عدد المشاهدات:
جاءت تسمية "الوهابية" بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها محمد بن عبد الوهاب، والتسمية بحدّ ذاتها يرفضها أتباعها لاعتقادهم بأنها دعوة دينية وليست حركة سياسية،[8] وأن ابن عبد الوهاب لم يبتدع مذهبًا جديدًا لكنه كان يدعو إلى ما كان عليه الصحابة والأئمة الأربعة من اتباع القرآن وسنة رسول الله في الإسلام على حد اعتقادهم؛ لذا فإنهم يفضلون تسميتهم بالدعوة "السلفية" نسبة للسلف الصالح، أو اسم "أهل السنة والجماعة" باعتبارهم الممثل الوحيد لأهل السنة بوجهة نظرهم، لكن مصطلح أهل السنة والجماعة كمصطلح تاريخي له أهميته تتمسك به الصوفية وأصحاب المذاهب السنية [9]، وتجده حتى في أدبيات الفرق الكلامية من أشاعرة وماتريدية مما يجعله مصطلحاً خلافياً.[10]
لكن مصطلح وهابية يبقى مستخدما بشكل كبير من قبل معارضيهم الذين يرفضون نسبتهم إلى "السلف" وبالتالي يجدون في نسبتهم لابن عبد الوهاب الطريقة الأفضل لتمييزهم في وسائل الإعلام والكثير من المؤلفين يستخدمون المصطلح أيضا للتعبير عن الفكر أو المدرسة الإسلامية السلفية المنتشرة في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي. يستخدم مصطلح وهابية كذلك للإشارة إلى النظام السلفي الحاكم بالشريعة الإسلامية أو النموذج السلفي للدولة الدينية في السعودية [11][12]. يرى المفكر رياض الصيداوي أن الحديث عن الوهابية فقط خطأ علمي، وقد أعطاه مفهوم "الوهابية السعودية" وهي بذلك تعني التحالف التاريخي بين السلطة السياسية المالية ممثلة في ابن سعود والسلطة الدينية ممثلة في ابن عبد الوهاب[13أفكار وأدبيات الدعوة الوهابية
- انطلاق المذهب الوهابى
عندما انطلق الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوته كان ذلك لنشر الدعوة الوهابية وأيضا تنقية لعقائد المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التعبدية والتي يرونها مخالفة لجوهر الإسلام التوحيدي ومن هذه الأهداف:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص بمحاربه التوسل والتبرك بالرسل والانبياء وبالأولياء والصالحين أحياء وأموات .
إنكار ومطالبة الحكام بهدم الأضرحة والقباب التي على قبور الأولياء ومساواته بالأرض وعدم تمييزه عن اي قبر آخر.
إنكار البدع والخرافات كالبناء على القبور واتخاذها مساجد والموالد وهذا ماجعلهم يدخلون في مصادمات مباشره مع الصوفيين.
أثبات أسماء الله الحسنى و صفاته العلى من غير تأويل ولا تحريف و لا تشبيه ولا تكيف ولا تمثيل من المسائل الرئيسية في عقيدتهم.
النشأة
مجتمع شبه الجزيرة العربية قبيل ظهور الحركة الوهابية:
تعد نجد من أكبر مناطق شبه الجزيرة العربية مساحة. وتقع في وسطها. فمن الناحية الاجتماعية كانت نجد مجتمع قبليا يعتمد على القوة والنفوذ للسيطرة على السلطة والثروة والجاه ، والمجتمع النجدي ، بصورة عامة ، منقسم إلى قسمين : الحضر والبدو. وكانت الحياة الاقتصادية تعتمد الزراة والتجارة. فضلاً عن وجود الثروة الحيوانية . أما من الناحية السياسية ، فقد قسمت نجد إلى إمارات صغيرة من أهمها إمارة الرياض ، وإمارة الدرعية ، وإمارة العيينة ، وإمارة الخرج. وكانت تلك الإمارات تتميز باستقلالها الذاتي ، وتطبق قوانينها ضمن حدودها الخاصة
ظهور محمد بن عبد الوهاب
أول ما بدأت هذه الحركة في العيينة حيث منشأ محمد بن عبد الوهاب، فبدأ بالإنكار على ما رآه سائداً في زمانه كالتبرك بالقبور والأشجار والتعلق بالتمائم، باعتبارها أعمالاً تنافي التوحيد لله كما عمد محمد بن عبد الوهاب على التحذير من تلك الأعمال وتدمير الأضرحة والمشاهد المبنية على القبور حتى أنه كان مستعداً للقتال من أجل ذلك وساعده في ذلك عثمان بن معمر أمير العيينة، يقول المؤرخ ابن بشر:
«إن الشيخ - ابن عبد الوهاب - أراد أن يهدم قبة زيد بن الخطاب، فأتى عند بلد الجبيلة ... وسار معه عثمان بنحو ستمائة رجل، فأراد أهل الجبيلة أن يمنعوهم من هدمها فلما رأوا عثمان وأنه قد عزم على حربهم إن لم يتركوه يهدمها كفوا وخلوا بينهم وبينها، فهدم فيها الشيخ - ابن عبد الوهاب - بيده لما تهيب هدمها الذين معه.»
كما بدأ محمد بن عبد الوهاب بتطبيق الحدود الشرعية كحد الزنا حيث يقول المؤرخ ابن بشر:«أتت امرأة واعترفت عنده بالزنا بعدما ثبت عنده أنها محصنة .. فأقرت واعترفت بما يوجب الرجم، فأمر بها فرجمت.[17]»
الدولة السعودية الأولى.
تحالف بن عبد الوهاب مع بن سعود
في عام 1157 هـ في بلدة الدرعية تعاون محمد بن عبد الوهاب مع أمير نجدي اسمه محمد بن سعود - مؤسس الدولة السعودية الأولى - على شبه حلف ديني سياسي فبايع محمد بن عبد الوهاب الأمير محمد بن سعود على السمع والطاعة، وبايعه الأمير محمد على نشر دعوته إذا استتب الأمر له، واشترط محمد بن سعود في مبايعته للشيخ أن لا يتعرضه فيما يأخذه من أهل الدرعية مثل الذي كان يأخذه رؤساء البلدان المختلفة على رعاياهم، فأجابه محمد بن عبد الوهاب على ذلك رجاء أن يخلف الله عليه من الغنيمة أكثر من ذلك.[17] وصارت الدرعية حينئذ مأوى أتباع محمد بن عبد الوهاب، حتى جعلوها دار هجرة لمن شرح الله صدره لذلك،[17]:43. فكثر المهاجرون عنده حتى ضاق عليهم العيش، وجعل محمد بن عبد الوهاب ينشر فكره هناك بين الناس.
منهج الوهابية في العقيدة
يرى أتباع محمد بن عبد الوهاب أن منهجهم هو منهج أهل السنة والجماعة حيث اعتمدت أفكار ابن عبد الوهاب بشكل عام على إحياء فكر ابن تيمية وابن قيم الجوزية في نبذ العادات التي رآها الشيخان ملتبسة بالشرك والتي كانت منتشرة في الأوساط المسلمة وتنقية العقيدة الإسلامية المبنية على التوحيد الكامل لله، أما في مجال الفقه فقد اتبعوا منهج ابن تيمية الذي سلك بشكل عام مذهب الإمام أحمد بن حنبل في الفقه [19][7]، وخالفه في بعض المسائل منها ما يتعلّق بباب الطلاق ومسألة التوسل.
الوهابية كنظام للحكم
يتبنى أتباع الوهابية فكرة الدولة الدينية ويرون أن الدولة لابد أن تُحكم بالشريعة الإسلامية ويطبقون ذلك من خلال بعض الآليات منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث تأسست هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية الحديثة، أتباعها هم طائفة من الموظفين المدنيين يجوبون الشوارع ويفرضون ما يعتبر في باقي البلدان الإسلامية بأنه خيار شخصي، وإن كانت قد تفاوتت درجة فرضهم للعبادات والأخلاق حسب الحقبة، حيث بالرياض قديماً إذا مر أحد المطوعين بجانب منزل وشم رائحة تبغ كان لا يتورع عن اقتحام المنزل وضرب المدخن لانتشار الجهل آنذاك، أما الآن فقد اقتصر عملهم على حدود أضيق مثل اغلاق المحلات أوقات الصلوات.[20] ويعتبر السلفيون نظام الهيئة الحالي هو التطبيق الأمثل لنظام الحسبة المستوحى من الآية: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ والذي كان متبعاً بالعصور الإسلامية [21]. وكلمة المحتسب أو المطوع مشتقه من الاحتساب لوجه الله (المحتسب) أو التطوع لوجه الله (المطوع).
انتقاداتجمهور العلماء
تعرّضت الوهابية منذ ظهور حركتهم للنقد من قبل كثير من علماء السنة - (حنابلة) و(أشاعرة مالكية وشافعية) و(ماتردية أحناف) -، ومن هؤلاء الأعلام الذين انتقدوا الوهابية وفي مقدمتهم سليمان بن عبد الوهاب الحنبلي أخو محمد بن عبد الوهاب في كتابه إلى حسن بن عيدان وكان الكتاب بدون عنوان إلا أنه طبع فيما بعد تحت مسميات كثيره منها "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية" وذكر بعضهم الكتاب باسم "فصل الخطاب في الردّ على محمد بن عبد الوهاب"، وبهذا سمّاه محمد بن حميد الحنبلي في كتابه "السّحب الوابلة على ضرائح الحنابلة". وهو موجودٌ بهذا الاسم على بعض المخطوطات، لكنها متأخرة نسبياً. وفي المكتبة الأزهرية نسخة مخطوطة من الكتاب تحت عنوان "الردّ على منْ كفّر المسلمين بسبب النذر لغير الله والاستغاثة بغيره ونحو ذلك"، وهناك نسخة أخرى بالعنوان ذاته في مكتبة الأوقاف العامة في بغداد. وكذلك أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية في مكة في كتابيه "فتنة الوهابية" و"الدرر السنية في الرد على الوهابية" (والذي رد عليه عالم حديث من الهند اسمه محمد بشير السهسواني في كتابه صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان)، وابن عابدين الحنفي[22]، والصاوي المالكي صاحب الحاشية على تفسير الجلالين[23]، ويوسف الرفاعي في كتابه "نصيحة لإخواننا علماء نجد" والبوطي في كتابه "السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي"، ومحمود سعيد ممدوح في مقدمة كتابه "كشف الستور عما أشكل من أحكام القبور"، وكذا الصنعاني، وأبو الهدى الصيادي، ومصطفى صبري، ومحمد زاهد الكوثري، بالإضافة إلى علماء آخرين من الأزهر والزيتونة والقرويين، وفيما يلي مختصر هذه
مخالفة الوهابية لأهل السنة والجماعة
- هدم قباب الصحابة .البقيع قبل الهدم من قبل الوهابية عام 1220 هـ، وتظهر فيها القباب على قبور آل البيت وبعض الصحابة وهذه القباب شاهدها جميع علماء المسلمين والسلف الصالح ولم ينكر احد من العلماء
- الإفراط في تكفير وتضليل كل من هو على اختلاف معهم. اصبح يكفرون من خالفهم الرأى
- اخرجوا كل علماء المسلمين السابقين والمعاصرين من الملة لانهم لم يتبعوا المذهب الوهابى. تعرضهم لأئمة السنة بالتخطئة في العقيدة والتبديع في بعض الأحيان والإخراج من دائرة السنة في أحيان أخر [5]:ص11، مثل ما قالوا عن: الشوكاني[25]، وابن حجر الهيتمي [26]، والشاطبي [27]، وابن حجر العسقلاني [28]، والنووي [29][30].، والسيوطي [31]، وتاج الدين السبكي [32]، وتقي الدين السبكي [33]، وابن بطال [28]، وأبو جمرة [28]، وابن التين [28]، وابن الجوزي [34]، والرازي [35]، وأبو حامد الغزالي [36]، والباقلاني [37]، والذهبي [38]. ومن المتأخرىن: الشعراوي [39]، ومحمد علوي المالكي [40]، ومحمد علي الصابوني [41]، ومحمد الغزالي [42].
- تزوير التراث، وذلك بحذف وتغيير ما كان يخالف منهجهم من كتب التراث الإسلامي التي لا يستطيعون منع دخولهم للسعودية لأن عامة المسلمين يحتاجون إليها، مثل ما فعلوا في كتاب الأذكار للنووي، وحاشية ابن عابدين الحنفي، وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين، وحذف الجزء العاشر في بعض النسخ من الفتاوى لابن تيمية وهو الخاص بالتصوف [5]:ص10.
- قتال من يقولون عنهم أنهم "معادون لأهل التوحيد"[43] وأخذ أموالهم وأمتعتهم[44][45] بدعوى أنهم مشركون[46]. حيث يقول المؤرخ ابن بشر: وكان قد أقام هذا الحرب نحو سبع وعشرين سنة. وذكر أن القتلى بينهم في هذه المدة نحو أربعة آلاف رجل[17]:1907. وهذا القتل وأخذ الأموال قد امتلأت به كتب التاريخ لابن غنام وابن بشر المؤرخ السعودي النجدي الحنبلي[17].
- هدم الشواهد والآثار النبوية المتبقية مثل ما فعلوا بمكان ولادة النبي محمد بن عبد الله، ومكان عيشه في مكة، وبستان الصحابي سلمان الفارسي حيث كانت هناك نخلة غرسها النبي محمد بن عبد الله، وبيت الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وردم بئر العين الزرقاء، وبئر أريس (بئر الخاتم)، وبئر حاء، وغيرها [5]:ص12,19. وكذا هدم الأضرحة والقباب وقبور الصحابة وآل البيت [47]. التي يقام عليهم نوع من أنواع العبادة لانها حسب اعتقادهم والتي تعتبر من وسائل الشرك والغلو في الأنبياء والصالحين, مستندين إلى حديث أخرجه مسلم في صحيحه يقول بنهى النبي محمد عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها. رغم أنها قد تحمل قيمة تاريخية أو أثرية أو فنية أو حتى دينية لغيرهم من المسلمين أو غير المسلمين. وتمثل ذلك في هدم العديد من الشواهد في السعودية [48]. وكذلك هدم مرقد الزبير بن العوام في البصرة.[49][50][51][52][53]
- تحريمهم الاحتفال بالاعياد والمناسبات من ذكرى مولد ونحوه باعتبار ذلك عبادة لمن يحتفل بمناسبته وتعظيم له.[54]
ومن يحتفل بدعى وكافر
تعتقد الوهابية أنهم وحدهم أهل التوحيد الخالص ، وأما سائر المسلمين فهم مشركون لا حرمة لدمائهم وذراريهم وأموالهم ، ودارهم دار حرب وشرك ويعتقدون أن المسلم لا تنفعه شهادة أن ( لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ) ما دام يعتقد بالتبرك بمسجد الرسول - مثلاً - ويقصد زيارته ويطلب الشفاعة منه ويقولون : أن المسلم الذي يعتقد بهذه الأمور فهو مشرك وشركه أشد من شرك أهل الجاهلية من عبدة الأوثان والكواكب ( أنظر من أمهات كتبهم : الرسائل العملية التسع لمحمد بن عبد الوهاب : 79 ، تطهير الإعتقاد للصنعاني : 7 ، 12 ، 35 ، فتح المجيد : 40 - 41 ، ورسالة أربع القواعد ، ورسالة كشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب ، وغيرها )
ففي رسالة ( كشف الشبهات ) أطلق محمد بن عبد الوهاب لفظ الشرك والمشركين على عامة المسلمين عدا أتباعه في نحو 24 موضعاً ، وأطلق عليهم لفظ : الكفار ، وعباد الأصنام ، والمرتدين ، وجاحدي التوحيد ، وأعداء التوحيد وأعداء الله ، ومدعي الإسلام في نحو 20 موضعاً. وعلى هذا النحو سار أتباعه في سائر كتبهم. فهل جاءوا بعقيدتهم هذه من إجماع السلف ، أم هي بدعة منكرة ؟ لقد نقل إبن حزم الأصل القائل : إنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في إعتقاد أو فتيا ) ثم عد أئمة السلف القائلين به ، إلى أن قال : ( وهذا هو قول كل من عرفنا له قولاً في هذه المسألة من الصحابة ، ولا نعلم فيه خلافاًً ) ( الفصل لإبن حزم 2 : 247 ، وإنظر أيضاً اليواقيت والجواهر للشعراًني : المبحث 58 ) أما إبن تيمية فقد صرح بأنه لم يكفر المسلمين بالذنوب والاجتهادات إلاّ الخوارج. ( مجموعة فتاوى إبن تيمية 13 : 20 ) إذن ليس للوهابية سلف يقتدون به
. وزعموا أنهم يرجعون إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل وأبن تيمية. لكنهم أخفقوا في الأمرين معاً ، ووقعوا في التناقض وارتكبوا المحدور ، فمن ذلك :
- إنهم جمدوا علي معان فهموها من ظواهر بعض النصوص ، فخالفوا الأصول والإجماع. ومن هنا وصفهم الشيخ محمد عبدة بأنهم : ( أضيق عطنا وأحرج صدراً من المقلدين ، فهم يرون وجوب الأخذ بما يفهم من اللفظ الوارد والتقيد به بدون التفات إلى ما تقتضيه الأصول التي قام عليها الدين ).
بداية المعارك
بعد أن استقر الأمر لمحمد بن عبد الوهاب بالدرعية أمر أتباعه بالجهاد، فحض الناس على القتال، فامتثلوا،[17]:45-46 وبدأت بعدها سلسلة طويلة من الغارات على السكان المخالفين في شتى المناطق بوصفهم أنهم مشركين مع الله أرباب آخرين، فكانت المصادمات العسكرية العنيفة بين هذه الجماعة وقبائل المنطقة من حولها، يقول ابن غنام:«وقد بقي الشيخ – ابن عبد الوهاب – بيده الحل والعقد والأخذ والإعطاء، والتقديم والتأخير، ولا يركب جيش ولا يصدر رأي إلا عن قوله ورأيه،[18] إلى أن استولى ورجاله على أغلب الجزيرة العربية وأصبحت تحت سيطرتهم.»
معارك الوهابية
في عام 1212 هـ، غزو عرب الشام، يقول المؤرخ ابن بشر: وفيها غزا حجيلان بن حمد أمير ناحية القصيم بجيش من أهل القصيم وغيرهم، وقصدوا أرض الجوف شرق الشام، وأغاروا على عربان الشرارات فانهزموا فقتل منهم نحو مائة وعشرون رجلا. وأخذوا جميع محلتهم وأمتاعهم وأزوادهم وأخذوا من الإبل خمسة آلاف بعير وأغناما كثيرة. وعزلت الأخماس فأخذها عمال عبد العزيز وقسم حجيلان باقيها على الجيش غنيمة[17]:240.
في عام 1216 هـ غزو كربلاء، يقول المؤرخ ابن بشر: وفيها - سنة 1216 هـ - سار سعود بالجيوش المنصورة والخيل العتاق المشهورة من جميع حاضر نجد وباديها والجنوب والحجاز وتهامة وقصدوا أرض كربلاء ونازل أهل بلد الحسين، فحشد عليها المسلمون وتسوروا جدرانها ودخلوها عنوة، وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت، وهدموا القبة الموضوعة بزعم من اعتقد فيها على قبر الحسين، وأخذوا ما في القبة وما حولها، وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر، وكانت مرصوفة بالزمرد والياقوت والجواهر، وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من الأموال والسلاح واللباس والفرش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة[17]:257.
في عام 1217 هـ، غزو الطائف، يقول المؤرخ ابن بشر: فساروا -الوهابية- إلى الطائف وفيها غالب الشريف وقد تحصن فيها، وتأهب واستعد لحربهم. فنازلته تلك الجموع فيها فألقى الله في قلبه الرعب وانهزم إلى مكة، وترك الطائف فدخله عثمان ومن معه من الجموع -الوهابية - وفتحه الله لهم عنوة بغير قتال، وقتلوا من أهله في الأسواق والبيوت، فقتل منهم عدة مائتين. وأخذوا من البلد من الأموال الأثمان والأمتاع والسلاح والقماش والجواهر والسلع الثمينة ما لا يحيط به الحصر ولا يدركه العد[17]:259-260.
في عام 1217 هـ، غزو مكة المكرمة، يقول المؤرخ ابن بشر: ودخل سعود مكة واستولى عليها وأعطى أهلها الأمان وبذل فيها من الصدقات والعطاء لأهلها الكثير، فلما خرج سعود والمسلمون من الطواف والسعي، فرّق أهل النواحي يهدمون القباب التي بنيت على القبور والمشاهد الشركية، وكان في مكة من هذا النوع شيء كثير في أسفلها وأعلاها ووسطها وبيوتها. فأقام فيها أكثر من عشرين يوما. ولبث المسلمون في تلك القباب بضعة عشر يوما يهدمون، يباكرون إلى هدمها كل يوم[17]:263.
في عام 1220 هـ غزو المدينة المنورة، يقول المؤرخ ابن بشر: وفي أول هذه السنة قبل مبايعة غالب، بايع أهل المدينة المنورة سعود على دين الله ورسوله السمع والطاعة، وهدمت جميع القباب التي وضعت على القبور والمشاهد وذلك أن آل مضيان رؤساء حرب وهما بادي وبداي ابني بدوي بن مضيان ومن تبعهم من عربانهم أحبوا المسلمين ووفدوا على عبد العزيز وبايعوه، وأرسل معهم عثمان بن عبد المحسن أبا حسين يعلمهم فرائض الدين وقرر لهم التوحيد. فأجمعوا على حرب المدينة ونزلوا عواليها، ثم أمر عبد العزيز ببناء قصر فيها فبنوه وأحكموه واستوطنوه، وتبعهم أهل قباء ومن حولهم وضيقوا على أهل المدينة وقطعوا عنهم السوابل وأقاموا على ذلك سنين[17]:288.
في عام 1220 هـ غزو بلدة المشهد العراقية، يقول المؤرخ ابن بشر: وفيها سار سعود بالجيوش..ونازل بلد المشهد المعروف في العراق..فلم يقدروا على الوصول إليه، وجرى بينهم مناوشة رمي من السور والبروج..ثم رحل عنه سعود وأغار على الرملات من عربان غزية، فأخذ مواشيهم[17]:289.
في عام 1222 هـ، غزو البصرة، يقول المؤرخ ابن بشر: ثم سار إلى البصرة ونزل عندها وسار المسلمون على جنوبها ونهبوا فيه وقتلوا قتلا[17]:296.
في عام 1225 هـ، غزو عمان، يقول المؤرخ ابن بشر: فسارت تلك الجنود إلى عمان فنازلوا أهل بلد مطرح المعروف على الساحل وأخذوه عنوة، وقتلوا من أهله قتلى كثيرة، وغنموا منه أموالا عظيمة[17]:317.
نزول الجزيرة العربية تحت حكمهم
بعد أن دارت معارك واسعه من قبل الوهابيين مع العثمانيين، وتم توحيد الجزيرة العربية تقريباً تحت سيطرتهم، تم استعادتها من خلال الجيوش المصرية التي أرسلها محمد علي باشا بأمر من السلطنة العثمانية وبقيادة أبنه إبراهيم باشا، وظل الجزء المسيطر عليه من الجزيرة تحت القيادة المصرية حتى تراجعت مصر عن كل ما سيطرت عليه في أواخر عهد محمد علي بعد الحرب بينه وبين العثمانيين والتي أنتهت بهزيمته رغم اقترابه من الأستانة، بسبب التدخل الأوروبي لصالح الأستانة.
عودة الوهابية
سرعان ما تمكنت الوهابية من تنظيم نفسها وترتيب صفوفها. حققت الوهابية انتشارا واسعا بعد أن تبناها محمد بن سعود كمذهب لحركته التي سرعان ما سيطرت على معظم شبه الجزيرة العربية مما أدى إلى انتشار دعوتهم في الجزيرة العربية وبعدها انتقلت أفكارها إلى بلدان أخرى، حيث تأثر بها بعض علماء مصر والشام والعراق وغيرها من البلدان القريبة.
مع حلول عام 1915 خطط الملك عبد العزيز للاستيلاء على الحجاز (مكة المكرمة والمدينة المنورة) والخليج الفارسي شرقي منطقة نجد ثم المنطقة الشمالية (سوريا والأردن حاليًا), إلا أنه تراجع عن بعض طموحاته عام 1920 بهدف الحصول على مكانة دبلوماسية كدولة قومية, تجاه بريطانيا والولايات المتحدة. مع ذلك, واصل الإخوان شن غارات على المحميات البريطانية في العراق عبر الأردن والكويت, مؤكدين على أنه لا شيء بإمكانه إعاقة الجهاد. ثم هاجموا الملك عبد العزيز نفسه لسماحه باستخدام أشياء مثل الهواتف والسيارات والتلغراف والموسيقى والتدخين أو أي وسيلة لم تستخدم في زمن رسول الله لاعتبارها وسائل مبتدَعة. في نهاية المطاف تمكن الملك عبد العزيز عام 1930 من التصدي لتمردهم.
بعد هزيمة الإخوان, تخلت الوهابية الرسمية للمملكة السعودية عن الجهاد المسلح و باتت مجرد حركة دينية محافظة على غرار الحركة الأصلية التي أنشأها محمد بن عبد الوهاب, إلا أنها أبقت على منهج التكفير,
منح ارتفاع أسعار النفط الناتج عن حصار عام 1973– منحت المملكة السعودية الأموال اللازمة لتصدير المذهب الوهابى. تم إذًا استبدال الحرب الثقافية بالجهاد المسلح كوسيلة لنشر العقيدة. حينها, قامت وزارة الشئون الإسلامية السعودية بإنشاء مقرات لها في كافة الدول الإسلامية بطبع وتوزيع التفاسير الوهابية للقرآن والنصوص العقائدية الوهابية وكتابات المفكرين الجدد الذين تطابقت أفكارهم مع المذهب الوهابي كالسيد أبي الأعلى المودودي والسيد قطب, وغيرهم على كافة المجتمعات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وإندونسيا والولايات المتحدة وأوروبا. قامت أيضًا في تلك الأماكن بالتمويل لبناء مساجد تنشر الدعوة الوهابية ومدارس توفر التعليم المجاني للفقراء مستخدمين حتمًا المناهج الوهابية.
تنظيمات الفكر الوهابى
- الاخوان المسلمين
أسسها حسن البنا في مصر في مارس عام 1928م كحركة إسلامية،[11] وسرعان ما انتشر فكر هذه الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولاً إسلامية وغير إسلامية في القارات الست.[12]
- الجمعات الاسلاميه
نشأت الجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية في أوائل السبعينات من القرن الماضي على شكل جمعيات دينية، لتقوم ببعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية البسيطة في محيط الطلاب ونمت هذه الجماعة الدينية داخل الكليات الجامعية، واتسعت قاعدتها، فاجتمع بعض من القائمين على هذا النشاط واتخذوا اسم: "الجماعة الإسلامية" ووضعوا لها بناءً تنظيميًّا يبدأ من داخل كلكلية[بحاجة لمصدر]من حيث وجود مجلس للشورى على رأسه "أمير" وينتهي ب"مجلس شورى الجامعات" وعلى رأسه "الأمير العام" الجماعة الإسلامية
- تنظيم القاعدة
نشأ تنظيم القاعدة عام 1987 على يد عبد الله يوسف عزام على أنقاض "المجاهدين" الذين حاربوا الوجود السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي بأفغانستان. وتشير بعض المصادر إلى أن عدة جهات كانت تدعم هذا التنظيم، أبرزها وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.أي) بهدف مواجهة مد الاحتلال السوفياتي.
وقد تدرب الآلاف من الجهاديين في معسكرات التدريب التابعة للتنظيم ليقوموا إثر ذلك بعمليات في عدد من المناطق التي تشهد صراعات إقليمية أو حروبا أهلية، على غرار الجزائر ومصر والعراق واليمن والصومال والشيشان والفلبين وإندونيسيا والبلقان.
علاقات القاعدة
يعتقد المتابعون لشؤون التنظيم أن للقاعدة علاقات تعاون مع عدد من الحركات الأخرى التي يصنفها الغرب "حركات إرهابية" على غرار: الجماعة الإسلامية المسلحة. الجماعة الإسلامية. لشكر طيبة الباكستانية. عصبة الأنصار. جيش محمد.
- تنظيم داعش
يرصد مراحل التطور التاريخي للفكر "الداعشي" في أوساط الشباب المتدين الذي تبنى العنف داخل بلدانه لتحقيق قناعاته والذين شكلوا مقاتلي تنظيم "القاعدة"، ويشكلون اليوم إحدى أذرع جيش "داعش" وحطب حربها داخل العراق وسوريا، يغذيهم حلمهم بإعادة حكم الخلافة إلى بلاد العرب، وإقامة دولة الإسلام على الأرض بقوة الحديد والنار.
ينظر اليوم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، على اعتباره من أكثر التنظيمات عنفاً في تاريخ الحركات الإسلامية، التي تتبنى الفكر الوهاب الجهادي التكفيري، بما فيها حتى التنظيم الأم الذي خرج منه، أي تنظيم "القاعدة" الذي انتمى إليه أبو مصعب الزرقاوي، الأب الشرعي لهذا التنظيم المتطرف. وتعتمد قوة هذا التنظيم على أساس الاستقطاب الطائفي قبل الإيديولوجي. ويعتمد خطابا دينيا متعصبا موجها إلى طائفة بعينها هي طائفة السنة. كما يتبنى العنف والإرهاب كنهج لتحقيق أهدافه.
والتاريخ القريب لتنظيم "الدولة الإسلامية" يبدأ في عام 2003 مع الأردني أبو مصعب الزرقاوي، عندما أسس "جماعة التوحيد والجهاد" في العراق، وأعلن مبايعته لأسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" آنذاك. ويمكن اعتبار "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" الذي كان يتزعمه الزرقاوي بمثابة النواة الأولى لـ "داعش"
لكن مصطلح وهابية يبقى مستخدما بشكل كبير من قبل معارضيهم الذين يرفضون نسبتهم إلى "السلف" وبالتالي يجدون في نسبتهم لابن عبد الوهاب الطريقة الأفضل لتمييزهم في وسائل الإعلام والكثير من المؤلفين يستخدمون المصطلح أيضا للتعبير عن الفكر أو المدرسة الإسلامية السلفية المنتشرة في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي. يستخدم مصطلح وهابية كذلك للإشارة إلى النظام السلفي الحاكم بالشريعة الإسلامية أو النموذج السلفي للدولة الدينية في السعودية [11][12]. يرى المفكر رياض الصيداوي أن الحديث عن الوهابية فقط خطأ علمي، وقد أعطاه مفهوم "الوهابية السعودية" وهي بذلك تعني التحالف التاريخي بين السلطة السياسية المالية ممثلة في ابن سعود والسلطة الدينية ممثلة في ابن عبد الوهاب[13أفكار وأدبيات الدعوة الوهابية
- انطلاق المذهب الوهابى
عندما انطلق الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوته كان ذلك لنشر الدعوة الوهابية وأيضا تنقية لعقائد المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التعبدية والتي يرونها مخالفة لجوهر الإسلام التوحيدي ومن هذه الأهداف:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص بمحاربه التوسل والتبرك بالرسل والانبياء وبالأولياء والصالحين أحياء وأموات .
إنكار ومطالبة الحكام بهدم الأضرحة والقباب التي على قبور الأولياء ومساواته بالأرض وعدم تمييزه عن اي قبر آخر.
إنكار البدع والخرافات كالبناء على القبور واتخاذها مساجد والموالد وهذا ماجعلهم يدخلون في مصادمات مباشره مع الصوفيين.
أثبات أسماء الله الحسنى و صفاته العلى من غير تأويل ولا تحريف و لا تشبيه ولا تكيف ولا تمثيل من المسائل الرئيسية في عقيدتهم.
النشأة
مجتمع شبه الجزيرة العربية قبيل ظهور الحركة الوهابية:
تعد نجد من أكبر مناطق شبه الجزيرة العربية مساحة. وتقع في وسطها. فمن الناحية الاجتماعية كانت نجد مجتمع قبليا يعتمد على القوة والنفوذ للسيطرة على السلطة والثروة والجاه ، والمجتمع النجدي ، بصورة عامة ، منقسم إلى قسمين : الحضر والبدو. وكانت الحياة الاقتصادية تعتمد الزراة والتجارة. فضلاً عن وجود الثروة الحيوانية . أما من الناحية السياسية ، فقد قسمت نجد إلى إمارات صغيرة من أهمها إمارة الرياض ، وإمارة الدرعية ، وإمارة العيينة ، وإمارة الخرج. وكانت تلك الإمارات تتميز باستقلالها الذاتي ، وتطبق قوانينها ضمن حدودها الخاصة
ظهور محمد بن عبد الوهاب
أول ما بدأت هذه الحركة في العيينة حيث منشأ محمد بن عبد الوهاب، فبدأ بالإنكار على ما رآه سائداً في زمانه كالتبرك بالقبور والأشجار والتعلق بالتمائم، باعتبارها أعمالاً تنافي التوحيد لله كما عمد محمد بن عبد الوهاب على التحذير من تلك الأعمال وتدمير الأضرحة والمشاهد المبنية على القبور حتى أنه كان مستعداً للقتال من أجل ذلك وساعده في ذلك عثمان بن معمر أمير العيينة، يقول المؤرخ ابن بشر:
«إن الشيخ - ابن عبد الوهاب - أراد أن يهدم قبة زيد بن الخطاب، فأتى عند بلد الجبيلة ... وسار معه عثمان بنحو ستمائة رجل، فأراد أهل الجبيلة أن يمنعوهم من هدمها فلما رأوا عثمان وأنه قد عزم على حربهم إن لم يتركوه يهدمها كفوا وخلوا بينهم وبينها، فهدم فيها الشيخ - ابن عبد الوهاب - بيده لما تهيب هدمها الذين معه.»
كما بدأ محمد بن عبد الوهاب بتطبيق الحدود الشرعية كحد الزنا حيث يقول المؤرخ ابن بشر:«أتت امرأة واعترفت عنده بالزنا بعدما ثبت عنده أنها محصنة .. فأقرت واعترفت بما يوجب الرجم، فأمر بها فرجمت.[17]»
الدولة السعودية الأولى.
تحالف بن عبد الوهاب مع بن سعود
في عام 1157 هـ في بلدة الدرعية تعاون محمد بن عبد الوهاب مع أمير نجدي اسمه محمد بن سعود - مؤسس الدولة السعودية الأولى - على شبه حلف ديني سياسي فبايع محمد بن عبد الوهاب الأمير محمد بن سعود على السمع والطاعة، وبايعه الأمير محمد على نشر دعوته إذا استتب الأمر له، واشترط محمد بن سعود في مبايعته للشيخ أن لا يتعرضه فيما يأخذه من أهل الدرعية مثل الذي كان يأخذه رؤساء البلدان المختلفة على رعاياهم، فأجابه محمد بن عبد الوهاب على ذلك رجاء أن يخلف الله عليه من الغنيمة أكثر من ذلك.[17] وصارت الدرعية حينئذ مأوى أتباع محمد بن عبد الوهاب، حتى جعلوها دار هجرة لمن شرح الله صدره لذلك،[17]:43. فكثر المهاجرون عنده حتى ضاق عليهم العيش، وجعل محمد بن عبد الوهاب ينشر فكره هناك بين الناس.
منهج الوهابية في العقيدة
يرى أتباع محمد بن عبد الوهاب أن منهجهم هو منهج أهل السنة والجماعة حيث اعتمدت أفكار ابن عبد الوهاب بشكل عام على إحياء فكر ابن تيمية وابن قيم الجوزية في نبذ العادات التي رآها الشيخان ملتبسة بالشرك والتي كانت منتشرة في الأوساط المسلمة وتنقية العقيدة الإسلامية المبنية على التوحيد الكامل لله، أما في مجال الفقه فقد اتبعوا منهج ابن تيمية الذي سلك بشكل عام مذهب الإمام أحمد بن حنبل في الفقه [19][7]، وخالفه في بعض المسائل منها ما يتعلّق بباب الطلاق ومسألة التوسل.
الوهابية كنظام للحكم
يتبنى أتباع الوهابية فكرة الدولة الدينية ويرون أن الدولة لابد أن تُحكم بالشريعة الإسلامية ويطبقون ذلك من خلال بعض الآليات منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث تأسست هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية الحديثة، أتباعها هم طائفة من الموظفين المدنيين يجوبون الشوارع ويفرضون ما يعتبر في باقي البلدان الإسلامية بأنه خيار شخصي، وإن كانت قد تفاوتت درجة فرضهم للعبادات والأخلاق حسب الحقبة، حيث بالرياض قديماً إذا مر أحد المطوعين بجانب منزل وشم رائحة تبغ كان لا يتورع عن اقتحام المنزل وضرب المدخن لانتشار الجهل آنذاك، أما الآن فقد اقتصر عملهم على حدود أضيق مثل اغلاق المحلات أوقات الصلوات.[20] ويعتبر السلفيون نظام الهيئة الحالي هو التطبيق الأمثل لنظام الحسبة المستوحى من الآية: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ والذي كان متبعاً بالعصور الإسلامية [21]. وكلمة المحتسب أو المطوع مشتقه من الاحتساب لوجه الله (المحتسب) أو التطوع لوجه الله (المطوع).
انتقاداتجمهور العلماء
تعرّضت الوهابية منذ ظهور حركتهم للنقد من قبل كثير من علماء السنة - (حنابلة) و(أشاعرة مالكية وشافعية) و(ماتردية أحناف) -، ومن هؤلاء الأعلام الذين انتقدوا الوهابية وفي مقدمتهم سليمان بن عبد الوهاب الحنبلي أخو محمد بن عبد الوهاب في كتابه إلى حسن بن عيدان وكان الكتاب بدون عنوان إلا أنه طبع فيما بعد تحت مسميات كثيره منها "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية" وذكر بعضهم الكتاب باسم "فصل الخطاب في الردّ على محمد بن عبد الوهاب"، وبهذا سمّاه محمد بن حميد الحنبلي في كتابه "السّحب الوابلة على ضرائح الحنابلة". وهو موجودٌ بهذا الاسم على بعض المخطوطات، لكنها متأخرة نسبياً. وفي المكتبة الأزهرية نسخة مخطوطة من الكتاب تحت عنوان "الردّ على منْ كفّر المسلمين بسبب النذر لغير الله والاستغاثة بغيره ونحو ذلك"، وهناك نسخة أخرى بالعنوان ذاته في مكتبة الأوقاف العامة في بغداد. وكذلك أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية في مكة في كتابيه "فتنة الوهابية" و"الدرر السنية في الرد على الوهابية" (والذي رد عليه عالم حديث من الهند اسمه محمد بشير السهسواني في كتابه صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان)، وابن عابدين الحنفي[22]، والصاوي المالكي صاحب الحاشية على تفسير الجلالين[23]، ويوسف الرفاعي في كتابه "نصيحة لإخواننا علماء نجد" والبوطي في كتابه "السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي"، ومحمود سعيد ممدوح في مقدمة كتابه "كشف الستور عما أشكل من أحكام القبور"، وكذا الصنعاني، وأبو الهدى الصيادي، ومصطفى صبري، ومحمد زاهد الكوثري، بالإضافة إلى علماء آخرين من الأزهر والزيتونة والقرويين، وفيما يلي مختصر هذه
مخالفة الوهابية لأهل السنة والجماعة
- هدم قباب الصحابة .البقيع قبل الهدم من قبل الوهابية عام 1220 هـ، وتظهر فيها القباب على قبور آل البيت وبعض الصحابة وهذه القباب شاهدها جميع علماء المسلمين والسلف الصالح ولم ينكر احد من العلماء
- الإفراط في تكفير وتضليل كل من هو على اختلاف معهم. اصبح يكفرون من خالفهم الرأى
- اخرجوا كل علماء المسلمين السابقين والمعاصرين من الملة لانهم لم يتبعوا المذهب الوهابى. تعرضهم لأئمة السنة بالتخطئة في العقيدة والتبديع في بعض الأحيان والإخراج من دائرة السنة في أحيان أخر [5]:ص11، مثل ما قالوا عن: الشوكاني[25]، وابن حجر الهيتمي [26]، والشاطبي [27]، وابن حجر العسقلاني [28]، والنووي [29][30].، والسيوطي [31]، وتاج الدين السبكي [32]، وتقي الدين السبكي [33]، وابن بطال [28]، وأبو جمرة [28]، وابن التين [28]، وابن الجوزي [34]، والرازي [35]، وأبو حامد الغزالي [36]، والباقلاني [37]، والذهبي [38]. ومن المتأخرىن: الشعراوي [39]، ومحمد علوي المالكي [40]، ومحمد علي الصابوني [41]، ومحمد الغزالي [42].
- تزوير التراث، وذلك بحذف وتغيير ما كان يخالف منهجهم من كتب التراث الإسلامي التي لا يستطيعون منع دخولهم للسعودية لأن عامة المسلمين يحتاجون إليها، مثل ما فعلوا في كتاب الأذكار للنووي، وحاشية ابن عابدين الحنفي، وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين، وحذف الجزء العاشر في بعض النسخ من الفتاوى لابن تيمية وهو الخاص بالتصوف [5]:ص10.
- قتال من يقولون عنهم أنهم "معادون لأهل التوحيد"[43] وأخذ أموالهم وأمتعتهم[44][45] بدعوى أنهم مشركون[46]. حيث يقول المؤرخ ابن بشر: وكان قد أقام هذا الحرب نحو سبع وعشرين سنة. وذكر أن القتلى بينهم في هذه المدة نحو أربعة آلاف رجل[17]:1907. وهذا القتل وأخذ الأموال قد امتلأت به كتب التاريخ لابن غنام وابن بشر المؤرخ السعودي النجدي الحنبلي[17].
- هدم الشواهد والآثار النبوية المتبقية مثل ما فعلوا بمكان ولادة النبي محمد بن عبد الله، ومكان عيشه في مكة، وبستان الصحابي سلمان الفارسي حيث كانت هناك نخلة غرسها النبي محمد بن عبد الله، وبيت الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وردم بئر العين الزرقاء، وبئر أريس (بئر الخاتم)، وبئر حاء، وغيرها [5]:ص12,19. وكذا هدم الأضرحة والقباب وقبور الصحابة وآل البيت [47]. التي يقام عليهم نوع من أنواع العبادة لانها حسب اعتقادهم والتي تعتبر من وسائل الشرك والغلو في الأنبياء والصالحين, مستندين إلى حديث أخرجه مسلم في صحيحه يقول بنهى النبي محمد عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها. رغم أنها قد تحمل قيمة تاريخية أو أثرية أو فنية أو حتى دينية لغيرهم من المسلمين أو غير المسلمين. وتمثل ذلك في هدم العديد من الشواهد في السعودية [48]. وكذلك هدم مرقد الزبير بن العوام في البصرة.[49][50][51][52][53]
- تحريمهم الاحتفال بالاعياد والمناسبات من ذكرى مولد ونحوه باعتبار ذلك عبادة لمن يحتفل بمناسبته وتعظيم له.[54]
ومن يحتفل بدعى وكافر
تعتقد الوهابية أنهم وحدهم أهل التوحيد الخالص ، وأما سائر المسلمين فهم مشركون لا حرمة لدمائهم وذراريهم وأموالهم ، ودارهم دار حرب وشرك ويعتقدون أن المسلم لا تنفعه شهادة أن ( لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ) ما دام يعتقد بالتبرك بمسجد الرسول - مثلاً - ويقصد زيارته ويطلب الشفاعة منه ويقولون : أن المسلم الذي يعتقد بهذه الأمور فهو مشرك وشركه أشد من شرك أهل الجاهلية من عبدة الأوثان والكواكب ( أنظر من أمهات كتبهم : الرسائل العملية التسع لمحمد بن عبد الوهاب : 79 ، تطهير الإعتقاد للصنعاني : 7 ، 12 ، 35 ، فتح المجيد : 40 - 41 ، ورسالة أربع القواعد ، ورسالة كشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب ، وغيرها )
ففي رسالة ( كشف الشبهات ) أطلق محمد بن عبد الوهاب لفظ الشرك والمشركين على عامة المسلمين عدا أتباعه في نحو 24 موضعاً ، وأطلق عليهم لفظ : الكفار ، وعباد الأصنام ، والمرتدين ، وجاحدي التوحيد ، وأعداء التوحيد وأعداء الله ، ومدعي الإسلام في نحو 20 موضعاً. وعلى هذا النحو سار أتباعه في سائر كتبهم. فهل جاءوا بعقيدتهم هذه من إجماع السلف ، أم هي بدعة منكرة ؟ لقد نقل إبن حزم الأصل القائل : إنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في إعتقاد أو فتيا ) ثم عد أئمة السلف القائلين به ، إلى أن قال : ( وهذا هو قول كل من عرفنا له قولاً في هذه المسألة من الصحابة ، ولا نعلم فيه خلافاًً ) ( الفصل لإبن حزم 2 : 247 ، وإنظر أيضاً اليواقيت والجواهر للشعراًني : المبحث 58 ) أما إبن تيمية فقد صرح بأنه لم يكفر المسلمين بالذنوب والاجتهادات إلاّ الخوارج. ( مجموعة فتاوى إبن تيمية 13 : 20 ) إذن ليس للوهابية سلف يقتدون به
. وزعموا أنهم يرجعون إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل وأبن تيمية. لكنهم أخفقوا في الأمرين معاً ، ووقعوا في التناقض وارتكبوا المحدور ، فمن ذلك :
- إنهم جمدوا علي معان فهموها من ظواهر بعض النصوص ، فخالفوا الأصول والإجماع. ومن هنا وصفهم الشيخ محمد عبدة بأنهم : ( أضيق عطنا وأحرج صدراً من المقلدين ، فهم يرون وجوب الأخذ بما يفهم من اللفظ الوارد والتقيد به بدون التفات إلى ما تقتضيه الأصول التي قام عليها الدين ).
بداية المعارك
بعد أن استقر الأمر لمحمد بن عبد الوهاب بالدرعية أمر أتباعه بالجهاد، فحض الناس على القتال، فامتثلوا،[17]:45-46 وبدأت بعدها سلسلة طويلة من الغارات على السكان المخالفين في شتى المناطق بوصفهم أنهم مشركين مع الله أرباب آخرين، فكانت المصادمات العسكرية العنيفة بين هذه الجماعة وقبائل المنطقة من حولها، يقول ابن غنام:«وقد بقي الشيخ – ابن عبد الوهاب – بيده الحل والعقد والأخذ والإعطاء، والتقديم والتأخير، ولا يركب جيش ولا يصدر رأي إلا عن قوله ورأيه،[18] إلى أن استولى ورجاله على أغلب الجزيرة العربية وأصبحت تحت سيطرتهم.»
معارك الوهابية
في عام 1212 هـ، غزو عرب الشام، يقول المؤرخ ابن بشر: وفيها غزا حجيلان بن حمد أمير ناحية القصيم بجيش من أهل القصيم وغيرهم، وقصدوا أرض الجوف شرق الشام، وأغاروا على عربان الشرارات فانهزموا فقتل منهم نحو مائة وعشرون رجلا. وأخذوا جميع محلتهم وأمتاعهم وأزوادهم وأخذوا من الإبل خمسة آلاف بعير وأغناما كثيرة. وعزلت الأخماس فأخذها عمال عبد العزيز وقسم حجيلان باقيها على الجيش غنيمة[17]:240.
في عام 1216 هـ غزو كربلاء، يقول المؤرخ ابن بشر: وفيها - سنة 1216 هـ - سار سعود بالجيوش المنصورة والخيل العتاق المشهورة من جميع حاضر نجد وباديها والجنوب والحجاز وتهامة وقصدوا أرض كربلاء ونازل أهل بلد الحسين، فحشد عليها المسلمون وتسوروا جدرانها ودخلوها عنوة، وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت، وهدموا القبة الموضوعة بزعم من اعتقد فيها على قبر الحسين، وأخذوا ما في القبة وما حولها، وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر، وكانت مرصوفة بالزمرد والياقوت والجواهر، وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من الأموال والسلاح واللباس والفرش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة[17]:257.
في عام 1217 هـ، غزو الطائف، يقول المؤرخ ابن بشر: فساروا -الوهابية- إلى الطائف وفيها غالب الشريف وقد تحصن فيها، وتأهب واستعد لحربهم. فنازلته تلك الجموع فيها فألقى الله في قلبه الرعب وانهزم إلى مكة، وترك الطائف فدخله عثمان ومن معه من الجموع -الوهابية - وفتحه الله لهم عنوة بغير قتال، وقتلوا من أهله في الأسواق والبيوت، فقتل منهم عدة مائتين. وأخذوا من البلد من الأموال الأثمان والأمتاع والسلاح والقماش والجواهر والسلع الثمينة ما لا يحيط به الحصر ولا يدركه العد[17]:259-260.
في عام 1217 هـ، غزو مكة المكرمة، يقول المؤرخ ابن بشر: ودخل سعود مكة واستولى عليها وأعطى أهلها الأمان وبذل فيها من الصدقات والعطاء لأهلها الكثير، فلما خرج سعود والمسلمون من الطواف والسعي، فرّق أهل النواحي يهدمون القباب التي بنيت على القبور والمشاهد الشركية، وكان في مكة من هذا النوع شيء كثير في أسفلها وأعلاها ووسطها وبيوتها. فأقام فيها أكثر من عشرين يوما. ولبث المسلمون في تلك القباب بضعة عشر يوما يهدمون، يباكرون إلى هدمها كل يوم[17]:263.
في عام 1220 هـ غزو المدينة المنورة، يقول المؤرخ ابن بشر: وفي أول هذه السنة قبل مبايعة غالب، بايع أهل المدينة المنورة سعود على دين الله ورسوله السمع والطاعة، وهدمت جميع القباب التي وضعت على القبور والمشاهد وذلك أن آل مضيان رؤساء حرب وهما بادي وبداي ابني بدوي بن مضيان ومن تبعهم من عربانهم أحبوا المسلمين ووفدوا على عبد العزيز وبايعوه، وأرسل معهم عثمان بن عبد المحسن أبا حسين يعلمهم فرائض الدين وقرر لهم التوحيد. فأجمعوا على حرب المدينة ونزلوا عواليها، ثم أمر عبد العزيز ببناء قصر فيها فبنوه وأحكموه واستوطنوه، وتبعهم أهل قباء ومن حولهم وضيقوا على أهل المدينة وقطعوا عنهم السوابل وأقاموا على ذلك سنين[17]:288.
في عام 1220 هـ غزو بلدة المشهد العراقية، يقول المؤرخ ابن بشر: وفيها سار سعود بالجيوش..ونازل بلد المشهد المعروف في العراق..فلم يقدروا على الوصول إليه، وجرى بينهم مناوشة رمي من السور والبروج..ثم رحل عنه سعود وأغار على الرملات من عربان غزية، فأخذ مواشيهم[17]:289.
في عام 1222 هـ، غزو البصرة، يقول المؤرخ ابن بشر: ثم سار إلى البصرة ونزل عندها وسار المسلمون على جنوبها ونهبوا فيه وقتلوا قتلا[17]:296.
في عام 1225 هـ، غزو عمان، يقول المؤرخ ابن بشر: فسارت تلك الجنود إلى عمان فنازلوا أهل بلد مطرح المعروف على الساحل وأخذوه عنوة، وقتلوا من أهله قتلى كثيرة، وغنموا منه أموالا عظيمة[17]:317.
نزول الجزيرة العربية تحت حكمهم
بعد أن دارت معارك واسعه من قبل الوهابيين مع العثمانيين، وتم توحيد الجزيرة العربية تقريباً تحت سيطرتهم، تم استعادتها من خلال الجيوش المصرية التي أرسلها محمد علي باشا بأمر من السلطنة العثمانية وبقيادة أبنه إبراهيم باشا، وظل الجزء المسيطر عليه من الجزيرة تحت القيادة المصرية حتى تراجعت مصر عن كل ما سيطرت عليه في أواخر عهد محمد علي بعد الحرب بينه وبين العثمانيين والتي أنتهت بهزيمته رغم اقترابه من الأستانة، بسبب التدخل الأوروبي لصالح الأستانة.
عودة الوهابية
سرعان ما تمكنت الوهابية من تنظيم نفسها وترتيب صفوفها. حققت الوهابية انتشارا واسعا بعد أن تبناها محمد بن سعود كمذهب لحركته التي سرعان ما سيطرت على معظم شبه الجزيرة العربية مما أدى إلى انتشار دعوتهم في الجزيرة العربية وبعدها انتقلت أفكارها إلى بلدان أخرى، حيث تأثر بها بعض علماء مصر والشام والعراق وغيرها من البلدان القريبة.
مع حلول عام 1915 خطط الملك عبد العزيز للاستيلاء على الحجاز (مكة المكرمة والمدينة المنورة) والخليج الفارسي شرقي منطقة نجد ثم المنطقة الشمالية (سوريا والأردن حاليًا), إلا أنه تراجع عن بعض طموحاته عام 1920 بهدف الحصول على مكانة دبلوماسية كدولة قومية, تجاه بريطانيا والولايات المتحدة. مع ذلك, واصل الإخوان شن غارات على المحميات البريطانية في العراق عبر الأردن والكويت, مؤكدين على أنه لا شيء بإمكانه إعاقة الجهاد. ثم هاجموا الملك عبد العزيز نفسه لسماحه باستخدام أشياء مثل الهواتف والسيارات والتلغراف والموسيقى والتدخين أو أي وسيلة لم تستخدم في زمن رسول الله لاعتبارها وسائل مبتدَعة. في نهاية المطاف تمكن الملك عبد العزيز عام 1930 من التصدي لتمردهم.
بعد هزيمة الإخوان, تخلت الوهابية الرسمية للمملكة السعودية عن الجهاد المسلح و باتت مجرد حركة دينية محافظة على غرار الحركة الأصلية التي أنشأها محمد بن عبد الوهاب, إلا أنها أبقت على منهج التكفير,
منح ارتفاع أسعار النفط الناتج عن حصار عام 1973– منحت المملكة السعودية الأموال اللازمة لتصدير المذهب الوهابى. تم إذًا استبدال الحرب الثقافية بالجهاد المسلح كوسيلة لنشر العقيدة. حينها, قامت وزارة الشئون الإسلامية السعودية بإنشاء مقرات لها في كافة الدول الإسلامية بطبع وتوزيع التفاسير الوهابية للقرآن والنصوص العقائدية الوهابية وكتابات المفكرين الجدد الذين تطابقت أفكارهم مع المذهب الوهابي كالسيد أبي الأعلى المودودي والسيد قطب, وغيرهم على كافة المجتمعات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وإندونسيا والولايات المتحدة وأوروبا. قامت أيضًا في تلك الأماكن بالتمويل لبناء مساجد تنشر الدعوة الوهابية ومدارس توفر التعليم المجاني للفقراء مستخدمين حتمًا المناهج الوهابية.
تنظيمات الفكر الوهابى
- الاخوان المسلمين
أسسها حسن البنا في مصر في مارس عام 1928م كحركة إسلامية،[11] وسرعان ما انتشر فكر هذه الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولاً إسلامية وغير إسلامية في القارات الست.[12]
- الجمعات الاسلاميه
نشأت الجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية في أوائل السبعينات من القرن الماضي على شكل جمعيات دينية، لتقوم ببعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية البسيطة في محيط الطلاب ونمت هذه الجماعة الدينية داخل الكليات الجامعية، واتسعت قاعدتها، فاجتمع بعض من القائمين على هذا النشاط واتخذوا اسم: "الجماعة الإسلامية" ووضعوا لها بناءً تنظيميًّا يبدأ من داخل كلكلية[بحاجة لمصدر]من حيث وجود مجلس للشورى على رأسه "أمير" وينتهي ب"مجلس شورى الجامعات" وعلى رأسه "الأمير العام" الجماعة الإسلامية
- تنظيم القاعدة
نشأ تنظيم القاعدة عام 1987 على يد عبد الله يوسف عزام على أنقاض "المجاهدين" الذين حاربوا الوجود السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي بأفغانستان. وتشير بعض المصادر إلى أن عدة جهات كانت تدعم هذا التنظيم، أبرزها وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.أي) بهدف مواجهة مد الاحتلال السوفياتي.
وقد تدرب الآلاف من الجهاديين في معسكرات التدريب التابعة للتنظيم ليقوموا إثر ذلك بعمليات في عدد من المناطق التي تشهد صراعات إقليمية أو حروبا أهلية، على غرار الجزائر ومصر والعراق واليمن والصومال والشيشان والفلبين وإندونيسيا والبلقان.
علاقات القاعدة
يعتقد المتابعون لشؤون التنظيم أن للقاعدة علاقات تعاون مع عدد من الحركات الأخرى التي يصنفها الغرب "حركات إرهابية" على غرار: الجماعة الإسلامية المسلحة. الجماعة الإسلامية. لشكر طيبة الباكستانية. عصبة الأنصار. جيش محمد.
- تنظيم داعش
يرصد مراحل التطور التاريخي للفكر "الداعشي" في أوساط الشباب المتدين الذي تبنى العنف داخل بلدانه لتحقيق قناعاته والذين شكلوا مقاتلي تنظيم "القاعدة"، ويشكلون اليوم إحدى أذرع جيش "داعش" وحطب حربها داخل العراق وسوريا، يغذيهم حلمهم بإعادة حكم الخلافة إلى بلاد العرب، وإقامة دولة الإسلام على الأرض بقوة الحديد والنار.
ينظر اليوم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، على اعتباره من أكثر التنظيمات عنفاً في تاريخ الحركات الإسلامية، التي تتبنى الفكر الوهاب الجهادي التكفيري، بما فيها حتى التنظيم الأم الذي خرج منه، أي تنظيم "القاعدة" الذي انتمى إليه أبو مصعب الزرقاوي، الأب الشرعي لهذا التنظيم المتطرف. وتعتمد قوة هذا التنظيم على أساس الاستقطاب الطائفي قبل الإيديولوجي. ويعتمد خطابا دينيا متعصبا موجها إلى طائفة بعينها هي طائفة السنة. كما يتبنى العنف والإرهاب كنهج لتحقيق أهدافه.
والتاريخ القريب لتنظيم "الدولة الإسلامية" يبدأ في عام 2003 مع الأردني أبو مصعب الزرقاوي، عندما أسس "جماعة التوحيد والجهاد" في العراق، وأعلن مبايعته لأسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" آنذاك. ويمكن اعتبار "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" الذي كان يتزعمه الزرقاوي بمثابة النواة الأولى لـ "داعش"