عدد المشاهدات:
ذكر الروح:
وهو الحضور
مع الحق تبارك وتعالى حضورًا يجعل الذاكر مشاهدًا لمقامات المذكور جلَّ
جلاله فتحصل له
الخشية والرحبة، من جلال الله وعظمته، كما يحصل له الحب لذات الله والرجاء في
حضرته، وهذا مقام الراسخين في العلم الذين ثبتت قلوبهم في معاينة الغيب الأعلى،
اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك يا الله.
وأهل هذا الذكر تشرق عليهم أنوار المذكور سبحانه وتعالى، وتفاض عليهم العلوم الوهبية والمعارف اللدنية
والأسرار القدسية، فينشلون الخلق من وحلة الأوهام وبادية التيه والظلام وغواشي
القطيعة والحرمان، ويسيرون بهم إلى الله ورسوله سيرًا رفيقًا فيعاملون الله فيهم
ويرضونه جلَّ جلاله في عباده فيتحملون أذاهم، ويصبرون على جفاهم، ويتلطفون إليهم لأن قصدهم
نجاة الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهم أبدال ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والروح إذا ذكرت فقد ذكرت كل جارحة وكل عضو في
الإنسان بحسب حاله وشأنه لأن الروح حاضرة في معية المذكور جلَّ شأنه، ومن هذا المشهد تمد الروح كل الأعضاء والمشاعر
والحواس فيذكرون الله بذكرها وإنني أعتقد أن هذا الذكر هو الذكر الأكبر، لأن كل
حقيقة في الإنسان ذاكرة لله سبحانه وتعالى وقد بين الحق في القرآن المجيد صفات أهل هذا المقام بقول عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ
وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾، [128،
النحل]. وإن
العبد يكرم في هذا المقام فيذكره الله تبارك وتعالى في
نفسه وفي ملأه الأعلى من الروحانيين والعالين والمقربين من عباده الأطهار ورسله
الأخيار، فذكر اللسان حسنات وذكر القلب قربات وذكر الروح كشف ومشاهدات
للعارف بالله
فضيلة الشيخ
محمد على سلامة
مدير عام أوقاف بورسعيد سابقا