عدد المشاهدات:
السؤال الأربعون: قد أثار إبليس
الشبهة عندما رفض السجود لآدم وقال: ﴿قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن
طِينٍ﴾.[12،الأعراف].فهل عنصر النار افضل من عنصر
الطين؟ وما هو وجه الأفضلية إن وجدت؟.
الجواب:
عنصر الطين أفضل بكثير من عنصر النار
وذلك من وجوه كثيرة.
أولا: أن الله رفض مقالة إبليس هذه،
وطرده من رحمته ولعنه وقال له: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي
إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾. [77-78،ص].
ثانيًا: قول الله تعالى: ﴿لَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾. [4،التين].وكلمة
أحسن صيغة أفعل التفضيل التي لا يدانيها شيء في الحسن والكمال والجمال، وهذه
الصيغة منتهى هذه المعانى الرفيعة التي توضح شرف آدم، وأفضليته على الجن وعلى غيره
من العقلاء.
ثالثاً: لا يفضل أحد نفسه على غيره إلا
من أحس بنقصه عن هذا الغير وحاول أن يدفعه عنه بمبادرته بالقول الذى يكشف عن هذا
النقص ويظهره أمام الآخرين فيفتضح أمره ويذل ويخزى.
رابعا: إن عنصر الطين من شأنه التواضع
والتطامن، بخلاف عنصر النار فإنه من شأنه الاشتعال والتعالي وإن شأن إبليس في هذا
التفاخر الكاذب كمثل رجل فاسد من قبيلة ظالمة يفتخر ويدل بها على رجل صالح من
قبيلة صالحة مستقيمة والملاء جميعا يعلمون ذلك فيسفهون عقله ويقبحون رأيه وقوله
وينعون عليه هذا وإن الحقيقة أن النار والطين عنصرين أساسيين من عناصر الوجود، ولا
غنى للوجود عن واحد منهما وقد قال الحكيم:
لا تقل أصلي وفصلي
هكذا .... فإن أصل الفتى ما قد حصل
يعنى أن أصل الإنسان هو ما وقع منه، وما
يصنعه من أفعال وأخلاق فهي التي تنبئ عنه، وتكشف حقيقته وإن الذي يفتخر بآبائه وأجداده
هو الإنسان الذي ليس له رصيد من الأمجاد والأعمال الفاضلة التي تتكلم عنه وتذكر
محاسنه.
وإنني أزيدك بيانا في هذا الموضوع فأقول لك أن
الطين أفضل من النار: لأن الطين أصل النار وذلك حيث يقول الله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم
مِّنْهُ تُوقِدُونَ﴾. [80،يس]. فإن
الشجر الأخضر من الطين، وإن النار من الشجر الأخضر، فالنار عنصر فرعى، والطين عنصر
أصلى والعنصر الأصلي فيه الفرعي وزيادة