عدد المشاهدات:
السؤال الثانى والأربعون: نرجو
إلقاء الضوء على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم}.
[رواه
البخاري ومسلم عن أنس].
الجواب:
هذا الحديث الشريف هو من قبيل إخبار
رسول الله بالأمور الغيبية التي يجب على المسلم أن يؤمن بها فالشيطان الذى خلقه
الله من النار كيف يجري في عروق الإنسان وأوردته، هذا أمر عجيب حقا، فإن الإنسان الذي
أصيب بمس الشيطان، وابتلى بتسلطه على جسمه، يحس بحرارة قوية جدًا كالغليان تسري في
أعضائه والعياذ بالله وألما مبرحًا لا يحس به أحد غير المصاب، ولا يراه الناس، ولا
يكيفه الطب البشري، وهذه الإصابة تترك المصاب كالمخبول او المجنون من شدة ما
يعانيه من الألم، ولقد صور القرآن هذه الحالة بقوله سبحانه وتعالى:
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ
الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾.[275،البقرة].فإن الذي يتخبطه الشيطان من المس لا
يكاد يقوم ويستوي إلا ويقع على الارض من شدة ما به من خبط الشيطان و ضربه له، وذلك
لأن المس يكون للمشاعر والجوانح النفسية من داخل الجسم ويظهر أثره على الجسم، وعلى
حركة الأعضاء والجوارح، بدون أن يرى أحد حقيقة المس، وذلك بخلاف اللمس فإنه يكون
بظاهرة الجوارح والجسم ، فإن جريان الشيطان في الدم بهذه الصورة من الأمور الغيبية
التي كشف رسول الله صلى
الله عليه وسلم عنها الحجاب وعرضها لنا حتى نتحقق من تأثير
الشيطان (لعنه الله) على بني آدم. وإن علاج هذه الحالة يكون على أيدي الناس الذين
درسوا علم هذه الأمور، وكيفية علاج المصابين بها، ويكون بدعاء الصالحين، وقهرهم
للشيطان بالأمر، لأن من أطاع الله حقًا أطاعه كل شيء ومن خاف من الله حقًا أخاف
الله منه كل شيء، ومن عرف الله حقًا سخر الله له كل شيء.
وهناك ناحية أخرى لتفسير الحديث الكريم وهي أن
النفس الشريرة الأمارة بالسوء تعيش فى الإنسان وتسكن بين جنبيه وهى شيطان مارد إذا
لم يجاهدها الإنسان بمصاحبة الأخيار وبالجوع والعطش وطول السهر وإدمان الذكر
والفكر تمكنت منه وأوقعته في معصية الله، لأنها تجرى في دمه وفى جميع أعضائه، فتهيج
عليه شهواته وشروره والمؤمنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه: {أعدى أعداؤك نفسك
التي بين جنبيك}. [رواه
البيهقى فى الزهد عن ابن عباس].