آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 4 سبتمبر 2016

- إشارات فى ظهور المسيخ الدجال

عدد المشاهدات:
والمسيخ الدجال صفة للإنسان الذي مسخ الله عين قلبه، فأصبح لا يرى حقًا يتبعه، ولا يرى باطلاً يجتنبه ومسخت حقيقته الإنسانية إلى حقيقة شيطانية إبليسيه، فهو يحارب الحق وأهله، ويناصر الباطل وحزبه بل هو عين الكفر والضلال، والظلم والفساد.
وهو الإنسان الذي انسلخ من معانيه الإنسانية، وإن كانت صورته على شكل الإنسان، حياته الكذب والدجل والزور والبهتان والغرور والظلم والإفساد في الأرض، وقد ابتلى الله به الناس وجعله فتنة لهم، فأعطاه الله الدنيا وزخارفها ونعمها وخيراتها، ومن يتبعه ويغره شأنه، ويدور في فلكه، يعطيه من دنياه، ومن يتوقاه ويحترس منه، يصب عليه غضبه ونقمته.
وهذا هو شأن دول الكفر والفجور المتحكمة في أمر العالم اليوم، وقد مسخ الله عين قلوبهم فلا يؤمنون بالله ولا ينتصرون للحق، ولا يقفون حتى موقف الحياد من أهله، بل ينقضون عليهم ويعذبونهم بنارهم، ويفسدون عليهم أمرهم: ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ[1].
وكلمة ظهور المسيخ الدجال تفيد أنه موجود من قديم الزمن، ولكنه يختفي أمام قوة الحق وأهله، ويظهر عند ضعف المسلمين وانحلالهم وتركهم لدينهم، وقد ظهر عليهم وغلبهم على أمرهم بسبب ضعفهم وتفككهم وكونهم كغثاء السيل لا سلطان لهم، وإن كان عددهم كثير.
فظهور المسيخ الدجال يعني تحكمه وتسلطه على الناس، حتى تكون القوة والسلطة للباطل وأهله، فيعيثون في الأرض فسادًا قتلاً وتعذيبًا وتشريدًا، واستيلاء على أموال الناس وبلادهم بدون وجه حق.
وهذا هو شأن المسيخ الدجال، كثير الدجل واللجاج والعناد والإنكار والجحود، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ[2]. ومسخناهم على مكانتهم يعني بدلنا صورتهم الإنسانية الظاهرة إلى صورهم الحقيقية الباطنة التي هم عليها من الكفر والظلم والفساد، فجعلناها صورة شيطانية أو صورة خنازير وقردة مطموس على أعينهم فلا يبصرون، وعلى آذانهم فلا يسمعون بحيث لا يستطيعون السير إلى الأمام ولا الرجوع إلى الوراء، والمسخ هو تحويل الشيء من حالته الكريمة التي كان عليها، إلى أسوأ حالة، وأقبح صورة يتحول إليها الممسوخ بحيث يتأذى من منظره كل من يراه.
وقد ظهرت هذه العلامة في هذا الوقت ظهورا كاملا وواضحا وقد جاء رجل وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت المسيخ الدجال وهممت أن أقتله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن يكن هو فلن تسلط عليه، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله}[3].
فليس المسيخ الدجال شخصًا معينًا، وإنما هو وصف ينطبق على دول الكفر والشرك، وعُبَّاد غير الله، والذين لا يدينون دين الحق من سكان هذه الأرض، والذين يشعلون نيران الحروب والعداوة والبغضاء بين الناس والذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، إذن فالمسيخ الدجال شعوب وأمم وليس فردًا معينًا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا جميعًا من فتنته إنه هو الحفيظ العليم.
هذا وقد حذر كل نبي من الأنبياء أمته من المسيخ الدجال، وذلك يدل على أنه موجود من أول خلق البشرية وأن كل أمة من الأمم الماضية كانت تتقي شره وتكسر شوكته وتصد هجماته عليها، وهذا يشير إلى أن المسيخ الدجال ليس إنسانًا واحدًا بعينه، وإنما هو قوة الشر والفساد والطغيان في الأرض، حتى إذا ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد من أمر المسيخ الدجال بيانًا وتوضيحًا حتى يتنبه المسلمون له في كل زمان ومكان ويحاربونه بكل ما استطاعوا من قوة وعتاد، إلى أن يقضوا عليه تمامًا، ويقتله سيدنا عيسى عليه السلام.
وإن ما ذهبنا إليه في بينن أمر المسيخ الدجال لعنه الله، إنما هو رأي خاص رأيته، وأنه لا يتعارض مع أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكرت شأن المسيخ الدجال، لأنني رأيت أن هذه الأحاديث الشريفة قد ذكرت أوصاف المسيخ الجسمية لكنها في الحقيقة تشير إلى صفاته الخُلِقِية والدينية والسلوكية، وإن كانت هذه الأحاديث قد ذكرته على أنه شخص واحد، لكن هذا الشخص لو انطبقت أوصافه على كثيرين لكان كلهم كشخص واحد لاتفاقهم في المضمون والحقيقة وذلك مثل الكفر، فإن الكفر كله ملة واحدة مع اختلاف أممه وشعوبه، واختلاف مذاهبه وأفكاره الضالة، وإنما كان ظهور المسيخ لعنه الله علامة من علامات الساعة لأن ظهوره معناه تغلبه على المسلمين وقهره لهم وتحيرهم في أمره، ومحاربته لهم في كل مكان من الأرض كما هو الشأن الآن حيث قد ظهرت دول الفساد والظلم والطغيان في هذا العصر على المسلمين في كل مجال واستبدوا بهم وساموهم سوء العذاب، والمسلمون يجاهدونهم ويحاربونهم في كل بلد من بلادهم، حتى أصبحت بلاد الإسلام كلها مشتعلة بنارهم، متأججة بمدافعهم وقنابلهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإذا سكتت قنابلهم ومدافعهم عن المسلمين وقتًا ما فإنهم يستبدلون بها الحرب الباردة حتى ينقضوا على المسلمين بالحرب الساخنة مرة أخرى، ليفتنوهم عن دينهم ويصدوهم عن سبيل الله، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ[4]. وما هم بقادرين على شيء مما يبغونه للمسلمين وإن الله سيبطل كيدهم.
وكذلك كل ما ذكرته من خروج الدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، إنما هو اتجاه خاص ذهبت إليه، وأرجو أن يكون قد وافق الحق والصواب، وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يلهمنا الحكمة وفصل الخطاب إنه مجيب الدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول من كتاب علامات وقوع الساعة
لفضيلة الشيخ محمد على سلامة
وكيل وزارة الاوقاف ببورسعيد سابقا



[1] [الآية 21، يوسف].
[2] [الآية 67، يس].
[3] [رواه أحمد والبخاري والترمذي عن ابن عمر].
[4] [الآية 217، البقرة].
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير