آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 8 فبراير 2018

- إنشقاق القمر بين القرآن و العلم الحديث

عدد المشاهدات:
انشقاق القمر
الحمد لله الذي بيَّن لنا في كتاب الله البيان الشافي للأمة منذ بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن ينتهي الزمان والمكان. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد الذي وصفه مولاه بأنه سراج منير، وكلَّفه لخلقه بأن يكون بشيراً ونذيراً، وجعله في الدنيا جار للمستجيرين، ورجاء للطالبين، وغوث للسائلين، وجعله في الآخرة شفيعاً للخلق أجمعين، وفي الجنة رافعاً لدرجات المؤمنين. صلِّ وسلِّم وبارك اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله المباركين، وعلى صحابته الهادين المهديين، وعلى كل مَنْ مشى على دربهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين، يا ربَّ العالمين.
علامات اقتراب القيامة
أول آية تدل على قرب ظهور القيامة والساعة كما بيَّن الله كانت هي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظهور حضرته، وبدء بعثته، هو أكبر برهان على اقتراب الساعة التي وعد الله عزَّ وجلَّ بها عباده أجمعين، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) ، وهذين الإصبعين ليس بينهما ثالث، وهذا معناه أنه نبيُّ الختام، وليس بعده نبيٌّ ولا رسول إلى يوم العرض على الملك العلام، وأنه صلى الله عليه وسلم ظهوره دليل على قرب وقوع القيامة.
والدليل والبرهان الثاني على قرب قيام الساعة كان انشقاق القمر، ولذلك قال الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) (1القمر). زعم طائفة من العلماء أن انشقاق القمر هذا سيكون يوم تقوم القيامة، ولكن الأمر الثابت الذي أجمع عليه أجلة العلماء، وورد في الكتب الصحيحة المعتمدة: أن القمر انشق في مكة آية معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعندما اجتمع عليه أهل مكة وقالوا: يا محمد، نريد أن نرى آية تدل على نبوتك ورسالتك، والنبي صلى الله عليه وسلم كان سمته - كما وصفه ربه - الرأفة والرحمة، والشفقة والعطف، حتى بالكافرين، فقد كان يطمع في هدايتهم، حتى أن الله قال له في شأن الكافرين: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) (8فاطر).
وقد كان يعلم صلى الله عليه وسلم من أخبار الأنبياء والمرسلين السابقين أن أيَّ نبيٍّ إذا طلب قومه آية – أي: معجزة – وأظهرها الله عزَّ وجلَّ لهم تأييداً لهذا النبي، ثم كذبوا بعد ذلك يكون نصيبهم الهلاك لا محالة، وهذا هو الذي يخشاه على قومه، لأنه كان يريد هدايتهم وهداية مَنْ في أصلابهم، ومن في أرحام نساءهم، إلى الله عزَّ وجلَّ، قال صلى الله عليه وسلم: (أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا) .
انشقاق القمر
لكن الله عزَّ وجلَّ أرسل له أمين الوحي جبريل في اليوم الرابع عشر من شهر شعبان - وكان في مكة - وقال له: يقول لك ربك إن يجتمعوا في هذه الليلة يروا آية، والقمر في الثلاثة أيام الأولى من الشهر يكون هلال، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال في يوم من الأيام الأولى من الشهر ينظر إليه ويقول: (اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ) .
فكان يدعو، وعلَّمنا أن ندعوا عندما نرى الهلال في الثلاثة أيام الأولى من الشهر، ثم يكون قمراً بعد ذلك، وابتداءاً من الثالث عشر من الشهر العربي يكون بدراً، لأنه يكون قد اكتمل، وفي ليلة الخامس عشر القمر يكون مكتملاً، ويظهر من أول الليل وغروب الشمس إلى آخر الليل.
فاجتمعوا حول الكعبة، ونظروا إلى القمر، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه الشريف إلى القمر فانشق نصفين - وقيل في إحدى الروايات: انشق نصفين وكان بينهما غار حراء، أي أن الشقين متباعدين، ليكون أوقع للناظرين - فلما رأو ذلك تعجبوا، وأغمضوا عيونهم ثم فتحوها فوجدوا الأمر على ما هو عليه، ورجعوا إلى بيوتهم ثم عادوا فوجدوا الأمر على ما هو عليه، فكانوا كما وصفهم الله: (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) (2القمر). و (آيَةً): يعني معجزة للرسول، أو كرامة للوَلي، أي: دليل وعلامة على قدرة الله عزَّ وجلَّ.
فقالوا لبعضهم: لقد سحركم محمد، فقال بعض العقلاء: إن كان محمد سحركم فلن يستطيع سحر المسافرين في الآفاق، فانتظروا حتى يأتي المسافرين واسألوهم، فلما جاء الأفاقين المسافرين سألوهم: فصدَّقوا وأخبروهم أنهم رأو القمر في هذه الليلة انشق نصفين.
ورغم ذلك كانوا كما قال الله: (وَكَذَّبُوا) - مع بيان المعجزة، وبيان الحق ووضوحه: (وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ)، لأنهم لا يريدون معرفة الحق، ولا الاهتداء إلى الصواب، مع أن الله كما قال في القرآن: (وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ) (3القمر)، لأن الأمور بيد الله، وهو يصرفها بقدرته وإرادته كما شاء.
الإعجاز العلمي لانشقاق القمر
وتشاء عظمة الله عزَّ وجلَّ أن يظهر إعجاز القرآن العلمي في هذا العصر، ليُثبت لنا هذه المعجزة الربانية التي أُجريت على يد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حكى الدكتور زغلول النجار المهتم بالإعجاز العلمي في القرآن: أنه كان في جامعة ويلز ببريطانيا، وكان يشرح لهم بعض مواطن الإعجاز العلمي في علم الفلك؛ في النجوم والشموس والمجرات والكواكب والأفلاك الدائرات.
والقرآن أفاض في ذلك إفاضة لا يستطيع أحد من الأولين ولا الآخرين أن يتغاضى عنها، لأن القرآن ذكر آيات الأحكام الشرعية كلها؛ كالصلاة والصيام زالزكاة والحج والطلاق والزواج والميراث فيما لا يزيد على ثلاثمائة آية - وتُسمى آيات الاحكام، وقد جمعها بعض السادة العلماء وشرحها - لكن الآيات الكونية التي تتحدث عن الأكوان وعن العلم تزيد عن ألف وثلاثمائة آية، مما يدل على إعجاز هذا الكتاب الإلهي، وكل هذه الآيات يؤكدها العلم، فكلما ظهر شيءٌ جديدٌ في عالم العلم، يزيد في تأكيد كلام الله وبيان الله عزَّ وجلَّ، حتى نعلم أنه الحقُّ من ربِّنا.
وبينما هو يتحدث في الإعجاز العلمي في علم الفلك وإذا برجل إنجليزي يطلب مداخلة، وقال: أنا داود موسى رئيس الحزب الإسلامي البريطاني، وقد وقع معي أمر عجيب أريد ان أذكره للحاضرين، كان محبَّباً إلىَّ دراسة الأديان السماوية، ومن جملة ما درست القرآن، فجئت بالقرآن لأدرسه، ففتحت القرآن فوقعت عيني على قول الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) (1القمر). فقلت: متى انشق القمر؟! إن هذا كلام لا يجوز، وأغلقت المصحف وتركت هذا الأمر.
وبينا أنا ذات ليلة أشاهد التلفاز على قناة بي بي سي - BBC، وإذا بمذيع إنجليزي لامع يستضيف ثلاثة رواد فضاء كانوا هم الذين هبطوا على سطح القمر في أول تجربة فضائية للهبوط على سطح القمر، وقال لهم: أنتم أنفقتم أموالاً كثيرة على هذه الرحلة، حوالي مائة مليار دولار، أَلَمْ يكن أولى بكم أن تسعدوا بها الفقراء والمساكين في العالم؟! فلماذا هذا الإسراف؟! فأجابوه وقالوا: المبلغ الذي ذكرته في الإنفاق على هذه الرحلة لا يساوي معلومة واحدة من المعلومات التي حصلنا عليها في هذه الرحلة، قال: وكيف؟ قالوا: فوجئنا بأمر عجيب!! هو حزام من الصخور المتحولة يقطع القمر بطول يزيد عن 250 كم تقريباً، ومن سطحه إلى جوفه بعمق 50 كم تقريباً، فأعطينا هذه المعلومات إلى الجيولوجيين فتعجبوا وقرروا أنه لا يمكن أن يحدث ذلك إلا أن يكون القمر قد انشق في يوم من الأيام ثم التحم، وأن تكون هذه الصخور المتحولة ناتجة من الاصطدام لحظة الالتحام.
يقول داود: فقفزت من مكاني وقلت: وجدتها .. وجدتها، وعلمت أن كلام الله عزَّ وجلَّ حقٌّ، ورجعت إلى القرآن، وكانت هذه الآية هي سبب هدايتي لدين الإسلام. (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ) (3القمر)
أظهره الله عزَّ وجلَّ في وقته وأوانه لنعلم صدقه في كلامه، وصحة برهانه الذي أعطاه لنبيه صلى الله عليه وسلَّم، وفي ذلك حكمة إلهية أراد الله عزَّ وجلَّ أن يُعلمها لنا وللبشرية جمعاء.
الأمر الذي أريد أن أُلفت إليه الأحباب: كثير من الناس في هذا الزمان وفي غيره يشتد ساعده وجهده في البحث عن علامات الساعة الصغرى والكبرى، ويحاول أن يبحثها في الكتب المعتمدة، ويوثق رواياتها، ويتحدث في شئونها، مع أن هذا أمر لا ينبغي للمؤمن المقبل على ربِّه أن ينشغل به.
أما الساعة التي ينبغي على المؤمن المقبل على ربِّه أن ينشغل بها هي ساعته هو، التي يقول فيها رسولنا صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ) .
لكل فرد قيامة، فلماذا أبحث عن قيامة عامة، ولا أنشغل بالقيامة الخاصة بي؟، وقيامة أي فرد منا أقرب إليه من نفسه، فإن الإنسان فينا لا يدري في أي وقت يلقى الله، ولا في أي لحظة يفارق دنياه، لأن هذا أمر غيَّبه الله. لكن الصالحين وخيار المقبلين على الله دائماً هذا الأمر منهم على بال، قال صلى الله عليه وسلم موجهاً لأحدهم: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتَى) .
وفي رواية أخرى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: {أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ)، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ} .
وعنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: {اشْتَرَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَلِيدَةً – جمل - بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى شَهْرٍ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ أُسَامَةَ يَشْتَرِي إِلَى شَهْرٍ، إِنَّ أُسَامَةَ طَوِيلُ الأَمَلِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا طَرَفَتْ عَيْنَايَ، فَظَنَنْتُ أَنَّ شَفْرَيَّ يَلْتَقِيَانِ حَتَّى أُقْبَضَ، وَلا رَفَعْتُ طَرْفِي فَظَنَنْتُ أَنِّي وَاضِعُهُ حَتَّى أُقْبَضَ، وَلا لَقَمْتُ لُقْمَةً ظَنَنْتُ أَنِّي أُسِيغُهَا حَتَّى أَغُصَّ فِيهَا مِنَ الْمَوْتِ)، ثُمَّ قَالَ: (يَا بَنِي آدَمَ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ فَعُدُّوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَوْتَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)} .
إذاً العلامة التي تتبين بها صدق المريد في طلب الحميد المجيد أن يكون منشغلاً بالكلية في الإقبال على الله، والاستعداد والتجهز للحظة التي يفارق فيها هذه الحياة.
أما الذي ينشغل بالأمر العام لجميع الأنام، فهذا يشغل وقته فيما لا يفيد، فينشغل بالتفلسف وإظهار العلم والفصاحة والبلاغة، وهذا لا ينشغل به المتقين في أي وقت وحين.
فانتظار الساعة لأهل المسارعة إلى الله عزَّ وجلَّ إما أن يكون ساعة الوصول إلى فتح الله، ساعة الجمع على سيدنا رسول الله، أو يكون ساعة مفارقة الشهوات والحظوظ والأهواء للتأهل والتعرض لفضل الله عزَّ وجلَّ، ليس لهم شغل إلا بذلك، ولا يرجون من وراء ذلك إلا أن يحظوا بفضل الله وإكرامه وإتحافه وإنعامه.
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن نكون أجمعين أهلاً لذلك، وأن يؤهلنا جميعاً لذلك.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
******************
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير