات البشرية وطباعها ونزوعها وميولها وأهوائها وعوائدها، وقد منحه الله الكمال المطلق بالنسبة لبني نوعه وهو الكمال في الخلق والكمال في الخُلُق والكمال في العلم والكمال في الدين والكمال في الشرف والمنزلة، والكمال الذي تتطلع إليه نفوس المؤمنين به، والمقتدين بهديه وهذا الإنسان الكامل هو الذي فات المقامات، وتخطى المنازل وهم رسل الله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهم الذين لم يدركهم لاحق، ولم يفتهم سابق، ولهم مراتب خاصة بهم دون سائر العالمين، يتفاضلون فيها وحدهم لا يدانيهم فيها أحد، ولدى مقاماتهم تقف العبارات وتنمحي الإشارات إلا ما ورد فيها عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لجلال المقام وعظمة المنزلة قال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾، [253،البقرة]. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾، [55،الإسراء]. ومن وراء ذلك كله في العظمة والجلال، والرفعة والكمال الإنسان الأكمل وهو سيدنا ومولانا محمد عبد الله ورسوله/ ومصطفاه وحبيبه وهو الذي ختم الله به مجد النبوات والرسالات وتوج الله به كمال الأنبياء والمرسلين، فكان صلى الله عليه وسلم رسول المرسلين ونور النبيين، والرءوف الرحيم بكل المؤمنين، والرحمة العامة لجميع العالمين وسيد الأولين والآخرين من الإنس والجن والملائكة، وهو صلى الله عليه وسلم النعمة العظمى التي أمرنا الله أن نذكرها ونتحدث بها في كل وقت وحين، وعلى ممر الدهور والعصور، وذلك حسبما ورد في كتاب الله الكرم من قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾، [103،آل عمران] فلقد أذهب الله به العداوة والسخائم من الصدور، وجمع الله به الناس على المحبة والخير وألف به بين القلوب بعد أن كانت ملتهبة من نار البغضاء والإحن، وصار الناس به صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أحبابا ورفاقا وإخوانا يتعاطفون ويتراحمون ويتواصون بالبر والتقوى.
هذا ما فتح الله به على العبيد المسكين في بيان حقيقة الإنسان الوسط وأرجو الله عزَّ وجلَّ أن يوفقني لكتابة رسالة أوضح فيها على قدري مرتبة الإنسان المتمكن رضي الله عنه ومقام الإنسان الكامل عليه السلام، وعظمة الإنسان الأكمل صلوات الله وسلامه عليه.
كما أسأله سبحانه أن ينفعني وإخواني المسلمين بما كتبته، إنه ولي الإجابة وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على قرة العيون، وبهجة القلوب وحياة الأرواح، سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، آمين وسلام على جميع الأنبياء والمرسلين، والحمد لله رب العالمين.

خاتمة
الإنسان وما أدراك ما الإنسان هو الصورة الكريمة التي اختارها الله من بين الكائنات لتكون مظهرا لمعاني صفات الحق تبارك وتعالى من السمع والبصر والعلم والإرادة والحياة والقدرة والحكمة وغير ذلك من فات الله عزَّ وجلَّ، ويشير إلى هذا المعنى قول الله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾،[4،التين]. ولقد شاء الله سبحانه أن يرفع قدر هذا الإنسان على عالم النور والصفاء عالم الملائكة الروحانيين، وأن يبهرهم بما شهدوه فيه من المعاني العلية، وأن يخروا له سجدا إجلالا وإعظاما لتلك الآيات التي رأوها فيه وبعد سجودهم له وخضوعهم بين يديه أفاض عليهم هذا الإنسان من علمه المكنون الذي علمه الله له وفضله به عليهم مما جعل الملائكة يزيدون في احترامه وتعظيمه، ولقد كان هذا كله تكريما للحقيقة الإنسانية التي تمثلت في الإنسان الأول آدم عليه السلام، ولم يزل هذا التكريم وهذه الحفاوة باقية لهذه الحقيقة التي تميزت بكونها مظهرا لمعاني أسماء الحق وصفاته جل شأنه والتي هي سر استخلاف الله للإنسان في الأرض قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾، [165،الأنعام].
هذا ولقد سخر الله الكون كله أرضه وسماءه لخدمة هذا الإنسان على أن كل جزئية من جزئياته تقدم نفسها له وتقوم بخدمته في شئون الدنيا والدين حتى ينتفع الإنسان بكل ما خلقه الله له في هذا العالم لأن الله لم يخلق شيئا من هذا الكون عبثا، ولقد كان هذا الإنسان هو الدليل الأكبر على وجود الله ووحدانيته لأنه يحمل أكبر قدر من صفات الله وآياته الدالة على قدرته وجلاله، بخلاف غيره من الكائنات فإنها تحمل من هذه الآيات الإلهية  جزءا يسيرا على قدرها، فالإنسان وإن كان صغير الحجم إلا أنه قد احتوى على كل العوالم وزاد عليها ما احتمله من أمانات الله وآياته وصفاته عزَّ وجلَّ، فما أعظم هذا الإنسان لو علم قدره وعرف نفسه، وما أحقر هذا الإنسان لو جهل قدره، ونسي نفسه، نسأل الله من فضله أن يهبنا من لدنه علما نشهد به سر الله فينا وحكمته في إيجادنا وإمدادنا وإقامتنا خلفاء عنه سبحانه في هذه الأرض، إن مجيب الدعاء، كما نسألك الله أن تصلي على سيدنا محمد نورك الكاشف للظلمات، ورسولك القائم لك بالحجج والبينات، وعلى آلى وصحبه وسلم.
منهج جمعية الدعوة إلى الله
أولا: بيان أقوال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعماله وأخلاقه.
ثانيا: بيان هدي أصحابه رضي الله عنهم.
ثالثا: توضيح مذاهب أئمة المسلمين.
رابعا: عدم التعصب لمذهب دون الآخر لاعتقادنا أن كل الأئمة رضي الله عنهم مجتهدون ولكل منهم سنده من كتاب الله وسنة رسوله وهدى أصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خامسا: التركيز على تزكية النفوس وتطهير القلوب من الأمراض المعنوية التي تؤثر على المؤمن وتحجبه عن الترقي إلى الدرجات الرفيعة.
سادسا: التركيز على المعاني الروحانية التي ترفق المشاعر وترهف الأحاسيس.
سابعا: اللقاءات المستمرة بين الدعاة وبين الأخوان رضي الله عنهم من جهة، وبينهم عامة المسلمين من جهة أخرى حتى تنتشر هذه المعاني بين المسلمين.
ثامنا: أخذ الدعاة أنفسهم بعزائم الأمور لأنهم قدوة للإخوان وللمسلمين.
تاسعا: تجمل الدعاة بمكارم الأخلاق العالية من الرحمة والحلم والشجاعة والصبر والجود والسخاء، ولو مع غير المسلمين لأنهم إبدال رسل الله وأنبياءه في دعوة الخلق إلى الله، فالدعوة أعمال وأقوال وأخلاق وأحوال واعتقاد.
عاشرا: الاقتداء بأئمة الهدى والرشاد، وخاصة بالإمام أبى العزائم رضي الله عنه حيث أنه الوارث الكامل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  فى هذا العصر .
حادى عشر: أخذ الحكمة والمعرفة والعلم من جميع الكتب الإسلامية الجديد منها والقديم وبخاصة كتب الإمام أبى العزائم رضي الله عنه لاشتمالها على شتى العلوم الإسلامية، وخاصة الروحانية ولمسايرتها لروح العصر.
ثانى عشر: اعتقاد أن كل مسلم على جانب كبير من الخير وإن كان عاصيا لأنه يؤمن بالله ورسوله واليوم الأخر ويحرم رميه بالكفر أو الضلال أو الفسق.
 ثالث عشر: اليقين بأنك أقل واحد في المسلمين وإن أصغر مسلم خير منك عند الله ورسوله وأحق منك بكل فضيلة وبر ومعروف.
رابع عشر: اتهام النفس دائما بالقصور والتقصير وإن عظمها الناس وأثروها على أنفسهم بخيري الدنيا والآخرة.
خامس عشر: الإقرار بالضعف والعجز عن القيام الكامل بما يحبه الله ويرضاه من أمور الدين والدنيا ولو رفع الله قدرك إلى ما فوق الثريا، فإن ذلك فضل الله عليك، ونظرات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك.
سادس عشر: تحسس نقاط النقص في النفس والمجاهدة الدائمة لمعالجتها ولو كان ذلك على يد اصغر مسلم من المسلمين.
سابع عشر: النظر إلى أهل المجاهدة والمنافسة من شمل المؤمنين حتى نحذو حذوهم وننهج على طريقهم.
ثامن عشر: الأخذ بأيدي أهل الكسل والغفلة والسهو من المسلمين حتى تحثهم على طاعة الله ورسوله.
تاسع عشر: محاولة انتشال الغرقى في المعاصي والذنوب إلى شاطئ التوبة والنجاة.
عشرون: دعوة غير المسلمين إلى الإسلام على اختلاف أجناسهم ولغاتهم ودياناتهم.
واحد وعشرون: الابتعاد عن مس مشاعر الذين تدعوهم إلى الإسلام أو تنقذهم من المعاصي أو تنشلهم إلى طاعة الله حتى يلينوا جميعا إليك، ولا يجدون في أنفسهم غضاضة عليك.
ثاني وعشرون: حب الخير لجميع عباد الله كل على قدر حالته ودينه.
ثالث عشرون: مسالمة الناس وسد أبواب النزاع والجدال بالمرة.
رابع وعشرون: احترام الآراء التي تخالف رأيك في الدين.
خامس وعشرون: عدم أثارة الأمور التي اختلف فيها علماء المسلمين.
سادس وعشرون: الابتعاد عن ذكر مسالب ومساوئ أي مسلم كائن من كان فإن ذلك يحبط ثواب الأعمال الصالحة ويحملك من أوزاره.
سابع وعشرون: الحرص على تحصيل العلم النافع ومنافسة العلماء والمتعلمين في ذلك.
ثامن وعشرون: موالاة العارفين بالله والترب إليهم بالنفس والنفيس حتى تنتظم فى عقدهم.
تاسع وعشرون: حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته والترضي عنهم جميعا عند ذكرهم.
ثلاثون: السكوت عن ذكر الخلافات التي وقعت بينهم تأليفا لقلوب المسلمين وخشية من الوقوع فى تجريح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واحد وثلاثون: الإحسان إلى المسيء والعفو عنه ومساعدة المحسن والدعاء له.
ثانى وثلاثون: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باللين والرحمة والحلم والتأليف بين قلوب المسلمين.
ثالث وثلاثون: الإصلاح بين المتخاصمين والتواصي بالعدل والصبر والمرحمة.
رابع وثلاثون: مساعدة المحتاجين والعطف على البائسين.
خامس وثلاثون: عيادة المرضى ومواساتهم.
سادس وثلاثون: إغاثة المنكوبين وتقديم ما يلزمهم على قدر الاستطاعة.
سابع وثلاثون: إسداء النصيحة وتقديم المشورة للطالبين.
ثامن وثلاثون: ترشيد الإنفاق والحد من الاستهلاك والمحافظة على نعم الله والتوسط في كل أمر من الأمور.
تاسع وثلاثون: الحب في الله والبغض فى الله والقيام بجميع الأعمال من أجل الله ورسوله حتى تكون عبادة الله عزَّ وجلَّ وقربة إلى الله ورسوله.
أربعون: المسارعة إلى البر والقربات والأعمال الصالحة مهما كانت التضحيات وذلك بعد أداء الفرائض على الوجه الصحيح.
واحد وأربعون: مجاهدة النفس فى ترك المعاصي والذنوب بالمرة.
أثنين وأربعون: التوبة والندم بمجرد الوقوع في الذنب حتى لا يأثم بتأخير التوبة منه.
الثالث وأربعون: التفكر في آلاء الله ومصنوعاته وآياته في الموت وفى الدار الآخرة.
أربع وأربعون: المجاهدة المستمرة من أجل إعلان كلمة الله والاستمساك بدين الله ولو مع الزوجة و الأولاد والأقارب.
خامس وأربعون: الاعتبار والاتعاظ بأي مشهد قرآني أو كوني.
سادس وأربعون: الذكر المتواصل الذي يخرج المؤمن من سجن الغفلة.
سابع وأربعون: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ثامن وأربعون: الغيرة لله ولرسوله عند انتهاك حرمات الله أو التفريط فى أوامر الله ولو بعدم الرضا واستنكار القلب لذلك.
تاسع وأربعون: قراءة القرآن وتدبر معانيه.
خمسون: حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتعلق به.
إحدى وخمسون: تأليف الكتب الدينية وأعدادها وطبعها ونشرها بين المسلمين.
الثاني والخمسون: إنشاء المساجد وعمارتها ورعاية القائمين عليها.



وأوأ







[1] رواه الطبراني وأحمد وابن حبان عن أنس.
[2] رواه الترمذي وابن جرير عن أبي هريرة.
[3] رواه الترمذي وابن جرير عن أبي هريرة.
[4] متفق عليه من حديث عائشة.
[5] رواه أحمد من حديث عثمان بن أبي العاصي.
[6] رواه البزار والعسكري في الأمثال عن جابر
[7] رواه بن ماجة عن ابن عباس.
[8] رواه الحاكم والبيهقي في الشعب من حديث ابن مسعود.
[9] متفق عليه.
[10] رواه ابن سعد بن بكر بن عبد الله مرسلا.
[11] رواه أحمد والطبراني والحاكم عن أبي زهير الثقفي.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير